اخبار متفرقة > الصفدي يطرح على المصارف رفع الضريبة على القطاع من 15 إلى 20%
تعديلات موازنة 2012 تتضمن زيادات على «القيمة المضافة» والودائع والعقارات
كتب حسن الحاف في جريدة السفير بتاريخ 25-5-2012
لم يكن المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير المال محمد الصفدي أمس عادياً، إن لجهة توقيته، أو لجهة مضمونه. ففي التوقيت يمكن القول إنه أعقب جلسة مجلس الوزراء «الأمنية» التي عقدت أمس الأول. والجلسة تلك، على ما هو معلوم، كان يفترض أن يطرح الصفدي خلالها تعديلاته على مشروع قانون موازنة العام 2012 والموازنات الملحقة من اجل استئناف النقاش الحكومي حولها، ومن ثم رفعها إلى مجلس النواب بهدف التعجيل في إقرارها قبل تموز المقبل. لكن استعيض عن طرح الملف المالي، بالملف الأمني الأكثر إلحاحاً في الوقت الراهن، نظراً لفداحة الحوادث الأمنية المتنقلة بين منطقة وأخرى. باختصار، بدا الصفدي في توقيته للمؤتمر متيقناً من أن هذه السنة لن تشهد ولادة موازنة ولا من يحزنون! لذا، لم يجد بداً من تبرئة ذمته العامة عبر عقد مؤتمر يعلن خلاله أبرز التعديلات على مشروع الموازنة الذي رفعه إلى مقام مجلس الوزراء. أمّا لجهة المضمون، فقد لحظت التعديلات مساواة مجافية للمنطق بين الأغنياء والفقراء. إذ تضمنت زيادة على «الضريبة على القيمة المضافة» (TVA) الى جانب زيادة على فوائد الودائع التي يتحملها المودع لا المصرف، في موازاة استحداث ضريبة على الربح العقاري وضريبة أخرى على القطاع المصرفي. والضريبتان الأخيرتان تجيئان متأخرتين حوالي العقدين من الزمن. ويمكن القول إن المشروع جاء في أهدافه العامة متطابقاً مع الخطوط العريضة التي كرّستها الموازنات المتعاقبة منذ الطائف. إذ ركّز بشدة على ضبط نسبة عجز الموازنة، فضلاً عن نسبة الدين إلى الناتج المحلي، متجاهلاً إلى حد كبير البعد الاجتماعي المركزي للموازنة. ويتمثل ذلك بداهة بتعزيز النمو الاقتصادي المولّد لفرص العمل. اذ لا تتجاوز نسبة النمو المتوقع في المشروع الـ 3 في المئة. وتقدّر نسبة العجز الإجمالي في المشروع الجديد بـ5,568 مليار ليرة. هذا فيما تقضي الصيغة المحدثة بزيادة «الضريبة على القيمة المضافة» من 10 إلى 12 في المئة، وعلى فوائد الودائع المصرفية من 5 إلى 7 في المئة، إلى جانب ضريبة بنسبة 4 في المئة على إيرادات البيوعات للعقارات المملوكة قبل 1/1/2009 وبنسبة 15 في المئة على أرباح البيوعات للعقارات المملوكة بعد هذا التاريخ (تطال المضاربين العقاريين لا الشركات العقارية، ويستثنى منزل عائلي واحد من هذه الضريبة). وعلاوة على ذلك، تلحظ الصيغة الجديدة زيادة ضريبية على أرباح القطاع المصرفي من 15 إلى 20 في المئة، إنما لا يزال مضمونها غير واضح في انتظار اقتراحات المصارف. وقد نوقشت الاقتراحات بالفعل مع وفد «جمعية مصارف لبنان» الذي زار وزارة المال أمس بمعية حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة. إذ «طالبت المصارف بتعديل النسبة، بحيث لا تكون الخمسة في المئة كاملة، على أن نحصل على المدخول نفسه»، وذلك على حد قول الصفدي. وعلمت «السفير» من مصادر مطلعة على أجواء اللقاء أن الصفدي أبلغ المسؤولين المصرفيين بالتعديلات التي أدخلها على مشروع موازنة العام 2012، وبنيّته إدراج ضريبة على القطاع المصرفي ضمنها. فجاءه الجواب أن القطاع المصرفي هو الأكثر شفافية بين القطاعات كافة، خصوصاً في التصريح عن ميزانياته. وانه يشكل حوالي 30 في المئة من إجمالي المداخيل الضريبية المحصّلة من الشركات في لبنان. هذا إلى جانب احتلال القطاع حصة في النشاط الاقتصادي العام تراوح ما بين 6 الى 9 في المئة. ولمّا أصرّ الصفدي، معتبراً ان الموازنة تشتمل على نفقات لا يمكن تلافيها، كان جواب المصارف «في المبدأ لا نحبذ أي زيادة ضريبية، سواء كانت على أرباحنا أو على فوائد الودائع، ونفضّل خفض النفقات غير المجدية كسبيل لزيادة الإيرادات. وعلى أي زيادة ضريبية أن تراعي مبدأ العدالة وان تكون مفروضة على القطاعات كافة، لا على قطاع بعينه». ثم غادر الوفد الوزارة من دون ان يبلغ الصفدي موافقته على اقتراحه من عدمه.
زيادة النفقات الاستثمارية بـ65%
إذن، ما الذي تضمنه المؤتمر الصحافي الذي عقده الصفدي في الوزارة أمس؟ بداية، يؤكد الصفدي أن «الصيغة الأولى لمشروع قانون الموازنة العامة للعام 2012 كانت قد أعدّت ضمنَ المهلةِ الدستورية في أيلول من العام 2011 حيث أحيلت على مجلس الوزراء ليضع ملاحظاته عليها. في هذه الأثناء صدر قرار الحكومة بزيادة الرواتب والأجور مما دَفع وزارة المال الى أن تطلب من رئاسة مجلس الوزراء استرداد المشروع لإعادة تقييمه وإجراء التعديلات اللازمة. واستردّت وزارة المال مشروع القانون بالفعل في 20 آذار 2012. وعلى مدى شهرين بالتمام أجرت وزارة المالية مراجعة شاملة لمشروع قانون الموازنة بجميع مواده، آخذة في الاعتبار تغطيةَ نفقات زيادةِ الأجور والرواتب وطلبات الإدارات الرسمية بإجراء تعديلات على موازناتها». أمّا أسباب هذه التعديلات فعديدة، يقول الصفدي، منها ما هو محلي ومنها ما هو إقليمي ودولي. على المستوى المحلي فرضت التحديات الاجتماعية نفسها على مشروع الموازنة، أكان لناحية نفقات الرواتب والأجور التي تعادل الـ1700 مليار ليرة (زائداً زيادة غير مباشرة تقارب الـ500 مليار ليرة)، أي بزيادة نسبتها حوالي 31 في المئة عن العام 2011، أو لناحية العوامل الأخرى الضاغطة على الخزينة، التحويلات إلى مؤسسة كهرباء لبنان خصوصاً. اذ تبلغ الأخيرة نحو 3,200 مليار ليرة، أي بزيادة 500 مليار ليرة إضافية عما كانت عليه في العام 2011. كذلك، يشدد الصفدي على ان الركود الاقتصادي المستحكم بأوروبا وأميركا، فضلاً عن الاضطرابات الإقليمية، ألقى بظلاله الكثيفة على بعض بنود الموازنة. إلى ذلك، يتوقع المشروع المعدّل ان تبلغ قيمة الإيرادات 15,787 مليار ليرة على ان تبلغ النفقات 21,355 مليار ليرة. وتتلخص أهداف المشروع، كما يحددها الصفدي بنقطتين أساسيتين. الأولى، تتمثل بالمحافظة على الاستقرار المالي من خلال ضبط نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي عند حدود الـ134,8 في المئة من 135,1 في المئة في أواخر العام 2011، وعلى قاعدة تكريس المنحى الانحداري الذي بدأ يتوطد خصوصاً خلال العام الماضي. وتتمثل الثانية بتعزيز حجم النفقات الاستثمارية، بزيادة نسبتها 65 في المئة عما كانت عليه في موازنة العام 2011. فبرأي الصفدي «إنَ بنيتَنا التحتية من طاقة ومياه وطرق في حاجة إلى تأهيل وتطوير واستثمارات كبيرة. وبالفعل فإنَ مشروع َالموازنة يلحظُ زيادة ضرورية في حجم النفقات الاستثمارية تساهِمُ في إطلاقِ العجلةِ الاقتصادية وتوفيرِ المناخ الملائمِ للأعمالِ والاستثمار، وفي تنفيذ مشاريع حيويَّة طال انتظارها في مجالِ البنى التحتية من كهرباء ومياه وأنابيب غاز وطرق واتصالات». ويلحظ مشروع الموازنة أيضاً «زيادة ملحوظة في الانفاق الاجتماعي للدولة، ومن ذلك ارتفاع مساهمتها في الضمان الاجتماعي بـ160 ملياراً. كما يرفع مشروع الموازنة قيمة الاعتماد المخصص لدفع معاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة. كما يتضمن إعفاءً من الضريبة بنسبة 50 في المئة على أرباح الصادرات الصناعية تشجيعاً للصناعة اللبنانية، كما يمنح المشروع الفنادق والمشاريع السياحية خارج العاصمة إعفاءات ضريبية كاملة لمدة خمس سنوات وذلك بهدف تنمية المناطق الريفية». كذلك يعيد المشروع «العمل بالرسوم البلدية على فـــواتير الكهـــرباء والماء والهاتف ويُخرجها عن نطاق الضريبة على القيمة المضافة مما يعزّز واردات الهيــــئات المحلية المنتــخبة تماشياً مع مبدأ التنمـية المتوازنة للمناطق».