الهيئات الاقتصاديّة والإتحاد العمّالي قدما اقتراحات لمعالجة العجز مشروع موازنة العام 2018 في «مهب الريح» بفعل التجاذبات السياسيّة والإنتخابات النيابيّة وغياب الإصلاحات
جوزف فرح - الديار 8-1-2017
على ضوء استمرار التجاذبات السياسية في البلد وانعكاس ذلك على مجمل الملفات الاقتصادية والاجتماعية ومنها مشروع قانون موازنة العام 2018، الذي لم يبصر النور لغاية الان ولم تعرف تفاصيله واهدافه ورؤيته الاقتصادية وعما اذا كانت الاصلاحات المطلوبة هي ضمنه خصوصاً بالنسبة لضبط الانفاق في هذا المشروع. واذا كانت الحكومة لم تتمكن من تمرير الاصلاحات المطلوبة في موازنة العام 2017 فانها قامت بانجاز كبير بالتعاون مع المجلس النيابي باقرارها بعد مضي اكثر من 12 سنة على اقرار اخر موازنة في العم 2005، وهي تأمل اليوم في تمرير الاصلاحات المطلوبة كما وعدت في مشروع قانون موازنة العام 2018 نظراص لضرورة تظهيرها ايجاباً في مؤتمر باريس -4 المحدد بين اذار ونيسان المقبلين كي تتمكن من نيل المساعدات الموعودة لانجاز مشاريع البنى التحتية والمحددة بـ16 مليار دولار ونظراً للضغط الشعبي المطالب بذلك على ضوء استمرار العجز في الموازنة. الا انه وكما يبدو، فان الحكومة كما المجلس النيابي غير قادرين على انجاز هذا الاستحقاق المالي الذي يؤدي الى الانتظام المالي العام وذلك لاسباب كثيرة لعل اولها مرور اكثر من اربعة اشهر على المهلة الدستورية لاقرار الموازنة وثانيها ان اعضاء الحكومة كما اعضاء المجلس النيابي سينصرفون الى شؤونهم الانتخابية حيث ستجري الانتخابات النيابية في 6 ايار المقبل وهي مدة غير كافية لاقرار مشروع الموازنة خصوصاً اذا تم دراسته من قبل الحكومة ثم لجنة المال النيابية وبعدها المجلس النيابي خصوصاً ان بعض النواب بدأ «يعد العدة» لمعركته الانتخابية منذ الان، وبالتالي فان هذا العامل يبدو شديد الوطأة على النواب الذين حتى يتمكنوا من دراسة مواد الموازنة، وبالتالي لن يكون اي اصلاحات تدخل في اطارها. وهنا يشدد الخبراء الاقتصاديون على اعادة العمل بالقاعدة الاثني عشرية طالما ان الحكومة والمجلس النيابي غير قادرين على البت بموضوع الموازنة، او ارجاء بتها الى المجلس النيابي الجديد، وهذا مستبعد ايضاً اذ ان المجلس الجديد سينتظر ولادة الحكومة الجديدة بعد الانتخابات النيابية والتي تأخذ وقتاً قد يطال السنة بكاملها اذا استمرت هذه التجاذبات السياسية التي لم يتمكن البعض من معالجتها والتأكيد على اهمية الواقع الاقتصادي والاجتماعي في البلد. وقد يصاب طرفان بالخيبة وفقدان الامل من امكانية اي معالجة في ظل طغيان التوتر السياسي على ما عداه خصوصاً وانهما طلبا المشاركة في درس هذه الموازنة وقدما المذكرات لكنهما لم يعرفا اذا تم الاخذ بهما ام لا، لا بل المؤشرات والدلائل تؤكد على المضي في استنباط الحلول السريعة لتأمين التوازن بين النفقات والايرادات عن طريق فرض المزيد من الضرائب على المواطنين بدليل ما يجري اليوم من التركيز على القطاع المصرفي اللبناني في تأمين المزيد من الايرادات عن طريق فرض المزيد من الضرائب عليه والتي باتت تشكل 45 في المئة وبالتالي اي مستثمر سيتجاسر ويقدم على الاستثمار في القطاع المصرفي. الركنان هما الهيئات الاقتصادية التي طرحت ورقتها الاقتصادية على وزير المالية، والاتحاد العمالي العام الذي قدم اقتراحات حول الضرائب الواجبة لتمويل عجز الخزينة. وجاء في كتاب الاتحاد العمالي العام: انطلاقا من دور الاتحاد العمالي العام في لبنان المتمثل بالمشاركة في رسم السياسة الاجتماعية والاقتصادية والوطنية وفقا للمادة الثالثة من نظامه الاساسي اضافة الى السعي لاصدار تشريعات عمالية واقتصادية واجتماعية تؤمن مصالح العمال ضمن اطارالعدالة الاجتماعية. وحرصا من الاتحاد العمالي العام على المصلحة العليا للبلاد، فقد وضع مشكلة عجز الموازنة والمساهمة في سبل حلها ضمن اولوياته، مركزا اهتمامه على ابراز اهم الادوات والاساليب لتمويل عجز الموازنة دون ان تؤدي هذه الاساليب والادوات الى المزيد من الافقار لذوي الدخل المحدود.
وحيث ان الادوات المقترحة من البعض لتمويل عجز الموازنة العامة لا زالت قاصرة عن ارساء عدالة اجتماعية ضريبية تحاكي دولة الرعاية الاجتماعية وتظهر بشكل واضح رفض عدد من القطاعات من المشاركة في العقد الاجتماعي الوطني. ففي حين ان معالجة العجز مثلا تقتضي اعادة النظر في الانفاق الحكومي ودراسة مكوناته واثاره الاقتصادية والاجتماعية ونسبته الى الناتج القومي، في حين ان تمويل العجز يحتاج الى اجراءات مؤقتة تهدف الى تأمين توازن مالي ان لم تكن استدامة مالية. وحيث انه يقتضي تقييم اساليب التمويل التقليدية، واقتراح ادوات ملائمة لعلاج العجز في الموازنة العامة للدولة ومتوائمة مع الاقتصاد اللبناني التزاما بشرعة حقوق الانسان الاقتصادية، وتفاديا لعيوب ومشاكل الادوات التقليدية في معالجة عجز الموازنة. وحيث ان بعض القطاعات الاقتصادية في لبنان لا زالت تنعم بجنة ضريبية في حين ان البعض الآخر لا زال يكتوي بنار الضرائب. وبما ان الوضع يحتاج الى خطة اقتصادية اجتماعية للدولة تقتضي تغيير جوهري في بنية الاقتصاد اللبناني باتجاه قيام دعم وتطوير القطاعات المنتجة، وكذلك اعادة نظر جذرية بالسياسات الضريبية المنحازة لصالح فئة قليلة على حساب بقية المجتمع حيث تبلغ الضريبة غير المباشرة اكثر من 75% وتتغذى منها خزينة الدولة بينما في البلدان المشابهة للبنان تتوازى الضرائب غير المباشرة مع المباشرة مثل الاردن وتونس الخ... ومن المفارقات المقلقة ايضا ان تصل الضريبة على مداخيل الافراد اكثر من 21% بينما سقف الضريبة على الشركات هو 17% فقط. وبانتظار خطط وطنية شاملة لقطاعات النقل والانتقال والاسكان والبترول والدواء والاستشفاء الحكومي وتفعيل قوانين الرقابة واجهزتها، فان الاتحاد العمالي العام يتقدم من حكومتكم الكريمة بالبدائل والمتقرحات الضريبية التالية. اولا: رفض الـ 11%ضريبة على القيمة المضافة كما اتت في القانون 45 وكذلك ما هو مطروح من زيادة على الضريبة على القيمة المضافة الى 12%. ثانياً: الاصرار على دفع المصارف الضريبة، كما اتت في القانون 45 ورفض التذرع بالازدواج الضريبي. ثالثا: التوسع في مبدأ الاملاك البحرية ليشمل المعتدي على الاملاك البحرية والمشتري في الاستثمارات الناتجة والقائمة على الملاك البحرية وكافة املاك الدولة. رابعا: استعادة مراكز المعاينة الميكانيكية الى كنف الدولة بعدما انتهت مدة استثمارها وذلك حفاظا على المال العام ولما تمثله من مداخيل مهمة للدولة. اضافة الى زيادة الرسوم على اجازات العمل والاقامة للعمال الاجانب في لبنان، فرض ضريبة على الشقق الفخمة الشاغرة، فرض ضريبة على ما كان يسمى «طابق المر» استحداث ضرائب على الكماليات..
|