الوفاء : 6-1-2018 - السيد غاي رايدر – المدير العام لمنظمة العمل الدولية، - السادة الوزراء ورؤساء وأعضاء الوفود المشاركة، - أيها الحفل الكريم، يفصلنا عام واحد عن الاحتفال بالذكرى المئوية لولادة منظمة العمل الدولية، هذه المنظمة الرائدة والوحيدة من المنظمات الثلاثية التمثيل التي يتمثل فيها العمال التي لعبت منذ نشأتها دوراً رائداً ليس على مستوى علاقات العمل وتطويرها فحسب بل على مستوى السلام والأمن العالميين من خلال العمل على الأمن الاجتماعي في دول العالم أجمع. فتحية لهذه المنظمة ودورها وتاريخها والى المزيد من العمل من أجل العدالة الاجتماعية والسلام العالمي. أيها الأصدقاء، لقد قرأنا بتمعن تقارير السيد المدير العام حول الحوار الاجتماعي والوضع في الأراضي المحتلة وخصوصاً منها التقرير الذي يطبع هذه الدورة في مؤتمرنا والذي وضع تحت عنوان «مبادرة المرأة في العمل: الدفع قدماً نحو المساواة» وإننا نقيّم عالياً هذه المعالجة المنهجية العلمية الدقيقة التي حملها تقرير المدير العام ونوافق على الخلاصات والاستنتاجات التي خلص إليها التقرير وخصوصاً منها الفصل الخامس والفقرات المتعلقة بتعزيز قدرات النساء والاعتراف بقيمة عملهنّ وإسماع صوت المرأة وزيادة تمثيلها. وقد توقفنا مليّاً أمام التقرير المتعلق بالحوار الاجتماعي الثلاثي ونرى أنه يتطلب المزيد من العمل باتجاه مأسسة هذا الحوار والتكافؤ بين أطرافه والاعتراف العملي والواقعي بترجمة هذا الحوار بمقررات وبرامج تخدم المصالح الوطنية العليا وليس لطرف من الأطراف. وانطلاقاً من هذه المعطيات وقّعنا نحن وأصحاب العمل والدولة في لبنان برعاية ومساهمة منظمة العمل الدولية البرنامج الوطني للعمل اللائق 2017 – 2020 والذي يتضمن الكثير من الأهداف التي تسعى إلى إنصاف المرأة في العمل. وسوف نعمل يداً بيد مع مكتب المنظمة في بيروت لإنجاز هذا البرنامج الطموح. ومن جهةٍ أخرى وبمناسبة النقاش الجاري حول العنف في مكان العمل بشكلٍ عام، فإنّ اتحادنا مع توقيع اتفاقية جديدة حول الموضوع وعدم الاقتصار على إصدار توصية لما لهذه القضية من أهمية بالغة. السيدات والسادة، نأتي إليكم من منطقة شهدت منذ سبعين عاماً خلت إرهاب الدولة المنظم أي منذ إنشاء الكيان الصهيوني عام 1948 على حساب تشريد وقتل الشعب الفلسطيني صاحب هذه الأرض منذ ألوف السنين. هذه المجازر التي كان من أواخرها وليس آخرها سلسلة المذابح التي ارتكبتها إسرائيل في حق المطالبين بحق العودة إلى أرضهم وديارهم في الشهرين الماضيين. ونأتي إليكم من منطقة عاث فيها الإرهاب ومنظماته التكفيرية قتلاً وذبحاً وتدميراً، من لبنان الى سوريا إلى العراق ومصر وليبيا واليمن والى بعض بلدان المغرب العربي. وقد كانت هذه العصابات «الأممية» المتسترة بإسم الدين تترعرع في كنف أجهزة المخابرات الدولية وحكوماتها الامبريالية ودول الاستبداد الرجعية التي تهدف إلى السيطرة على خيرات هذه البلدان والقضاء على استقلالها وكسر إرادة شعوبها وإخضاعها للاستعمار مجدداً ولوصايتها الاقتصادية والسياسية. السيدات والسادة، احتفلنا في لبنان قبل أيام قليلة، وتحديداً في الخامس والعشرين من شهر أيار، كما في كل عام منذ العام ألفين بيوم التحرير والنصر على الاحتلال الإسرائيلي، ولم يكن ذلك ممكناً لولا إرادة شعبنا اللبناني الحاسمة وجيشه البطل ومقاومته الباسلة. فالعدوان الإسرائيلي المستمر على أرضنا منذ نشوء هذا الكيان وهو يمعن في قتل الأطفال والنساء والشيوخ ويحرق الأرض ويدمّر البنى التحتية والمصانع والمزارع وأحياء ومناطق بكاملها. وبالتالي فإنّ الأولوية القصوى كانت لدينا وقف هذا العدوان وصدّه ومنعه من التمادي كي نلتفت إلى تنمية بلدنا والاهتمام بالعمل اللائق لعمالنا وشبابنا ومستقبل أبنائنا. ونعتقد أيها الأصدقاء أنّ منظمة العمل الدولية التي قامت على أثر الحرب العالمية الأولى وأعلنت أهدافها وتطورت بعد الحرب العالمية الثانية بإعلان «فيلادلفيا» هي أمام واجب أخلاقي وإنساني تجاه نضال الشعوب من أجل تحرير الأرض والتحرّر من كل أشكال الاستعمار السافر أو المقنّع. وفي هذا السياق، نلفت عنايتكم جميعاً إلى أنّ الكيان الصهيوني هو آخر كيان عنصري يعرفه عالمنا المعاصر، وهو يشكّل الموقع المتقدّم لمصالح الدول الغربية الكبرى وخصوصاً منها الولايات المتحدة الأميركية والشركات المالية والصناعية والتجارية الكبرى فيها. وإنما قامت به الولايات المتحدة من عمل عدواني جديد بنقل سفارتها مؤخراً إلى القدس الشريف والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني إنّما هو نقلة نوعية جديدة وامتداداً لوعد «بلفور» المشؤوم عام 1917 الذي أسّس لنشوء هذا الكيان السرطاني في العالم العربي. السيدات والسادة، إنّ سوريا الشقيقة التي بدأت باستعادة عافيتها بعد كل الإجرام والتدمير الذي حصل منذ العام 2011 تتعرّض اليوم لاعتداءات إسرائيلية متكررة لدعم المنظمات الإرهابية القليلة المتبقية على أرضها، وذلك في محاولة لمنع الاستقرار في هذا البلد الشقيق الذي عانى شعبه مرارة القتل والتشريد إلى مختلف بلدان العالم ومنها بلدنا لبنان حيث بات هؤلاء الأخوة النازحين يشكلون عبئاً اقتصادياً واجتماعياً حيث يفوق عددهم على المليون ونصف المليون. وهنا لا بدّ من التوقّف أمام التوجهات الخطيرة لمؤتمر بروكسل الهادفة إلى توطين النازحين السوريين في أماكن تواجدهم عبر إغراءات مادية لإبعاد شبح الهجرة إلى أوروبا وإغراق البلدان التي استقبلتهم ومنها لبنان بالمزيد من الأزمات بدلاً من العمل على إعادتهم إلى ديارهم. إنّ على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته اليوم سواء في العمل على استقرار سوريا لفسح المجال لعودة مواطنيها إليها أو مساعدة لبنان لتأمين جميع السبل لتسهيل هذه العودة فضلاً عن تحمّل الأعباء المادية والإنسانية إلى حين تلك العودة في أقرب وقت. إنّ لبنان أنجز قبل حوالي الشهر انتخاباته التشريعية الوطنية بنجاح ويتجه إلى إعادة تشكيل مؤسساته السياسية ولدى الاتحاد العمالي العام في لبنان اتجاهاً واضحاً للعمل من أجل استعادة مضمون العقد الاجتماعي الذي تؤمن فيه دولة الرعاية الحق بالعمل والسكن والصحة والتعليم والحماية الاجتماعية لكل المواطنين، ولدى الاتحاد برنامجاً نضالياً متكاملاً في سبيل ذلك. وكل ذلك مع موقف حاسم ضد سياسية المزيد من الديون والقروض التي تزيد الأعباء على المواطن المثقل بالضرائب والرسوم غير العادلة ومع محاربة الفساد والرشوة والسرقة على جميع أنواعها. ختاماً نشكر لكم استماعكم ونتمنى لدورتنا النجاح في كافة أعمالها. |