اخبار متفرقة > 192مصنعاً دمرتها حرب تموز 16,5% فقط نالت حصتها في إعادة البناء
لجنة صناعية للمتابعة .. واقتراح آلية جديدة للتعويض بصيغة غير استنسابية
كتب عدنان حمدان في جريدة السفير بتاريخ 5-5-2012
لم توفر اسرائيل في عدوانها على لبنان في العام 2006، البشر، ولا الحجر، الاضرار التي تسبب بها هذا العدوان برا وبحرا وجوا، كانت كبيرة جدا (قدرت بعشرة مليارات دولار)، وبشكل خاص القطاعات الانتاجية، الصناعة والزراعة في طليعتها. بلغ عدد المصانع التي دمرت كليا او جزئيا، في المناطق 192 مصنعا. وبلغت الاضرار المادية وفق التقرير الذي اعدته وزارة الصناعة نحو مئتين و50 مليون دولار. بعد توقف المدافع الاسرائيلية واعتداءاتها التي دامت 33 يوما، طلبت الحكومة من المتضررين تقديم طلبات للتعويض عن الاضرار، وفق القرار الوسيط لمصرف لبنان حمل الرقم 95/95. الصناعيون المتضررون بدأوا بتجميع ملفاتهم تمهيدا لتقديمها، في الفترة المحددة من قبل وزارة الصناعة بـ30 يوما، الا ان الغالبية العظمى منهم لم تستطع تجهيز ملفات كاملة، حسبما هو مطلوب، نظرا لفقدان الوثائق في المصانع المدمرة كليا، والى ان استطاعوا ذلك كانت مرت فترة طويلة حالت دون افادة قسم كبير من الصناعيين من التعويضات. احصاءات مصرف لبنان تشير الى ان عدد المصانع المتضرّرة من حرب تموز، التي استفادت من القروض المدعومة المحددة بآلية أقرّها مصرف لبنان، 19 قرضاً لم تتعد قيمتها 53,917 مليون دولار. وكان صدر تعميم عن مصرف لبنان في مطلع أيار 2007، موجّه إلى المصارف التجارية، بهدف توفير قروض للمؤسسات بعد دراسة ملفاتها من جانب المصارف المعنية لتحديد قيمة التمويل المطلوب، على أن يتحمّل أصحاب المؤسسة 20 في المئة من هذه القيمة، ويموّل المصرف 20 في المئة بفائدة ميسّرة، فيما تموّل الحكومة 60 في المئة من التعويض للمؤسسة تسدّد إلى المصارف بواسطة سندات خزينة، وتلتزم المصارف في المقابل إعادة جدولة الديون السابقة المترتبة على زبائنها المتضررين. المصانع التي حصلت على القروض وتلك التي تقدّمت بطلبات، لا تمثّل سوى 16.5 في المئة من المصانع المتضررة والبالغ عددها 192 مصنعا، بحسب الإحصاءات الرسمية، تقدّر خسائرها بـ 250 مليون دولار.
شهادات صناعيين
يؤكد احد الصناعيين ممن لم يشمــلهم التـعويض بعد، (يملك مصنعا للاحذية في الضاحية الجـنوبية)، وهو حسن الريس، «ان المسألة ضـاعت بين الشروط التي وضعـتها المصـارف التــجارية، وبين تلكؤ المسؤولين المعنيين، وبين الخبراء المكلفين من قــبل جمعية شركات الضمان وتقرير الخبراء المحلــفين المكلفين من قبل قاضي الامور المستعجلة». ولا ينكر ان «بعض الصناعيين ضخم ارقامه بهدف الحصول على نسبة كبيرة من الاضــرار، والبــعض الاخر قدم تقديرات متقاربة من خسائره لاعادة قوته التشــغيلية». ويشير الى «ان التعويضات المقدرة لو دفعت اليوم لا تساوي قيمة المواد الاولية والفارق بين الاسعار في عام 2007 والاسعار الحالية، نظرا للتضخم وارتفاع الاسعار». يبدي الريس «استياءه من البطء في التسريع بانجاز الملفات لدى المصارف، ومن الاستنسابية، في الموافقة على القروض»، لكنه يلفت الى ان «المصرف التجاري يبقى مسؤولا عن القرض طوال فترة السداد، ما يعني ان أي غلطة غير مقصودة من صاحب القرض، ترتب عليه استحقاق المبلغ بالكامل، اضافة الى ان لقرار الوسيط لمصرف لبنان يعطي الحرية للبنك في الاقراض او عدمه». وعلمت «السفير» ان عددا من اصحاب المصانع المتضررة من حرب تموز 2006 الموجودة على كل الأراضي اللبنانية، تنادوا مؤخرا الى اجتماع تم خلاله تشكيل لجنة متابعة من المناطق التي دُمّرت فيها المصانع جزئياً او كلياً وشارك فيه الأمين العام لجمعية الصناعيين أحمد حسين، رئيس تجمّع صناعيي الضاحية الجنوبية أسامة حلباوي، رئيس تجمّع صناعيي الشويفات وجوارها أديب عباس، نائب رئيس تجمّع صناعيي جبل عامل امين ايّوب. ابدى المجتمعون استنكارهم «الاهمال المتعمّد والمقصود لقضية تعويضاتهم المحقة من جانب جميع المسؤولين والمعنيين الرسميين وأصحاب القرار. وبحثوا في آلية تحرك ووضع خطة عملية لإحياء ملف التعويضات التي تناستها الحكومات السابقة المتعاقبة». اما نائب رئيس تجمع صناعيي جبل عامل امين ايوب، فقد وصف الصناعة بانها «يتيمة، فقد بات طلب التعويضات عن الخسائر الناتجة عن حرب تموز، يخضع لثلاثة تقديرات، الاول من الخبير المكلف من قبل جمعية شركات التأمين، الثاني من الخبير المحلف المكلف من قاضي الامور المستعجلة، والثالث من صاحب المؤسسة». مشيرا الى ان «احدى الهيئات الاهلية قدمت هدية للمتضرر وليس تعويضاً». «بين الموافقة على اعطاء تعويضات للصناعيين، واقرارها قانونيا، ومن ثم صدور95/95 ، مرت فترة ليست قصيرة، يضيف ايوب، ما حرم عددا من الصناعيين من اللحاق بالموعد المحدد، لكن بنظره ان القرار 95/95 حمل في طياته ألغاما، لا يمكن لاي صناعي تجاوزها، منها ان أي هبة او تعويض من هيئات اهلية تحسم من القرض، واذا كان المقترض مدينا لمصرف ما، لا يحق له الاستدانة من مصرف اخر، وعندها تعطى الحرية للمصرف في الموافقة او الرفض».
صيغة جديدة للتعويض
يمكن القول ان المساعدات التي قدمتها الحكومة اللبنانية لاعادة اعمار الوحدات السكنية، ادت مبتغاها بنسبة كبيرة وغالبية المواطنين عادت الى مساكنها، لكن يبدو ان الصناعيين لم يحصلوا على حقوقهم بالتعويض، لذلك شكلوا اللجنة المذكورة اعلاه، فيما يقترح نائب رئيس تجمع صناعيي جبل عامل، صيغة مكملة لما تم انجازه، وفيها: اولاـ الاستفادة والاسترشاد بالمسح الصناعي الذي اجرته وزارة الصناعة مع جمعية الصناعيين. ثانياـ وضع آلية لاعتماد الارقام النهائية، حيث ان بعض المصانع قد اجرت مسحاً وتحقيقا، من قبل خبراء خاصين والبعض الاخر اكتفى بتقرير المصنع، وذلك من خلال تقسيم المبالغ الى فئات: ـ اقل من مئة الف دولار. ـ اكثر من مئة الف دولار، واقل من 500 الف دولار. ـ اكثر من 500 الف دولار. ـ ثالثا ـ عدم شمول هذا التعويض المصانع التي استفادت سابقا من قرار مصرف لبنان رقم 5959. ـ رابعا ـ اعادة تفعيل قرار مصرف لبنان رقم 5959 وفق الية جديدة لا تترك استنسابية للمصارف في التعويض وذلك وفق الاتي: ـ تقديم طلبات عبر وزارة الصناعة لاعتمادها. ـ ترسل الطلبات الى مصرف لبنان وبدوره يصدر للمستفيد افادة يمكن ان يستفيد منها من أي مصرف ومن دون موافقة المصرف المذكور، أي نسبة الـ 60 في المئة المذكورة بالقرار وتعطى نقدا من دون شروط خاصة. ـ بالنسبة الى الـ 20 في المئة التي يستفيد منها المتضرر والتي لا يستطيع ان يقترضها من المصرف بفائدة مخفضة، تبقى اختيارية للطرفين: المصنع المتضرر والمصرف. مشكلات الصناعيين تتفاقم، فالاعتداءات الإسرائيلية أدت إلى دمار أو تضرر 192 مصنعاً مسببة خسائر مباشرة وغير مباشرة. الأضرار التي لحقت بالقطاع الصناعي أدت بدورها إلى صرف آلاف العمال، الأمر الذي خلق مشكلة إجتماعية طاولت آلاف العائلات، ورفع مستوى البطالة، يضاف إلى ذلك هجرة العديد من الشباب والصناعيين على حدٍ سواء. مشاكل أساسية مزمنة أبرزها ارتفاع كلفة الإنتاج، وكلفة الطاقة والنقل والمنافسة، عدا عن استكمال التعويض عن الخسائر جراء حرب تموز، كيف السبيل للخروج من كل ذلك؟.