اخبار متفرقة > العماد عون في عشاء عيد العمل: الأكثرية يجب ألا تكون صامتة بل صارخة في وجه كلّ فاسد وسارق
الوفاء : 1-5-2012
بدعوة من رئيس لجنة النقابات في التيار الوطني الحر السيد ايلي حنا، وبمناسبة عيد العمل أقيم حفل عشاء في مطعم الحلبي حضره العماد ميشال عون بالإضافة الى عدد من الوزراء والنوّاب، رئيس الإتّحاد العمّالي العام وبعض أعضائه، منسّقي هيئات ولجان نقابيّة، ممثّلين عن الأحزاب، وأعضاء من التيار الوطني الحرّ. بدأ اللّقاء بكلمة لرئيس لجنة النقابات في التيار الوطني الحرّ إيلي حنّا، جاء فيها: "نجتمع سوياً في هذه الامسية الكريمة عشيّة عيد العمال، وهنا لا بدّ مِن تهنئة عمّال لبنان بعيدهم ونستذكر السواعد الكريمة التي حافظت على لبنان وشعبِه وبنت الوطن ودافعت عنه، فتحيّة من القلب الى كافة العمال والبنّائين والفلاحين الصامدين في أرضهم والى المقاومين الذين حرّروا الارض ودافعوا عن كل ذرة تراب، وكل التحية الى جيشنا الباسل الحامي للوطن والسلم الاهلي والضامن للاستقرار.
يأتي العيد هذا العام في خضمّ أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة تطبِق على السواد الاعظم من العمّال وتضع قسماً كبيراً من اللبنانيين تحت خطّ الفقر في ظلّ تقلّص فرص العمل وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين ناهيك عن البطالة الظاهرة والمقنّعة التي تلامس حدود الـ 50%، أضف الى ذلك هجرة خيرة الشباب الى الخارج سعيا وراء لقمة العيش وفرصة العمل. كل ذلك يترافق مع تحرّكات واضرابات واعتصامات لقطاعات واسعة من العمّال اعتراضا على الواقع وطلبا لحقوق مشروعة. لقد انتهجت الحكومات اللبنانية منذ عشرين سنة سياسة ضرب القطاعات الانتاجية من زراعة وصناعة والتوجّه نحو الاقتصاد الريعي مما أدّى الى تكدّس المليارات في حلقة ضيّقة جداً وذلك على حساب العمّال والفقراء فسلبت حقوقهم وضرِبت مؤسسات الامان الاجتماعي وسقطت فلسفة الدولة الراعية لحقوق مواطنيها لمصلحة اقتصاد السوق المتفلّت من كافة الضوابط الاقتصادية والاجتماعية. فبعد عشرين سنة من هذه السياسة المنتهجة ماذا عسانا نقول؟
- ديون باهظة فاقت ال 60 مليار دولار تثقل كاهل الخزينة والمواطن. - خدمة دين مموّلة من الضرائب غير المباشرة التي تطال الشرائح الاكثر فَقراً. - حسابات مالية ضائعة وغير مدقّقة وهبات بمليارات الدولارات لا تعرف وِجهة إنفاقها. - صندوق وطني للضمان الاجتماعي في عجز دائم، حيث يستدين صندوق المرض والامومة من صندوق تعويض نهاية الخدمة في مخالفة فاضحة لابسط قواعد واصول انشاء الصندوقين
قد تطول اللائحة كثيراً وتأخذ منا مطوّلات لتوصيف الواقع الراهن ولن ندخل في تفاصيل الحلول لان لها أهل اختصاص، غير أنه لا بدّ لنا من طرحِِِ سؤال جوهري: الى متى ستظلّ الدولة اللبنانية بكلّ مؤسّساتها تنأى بنفسها عن هموم العمّال والفقراء وتتركهم لقدرِهم البائس؟
أيها الحضور الكريم،
في هذا العيد المبارك، لا بدّ لنا من التحدّث قليلا عن التجربة اليافعة للتيار الوطني الحرّ في العمل النقابي منذ تأسيس لجنة النقابات المركزية في العام 2005. فمنذ أن شرّفني دولة الرئيس العماد ميشال عون بترؤس لجنة النقابات وقد وضعت نصب عينيّ مع فريق العمل الذي عاونني درس واقع كافة النقابات العمّالية والتربوية ونقابات المهن الحرة في لبنان ففوجئنا بحجمِ الهوّة بين العمّال ونقاباتهم اضافة الى الانقسام السياسيّ الحادّ الذي أطاح بكلّ حقوقِ العمّال ومكتسباتهم، فانقسم الجميع مع الاسف على كلّ شيء وحتى لقمة العيش التي يجب أن توحّد، فعملنا على التواصل مع جميع الافرقاء وشجّعنا دائماً على توحيد الجهود العمّالية وهمومها وسعينا ضمن امكاناتنا الى حلحلة بعضِ الامور المزمنة بالتعاون مع وزراء التيار الوطني الحرّ وتكتّل التغيير والاصلاح وهذا أقلّ واجبنا، وقد عملنا على فصل العمل السياسي عن النقابي فجعلنا السياسة في خدمة النقابات والعمّال وليس العكس، واليوم نعود لنُعاهد أنفسنا ونعاهدكم جميعاً على المتابعة بهذا النهج التغييري مع انحيازنا الدائم الى جانب حقوق العمّال والفقراء وذوي الدخل المحدود. يا عمّال لبنان الاحبّاء، نجدّد تحيتنا لكم في عيدكم ونتمنّى توحيد جهود القيادات العمّالية كافة لتحقيق المطالب المحقة واعادة الحقوق الى اصحابها، فلا تكونوا وقوداً مهدورةً لتحقيق مكاسب فئوية لبعض الساسة، بل كونوا الوقود الذي يطلِق قطار الاصلاح ومحاربة الفساد وبناء الدولة القوية العادلة القادرة على تحقيق أحلامكم وبناء مستقبل لائق لكم ولأولادكم".
وكانت للعماد عون كلمة تحدث فيها عن الوضع الاقتصادي شارحاً بالأرقام ما يقوله ويكرره دائماً بأن لبنان منهوب وليس مكسوراً. وأكد أن الصراع لا يزال مستمراً مع الفئة الّتي أوصلت لبنان إلى الحالة الإقتصادية السّيئة التي يتخبط بها، والتي أصبحت قوّةً تعطيلية لكلّ نمو.
مساء الخير، إخوتي وأحبّائي يوم غد هو عيد العمل، هو عيدُنا جميعاً، وسنعيّده سويّاً. اهتمامي هو دائماً بالشريحتين اللتين تمثلان معظم الشعب اللبناني: الأولى هي الطّاقة المنتِجة التي تتمثّل بالعامل المنتِج، والثّانية هي طبقة الطّلاب الّذين يحملون الأفكار العديدة والنّظرة المستقبلية. بتفاعل الطّبقات الإجتماعية العاملة والفكر الطّالبي المستقبلي، تتقدّم الأمم وتنتج، ويصير هناك وطنٌ متكامل. ولكن مع الأسف، "الضّربة" الّتي تحدّث عنها مسؤول لجنة النقابات في كلمته، أي تحويل النّظام اللّبناني الإقتصادي إلى نظامٍ ريعي، هي التي قتلت الإنتاج في لبنان وحوّلته إلى سوقٍ استهلاكية وسوق مضاربة بالأموال وبالأراضي. ارتفعت الأراضي، تضخّمت أموال الفوائد ولكن سقط الإنتاج وأصبح لبنان على طريق الإفلاس.
أضف إلى هذا، ما أقوله وأكرره دائماً بأنّ لبنان بلدٌ مسروق وليس مكسوراً؛ فوفقاً للإحصاءات الخاصّة الّتي قمنا بها وسترَونها تباعاً، أحصينا 35 مليار دولار بين هدرٍ أو سرقة واختفاء... وعندما سيتحدد أين ذهب كلّ قرش، سنعرف جيداً أنّ لبنان ليس مديوناً لأنّ القسم الباقي فوائد! الكتلة النّقدية الّتي سُحِبَت باللّيرة، الكتلة النّقدية الّتي تمثّل اللّيرة اللّبنانية والّتي سحبت في العام 1992 بعدما احترقت اللّيرة اللّبنانية ووُظّفَت في ما بعد بأيدي بعض الأشخاص، وُظّفَت ب42% و40%، وامتصّت كلّ النّقد في لبنان، ووظّف المواطنون هذه الأموال في المصارف. ومن هنا، بدأت تتراكم كتلة الدّيون حتى على الأرجح أصبحت الفوائد الآن أكتر من الدَّين كلِّه، وهذا الأمر يتطلّب حساباً دقيقاً. في العام 2004 عندما كنت لا أزال في فرنسا، آخر حساباتنا كانت تقول إن كلّ ليرة وُظّفَت في العام 1993 في سندات الخزينة، أصبحت 13 إلى ال14 ليرة، اي كلّ واحد ضرب ثروته ب14 مرّة في بضع سنوات. كلّ هذه الأمور تنعكس علينا الآن.
عندما جئنا إلى الحكم حاولنا أن نأخذ الوزارات الإنتاجية، وهي الزّراعة، الصّناعة، الطّاقة، الإتّصالات.. كلّها هذه أساسية في الإنتاج لأنّه لا إنتاج دون طاقة، والطّاقة هي طاقةٌ بذاتها وبالإنسان الّذي سيديرها حتى ينتج، وهي أيضاً الأشياء الحياتية كالمياه، لأنّها أيضاً جزءٌ الإنتاج، "وجعلنا لكم من الماء كلّ شيءٍ حيّ" هذه الآية الكريمة لا يجهلها أحد.. وهناك أيضاً الإتصالات، فاليوم الإتصالات هي أساسية لتشجيع الدّورة الإقتصادية في البلد وخارج البلد، وعلى ما أعتقد كل 5% من تحسينٍ بالإتصالات يعطي 1% زيادة بالإنتاج القومي. كلّ هذه الأمور كانت مفقودة ونشعر نحن اليوم أنّنا لا نزال في صراعنا مع الفئة الّتي أوصلت لبنان إلى الحالة الإقتصادية السّيئة، والتي أصبحت قوّةً تعطيلية لكلّ نمو. لذلك نحن في صراعٍ دائم حتى "نسحب" بقدر الإمكان أيّ تقدّم في الحقول الّتي نعمل فيها.
هناك تأخير كبير في مسألة الطّاقة، وإذا رأينا كم صُرِفَ على الطّاقة نرى أنّها بدأت في مسارها السّلبي منذ العام 1993، صارت حساباتها سلبية، صارت الحكومة تسدّد النّقص. وصلنا في نهاية العام 2011 إلى 11 مليار مدفوعة نقداً و6 مليارات فوائد، أي أنّ مجموع الخسارة في حقل الطّاقة 17 مليار دولار. بينما الخطّة الّتي أُنجِزَت في وزارة الطّاقة وقُدّمَت إلى الحكومة في العام 2010 ولا يزالون يؤخّروها، تكلّف حوالي ال4 مليار و200 مليون وتنتج لنا 4000 ميغاوات ويصبح لدينا كهرباء 24 ع 24، ولدينا احتياط لا يمكن أن تنقطع الكهرباء معه، لأنّه للإعتناء بشبكة الإنتاج وعند الأعطال الطّارئة يوجد لدينا احتياط كي تظلّ الطّاقة كاملة.
ومن هنا يمكننا أن نلمس الخطط الموضوعة لتهديم لبنان وتفكيكه على مستوى الوظيفة، ينتقدون وزراءنا لأن لديهم مستشارين خصوصاً في الوزارات الكبرى مثل الاتصالات والطاقة التي تشمل قطاع المياه والكهرباء والنفط!! فهل المطلوب أن يعملوا وحدهم أو أن لا يعملوا أو ماذا؟؟ كلّ الإنتقادات الّتي تُوَجّه إلينا تافهة.. في جلسة المناقشة الأخيرة استهلكوا 28 ساعة من الكلام في البرلمان، 20 ساعة منها كانت مخصّصة لمهاجمة وزير الطّاقة، و5 ساعات لوزير الإتصالات، و3 ساعات للباقي. عندما قام وزير الطاقة ليتكلّم، أعطوه فترة نصف ساعة! خلال النّصف ساعة، تكلّم 5 دقائق ونصف، وكانوا يقاطعون حديثه في الوقت الباقي، وعلى الرَّغم من ذلك، كانت الدّقائق الخمس كافية حتى ينسحب من كان يهاجمه واحداً تلو الآخر. لقد سبق وقلت إنّه لن يبقى أحدٌ من الّذين حكموا لبنان حتى العام 2013، الملفّات كلّها جاهزة وموثّقة. منذ أسبوعٍ طُرِحَت مسألة الهبات، اليوم طُرِحَ ملف الإتصالات المعمول منذ العام 2009 والّذي فيه هدر وسرقة 980 أو 985 مليار! وأيضاً هذه موثّقة.. وهلمّ جرّ في الغد على القروض وعلى سلفات الخزينة وعلى الهيئة العليا للإغاثة وكلّ القطاعات المالية الّتي صُرِفَ فيها مال الدّولة. إذاً نحن اليوم أمام حركةٍ إصلاحية ومحاسبة، وهذه جزءٌ من الوعد الّذي قطعتُه في 7 أيار 2005 في أوّل كلمةٍ قلتُها للّذين كانوا يستقبلونني، قلتُ إنّه جاء عهدٌ للحساب والمحاسبة. والآن "استوت" القضايا وستعرض تباعاً.
أتمنى ألا تكونوا– أنتم خصوصاً القوى العمالية – متفرّجين مثل بعض اللّبنانيين، لأنّ الكثير من النّاس صاروا يقبلون بالفساد! صاروا يسمعون القصّة وكأنّها أصبحت جزءاً من نمط حياتنا! يقولون "برافو عليه، ظبّط حالو"، يقبلون بالموضوع وكأنّ الضّريبة الّتي ندفعها هي "خوّة"، ندفعها وننساها! لكن كلا! هذه أموالنا وإذا طارت، فمن أين سنزفّت الطّرقات؟ كيف سنقوم بالإستشفاء؟ كيف سندفع للتّربية؟ كلّها هذه أموالكم! لا يمكنكم أن تطالبونا بها عندما نكون في الحكم إذا كان المال العام يُسرَق أمامكم وأنتم لا تحكون ساكناً ولا تطالبون بالمحاسبة! نحن مسؤولون نعم، ولكن المطلوب منكم أن تكونوا أنتم رأسَ الحربة في الدّفاع عن مالية الدّولة. إنّ الأكثرية الصّامتة هي الّتي تشجّع الجريمة، فلو كان هناك رأيٌ عام رفع صوته من المرّة الأولى الّتي سرَقت فيها ليرة في لبنان، لما كان البلد وصل الى هذه الحال. الأكثرية الصّامتة لا تخيف أحداً أياً يكن موقعها، مع أو ضد، لأنها غير فاعلة.. الأكثرية يجب أن تكون صارخة في وجه كلّ فاسد وفي وجه كلّ سارق! أتمنى عليكم من الآن وصاعداً أن تواكبونا وأن تُسمعونا صوتكم.
بعدها دار حوار بين الحاضرين تناول موضوع الضّمان الإجتماعي وحقوق العمّال في مختلف القطاعات. فسئل العماد عون إذا كان راضياً عن عمل وممارسات الإتحاد العمالي العام، فأجاب: إن كلّ نقابة وكل اتحاد النّقابات يجب أن يمثّل مصالح العمّال، ولكن مصالح العمّال لوحدها لا تنتج عملاً، بل هناك أيضاً مصالح أرباب العمل، وعلى الإثنين أن يتناقشا ويتحاورا كي يصلا إلى الحلّ الأمثل الّذي يحفظ حقوق الجهتَين. وزارة العمل طبعاً تقوم بهذا الواجب، لأنّها وزارة العمل، والعمل يتكون من طرفين: رب عمل وعامل. ولكني ألاحظ أن العمّال عندما يتظاهرون لا يكونون بالحجم المرتقب، إذ يبدو أن عدوى الأكثرية الصّامتة قد أصابتهم، وهذا مؤسف.. نودّ أن نراهم أكثر عندما ينزلون إلى الشّارع.
وردّاً على سؤال، لفت الوزير جبران باسيل إلى أنّ المجتمع اللّبناني غائب كلّياً عن حقائق الأمور بسبب كثرة الكلام المضلّل الذي يتناقله بعض السّاسة ومن بعدهم بعض الإعلام المأجور، مشيراً إلى أنّ نسبة التّضليل قد تصل في بعض الأحيان بأن يشكّ الوزير نفسه بفريق عمله، فيبدأ بمساءلته عمّا إذا كانت كلّ الأمور واضحة أم أنّ هناك ما هو مخفيّ وغائب عنه في وزارته. وطلب باسيل ثقة النّاس ودعمهم مشدّداً على أنّ تكتّل التّغيير والإصلاح يعمل لما فيه خير المواطن ومصالحه بعيداً عن الكذب والتّضليل والمنافع الخاصّة التي يحاول البعض الحصول عليها عن طريق إيهام النّاس بأنّه يعمل لتحقيق مصالهم. ثمّ كانت كلمة لرئيس إتّحاد نقابات السّائقين عبد الأمير نجدي، ردّ فيها على الوزير باسيل، فاعترف بأنّهم اقترفوا خطأً بقبولهم دعم البنزين لمدّة ثلاثة أشهر وكان عليهم الموافقة على طرح تكتّل التّغيير والإصلاح بموضوع سيّارات الغاز، مشيراً إلى أنّ دعم البنزين لم يقدّم أيّ فائدة للسّائقين، بل على العكس، إذ أنّه تمّ صرف الأموال لتقديم حلٍّ مؤقّت، ما أدّى إلى "خراب بيت" 55 ألف سائق. وشدّد نجدي على انّ السّائقين مع خطّة الغاز متسائلاً عن توقيت التّنفيذ، ومشدّداً على أنّهم حاضرون للتّظاهر في الشّارع نزولاً عند طلب دولة الرئيس العماد ميشال عون.