اخبار متفرقة > ميقاتي افتتح الدورة ال 20 ل"منتدى الاقتصاد العربي": لعمل وطني جامع يهدف الى حماية لبنان وتحصينه ويحقق النهوض
الوفاء - 10/5/2012
افتتح رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي فعاليات الدورة ال 20 من "منتدى الاقتصاد العربي" التي انطلقت صباح اليوم في فندق "فينيسيا" - بيروت، في حضور أكثر 600 مشارك من 21 بلدا، تقدمهم رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي، وزير الاستثمار والتعاون الدولي التونسي رياض بالطيب، وزير الدولة المغربي محمد نجيب بوليف، وزير التجارة والصناعة الكويتي أنس الصالح، وزير الاقتصاد الإماراتي المهندس سلطان المنصوري، وزير المال الكويتي السابق بدر الحميضي، الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية الدولية الدكتور محمد البرادعي، محافظ سلطة النقد الفلسطينية الدكتور جهاد الوزير، وحشد من الديبلوماسيين والنواب وقادة الأعمال والمال والمصارف والاستثمار في العالم العربي ومسؤولين وخبراء من صناديق التنمية العربية والهيئات الاقتصادية وغرف التجارة والصناعة.
ويتميز المنتدى هذا العام بجلسة رئيسية عن لبنان تتركز على واقع الاقتصاد اللبناني وملامح المرحلة المقبلة، بالإضافة إلى جلسات تركز على دور القطاع المصرفي والشركات الصغيرة والمتوسطة.
ويختتم المنتدى غدا الجمعة بحوار مفتوح مع الرئيس ميقاتي الساعة الاولى والنصف بعد الظهر في فندق "فينيسا".
أبو زكي
استهل الافتتاح الرئيس التنفيذي ل"مجموعة الاقتصاد والأعمال" رؤوف أبو زكي مرحبا برئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي "الذي حرص على وجوده معنا اليوم محبة منه للبنان وثقة منه بأهمية هذا المنتدى منصة لترويج الاقتصاد التونسي، وهو يحمل إلينا تجربة الربيع العربي التي بدأت في تونس".
وأشار إلى أنه "في ظل تطورات الربيع العربي" وتداعياتها المتسارعة فإننا نواجه تغييرات جذرية في أوضاع كانت مستقرة لعقود طويلة، وقد أدى ذلك الاستقرار، على رغم الأساس الخاطئ الذي قد يكون بني عليه، إلى استقرار في التعاملات ونشأت في ظله مصالح كبيرة وخيارات اقتصادية أقرب إلى التوجهات التي تم تعميمها بفضل تيار العولمة. أما الآن فإن الوضع في العديد من الدول العربية وخصوصا دول "الربيع العربي" يبدو مفتوحا على احتمالات عدة، وهناك نسبة كبيرة من الأيديولوجيا والشعارات التي قد تتسبب في حصول تجارب وأخطاء على غرار ما شهدناه خلال هيمنة الأفكار الاشتراكية. وفي ظل تلك الأوضاع نخشى من حصول جمود مرحلي في حركة الاستثمارات العربية البينية والتي كانت ساهمت في تحريك التنمية وإيجاد فرص العمل في العديد من الدول العربية".
وأكد أبو زكي أن "دور "الاقتصاد والأعمال" سيبقى هو هو. فالأنظمة والإيديولوجيات تتغير وتتبدل لكن مصالح الدول الأساسية وحاجات الشعوب تبقى هي نفسها".
وقال: "لقد ادت المجموعة دورا أساسيا في ايجاد ديناميكية تواصل وحوار داخل العالم العربي ودورا مؤثرا في الترويج لحركة الاستثمارات البينية وتنمية المصالح المشتركة. أما الدور المطلوب التركيز عليه في هذه المرحلة فهو إعادة بناء الثقة لأنه لا استثمار ولا تنمية من دون عامل الثقة ومن دون تبلور الخيارات الجوهرية لأي بلد أو نظام سياسي. والمطلوب توفير الأطر الحوارية لشرح السياسات الجديدة وطمأنة المستثمرين من تلك الخيارات ونأمل ألا تندفع الحكومات الجديدة في تبديل كل ما قامت به الحكومات السابقة بل أن تعيد تقويم كل أمر وفق معايير موضوعية. والأرجح أن بعض السياسات التي تم العمل بها كان إيجابيا وإن كان التطبيق شابه الكثير من الأخطاء. والحكم في نهاية المطاف استمرار. والاستقرار في الأطر الاقتصادية والقانونية عامل أساسي في اكتساب البلد - أي بلد - ثقة العالم والمستثمرين".
وأشار إلى أن برنامج "مجموعة الاقتصاد والأعمال" يتضمن خلال الأسابيع المقبلة خمس مؤتمرات أُخرى في بيروت والرياض واسطنبول تتناول قضايا رئيسية مثل: الأمن الغذائي العربي والعلاقات العربية التركية وصناعة الإعلام".
وشكر "راعي المنتدى الرئيس نجيب ميقاتي ورئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي والوزراء المشاركين وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية مصارف لبنان و"إيدال" ومؤسسة التمويل الدولية والمؤسسات الراعية.
وختم: "سنظل من قبيل الإنصاف والوفاء نستذكر الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي احتضن هذا المنتدى منذ بدايته وصولا إلى تولي رئاسته الفخرية".
طربيه
وقال رئيس جمعية المصارف الدكتور جوزف طربيه: "إن الأجوبة الشافية للأسئلة الكبرى المتعلقة بالأحداث التاريخية الجارية في منطقتنا ما زالت صعبة ومتعذرة: هل بلغت هذه الموجة مداها؟ علام ستستقر؟ ما هو مستقبل الشعوب والدول في هذه المنطقة الإستراتيجية من العالم؟ أي أنظمة سياسية واقتصادية سيطالها التغيير، وأي أنظمة ستقوم بديلا منها؟ واستتباعا هل من نظام عربي جديد ومنظومة جديدة للعمل المشترك؟ في انتظار انقشاع الضباب وجلاء كامل الصورة، الثابت أن التغيير حصل ويحصل ورياحه تلفح المنطقة بكاملها. قد يكون مبكراً الحكم على النتائج المحققة ما دامت حركة التحول في أوج تفاعلاتها، لكن ثمة إشارات متباينة تطفو على سطح الأحداث ربما نتجت عن سرعة هذه التغييرات وشموليتها ونوعيتها".
وأضاف: "إن التأثير المباشر لهذه التحولات في تحديد المسارات المستقبلية لدول المنطقة بكاملها، بما يشمل إعادة هيكلة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يدعونا إلى التحذير من انحراف مسار التغيير، وبالتالي تحول الربيع إلى صيف حار يحول الاستقرار الهش السابق إلى فوضى خطيرة تستنزف رصيد الأهداف النبيلة التي سعت إليها الثورات والاحتجاجات الشعبية. لذا فإن المهمة الواجبة الجامعة للقوى التي قادت التغيير في بلدانها أن تتكاتف وتعكف، بجد وصدق، على صياغة مفاهيم ودساتير جديدة تضمن الحريات الأساسية وتؤمن الإصلاح وسيادة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنموية. وبعدها فلتحكم المؤسسات ومن أختاره الناس لإدارة هذه المؤسسات".
وتابع: "في ظل هذه المناخات السائدة، يواجه لبنان ظروفا معقدة على الصعيد السياسي والاقتصادي، انعكست فيها بعض آثار الأحداث العربية وخصوصا الوضع السوري الملتهب على حدوده وتلاحق الضغوط الدولية وخصوصا من طريق فرض العقوبات الاقتصادية والمالية على سوريا، والتي انعكست على النشاط المصرفي في سوريا، وقلصت، إلى حد كبير، من حجم العلاقات الاقتصادية والمصرفية بين لبنان وسوريا.
ولكن على الرغم من ذلك، استمر القطاع المصرفي اللبناني في أدائه القوي خلال عام 2012 حيث أظهرت المؤشرات للشهرين الأولين من العام الحالي تحسناً قياسياً على الفترة ذاتها من العام السابق إذ ارتفع إجمالي موجودات مطلوبات المصارف التجارية بنسبة 2,5 في المئة في مقابل نسبة نمو أدنى بلغت 0,8 في المئة في الفترة ذاتها من العام 2011. وازدادت التسليفات للقطاع الخاص بنسبة 2,7% في مقابل ازدياد الودائع الإجمالية بنسبة 1,5 في المئة في المئة، كما حافظت موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية على مستواها والذي يقارب 31 مليار دولار أميركي. وواصلت مصارفنا توجهها الناجح بالخروج من محدودية السوق المحلية الصغيرة إلى رحابة السوق العالمية مع اتساع الفرص التي يوفرها، بحيث أصبح القطاع المصرفي أحد أهم الجسور للتمدد الاقتصادي الخارجي للبنان، على خطوط الرساميل والاستثمارات والائتمان والتمويل والانتشار. فمؤسساتنا المصرفية تعمل في أكثر من 32 بلدا و95 مدينة في العالم، وتوفر خدمات شاملة ومتنوعة لفئة واسعة من العملاء المقيمين وغير المقيمين بحيث باتت تدير موجودات تفوق قيمتها 165 مليار دولار أميركي توازي 4 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ولا أذيع سرا إن قلت ان العديد من مصارفنا مهتم بمواكبة أي فرص جديدة لتنمية انتشارها الإقليمي والدولي، بما في ذلك الفرص التي قد تنتجها التحولات الجارية، وفق معادلة قوامها: سيولة عالية وربحية معتدلة".
سلامة
بدوره، القى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كلمة جاء فيها: "بالرغم من ضخ 14 تريليون دولار أميركي من الحكومات والمصارف المركزية في العالم منذ اندلاع الأزمة المالية عام 2008، ما زال النمو خجولا والبطالة مرتفعة في معظم دول مجموعة العشرين".
واضاف: "إن انخفاض نسبة الفائدة إلى ما يقارب الصفر في المئة في الدول الصناعية لم يساعد على إعادة عجلة التسليف إلى ما كانت عليه قبل عام 2008، لغياب الثقة ولضرورة تحسين نسب الملاءة ولا سيما بعد مقررات "بازل - 3". كما أن أزمة الديون السيادية في أوروبا وأساليب معالجتها، كان لها تأثيرها السلبي على الثقة، وجعلت أسواق التسليف عموما تعيش حالة من الإنكماش. لبنان لم يتأثر بهذه الأزمة الدولية لاعتماده نموذجا مصرفيا خاصا به، ما جنبه فقدان السيولة في المضاربات، وسمح بتوجيه هذه السيولة، بمساعدة تحفيزات مصرف لبنان، نحو التسليف الإنتاجي والسكني والبيئي".
وتابع: "إن مصرف لبنان، وفي هذه الظروف، حريص، وبالتعاون مع المصارف اللبنانية، على المحافظة على سلامة القطاع وسمعته.فنحن نتوجه، وبناء على معايير "بازل - 3"، إلى زيادة ملاءة المصارف لتصبح 12 في المئة عام 2015 عن طريق زيادة رؤوس أموالها دون تخفيض تسليفاتها.الأرقام الأولية تشير إلى نمو في التسليفات يتعدى ال13 في المئة على أساس سنوي في العام 2012 مقارنة مع العام 2011.
كما أننا متمسكون بالفصل بين المصارف التجارية ومصارف الأعمال، ونتطلع إلى دور مهم لمصارف الأعمال في رسملة القطاع الخاص.وهذه الرسملة ضرورية لخفض مديونية هذا القطاع التي أصبحت توازي ما يقارب ال85 في في المئة من الناتج المحلي. إلا أن هذه المديونية المرتفعة في القطاع الخاص لا تشكل اخطارا تورميا بسبب رافعة مالية منخفضة في القطاع المصرفي توازي نحو11 مرة الأموال الخاصة، وإلى توزيع جزء من هذه المديونية على الأسر، بحيث لا تتعدى المديونية في هذه الحالة - ومع القرض السكني - 50 في المئة من مدخول الأسرة. كما أننا باقون على توجهنا بعدم السماح للمصارف الأحد عشر الأولى بالاندماج في ما بينها".
وقال: "لقد احتطنا للاخطار الناتجة من وجود مصارفنا في بلدان تعيش اضطرابات أمنية وسياسية تؤثر على اقتصاد هذه البلدان. فقد قامت المصارف باختبارات ضغط، وكونت مؤونات عامة احتسابا لأسوأ الاحتمالات وهي مستمرة في هذا المنحى. وبالرغم من ذلك، نتوقع الاستقرار والتحسن ربما بنمو الأرباح في المصارف اللبنانية. الشائعات التي أطلقت ضد القطاع المصرفي اللبناني لم تنجح في النيل من الثقة. ونحن نتوقع ارتفاعا في الودائع للعام 2012 بنحو 8 في المئة. إن التحويلات من الدولار الأميركي إلى الليرة اللبنانية مستمرة، وقد تدخل مصرف لبنان شاريا للدولار خلال هذا العام ولغاية نيسان 2012 بنحو 900 مليون دولار أميركي".
واضاف: "الإقبال على الأوراق السيادية اللبنانية بالليرة اللبنانية وبالدولار الأميركي جيد، وفوائدها المنخفضة تعبر عن حالة توازن في السوق. هذه الفوائد ستبقى مستقرة شرط التزام عجز في الموازنة يمكن السوق أن تموله. يتوقع صندوق النقد الدولي نموا حقيقيا بحوالي 3 في المئة للعام 2012. ويمكن هذا النمو أن يكون أفضل إذا توفر مناخ سياسي يسمح بإطلاق مشاريع عبر اشتراك القطاع الخاص لتحسين البنية التحتية وتطويرها".
وتابع: "يبقى أمام لبنان تحديان يرتكز أولهما اعتماد سياسة للطاقة غايتها الوفر وثانيهما على مبادرات لزيادة فرص العمل".
وختم: "سيبقى مصرف لبنان ساهرا، عبر مبادراته الصادقة، على المحافظة على الثقة والاستقرار والسمعة الحسنة، ولن يتأخر في اتخاذ القرارات اللازمة والممكنة ضمن القانون لتحقيق ذلك".
شفيق
من جهتها، اعتبرت نائبة المدير العام لصندوق النقد الدولي الدكتورة نعمت شفيق أن "منتدى الاقتصاد العربي" أصبح حدثا سنويا بحيث أن كبار المسؤولين وصانعي القرارات والسياسات من مختلف أنحاء المنطقة وخارجها تلتقي في بيروت لتبادل وجهات النظر حول القضايا الاقتصادية والتحديات الرئيسية التي تواجه المنطقة بحيث تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حقبة تغيير تاريخية لم يسبق لها مثيل من قبل، فالعديد من البلدان تمر بفترة انتقالية صعبة. ورغم ذلك تبقى التوقعات إيجابية، ولكن هناك طريق طويل تواجهه الكثير من المطبات. لذلك، أمام صانعي القرار مهمات شاقة. وينبغي عليهم التصرف بسرعة من أجل تحقيق النتائج المرجوة".
وأضافت: "الوضع في العالم اليوم هو أفضل مما كان عليه قبل بضعة شهور، فقد بدأت الولايات المتحدة الأميركية الخروج ببطء من الأزمة. وكذلك أوروبا بفضل سياساتها الوقائية والجهود التي تبذلها لإحتواء الأزمة. كما أن استمرار الاقتصادات الناشئة بأداء قوي ساهم في تحسن الأداء العالمي، فالاقتصاد العالمي في طريقه نحو الانتعاش، ونتوقع أن تبلغ نسبة نموه نحو 3.5 في المئة خلال عام 2012. ولكن تظل هناك اخطار يجب التعامل معها. ومن أجل ذلك على أوروبا، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، تحقيق الاستقرار المالي الدائم وإعادة بناء الثقة عبر اظهار قدرة على العمل معا. وقد قام الصندوق الأسبوع الماضي بتغطية التزامات بلغت نحو 430 مليار دولار".
ورأت أن "من الصعب التنبؤ بما سيحصل خلال عامي 2012 و 2013 في الدول المستوردة للنفط، فمن المتوقع أن تسهم الضغوط الاجتماعية في العديد من البلدان، والنمو العالمي المنخفض، وضعف منطفة اليورو في بطء الانتعاش الاقتصادي".
وتابعت: "نأمل أن يتحسن الوضع قريبا مع تحسن الأوضاع في سوريا ومع الانتقال السلس في مصر وليبيا وتونس، والذي من شأنه أن يولد نتائج ايجابية في المنطقة. وتأثر لبنان سلبا بهذه المتغيرات، إذ انخفض معدل النمو إلى ما بين 1 و2 في المئة في عام 2011، مقارنة بحوالي 7 إلى 8 في المئة في السنوات السابقة. وكان على لبنان أيضا الاستجابة للمطالب الاجتماعية مما أدى إلى عجز مالي أكبر. ويتوقع أن يسجل اقتصاد الدول المصدرة للنفط نموا أفضل نتيجة لارتفاع عائدات تصدير النفط ونمو القطاع غير النفطي، إلا أنها تواجه العديد من التحديات منها توفير فرص العمل، وبناء اقتصاد متنوع، والحفاظ على استقرار الوضع المالي".
وأكدت أنه "ينبغي للدول المستوردة للنفط معالجة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية القصيرة الأجل مع الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي عبر خفض النفقات وفقا لأولويات واضحة المعالم مع زيادة الإيرادات بطريقة مدروسة، وتحسين مناخ الاستثمار لاستعادة ثقة المستثمرين".
وقالت: "تحتاج هذه الدول إلى وضع رؤية اقتصادية متوسطة الأجل للاستجابة للحاجات الملحة للسكان كتوفير فرص العمل، بحيث تعتبر معدلات البطالة في منطقة الشرق الأوسط من بين أعلى المعدلات في العالم، وتحتاج المنطقة إلى توفير 50 إلى 75 مليون وظيفة على مدى العقد المقبل. أما لبنان، فعليه التركيز على خفض الدين العام والذي يشكل 136 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، والاستثمار في البنية التحتية، وتحسين مناخ العمل ووضع العمال. وهذه الاستراتيجية قد تساعد في تحقيق نمو أعلى وأكثر شمولا من شأنه خفض نسبة البطالة، وخاصة بين الشباب والمتعلمين".
وختمت بالإشارة إلى أن "صندوق النقد الدولي لم يدخر أي جهد لدعم برامج الإصلاح. فنحن نقدم المساعدة عبر: تقديم المشورة في شأن السياسات، وبناء القدرات، والتمويل. وفي ما يتعلق بالتمويل، قدم صندوق النقد الدولي تسهيلات على القروض استجابة لحاجات التمويل في منطقة الشرق الأوسط لملء الفجوات المالية".
الجبالي
وقال ضيف شرف المنتدى الجبالي في كلمته: "ينعقد اجتماعنا اليوم في ظل "ربيع عربي" يحمل في ثناياه تطلعات وطموحات شعوب عطشى للحرية والعدل والعيش الكريم، وواقع دولي دقيق تشهد فيه غالبية بلدان العالم صعوبات اقتصادية جراء الأزمة المالية العالمية الأخيرة وأزمة الديون السيادية التي عصفت باقتصادات عدد من البلدان الأوروبية. ولم تكن بلداننا بمنأى عن تداعيات هذه الأحداث الإقليمية والدولية التي كشفت مكامن الوهن في سياساتنا التنموية السابقة بحيث فشلت غالبيتها في التوفيق بين تحقيق النمو الاقتصادي، من جهة، وضمان العدالة الاجتماعية المنشودة، من جهة أخرى، أفرز واقعا داخليا هشا عكرت صفوه البطالة خصوصا في أوساط الشباب المتعلم، والفقر والتفاوت في مستويات التنمية بين الفئات والجهات".
واضاف: "أمام هذه الوضع الذي يفرض علينا تحديات كبرى، بات لزاما علينا أن نعمل سويا، حكومات وأحزاب ومجتمع مدني وقطاع خاص، في اتجاه مزيد من التوافق الداخلي والانخراط في عقد اجتماعي يقدم المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية والفئوية الضيقة وتسوده روح المواطنة المسؤولة لأن النجاح في ذلك يعني، من دون شك، نجاح ثوراتنا، أما الإخفاق، لا قدر الله، فسيؤثر حتما على هذا المسار المبارك ويقضي على آمال شعوبنا في الحرية والكرامة. وفي هذا الإطار، تستعد تونس لبناء مرحلة جديدة بصوغ دستور جديد لإقامة أركان دولة القانون والحرية والعدالة الاجتماعية في ظل توافق مجتمعي".
وتابع: "إن أي منوال تنمية لا يمكن أن يكتب له النجاح ما لم يأخذ في الحسبان الخصوصيات الوطنية والمتغيرات الإقليمية والدولية في الآن نفسه، وهو ما من شأنه أن يضفي على السياسات الاقتصادية والاجتماعية المرونة اللازمة بما يتيح، عند الاقتضاء، تصويب ومراجعة الأولويات في الخيارات التنموية لكل مرحلة بالسرعة والنجاعة المطلوبتين.
ولعل من أهم هذه الأولويات توفير بيئة أعمال ومناخ استثمار يسايران متطلبات التنمية في بلداننا عبر مزيد دعم الشفافية والحوكمة الرشيدة في ظل قضاء مستقل يضمن حقوق كل الأطراف وتوطيد أواصر التنمية التشاركية التي يكون المواطن منطلقها وغايتها".
وقال: "تتأكد الحاجة إلى تبني استراتيجيات جديدة ترسي مقومات اقتصاد المعرفة بتشجيع الاستثمار في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية والمحتوى المعرفي والتكنولوجي المرتفع. وإن تحقيق هذا الهدف يتطلب منا إيلاء البحث العلمي والتجديد والابتكار مزيدا من العناية، فضلا عن إعادة النظر في هيكلة منظومتنا التعليمية والتكوينية حتى تتواءم مع متطلبات سوق الشغل وحاجاته وانتظارات شبابنا في الرفاهة والعيش الكريم. ولما كان التشغيل والخفض من نسب البطالة خصوصا في صفوف خريجي التعليم العالي من المطالب الأساسية لشبابنا وشعوبنا، فإن من الضروري أن تكون سياستنا في هذا الباب نشيطة بما يمكن من تقليص مدة البحث عن الشغل ويتيح لطالبيه فرص التدريب والتأهيل المستمر التي تعزز قدراتهم ومهاراتهم. كما أن نجاح أي سياسة تشغيلية يتطلب وضع الآليات والحوافز التي من شأنها أن تذكي روح المبادرة لدى الراغبين في الاستثمار لحسابهم الخاص بما يوجد جيلا جديدا من رجال الأعمال الشباب".
واضاف: "يظل تحقيق التوازن بين الجهات هدف كل عمل تنموي والاستقرار الاجتماعي والسياسي، وفي هذا الإطار، يجب أن تعتمد استراتيجياتنا التنموية الجديدة مقاربة تفاعلية تستجيب لتطلعات المواطنين ومشاغلهم في مختلف مناطق البلاد عبر تشريك الجهات الرسمية ومكونات المجتمع المدني في تحديد المشاريع وصوغ البرامج والخطط التنموية انطلاقا من خصوصياتها المحلية".
وتابع: "لا يختلف إثنان في أن لا تنمية حقيقية ومستدامة من دون بنية أساسية عصرية ومتكاملة تتيح تنقل السلع ورؤوس الأموال واليد العاملة بكل انسيابية ويسر، مما يكفل حركية اقتصادية مزدهرة تحقق النمو المطرد. ومن ناحية أخرى، فإن أي سياسة تنموية لا يمكن أن تأتي أكلها وتحقق غاياتها ما لم يعضدها نظام مالي قوي وشفاف. لذا، يتوجب علينا إصلاح القطاع المصرفي حتى يضطلع بدوره في تمويل التنمية على الوجه الأكمل هذا إلى جانب إدراج وتعزيز منظومة المالية الإسلامية التي أظهرت درجة عالية من المناعة والحصانة أتاحت لها الصمود أمام الأزمات المتتالية ومكنتها من الحفاظ على مكاسبها. ومن المتعارف عليه، إن أي برنامج إصلاح اقتصادي مآله الفشل ما لم ترافقه إصلاحات اجتماعية عميقة تحمي الفئات الهشة والضعيفة وتضمن حقها في العيش الكريم وتكفل مساهمتها الفاعلة في الحياة العامة من دون إقصاء أو تهميش".
وقال: "إن للقطاع الخاص دورا محوريا في مسيرتنا التنموية وإننا ندعو من منبرنا هذا رجال الأعمال العرب إلى الإضطلاع بمسؤوليتهم التاريخية على الوجه الأكمل عبر معاضدة جهود حكوماتنا في مسعاها للاستجابة للطلبات المشروعة لشعوبنا. ولقد أصبحت الشراكة بين القطاعين العام والخاص أداة فاعلة ووسيلة ناجعة لتجسيد البرامج التنموية في كافة المجالات وخاصة تلك المتصلة بالخدمات والمناطق اللوجستية والمركبات التكنولوجية وشبكة التنقل الحديدية السريعة وشبكة الطرقات السيارة والمطارات والموانىء التي تستجيب لمعايير الجودة العالمية فضلا عن البنية التحتية الطاقية والاتصالية والرقمية والتي تتطلب موارد مالية ضخمة لا يمكن لميزانية الدولة أن تتحملها لوحدها".
واضاف: "لست أغالي إذ قلت أن نجاح جهودنا في مواجهة التحديات الدولية وتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة في بلداننا رهن تضامننا وتكاتفنا، ولا يخفى عليكم أن الاقتصادات المبنية على القطرية والانعزال لا تملك القدرة والأدوات الضرورية لتنأى بنفسها عن تأثيرات الأزمات المحتملة وأن المستقبل للدول التي تنصهر وتتوحد في فضاءات تمكنها من ضمان مصالحها وحمايتها، فالتكتلات باتت ضرورة بقاء لا غنى لها. ولما كانت الحالة تلك، فإن مسؤوليتنا أمام شعوبنا تحتم علينا تدارك تأخرنا في تحقيق الإندماج الاقتصادي بين بلداننا حيث ما زال مستوى التجارة والاستثمارات البينية العربية دون المأمول ودون الإمكانات المتاحة".
وتابع: "إن تونس واعية تمام الوعي لمجمل هذه التحديات، ومن هذا المنطلق، تبنت بلادنا برنامجا اقتصاديا واجتماعيا شاملا وطموحا أعطيت فيه الأولوية لما هو آن ومستعجل من إجراءات وبرامج ومشاريع يستدعيه واقع تونس ما بعد الثورة ويفتح، في الوقت نفسه، نافذة على ما هو مستقبلي من إصلاحات وتطويرات لتوفير الظروف الملائمة للشروع في تركيز منوال تنموي جديد يرتقي إلى مستوى أهداف الثورة وتطلعات الشعب. وتعول تونس، المعتزة بانتمائها العربي الإسلامي في هذه المرحلة على مساندة كل شركائها في التنمية خصوصا المؤسسات المالية الإقليمية والمستثمرين العرب". وقال: "لست أذيع سرا إذ أقول ان تونس الجديدة، على رغم الظروف الصعبة التي مرت بها، حققت أرقاما إيجابية في وقت وجيز بحيث ارتفع معدل النمو من 1,8 سلبي إلى 2 إيجابي وتطور حجم الاستثمار الخاص في القطاع الصناعي بنسبة 42 في المئة وارتفع الاستثمار الخارجي بنسبة 35 في المئة خلال الثلاثية الأولى لعام 2012. وحافظت تونس على تنافسيتها الاقتصادية على الصعيدين العربي والإفريقي وما زالت، كما عهدتموها، بلدا جاذبا للاستثمار وضامنا له، لا تعوزه الفرص الاستثمارية في كل القطاعات كالصناعات الميكانيكية والكهربائية والغذائية والتحويلية والنسيج والزراعة والسياحة والخدمات، وهي لعمري، مجالات خصبة".
واضاف: "إني أتطلع إلى أن يتدعم وجود المستثمرين العرب في تونس وخصوصا أن حجم الاستثمارات العربية يبقى ضئيلا ولا يعكس الفرص الاستثمارية الواعدة التي تزخر بها بلادنا. وأدعو رجال الأعمال العرب إلى تكثيف زياراتهم لتونس لاستكشاف فرص التعاون والاستثمار الممكنة والتأسيس لشركات تخدم مصالح جميع الأطراف وتدعم الاندماج المنشود. ولتعزيز فرص الاستثمار في تونس، شرعنا في مراجعة كل المنظومة التشريعية في هذا المجال وخصوصا اعتماد قانون استثمار جديد يلبي حاجات المستثمرين المحليين والأجانب وتطلعاتهم في ضمان حقوقهم وشفافية المعاملات وتبسيط الإجراءات وسرعة الإنجاز".
وختم الجبالي بدعوة المشاركين في المنتدى بإسم الحكومة التونسية الى "عقد الدورة المقبلة من "منتدى الاقتصاد العربي" في تونس مطلع عام 2013".
ميقاتي
وكانت كلمة الختام للرئيس ميقاتي جاء فيها: "يسعدني ان أرحب بكم دوما، أشقاء وأصدقاء للبنان، في هذا المنتدى السنوي الحافل الذي يتمم حلقته السنوية العشرين. إن في ذلك دلالات كثيرة على العلاقات الطيبة للاشقاء العرب بلبنان وعلى التزامهم اياه، خصوصا في الأيام الصعبة، وهذا الواقع يضيف سببا آخر يجعلنا نحن اللبنانيين فخورين بإنتمائنا العربي وملتزمين قضايانا المشتركة. ولا بد لي من ان أنوه بالجهود الكبيرة التي تبذلها مجموعة "الاقتصاد والأعمال" وعلى رأسها الصديق رؤوف ابو زكي، لجعل هذا اللقاء، كما المنتديات التي ينظمها في العالم العربي، حلقة تلاق لرجال الاعمال والمؤثرين في مجتمعنا الذي يطمح أن يكون أكثر تطورا وإنتاجا".
اضاف: "منذ اكثر من عام، يشهد عالمنا العربي اضطرابات وتحولات جوهرية، تضع مجتمعاتنا امام مفترقات طرق مختلفة المسار، ستحدد تطور كل من هذه المجتمعات. وإذا كان يتعين علينا الاعتراف بأننا لم نكن قادرين على توقع هذه الأحداث والمتغيرات، الا انه ينبغي لنا ان نتحلى بالشجاعة لنحاول التأثير على تطور الأحداث ونتائجها من أجل تجنب حالات الفوضى التي قد تكون لها عواقب غير محمودة لسنوات عديدة. والحل يأتي عبر التوعية والتثقيف والتربية وتوفير فرص عمل جديدة لشبابنا وشاباتنا خصوصا، لأن هدفنا يجب ان يبقى الارتقاء بمجتمعاتنا العربية الى الإنفتاح الفكري والعلمي والاعتدال للابتعاد عن التطرف والإنغلاق".
واشار الى انه "في ظل الاخطار السياسية الاقليمية والتعقيدات الداخلية، تعمل الحكومة اللبنانية على إطلاق عجلة الاقتصاد وتفعيل الاستثمار لتوفير فرص العمل الضرورية لتحصين السلم الاجتماعي وزيادة النمو واستغلال الفرص المتوافرة والمجمدة بسبب فقدان المناخات الجاذبة للاستثمار".
وقال: "في هذا الإطار، استطاع الإقتصاد اللبناني تحقيق نمو لافت في أدائه الفعلي وقطاعات نشاطه على الرغم من المناخ الذي عصف بالمنطقة في السنة الفائتة. ويسرنا ان نذكر ان التقديرات الأولية لنمو الناتج المحلي الفعلي في لبنان للعام 2011، وفق النتائج التقديرية للحسابات الوطنية، تناهز الخمسة في المئة، في ظل التحسن الملموس لسمات النشاط بعد جمود الأشهر الأولى من العام. ويبدو أن هذا النمو مستمر على قدم وساق في العام 2012 كما يشير ابرز المؤشرات الإقتصادية للفصل الأول من العام الحالي".
واضاف: "الجدير بالذكر أن هذا النمو، وهو الأعلى بين البلدان العربية غير النفطية، يترافق مع حركة جيدة للرساميل الوافدة وإرتفاع في الودائع المصرفية وتعزيز إضافي لإحتياط مصرف لبنان من العملات الأجنبية، مما يعزز مقومات الإستقرار الإقتصادي بشكل عام ويخفض العجز ويحسن وضع المالية العامة. والنقاش الدائر اليوم حول الانفاق المالي يتعلق بقوننة هذا الانفاق وليس بتوافر المال الذي يحقق فائضا جيدا".
وتابع: "ومن أجل تعزيز هذه النتائج وتحقيق تطورات أوسع نطاقا، تقدمنا أخيرا من مجلس الوزراء بخطة عمل متكاملة للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي من شأنها تعزيز قدرات الاقتصاد على النمو وتحقيق تطورات أكبر وأسرع واعادة الديناميكية الى معظم القطاعات، ولا سيما أن القدرات الاستثمارية الداخلية والخارجية متوافرة بشكل كبير وأوسع من تلك المستغلة حاليا".
وقال: "الا أن تنشيط الاقتصاد اللبناني، يرتكز على مثلث واضح المعالم أساسه توفير مناخ مشجع وجاذب للاستثمارات الداخلية والخارجية، وخصوصا في ظل التحويلات الوافدة والرساميل المتوافرة لدى الجهاز المصرفي والمالي اللبناني. أما العنصر الثاني في هذا المثلث، فهو تنشيط حركة الصادرات اللبنانية التي يفترض أن تنمو بنسب مضاعفة عما هو مسجل حاليا مع ما يشكل ذلك من اعادة التوازن الى الميزان التجاري وميزان المدفوعات. أما العنصر الثالث فهو تنشيط القطاعات الاقتصادية كافة من طريق آليات أكثر فاعلية مما هو قائم حاليا وعلى رأسها النشاطات المرتكزة على اقتصاد المعرفة والابداع والتي تختزن قيمة اضافية عالية".
ولفت الى انه "عندما نرى ما يحققه اللبنانيون في الخارج من نجاحات وتطوير قدرات، فمن الواضح أن النتائج الداخلية تبدو متواضعة جدا، ويمكن تحسينها بشكل افضل على المديين القصير والمتوسط، إذا وفرنا المناخات الملائمة".
وقال: "إن إقتراحات الاصلاحات التي وضعناها من شأنها تحقيق أهداف عدة أبرزها:
أولا: إستعادة العافية المالية المستدامة على المدى المتوسط من خلال معالجة مسألة الدين العام ووضع إستراتيجية فعالة وواضحة لخفض حجمه وتحسين إدارته.
ثانيا: تعزيز السياسات وسن التشريعات والأنظمة التي من شأنها تحسين مناخ الإستثمار ودعم القطاع الخاص في تحريك العجلة الإقتصادية وتحقيق النمو والإزدهار الإقتصادي.
ثالثا: تطوير البنية التحتية المتهالكة واعادة تأهيلها لتوفير حاجات لبنان ومتطلبات من كهرباء ونقل وإمدادات المياه والصرف الصحي والمعلومات والإتصالات، إضافة الى الحفاظ على البيئة.
رابعا: تعزيز برنامج التنمية البشرية في مجالات الصحة والحماية الاجتماعية والتعليم الجيد بمختلف مراحله، وتمكين جميع المواطنين من الإفادة من الرعاية الصحية، وتنظيم عمليات الرعاية الاجتماعية الاساسية عبر التعاون بين القطاعين العام والخاص".
اضاف: "تهدف الخطة ايضا الى الترويج لإستراتيجية تنموية إقتصادية وإجتماعية متوازنة تشمل مختلف المناطق اللبنانية خارج المراكز التقليدية حيث تتركز الآن معظم الأنشطة الإقتصادية، من أجل توفير فرص العمل، وتحقيق التنمية المستدامة ورفع الضغوط عن العاصمة وضواحيها".
وتابع: "إننا نسعى، من ضمن ما نسعى اليه أيضا الى تنفيذ إصلاح مؤسساتي وإداري شامل لرفع مستوى الخدمة العامة وتحسين الحوكمة على صعيد مؤسسات القطاع العام، وخاصة عبر تسريع مشاريع إشراك القطاع الخاص في الاستثمار وإدارة بعض من هذه المؤسسات. كذلك نسعى الى إدخال عوامل مساعدة للاصلاح، مثل تحسين القدرات الاحصائية للدولة، وتدعيم الضمان الاجتماعي، ومحاربة الفساد في الإقتصاد. ومن الضروري أيضا إعادة تفعيل دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي لإحياء التواصل بين مكونات المجتمع المدني والأهلي كافة".
ورأى انه "إذا كانت العوامل الخارجية، لا سيما الاقليمية منها، تشكل مصدر قلق للبنان في بعض الأحيان، فمن الممكن أيضا أن تشكل فرص نمو متعددة المصادر والوجوه، أبرزها إستمرار تسجيل فوائض مالية كبيرة في دول الخليج المصدرة للنفط حيث تنشط المؤسسات اللبنانية ويعمل عدد كبير من اللبنانيين في كثير من القطاعات وخاصة في قطاع التجارة والخدمات، ويقدر عدد الناشطين اللبنانيين بأكثر من 300 الف شخص في هذه الدول".
وقال: "إن الجاذبية التي يمكن أن يشكلها لبنان لعدد كبير من الرعايا العرب بسبب مؤهلاته الفكرية والاجتماعية، لا تقتصر على السياحة، بل تطال عددا كبيرا من الاستثمارات الانتاجية، منها النشاطات الترفيهية والاستشفائية والتعليمية والتجارية والصناعية. وهذه الجاذبية تسمح للمؤسسات اللبنانية بتطوير أعمالها في كل الدول العربية، حيث هناك مؤسسات ومنتجات لبنانية يتم استقدامها الى عدد كبير من العواصم العربية على اساس الفرانشايزينغ".
اضاف: "لقد أنعم الله علينا بمقدرات طبيعية أدرت علينا اموالا طائلة ما انفككنا نستثمرها خارج عالمنا العربي. لقد حان الوقت كي نخصص قسما من هذه المداخيل من إجل انشاء معاهد في المجالات التعليمية كافة في كل الدول العربية، خصوصا التي تشهد متغيرات سياسية واجتماعية جذرية، فالعلم وحده قادر على تثقيف شباننا وشاباتنا وتحييدهم عن التطرف ليكونوا منفتحين على العالم، وهذا ما يساعدهم على إيجاد وظائف تسهم في توفير عيش كريم لهم".
وامل "ان نكون على قدر المسؤولية وان نقوم بواجبنا تجاه شبابنا العربي، فلولا مساهمة القطاع الخاص ومساعدته لما كانت جامعات اوروبا واميركا بالمستوى التي هي فيه، فهل يعقل ان تكون أهم الدراسات عن العالم العربي والاسلامي تصدر من جامعات اميركية واوروبية؟"
وتابع: "إنني أدعو من هذا المنبر اللبناني - العربي إلى عمل لبناني وطني جامع تتطلبه دقة المرحلة الراهنة، ويهدف إلى حماية لبنان وتحصينه لتجاوز التحديات الماثلة أمامنا جميعا وتحقيق النهوض الاقتصادي والاجتماعي وإنهاض الإدارة. واذا كانت المواقف السياسية التي تسمعونها من حين الى آخر تقلقكم وتحد من اندفاعكم، فإن الواقع السياسي الذي يعيشه لبنان، يمتص مثل هذه المواقف لانها تبقى كلها تحت سقف الديموقراطية التي يتمسك بها لبنان لانها غدت احدى ميزات نظامه السياسي التعددي القائم اساسا على الحرية والمساواة والاعتدال".
وختم: "نعم، اطمئنوا، لان وطنكم الثاني لبنان، استطاع دائما ان يتغلب على الصعاب الذي واجهته، لأنه وطن الحياة، المقاوم لكل العواصف، بفضل ايمان ابنائه بأهمية وحدتهم التي هي الضمان الحقيقي للخلاص، وبفضل التفافهم دائما حول دولتهم ورفضهم اي صيغة بديلة، ولقد كان وجودكم دائما، ايها الاشقاء، الى جانبنا لدعمنا ومساعدتنا دعامة قوية، خففت من ثقل المعاناة وفتحت امامنا سبل الانطلاق الى دينامية الترقي والنجاح والانفتاح".
تكريم باسيل وبقشان
ومنحت مجموعة الاقتصاد والأعمال، كعادتها كل عام، جائزة "الريادة في الإنجاز" لرئيس مجموعة "بنك بيبلوس" فرنسوا باسيل ولرئيس "مجموعة بقشات" السعودية المهندس عبدالله بقشان.