اخبار متفرقة > سوكلين» مجدداً: العقود منفوخة بـ61 مليون دولار تنفيعات
كتب محمد وهبة في جريدة الاخبار بتاريخ 18-5-2012
يقول وزير الطاقة والمياه جبران باسيل في تقرير، رفعه اخيرا الى مجلس الوزراء، ان عقود «سوكلين» تتضمن أعمالا غير لازمة، ما يرتّب اكلافا اضافية على البلديات يمكن التخلّص منها في حال اجراء مناقصة جديدة، وبحسب الجداول الرقمية المرفقة بالتقرير يتبيّن ان الكلفة الحالية يمكن خفضها بنسبة 48.3% من دون ان تتأثّر الطريقة المعتمدة في جمع ومعالجة النفايات! محمد وهبة «يمكن توفير 61 مليون دولار على الخزينة العامة في حال إجراء مناقصة جديدة لتلزيم عمليات كنس وجمع وفرز ومعالجة النفايات من أصل عقود بقيمة 127.7 مليون دولار». هذه النتيحة توصّلت إليها مجموعة من الخبراء عكفوا في الفترة السابقة على دراسة عقود شركة سوكلين واخواتها وتقارير مجلس الانماء والاعمار المرفوعة الى مجلس الوزراء في عهد حكومة الرئيس سعد الحريري السابقة. والمعروف ان هذه التقديرات غير نهائية، اذ إن المعلومات التي حصل عليها الوزراء حينها بقيت ناقصة ووردت بالتقسيط الممل بعد مناوشات وضغوط شديدة مارسها يومها الوزراء جبران باسيل وشربل نحاس (المستقيل) وفادي عبّود، وانتهت الى اعلان الحريري موقفه الشهير: «امّا التمديد لعقود سوكلين وامّا خلّوا الزبالة تطمركم!». يبدو أن وزير الطاقة والمياه جبران باسيل قرر استكمال الضغوط في هذا الملف، فقد رفع في 7 أيار الجاري تقريرا الى مجلس الوزراء يتضمن نتائج الدراسة التي انجزها هؤلاء الخبراء عشية سقوط حكومة الحريري، ويؤكّد هذا التقرير بالارقام أنه يمكن تحقيق وفر في التلزيم الجديد من خلال إلغاء أو التخفيف من أعمال ادرجت في عقود «سوكلين»، وهي لزوم ما لا يلزم. علماً ان تقرير باسيل عبّر بوضوح عن الاعتقاد السائد أن مجلس الإنماء والإعمار يحابي المتعهد، «ويخفي الكثير من الإجابات عن الأسئلة التي طلبتها الحكومة عن أكلاف عقود كنس وجمع وفرز وطمر النفايات». ويستند في ذلك إلى الوقائع التي تفيد بأن مجلس الإنماء والإعمار لم يُنجز بعد أي إجراءات تتعلق بإعداد ملفات المناقصة والتلزيم. حمل تقرير باسيل إلى مجلس الوزراء عنوان «متابعة موضوع طلب معلومات واستيضاحات حول العقود القائمة مع مجموعة Averda وغيرها وإجراء مناقصة جديدة». ويهدف من وراء هذا العنوان إلى الضغط لاعادة ادراج ملف «سوكلين وأخواتها» على جدول الاعمال، واستكمال البحث المضني الذي بدأ في نهاية عام 2010 ولم يُستكمل حتى الآن. يومها كان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري مستميتاً في الدفاع عن «سوكلين»، ساعياً إلى تمديد عقودها لفترة 4 سنوات، رغم أن الشركة سبق أن حصلت على أكثر من تمديد لعقودها منذ عام 1997. وفي جلسات مجلس الوزراء التي ناقشت هذا الملف آنذاك، وآخرها في تشرين الثاني 2010، حاول الحريري أن يدفع مجلس الوزراء إلى الموافقة على تمديد العقود لمدّة 4 سنوات اضافية على أساس أن المفاوضات مع الشركة أدّت إلى خفض الكلفة بنسبة 4%. لكن «لم يتم تحديد ماهية هذا الخفض ومن أصل أي مبالغ أو أي أعمال»، بحسب التقرير. وعندما تبيّن للحريري أن تحقيق التمديد دونه ممانعة كبيرة في مجلس الوزراء، حاول التملّص من بحث الأكلاف التفصيلية لهذا الملف، لا سيما لجهة ما تحصّله الشركة من الدولة اللبنانية مقابل قيامها بأعمال موكولة إليها من قبل مجلس الإنماء والإعمار في مجال كنس وجمع وفرز وطمر النفايات. إلا أن الجلسة انتهت، في ذلك الوقت، إلى طلب تقرير مفصّل اضافي من مجلس الإنماء والإعمار يفنّد أسعار العقود الحالية بدقّة، ويتضمّن مقارنة بين إيجابيات وسلبيات تمديد عقود المجموعة أو اجراء استدراج عروض جديد، وذلك تمهيداً لاتخاذ القرار النهائي في جلسة لاحقة، وهو ما لم يحصل. وبالاستناد الى الجداول المرفقة مع تقرير باسيل، يظهر أن الاكلاف المعلنة للعقود المبرمة مع «سوكلين واخواتها» يمكن خفضها من نحو 127.712 مليون دولار الى 65.992 مليون دولار. وذلك من دون ان تتأثّر العمليات التي تنفّذها الشركة في سياق المهمة الموكلة اليها، فالعقود تتضمن بنودا عدّة تنطوي على هدر كامن يمكن إزالته، وهناك أعباء مالية يتم تحميلها للخزينة عن أعمال غير ضرورية ولا قيمة لها، وهي لا تهدف إلا لتنفيع الشركة فقط. ما هي هذه الاعمال؟ وما هي كلفتها؟ ــ تنص العقود على إلزامية فرز نحو 40% من النفايات، فيما تطمر 38%، ما يعني أن الفرز هو 17% فقط فيما تتقاضى على فرز النسبة كاملة التي تدفع كلفتها البلديات. في الواقع لا تزال «سوكلين» تفرز الكمية المطلوبة منها، الا انها تعيد طمرها لفشلها في تسويق المواد القابلة لاعادة التدوير، وهذا ينطوي على هدر فاضح، ما يوجب، بحسب تقرير باسيل، خفض كمية الفرز من 730 الف طن تكلّف حالياً 19.22 مليون دولار، إلى 219 الف طن تكلّف 5.76 مليون دولار. فما كان يجب أن تطمره سوكلين لا يتجاوز 53% من النفايات فيما هي تطمر فعلياً 83%، وتتقاضى كلفة فرز النفايات التي تطمرها. وعلى سبيل المثال، توفّر شركة سوكلين الخدمة لـ345 بلدية في بيروت وجبل لبنان، أي ما يقارب 2.2 مليون مواطن، بمعدل 2500 طن في اليوم الواحد، وتقوم الشركة بأعمال الفرز، وتسبيخ كمية لا تتعدى300 طن يومياً. كل ذلك يعني أنه يمكن الاستغناء عن جزء من كلفة الفرز. ــ تقوم سوكلين بكبس النفايات ضمن مكعبات، وتغلفها بالنايلون وتتقاضى على العمليتين مبالغ، ثم تذهب إلى المطمر لتفلش النفايات بحجة أنه يجب منع الروائح في المدينة، وبالتالي فإن احتساب الممرات التي تدخل فيها الشاحنات، فإنه يمكن خفض كلفة كبس النفايات وتغليفها بالنايلون والفلش إذ يتم كبس وتغليف نحو 700 الف طن بكلفة إجمالية تبلغ 38.3 مليون دولار إلى 11.40 مليون دولار. ــ وبما أن حصة الرقابة والإشراف هي نسبة مئوية من الكلفة الإجمالية، فستنخفض تلقائياً هذه الكلفة بعد خفض الأعمال غير الضرورية، من 2.52 مليون دولار الى 1.314 مليون دولار. ــ وبحسب التقرير فإنه يمكن خفض كلفة الطمر من 39.34 مليون دولار إلى 20.99 مليون دولار، فيما يمكن أن تحقق الدولة وفراً من عمليات بيع المواد القابلة لاعادة التدوير بعد خفض عمليات الطمر وتكثيف عمليات التسبيخ وإعادة التدوير بقيمة تصل إلى 15.1 مليون دولار. بهذه الطريقة يمكن خفض كلفة العقد الإجمالية مع النتيجة نفسها التي كانت تعطيها سوكلين واخواتها من 127.71 مليون دولار إلى 65.99 مليون دولار، أي بوفر إضافي يصل إلى 61.1 مليون دولار. اقتصاد العدد ١٧١٠ الجمعة ١٨ أيار ٢٠١٢