. نص كلمة رئيس "عمال لبنان" بمناسبة يوم التضامن مع "الشعب الفلسطيني"
الوفاء : 30-11-2018 -السيدات والسادة المشاركون في هذا اليوم التضامني مع الشعب الفلسطيني وقضيته المقدسة، إذا كنّا نحن عمال لبنان، وتحت راية الاتحاد العمالي العام نشارك في تكريس ذكرى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977، ونلبي دعوة الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب في تأكيد رمزية هذه المناسبة، فإننا في لبنان شعباً وعمالاً لم ننتظر يوماً محدداً لاستذكار قضية شعب فلسطين المقدسة ومعاناته الدائمة في الوطن والشتات وحقه المطلق في العودة وتقرير المصير واستعادة كامل التراب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة والحرة وعاصمتها القدس الشريف. فهذه القضية تعيش معنا وفي وجداننا وأفعالنا ونشاطاتنا كل يوم وكل لحظة على مدار العام منذ سنوات النكبة الكبرى قبل سبعين عاماً، تلك الجريمة الموصوفة التي ساهم بها الاستعمار والأنظمة الرجعية العربية ودفع ثمنها الشعب الفلسطيني تشريداً وتهجيراً الى أربع رياح الأرض وخصوصاً الى الدول العربية المجاورة وبالأخص منها بلدنا لبنان. ومن هذا المنطلق ليست القضية الفلسطينية بنتائجها المدمّرة قضية تخصّ هذا الشعب، بل هي باتت مأساة لبنانية وسورية وأردنية وقومية بشكلٍ عام. أيها السيدات والسادة، على الرغم من احترامنا للقرارات الدولية وتمسكنا بها كمرجعية رمزية فإنّ التاريخ أثبت أنّ الكيان الصهيوني الغاصب والعنصري الذي يمارس جرائم أفظع من الجرائم النازية لم يرتدع إلاّ بالمقاومة والتنظيم والتدريب والعمل الشعبي وليس بالاتفاقات المسمومة والملغومة «كاتفاق أوسلو» «ووادي» «عربة» أو محاولات فرض 17 أيار الفاشلة في لبنان عام 1983. فمنذ بدايات احتلال جيش العدو للأرض اللبنانية بدأت المقاومة المسلحة والشعبية من معظم فئات الشعب وفرضت على العدو الإسرائيلي وجيشه هزيمة كبرى ومذلة بل فرضت كذلك، وهو الأهم، توازن رعب جعلت العدو يعد للألف قبل أن يفكر بالعودة إلى احتلال أو عدوان. وبالأمس القريب قبل حوالي أسبوعين فعلت المقاومة فعلها في غزة، هذا القطاع المحاصر والممنوع عنه الكهرباء والمياه والعمل، استطاعت أن ترد على الاعتداء الإسرائيلي برشقات صاروخية دقيقة الأهداف وفرضت وقفاً للقتال وتوازناً جديداً للقوى حتى إشعارٍ آخر. وقد قلنا للأخوة الفلسطينيين أنّ هذا الانتصار يجب أن يبنى عليه الآن ويكرّس بقيام حكومة وحدة وطنية فلسطينية حقيقية وقيام قيادة مقاومة موحّدة كي لا يضيع هذا الانتصار بل من أجل المزيد من خلق توازن رعب حقيقي ودائم وصولاً الى الحقوق الكاملة. ونقول في هذه المناسبة للشعوب العربية أنّ المراهنة على الأنظمة فشلت، وقادت العرب من تنازل مذلّ إلى آخر وصولاً إلى القبول ضمناً بصفقة القرن التي تسعى اليها الولايات المتحدة وإدارة الرئيس «ترامب» المتصهينة ويجري ذلك بعد قرار تهويد القدس وجعلها عاصمة الكيان الصهيوني. إنّ الرهان الوحيد هو توحيد جهود جميع قوى التحرر العربية من منظمات وأحزاب ودول لا يزال قرارها مستقلاً وإنشاء جبهة عربية موحدة ومنظمة تواجه العدو الصهيوني ودول الاستعمار ومصالحة في المنطقة. السيدات والسادة، إنّ تضامننا مع الشعب الفلسطيني ومع القدس الشريف ودعمه في النضال من أجل العودة وقيام الدولة الفلسطينية على كامل ترابها هو واجب علينا جميعاً وليس منّةً من أحد. إنّ العروبة التي تتخلى عن فلسطين ليست عروبة والإسلام الذي يتخلى عن المسجد الأقصى وعن فلسطين نفسها ليس إسلاماً والمسيحية التي تتنكّر لكنيسة القيامة ومهد المسيح في بيت لحم ليست بمسيحية. والإنسانية التي تقبل ببقاء آخر نظام عنصري في التاريخ بين صفوفها ليست بإنسانية. نعم أيها الأخوات والأخوة، نحن نثق بالمستقبل، نثق بشعبنا العربي من المحيط الى الخليج وبقواه الحية ومنظماته الجماهرية. نحن نثق بنضال الشعب الفلسطيني الذي لم يرفع راية الاستسلام يوماً رغم كل المآسي والعذابات وتدمير المدن والتهجير وزج الآلاف من الشباب في المعتقلات والحصار الأعمى في البر والبحر والجو. وقطع الكهرباء والمياه والحروب التدميرية المتكررة والاعتداءات المستجدّة واليومية على كافة مفاعيل الحياة. نحن نثق بشعبنا الفلسطيني رغم تواطؤ قوى الغرب الاستعماري الذي أنشأ ورعى هذا الكيان السرطاني الدخيل وعيّنه شرطياً على المنطقة لسلب خيراتها ونحن نثق بالإرادات الحرةّ في العالم وبالشعوب الصديقة التي ناضلت ضد الاستعمار والتمييز العنصري وانتصرت. الأخوات والأخوة، لقد دفع الشعب اللبناني بمكوناته كافة ولا يزال ثمناً باهظاً لتحرير أرضه وبفضل مقاومته الباسلة وجيشه الأبيّ وشعبه الصامد والمكافح ونحن نثق بأنّ نهج المقاومة وحده هو ما أبقى شعلة المقاومة الفلسطينية قائمة بفضل الدماء الغزيرة والإرادات الصلبة. هذه المقاومة التي أبقت فلسطين وقدسها في الوجدان وهي وحدها التي ستنتصر. كما أنّ الشعب اللبناني الذي تربطه أواصر الجغرافيا والتاريخ والأخوة قد تحمّل وزر تهجير الشعب الفلسطيني ما لم تتحمله دول عربية أكبر وبقي على تضامنه الصادق مع الأخوة الفلسطينيين. إنّ مصيرنا كشعوب عربية مصير واحد، ونحن في الاتحاد العمالي العام في لبنان نقف اليوم كما بالأمس مع كافة أبناء شعبنا مدعومين بالمواقف المشرّفة للقيادات السياسية والرسمية في لبنان على مختلف منابر العالم. نقف إلى جانب فلسطين وشعبها وقدسها الموحدة عاصمة فلسطين الأبدية . فليكن التضامن ليس رمزياً فقط مع فلسطين وشعبها ولا ليوم أو مناسبة بل كل يوم وساعة وبكافة الأشكال المتاحة والممكنة. وشكراً لكم جميعاً. الرئيس د. بشـارة الأسمـر
|