اخبار متفرقة > إدارة الكهرباء تصرّ على الشواغر وإقفال باب التحاور
الموظفون والمياومون وجهاً لوجه:
السفير كامل صالح 5-9-2014
لم يكن المشهد أمام «مؤسسة كهرباء لبنان» أمس، خارج التوقعات، ويمكن القول إنه كان مقصوداً من قبل إدارة المؤسسة، لإظهار المياومين وجباة الإكراء المعتصمين على أنهم هم من يعرقلون عملية تصليح الأعطال المتفاقمة في بيروت والمناطق. فمنذ ساعات الصباح الأولى، بدا المشهد في مبنى الكهرباء المركزي في كورنيش النهر على النحو الآتي: المياومون المعتصمون منذ 28 يوماً، احتشدوا في الداخل، والموظفون الثابتون مع مجلس الإدارة احتشدوا في الخارج، وتفصل بينهما القوى الأمنية. أما اللافت للانتباه فإن الطرفين كانا يعلمان بما سيحدث؛ فموقف الإدارة الذي عبّرت عنه أمام باب المؤسسة كان جاهزاً مسبقاً بحيث تظهر للرأي العام أنه إضافة إلى عدم تمكنها من تصليح الأعطال بسبب «احتلال المبنى المركزي من قبل بعض عمال غب الطلب»، هناك تأخير في إصدار فواتير الجباية؛ وموقف المياومين المعتصمين كان معروفاً مسبقاً أيضاً، وقد كشفوه لـ«السفير» أمس الأول، لحظة دعوة مجلس الإدارة الموظفين للتوجه إلى المبنى المركزي من دون التفاهم معهم حول المطالب التي باتت معروفة، لا سيما لناحية ما يعتبرونه تلاعباً من قبل الإدارة بعدد الشواغر في ملاك المؤسسة، والتي على أساسها سيخوضون المباراة المحصورة وفق ما ينص عليه قانون تثبيتهم.
توزيع مذكرتين
في هذا الإطار، وزّع المعتصمون على وسائل الاعلام مذكرتين حول ما يتعلق بتحديد المراكز الشاغرة من قبل الإدارة، علماً أن «السفير» كانت قد نشرت سابقاً ما تضمنته المذكرتان، وهي بإيجاز: - الأولى صادرة في أواخر شهر تموز الماضي، تلحظ أن عدد الشواغر في ملاك المؤسسة في الفئات الرابعة وما دون في السلكين الفني والاداري في ظل وجود «شركات مقدمي الخدمات» هو 1391 مركزاً شاغراً. - الثانية صادرة في أوائل آب الماضي، يلحظ فيها أن العدد هبط إلى 897 مركزاً شاغراً. يلحظ هنا أن الحاجة في ظل وجود الشركات في مديريتي التوزيع فقط، هي في الأولى: 533 مركزاً شاغراً، وفي الثانية هبطت إلى 199 مركزاً، وذلك في أقل من أسبوعين، كذلك يلحظ أن القانون لم يحدد عدد الفئات، ما يعني أن هناك أكثر من 200 مركز شاغر أيضاً، لم يرد ذكرها في المذكرتين، ما يطرح أكثر من علامة استفهام على الإدارة، وسبب حذفها حوالي 694 مركزاً شاغراً في ملفها المرسل إلى «مجلس الخدمة المدنية»، والتي على أساسها سيخوض المياومون والجباة المباراة المحصورة؟
أبواب وإطارات
في تفاصيل ما حدث صباح أمس، أشعل المياومون إطارات على مدخل المؤسسة لحظة وصول مدير عام المؤسسة كمال الحايك، رافضين فتح الأبواب، قبل التوصل إلى صيغة تفاهم حول مطالبهم. فبادر الحايك بعد إلقاء كلمة أمام الإعلام، إلى مغادرة المكان والعودة مع مجلس الإدارة إلى المقر المؤقت للإدارة في معمل الذوق الحراري. في وقت لاحق، أبدت «لجنة المتابعة للعمّال المياومين وجباة الإكراء في المؤسسة» في مؤتمر صحافي، أسفها «بشدة لما آلت إليه الأمور، والناتجة عن المذكرة الصادرة عن مجلس الإدارة والمدير العام». وطلبت اللجنة باسم رئيسها لبنان مخول، توضيحاً من الحايك عن كلام صدر عن أحد أعضاء مجلس الإدارة زعم فيه أن «العمّال الجباة هم غير مياومين، ما يناقض قانون أعلى سلطة تشريعية هي مجلس النواب، كذلك يناقض المذكرة التي رفعها المدير العام بتثبيت العدد، موضوع النزاع، والذي أرسل بدوره إلى مجلس الخدمة المدنية والذي وافق عليه، مع العلم وبتأكيد من مجلس الخدمة، أن القانون لم يطبق بصورته الصحيحة». ودعت اللجنة الحايك إلى «حوار هادئ ومتزن بعيداً من عرض العضلات في الشارع والاستفزازات التي لا تغني ولا تسمن من جوع»، مؤكدة أنها «منفتحة على أي اقتراح من شأنه أن ينهي الأزمة وينصف العمال كافة». وتوجهت إلى «كل الزملاء الموظفين ونقابتهم بتحية شكر وتقدير على المواقف الجريئة التي تعطي للمياومين والجباة حقهم»، مضيفة انها «تعتذر عن أي إساءة أو خطأ حدث بشكل انفعالي غير مقدر، وتعتبره أمراً غير مقصود. وتعود اللجنة وتكرر أنها مستعدة وفي أي وقت للحوار من دون اي قيد أو شرط».
النزاع حلّه بالحوار
تعليقاً على تحميل الحايك المياومين والجباة مسؤولية عدم جباية الفواتير وتصليح الأعطال، يؤكد مياومون وجباة معتصمون أنهم «لم يتوقفوا حتى الساعة عن أداء واجبهم تجاه المناطق اللبنانية كافة»، مشيرين إلى أن «هذا النزاع حلّه بالحوار، ومستعدون له من اليوم الأول، لأن القضية لن تُحل بإقفال الأبواب والنزول إلى الشارع». وإذ أكدوا أنهم «ليسوا قطاع طرق»، تمنوا من «المسؤولين كافة الإسراع في إيجاد حل لهذه المعضلة»، موضحين أنه «إذا كان الحكم هو القضاء، فكان يجب أن نتثبت منذ 20 سنة»، كاشفين أن «صندوق الضمان الاجتماعي قال كلمته، عندما أكد أن المياومين والجباة هم أجراء في مؤسسة كهرباء لبنان».
تأجيل الفواتير
وكان الحايك قد اعتبر في كلمته أمام المؤسسة، أن «كل المواطنين رهينة بعض عمال غب الطلب وجباة الإكراء»، واضعاً ما يحدث «في رسم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام والوزراء المعنيين». وأعلن عن تأجيل إصدار فواتير الجباية التي ستصدر عن ثلاثة أشهر «لأن المطبعة موجودة في الطابق الثالث للمؤسسة، وقد تصدر بكلفة أعلى». ووجه «تحية إلى المياومين في دوائر الشمال والبقاع الذين يعملون»، وقال: «نحن لن ننساكم». أما للمياومين المعتصمين فقال: «سقفنا القانون ومجلس الخدمة المدنية، وضمن هذا السقف الموضوع قابل للبحث والتفاوض». أضاف «حتى لو تصرف المياومون بشكل خاطئ لن نبادلهم الخطأ بالخطأ». وأكد أنه «لن يتم الدخول إلى المؤسسة بالقوة، وسنعود إلى معمل الذوق»، داعياً الدولة إلى معالجة الموضوع «لأن هذا الملف سينعكس على جميع الدوائر والمؤسسات الرسمية». وقال الحايك في ختام كلمته: «برغم الإهانات التي توجه لنا، فأنا أغفر لهم لأنهم سيصبحون موظفين مثلنا، فالتعطيل أكبر من أي عطل لأن المؤسسة بكاملها أصبحت مشلولة ورهينة من قبل عمال غب الطلب». مناطقياً، واصل المياومون اعتصامهم في الدوائر، وسجل أمس، قطع الطريق لدقائق أمام مبنى المؤسسة في صور. ورأى نائب رئيس «الاتحاد العمالي العام» حسن فقيه في ندوة عقدها في مكتب «نقابة مزارعي التبغ في النبطية»، أن «وضع الكهرباء ازداد سوءاً بسبب التصرف غير المبرر لمدير عام المؤسسة كمال الحايك بإصداره المذكرة الاستفزازية بتحديد الشغور في المؤسسة، ما يتنافى مع مواقف سابقة تحدد الشغور بضعفي ما أعلنه في مذكرته الاخيرة».