انخفض سعر برميل النفط من 110 دولارات للبرميل إلى ما دون 45 دولارا، وتراجع سعر اليورو من حوالي 1.40 إلى 1.15، مقابل الدولار الاميركي. في موازاة ذلك لم ينخفض سعر أي سلعة في الاسواق الاستهلاكية، من دون ان تلجأ الحكومة، او الوزراء المعنيون فيها بالوضع المعيشي والاجتماعي، الى المباشرة في البحث في انعكاس انخفاض اسعار المحروقات على المواد الاستهلاكية، من خلال تشكيل لجنة مشتركة مع القطاع الخاص، للاتفاق على خطة لمواجهة الوضع الراهن. اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والنقل الخاص وفي المدارس مرتبطة الى حد ما، بأسعار الدولار واليورو وأسعار المحروقات، وإذا كانت السلع تُسعَّر وفق العملات العالمية ومنها بشكل خاص اليورو، فإن سعره انخفض بشكل لافت للانتباه. لكن الحكومة تركت الحبل على غاربه، وتركت الامور خيارا للتجار والصناعيين. كما افسحت في المجال لجدال كبير بين المواطن وسائقي التاكسي، ولكل واحد منهما حجته، الاول ان التعرفة يجب ان تنخفض، والثاني ليس بالبنزين وحده يعمل صاحب السيارة العمومية. حتى اليوم لا شيء يشي بأن الحكومة في وارد ترك سوق المحروقات كما هو، بل إن وزارة الطاقة التي تصدر جدول تركيب اسعار المحروقات، لجأت الى الاحتفاظ بـ 500 ليرة، على اعتبار انه كان يفترض ان ينخفض سعر صفيحة البنزين الى 21 الفاً و700 ليرة، بينما وضعت سعرا بلغ 22 الفا و200 ليرة، وفق مصدر مسؤول في تجمع الشركات المستوردة للنفط. فهل يحق لوزارة الطاقة ان تقتطع 500 ليرة كضريبة من دون العودة الى مجلس الوزراء، وبالتالي الى مجلس النواب لتشريع الضرائب؟ لا بد من الاشارة، في هذا السياق الى قرار تثبيت اسعار البنزين الصادر في العام 2006، ويحمل الرقم 109/ 2006، والذي حدد سعرا أدنى عند 22800 ليرة لصفيحة البنزين 95 اوكتان و23500 لسعر الصفيحة 98 اوكتان. وبالتالي تراجعت حاليا صفيحة البنزين اكثر من 15 الف ليرة حتى اليوم، بالتوازي مع هبوط اسعار النفط، والتي يبدو انها الى التراجع المتواصل في المدى القريب، بسبب بقاء العوامل التي ادت الى انخفاضها. وقد ادى ذلك الى عقد اجتماع بين اتحادات ونقابات النقل البري مع وزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر، كانت تعرفة النقل الموضوع الاساسي فيه، على ان تتابع الاجتماعات، ظهر امس للهدف ذاته. اتحادات النقل: التعرفة مشروطة خلال الاجتماع الذي عقدته، امس، اتحادات ونقابات النقل البري في لبنان، طرح رؤساء اتحادات: «نقابات سائقي السيارات العمومية للنقل البري» عبد الامير نجده، و «اللبناني لنقابات سائقي السيارات العمومية ومصالح النقل» بسام طليس و «الولاء لنقابات النقل والمواصلات في لبنان» عبدالله حمادة، شروطا ترتبط بالوضع العام للنقل، بمعنى ربط تخفيض التعرفة بتحقيق مطالب القطاع، المتعلقة بوقف السيارات الخصوصية التي تزاحم السائقين العموميين، كما قال نجده، ووقف اللوحات المزورة، وقف منافسة السائقين غير اللبنانيين، معالجة العناصر المرتبطة بغلاء المعيشة، على اعتبار ان السائق العمومي هو مواطن لبناني يتأثر كما يتأثر الآخرون بارتفاع الاسعار. واذ ابدى شفيق القسيس صعوبة في تخفيض اسعار النقل، اشار الى غلاء قطع الغيار والزيت والتصليح، وهي اهم من البنزين. ولفت حمادة الانتباه الى ان السائقين عانوا كثيرا من ارتفاع البنزين وسائر المحروقات، والرأي العام لا ينظر الا الى البنزين. اما طليس فأشار الى ان القطاع ليس ضد تخفيض تعرفة النقل، لكن المواطن لا يعرف ان هناك 17 عنصرا تدخل في عملية النقل، وهناك كثير من الاجراءات يجب تنفيذها قبل تخفيض التعرفة، في مقدمها حماية القطاع واعتبار السائق مواطنا كسائر المواطنين يستهلك كما يستهلكون في ظل الاسعار نفسها، والمدارس الخاصة رفعت بدل النقل لطلابها، ووزير التربية لم يدع المدارس الى التخفيض، واضعا المجتمعين امام اتخاذ قرار بتكليف رؤساء الاتحادات للقاء المسؤولين والتباحث معهم. لكنه لفت الانتباه الى ان شيئاً استجد وهو طرح حاكم مصرف لبنان زيادة الضريبة على صفيحة البنزين، كما طرح تثبيت السعر، في ظل هذا الكلام لماذا نستبق الامور ونتحدث بتخفيض التسعيرة؟ كل شيء معلق حتى اجتماع مجلس الوزراء الذي هو يتخذ قرارا في قطاع النقل. زعيتر: عناصر مؤثرة بعد اجتماع الاتحادات في مقر «الاتحاد العمالي العام» توجه وفد منها الى وزارة الاشغال والنقل للقاء غازي زعيتر، وعقد اجتماعا معه تناول أوضاع النقل والتعرفة بعد تراجع أسعار المحروقات، وحضره عبد الأمير نجدة، بسام طليس وعبد الله حمادة والمدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي. بعد الاجتماع، قال زعيتر إن «البحث تناول خفض تعرفة النقل العام مع انخفاض أسعار المحروقات، ولمست من النقابات كل تجاوب. إنما بعد دراسة معمقة، تبين لنا وجود عناصر عدة تؤثر على هذه التسعيرة، منها سعر المحروقات. وهناك أعداد كبيرة من الباصات التي تعمل بطريقة غير شرعية، وقد تبين لنا وجود أكثر من 15 ألف رقم نقل باص غير شرعي، يؤثر على المنافسة القانونية، إضافة الى عدم انخفاض أسعار المواد الغذائية، لذا، المطلوب قيام الوزارات الأخرى، كوزارتي الاقتصاد والداخلية، بواجباتها». واوضح : «ان القرار بشأن التعرفة سيتخذ الأسبوع المقبل بعد اتخاذ اجراءات عدة أبرزها لقاء مع وزير الداخلية، لأن موضوع النقل غير الشرعي والمخالف للأصول القانونية يجب وضع حد له، وهذا من صلاحية وزارة الداخلية». معتبرا ان «انخفاض سعر المحروقات ينعكس على كل المواد الانتاجية والاستهلاكية لدى المواطن، وفي ضوء الإجراءات التي سيتم اتخاذها مع بقية الوزارات سنتخذ القرار الذي يخدم المواطن والنقابات معا». مؤكدا ان «موضوع تثبيت سعر صفيحة البنزين تتخذه الحكومة مجتمعة، وبناء على ذلك سيتم اتخاذ القرار المناسب الأسبوع المقبل وفقاً للمعطيات التي ستكون بين أيدينا. وكل الوزارات معنية بهذا الموضوع».