اخبار متفرقة > الهيئات الاقتصادية» تحشد في وجه السياسيين دفاعاً عن الاقتصاد المهدّد
دعوة للذهاب إلى الحوار ونقل المجتمع من ضفة اليأس إلى الأمل
كتب عدنان حمدان في جريدة السفير بتاريخ 5-6-2012
التقت «الهيئات الاقتصادية» بمجمل تلاوينها السياسية وقطاعاتها، بعد ظهر أمس، في فندق فينيسيا، لتطلق صرخة واحدة «كي يبقى لنا اقتصاد». وأكثر من ذلك «كي يبقى لنا وطن» وكانت الانتقادات ذات النبرة العالية ضد السياسيين، الذين «يصمون آذانهم عن وجع الناس»، والحكومة التي «تفرض الضرائب من جهة، وتمد يدها على جيوب الناس، من جهة أخرى». وكان تأكيد على ان القرارات ستكون في عهدة رئيس الجمهورية ميشال سليمان اليوم، فيما اكد رئيس «اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان»، محمد شقير لـ«السفير» لدى الانتهاء من اللقاء، ان الهيئات ستعقد اجتماعا سريعا لاتخاذ خطوات تنفيذية لما بعد اللقاء. الحضور كان كثيفا في قاعة اللقاء، ومن جميع القطاعات الاقتصادية، من الصناعيين، التجار، العاملين في السياحة، ومن رؤساء الغرف في المناطق، من صيدا وطرابلس وزحلة. كانت الأحداث الامنية المتنقلة والمناكفات السياسية لسان حال الجميع، حيث اكدوا ان الاستقرار السياسي والامني هو ما يريح البلد، لا التصريحات والتصريحات المضادة التي هجرت في السابق العمال المهرة، واليوم تؤدي الى هجرة اصحاب العمل. هذا المناخ العام دعا رئيس «الهيئات الاقتصادية» عدنان القصار الى القول: «إننا لا نلمس، مع الأسف، ما يمكن الركون اليه بأن القوى السياسية المختلفة على دراية بالمخاطر التي قد تنجم عن استمرار اجواء التوتر السياسي والامني، أكان على المستوى الوطني ام على المستويين الاقتصادي والاجتماعي». أضاف «ومع ايماننا العميق بقدرة الاقتصاد اللبناني على التكيف مع الازمات والصدمات السياسية والامنية، لا يسعنا الا التأكيد ان هذه المقولة لم تعد كافية لدرء المخاطر الاقتصادية والمالية والامنية والاجتماعية التي تنتظرنا اذا لم نتوقف عن إهدار فرص النمو والتنمية والازدهار».
صورة سوداوية
أما شقير فرسم صورة سوداوية من خلال كلمته التي شدد فيها على ان «البلد مش ماشي» وان «البلاد سائرة بخطى ثابته باتجاه الإفلاس، وعندها نقول للسياسيين من يريد ان يحكم بلداً مفلساً؟ ومن يريد ان يكسب انتخابات، الناخبون فيها فقراء؟ لماذا تأخذون الشعب اللبناني باتجاه العوز والفقر»؟ كذلك وصف اللقاء بأنه «بداية لحملة مستمرة لأن البلد على شفير افلاس». ولم يشأ رئيس «جمعية المصارف» د. جوزف طربيه تعداد حقوق «الهيئات الاقتصادية» على الدولة، بل «لنقول كفى غياباً للدولة، وإننا سنحمي اقتصادنا من ان يستمر في الانزلاق الى الركود وسنحول دون اخذنا من قبل اهل السياسة، الى موقف تزيد فيه الاوضاع تفاقما والركود تعمقا. لقد اعطينا الدولة فسحة وقت كافية لمعالجة المشكلات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الناشئة عن فترة الحرب، والمشكلات المستجدة او المستمرة بعد ذلك، ان فسحة الزمن التي اعطيت للانقاذ بدأت تضيق، ونحن نرى تبديداً للوقت وللجهد في وقت تزداد فيه التحديات التي تواجه لبنان واقتصاده. لا يمكن ان نبقى ساكتين تجاه السياسات الخاطئة او حتى انعدام السياسات التي بنتيجتها يتدهور الاقتصاد ويتراجع النمو وتزداد البطالة».
أسباب اللقاء
اما رئيس «جمعية الصناعيين» فعدد اسباب اللقاء «لاننا بحاجة الى نموذج اقتصادي اجتماعي يحمي الفرد، ولان الشلل العام قضى على الاخضر وهو في طريقه لالتهام ما تبقى من يباس». وتساءل كيف يكون ذلك مع غياب بيئة اقتصادية مناسبة لاستقطاب الاستثمارات الجديدة وتفعيل الشراكة مع الانتشار اللبناني، كيف يكون ذلك ومشروع التشركة بين القطاعين العام والخاص لا يزال عالقاً. كيف يكون ذلك ولا نتفق على تنفيذ خطة واضحة لإصلاح «صندوق الضمان» ولا على تحفيز القطاعات المنتجة. وخاطب السياسيين بالقول: انتجوا منظومة متكاملة اجتماعية واقتصادية وسياسية حرة غير مرتهنة». استحضر رئيس «اتحاد نقابات السياحة» في لبنان بيار الاشقر، مقولة جبران خليل جبران «ويل لأمة لا ترفع صوتها إلا إذا مشت بجنازة، ولا تثور إلا وعنقها بين السيف والنطع»، مشدداً على الاستقرار، الذي في ظله تنمو السياحة. وتطرق الى ولادة الحكومة «بعد إسقاط حكومة يقال إنها كانت حكومة وفاق وطني، تلك الحكومة ادت الى نمو تجاوز الثمانية في المئة»، اما «الحكومة الحالية فبدأت مسيرتها بخلافات وتباينات واتهامات وصراعات، على ملف الكهرباء، الاجور، على تمويل المحكمة، ومن ثم تمديد المحكمة وعلى التعيينات القضائية، على الوضع الامني وأمن الحدود، على الموازنة وزيادة الضرائب». أضاف «اما في الخارج، فالغرب متآمر على لبنان وشعب لبنـان، تباين وصراع مع دول الخليج العربي، تباين وصراع مع الجامعة العربية حتى سقطت مقولة شكراً قطر». وطالب الاشقر اخيرا بالامن والاستقرار.
رسائل محلية وعربية
رئيس «جمعية تجار بيروت» نقولا شماس، رأى ان «مقر الجمعية تحول الى حائط مبكى منذ ستة اشهر، تجري فيه حسابات الاضرار». وأصدر مضبطة اتهام وأرسل عدة رسائل، فقال إن ما حصل على صعيد دول الخليج العربي ليس سوى حكم اعدام لاقتصاد لبنان، نتمنى اعادة النظر بقرارات منع الرعايا العرب من القدوم الى لبنان. على صعيد المغتربين، قال ان اغترابهم يرتب عليهم مسؤوليات خاصة تدعوهم الى الوقوف بجانبنا. وللبنانيين المقيمين اقول الوجع ومعاناة الجميع سمة المرحلة. ووجه مضبطة اتهامية للسياسيين ابتداء من عدم الحفاظ على الاستقرار الى التلكؤ في تشكيل المجلس السياسي الاقتصادي والاجتماعي.
البيان الختامي ـ المقررات
أذاع رئيس «الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز» شارل عربيد البيان الختامي ـ المقررات وجاء فيها: «ان الهيئات الاقتصادية التي يؤلمها ان يصل الاقتصاد اللبناني الى ما وصل اليه من تراجع في العديد من قطاعاته، بلغ حد الجمود، وفق المؤشرات التي تستمر بالانحدار. ونظراً إلى الانعكاسات السلبية على مجمل الاوضاع الحياتية والمعيشية، بما ينذر بتفاقم البطالة والهجرة. وانطلاقاً من واجباتها ومسؤولياتها الوطنية في هذه الظروف المصيرية، فإنها تداعت الى عقد هذا اللقاء ليكون بمثابة اطلاق صرخة وجع من كل ما يجري، وتحذير الفرقاء السياسيين كافة، كي يتلاقوا على ما فيه مصلحة الوطن ولبناء ارادة وطنية جامعة، وان يضعوا مصلحة لبنان ومجتمعه فوق اي مصلحة اخرى. وانطلاقا» من كل ذلك: ـ تدعو «الهيئات الاقتصادية» المسؤولين السياسيين الى ضرورة التحلي بأقصى درجات المسؤولية والوعي والسعي الحثيث لتوحيد اللبنانيين حول رؤى مشتركة. وهي ترى أن ذلك لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تغيير الخطاب السياسي الذي يتحمل استمراره المسؤولية الكبرى عن كل ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية . ـ تحذر «الهيئات الاقتصادية» من المخاطر التي تهدد الواقع الاقتصادي برمته وليس موسم الاصطياف فحسب، إضافة إلى تبديد آمال المغتربين بزيارة الوطن. ـ تدعو الهيئات الاقتصادية جميع الفرقاء للذهاب الى الحوار لتحييد الاقتصاد عن التجاذبات ولفصل السياسة عن لقمة العيش. وترى في ضرورة نجاح هذا الحوار السبيل الوحيد إلى تنفيس الاحتقان في الشارع ونزع فتائل التوتير بين اللبنانيين والتأسيس لمرحلة جديدة تنقل المجتمع من ضفة اليأس الى ضفة الأمل. ـ تتطلع «الهيئات الاقتصادية» الى استعادة الهدوء والاستقرار والأمن ومناخ الوئام لتحصين الوضع الداخلي، فمن حق اللبنانيين السعي لحياة أفضل وتحقيق آمالهم من دون خوف ومن دون منّة. ـ تأمل «الهيئات الاقتصادية»، عبر تحركها هذا، وضع المسؤولين امام واجبهم بالعمل على إحداث صدمة إيجابية للحد من حالة التدهور المستمرولتراجع الثقة من أجل استعادة المناعة التي ميزّت الاقتصاد اللبناني. ـ تذكّر «الهيئات الاقتصادية»، انطلاقاً من مسؤوليتها وحسها الوطني ووعيها لحجم الضغوط المعيشية والاجتماعية، بأن الاقتصاد هو ملك الجميع وهي معنية بمشاعر الإحباط واليأس التي يشعر بها المجتمع اللبناني نتيجة الركود والأكلاف المرهقة وانسداد الشرايين التي تضخ الأمل والحيوية. ـ تطالب الهيئات الاقتصادية بالعمل على انتاج «عقد اجتماعي جديد» يوحّد الاهداف ويعزز الانتاجية والقدرة التنافسية ويحقق العدالة الاجتماعية. وتكرر الهيئات مطالباتها السابقة بضرورة الإسراع في إعادة إحياء وتفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والعمل سريعاً لتشكيل هيئته العامة حيث يكون المجلس المكان الطبيعي للحوار الاقتصادي والاجتماعي. ـ ترى «الهيئات الاقتصادية» أن زيادة العبء الضرائبي على المؤسسات والأُسر في جو من التردّي الاقتصادي والاحتقان المعيشي تجافي المبادئ الاجتماعية والاقتصادية، حيث أن من شأنها تقويض المداخيل وتذويب القدرات الشرائية والتنافسية. وعليه يترتب على الحكومة أن تستنبط في قانون الموازنة العتيد معادلة مالية تراعي الواقع الإنتاجي والحياتي المأزوم، فتعوّل على تحفيز النمو ووقف الهدر وعصر النفقات، وتبتعد عن فرض أية اقتطاعات ضريبية إضافية على المواطنين. ـ تدعو «الهيئات الاقتصادية» إلى البدء فوراً بمسيرة الإصلاحات الجذرية في القطاعات التي تلقي عبئاً على الاقتصاد اللبناني والمالية العامة ولا سيما في مجال الطاقة وسائر البنى التحتية. ـ تؤكد «الهيئات الاقتصادية» ان وسائل الإعلام هي شريك اساسي في تطوير ثقافة الاعتدال والحوار من خلال عملها المهني المميز، لبنانياً وعربياً ودولياً. ـ وفي الختام، تؤكد «الهيئات الاقتصادية» إيمانها بقدرة اللبنانيين على العمل سوياً لتخطي المصاعب والمحن وتجدد نداءها: كي يبقى لنا اقتصاد. تعالوا نلتقي ونتحاور لنعيد الثقة، فلا اقتصاد من دون ثقة، ولا اقتصاد من دون استقرار. معاً ننتج، نتقدم، نزدهر، نفرح، ونعيش».