اعتصام مركزي لعمّال «الكهرباء» وعاملاتها تخلله قطع طرق وحرق إطارات وإغماء
كتب كامل صالح في جريدة السفير بتاريخ 29-5-2012
شرعت قضية تثبيت العمّال المياومين وجباة الاكراء في ملاك «مؤسسة كهرباء لبنان»، الأبواب على أكثر من اتجاه، بعدما بلغت تصعيدا جديدا، تجسد باعتصام مركزي أمام مقر المؤسسة في كورنيش النهر، شارك فيه أكثر من 600 عامل وعاملة، قدموا من دوائر الجنوب والبقاع والشمال والجبل. اتخذ الاعتصام في ساعات الصباح الأولى، منحى سلميا، واقتصر على التجمع في باحة المؤسسة وأمامها، حتى بدايات وصول الأخبار عن اجتماع «لجنة الإدارة والعدل» في مجلس النواب، التي تبحث في مشروع تثبيتهم، والتي استهلها وزير الطاقة والمياه جبران باسيل برفضه المشاركة في الجلسة إلى جانب وفد من العمّال، فضلا عن توجيهه رسالة للمعتصمين دعاهم فيها، إلى أن «يشكوا من كذّب عليهم، ووعدهم بالتثبيت». ولم يعد خافيا أن وفدا من «لجنة المتابعة للعمّال المياومين والجباة» التقى منذ بداية الاعتصام المستمر منذ حوالي شهر، عددا من الشخصيات والمرجعيات السياسية والنقابية، ولعل من أبرزها رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ورئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، وقد وعدوهم بالعمل على دعم مشروع تثبيتهم في اللجان النيابية، وبعضهم تبنّى الموضوع شخصيا، وبشرهم بأن المشروع يسلك مساره الصحيح. بدأت ردة فعل العمّال، تكبر ككرة الثلج، حتى وصول خبر أن المشروع لا يزال قيد البحث والنقاش في «لجنة الإدارة والعدل» ولم يتقدم خطوة إلى الأمام، فأبلغ المعتصمون الموظفين في مقر المؤسسة بضرورة ترك مكاتبهم، لأنهم سيقفلون الأبواب جميعا. وتوجهوا بشكل عفوي، إلى الشارع، فقطعوا طريق كورنيش طريق النهر، ثم أشعل بعضهم النيران في مكب النفايات والاطارات في حرم المؤسسة، لكن وبعد تدخل «لجنة المتابعة» لضبط الأمور وتهدئة النفوس، فتح الطريق حوالي الساعة الثانية والنصف ظهرا، وسارع العمّال أنفسهم إلى اطفاء النيران، خوفا من وصولها إلى مستودع المؤسسة.
«العمّال من الطوائف كافة»
ويراوح ملف تثبيت العمّال في ملاك المؤسسة مكانه، لأنه، ووفق مع قاله أحد المعتصمين أمس، «ملف عمّالي مطلبي في الدرجة الأولى وغير محسوب على جهة سياسية، إذ يشارك فيه العمّال من الطوائف كافة، خصوصا هؤلاء الذين يعملون في المؤسسة منذ أكثر من 15 سنة من دون ضمانات، معرضين أنفسهم لخطر الموت». وبدا لافتا للانتباه في الاعتصام، مشاركة واسعة من قبل عاملات قدمن من دوائر المؤسسة في المناطق، رفعن المطالب نفسها، وسألن: «أين الرؤساء الثلاثة؟ لماذا هذا الصمت المريب عن الظلم الذي نتعرض له منذ سنوات؟ فلتنأ الحكومة سياسيا كما تشاء، لكن من غير المسموح أن تنأى عن هموم شعبها». كما تخلل الاعتصام تعرض أحمد شعيب لحالة اغماء، وهو الذي أصيب منذ سنوات، بتشوهات جسيمة في وجهه وجسده، بعدما صعقه التيار الكهربائي، أثناء ممارسة عمله في الجنوب. وكان شعيب قد أوضح لـ«السفير» في الساعات الأولى من الاعتصام، أن «تصعيد تحركنا إلى اعتصام مركزي جاء، بعد تمسك باسيل بمشروعه، القاضي بتثبيت حوالي 700 عامل من أصل 2500 في ملاك المؤسسة ضمن مباراة محصورة»، سائلا: «لماذا يتدخل باسيل في القضية، وكأن المعركة معركته... هو وزير وصاية على المؤسسة فليُترك القيمون عليها أن يحددوا فعليا ماذا يريدون»، مضيفا «لم نعد نفهم لماذا هذا الإصرار في الدفاع عن شركات مقدمي الخدمات (sp)؟». أما بلال باجوق (أحد الناشطين في الاعتصام) فأشار لـ«السفير» إلى أن «المشروع الذي تناقشه لجنة الإدارة والعدل، كان يواجه بعض الثغرات، وهدف اجتماع أمس، كما أبلغنا صباحا، الخروج بمشروع جديد وفق صيغة مقبولة لجميع الأطراف، وذلك بعد ملاحظة النقاط المشتركة بين مشروع النواب المرسل من لجنة الأشغال العامة والطاقة بعد موافقتها عليه، ومشروع باسيل، لكن فوجئنا بموقف الأخير، ولا سيما رفضه مشاركة وفد العمّال في الجلسة». وفيما دعا باسيل إلى إجراء مناظرة تلفزيونية مع العمّال، حذّر من أن «الأمور قد تأخذ منحى تصعيديا جديدا». وختم قائلا: «إلى أين ستصل القضية... الله أعلم». وعلى الرغم من حدوث تباينات في وجهات النظر بين العمّال، خصوصا حول قرار التصعيد، إلا أنهم أكدوا جميعا التفافهم وتأييدهم لما تقرره «لجنة المتابعة»، مطالبين في الوقت نفسه، أن «تكون حاسمة وحازمة خلال مفاوضاتها مع المعنيين، لأن مطالبنا محقّة، وبات لزاما انتزاعها».
اقفال الأبواب... ومنع الشركات
وبينما يبقى الاعتصام في بيروت والمناطق مفتوحا، أحكم العمّال أمس، اقفال أبواب مقر المؤسسة في بيروت وفي الدوائر، مانعين الدخول إليها، مؤكدين في الوقت نفسه، أنهم «سيمنعون الشركات من القيام بأعمال الخدمات في المؤسسة». إذ من المقرر وفق العقد الموقع مع الوزارة، أن تستلم مهامها رسميا، خلال الأسابيع القليلة المقبلة. في المقابل، وبعد انتهاء جلسة «لجنة الإدارة والعدل»، أكد باسيل على مضمون ما قاله في مؤتمره الصحافي أخيرا، معتبرا أن «الموضوع لا يجب حصره بدخول وفد من العمّال إلى الجلسة»، مضيفا «لا مانع من تثبيت بعض الأجراء والمياومين، شرط أن يكون ذلك ضمن السياق القانوني وحاجة المؤسسة، وضمن مباراة، لأنه لا يمكن تثبيت الجميع»، وعاد للتأكيد أن «هذه الحكومة هي أول من أوجد حلا لهم، عبر انتقال جزء منهم للعمل في الشركات وفق عقود وضمانات، وجزء آخر عبر التثبيت في ملاك المؤسسة». وإذ أكد مجددا حاجة المؤسسة لهؤلاء العمّال، وأنه لن يترك أحدا منهم من دون عمل إلا من لا يريد ذلك، رفض «فرض الأمور من خارج القانون وحاجات المؤسسة». وألمح إلى وجود عوامل سياسية أخرى دخلت إلى القضية، بهدف زعزعة الاستقرار وافتعال شائعات ومشاكل». من جهته، أوضح رئيس «لجنة الإدارة والعدل» النائب روبير غانم أن «الجلسة تخللها الاستماع إلى شروحات وزير الطاقة حول المشروع المقدم منه، وتبين أن الهوة بين مطالب العمّال المعتصمين في المؤسسة ومشروع وزير الطاقة ليست بعيدة». أضاف ان «لجان المجلس، ومنها لجنة الإدارة لا تقبل التشريع تحت الضغط، خصوصا أن بعض هؤلاء المياومين يذهبون أكثر من اللزوم، ويقفلون المؤسسة، ويهددون الموظفين، حسب ما قال وزير الطاقة، فالموضوع هو المباراة المحصورة، ومن يقدم إلى المباراة يقدم ضمن مهنته، خصوصا هناك قسم تجاوز عمره 53 سنة». أما بخصوص عدم قبول باسيل مشاركة العمّال في اللجنة، فقال غانم: «لقد دخلوا، واستمعنا إليهم وتباحثنا معهم». كامل صالح