لقاء مشترك اقتصادي نقابي عمالي في مقر الاتحاد: أي تلكؤ في اتخاذ التدابيرالمعلنة سيؤدي إلى ضياع الوطن شقير: نحن أم الصبي القصيفي: لتصور إنقاذي موحد الوفاء :29-10-2021 صدر عن اللقاء المشترك بين الهيئات الاقتصادية ونقابات المهن الحرة والاتحاد العمالي العام وهيئة التنسيق النقابية، الذي عقد في مقر الاتحاد العمالي تحت عنوان: "لقاء قوى الإنتاج ضمانة وطنية واقتصادية واجتماعية. الإنقاذ مسؤوليتنا"، وجاء فيه: "تحت هذا العنوان عقد الاجتماع الموسع لقوى الإنتاج عند ظهر اليوم الخميس في 28/10/2021 في مقر الاتحاد العمالي العام - كورنيش النهر، في حضور مختلف القطاعات وتحدث فيه كل من : محمد شقير (رئيس الهيئات الاقتصادية)، بشارة الأسمر (رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان،. جوزيف القصيفي (نقيب محرري الصحافة اللبنانية)، البروفيسور شرف أبو شرف (نقيب الأطباء في بيروت) نزيه جباوي (هيئة التنسيق النقابية) غسان الأمين (نقيب الصيادلة). وبعد الكلمات والمناقشات التي شارك فيها كلٌ من السادة المذكورين أعلاه صدر عن المجتمعين البيان الآتي:
أولا:إن المجتمعين اليوم في مقر الاتحاد العمالي العام يجددون إطلاق الصرخة الوطنية ومن مختلف مجالات العمل والحياة بدعوتهم جميع أطراف السلطة وخصوصا الحكومة اللبنانية للتدخل ومواجهة الانهيار الذي يضرب الوطن بكافة مؤسساته وفئاته من عمالية وصناعية وتجارية وصحية وتربوية وقطاع النقل والمواد الغذائية والكهرباء والمياه وسواها من أسباب وشروط الحياة.
ثانيا: يشدد المجتمعون على استمرار الحوار وتطويره سواء بينهم أو مع الحكومة اللبنانية ومؤسسات السلطة الشرعية والقوى والأحزاب والهيئات الاجتماعية. ذلك أن المسؤولية تحتاج الى جهود الجميع وعلى رأسهم السلطات التنفيذية والتشريعية.
ثالثا: يشدد المجتمعون على ضرورة وأهمية الإسراع في تطبيق خطة النقل الوطني العام ووضع خطط للسياسات الصحية والتربوية والأجور وملحقاتها وكذلك التعويضات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومعاشات المتعاقدين والمتقاعدين ومختلف الفئات الاجتماعية والعسكرية والتي تقع تحت تسميات مختلفة.
رابعا: يدعو المجتمعون إلى التشارك مع باقي هيئات المجتمع لطرح خطة إنقاذ وطني تضع حد لهذا الانهيار المتمادي وخصوصا في مسألة استعادة أموال المودعين وتثبيت سعر الصرف ووضع حد للفساد وتفعيل القضاء وتأمين الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية وتحميل الذين استفادوا قبل وقوع الأزمة القسط الأكبر من حصتهم في تحمل نتائجها.
خامسا: يتساءل المجتمعون عن مصير وحجم وطبيعة البطاقة التمويلية الموعودة في ظل استمرار الانهيار المالي والنقدي والاقتصادي ويطالبون بإقرارها وتنفيذها فورا.
سادسا: يؤكد المجتمعون أهمية وضرورة وضع سياسة دوائية تقوم على إنشاء الهيئة الناظمة للدواء وإعادة الاعتبار للمختبر المركزي ودوره وتشجيع الصناعات الدوائية المحلية واستيراد دواء "الجنريك" ودخول الدولة مباشرة في استيراد الدواء وتسعيره وتوزيعه وكذلك الأمر في قطاع المحروقات وتفعيل مراقبة الأسعار.
أخيرا يعتبر المشاركون في هذا اللقاء أن أي تلكؤ في اتخاذ التدابير الأساسية المدرجة أعلاه سيؤدي إلى ضياع الوطن بعد ضياع الاقتصاد ومقدرات البلاد والمواطنين ويعلنون عن استمرار الحوار والإبقاء على اجتماعاتهم مفتوحة لمنع تحول لبنان الى بلد كهل ولوقف ظاهرة التهجير والهجرة الجماعية للجامعيين.
وقد شارك في اللقاء بالإضافة إلى رئيس وأعضاء قيادة الاتحاد العمالي العام في لبنان كل من السادة: - رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير محمد شقير. - نقيب الصحافة الأستاذ عوني الكعكي. - أمين عام الهيئات الاقتصادية السيد نقولا شماس. - نقيب المحررين الأستاذ جوزيف القصيفي. - نقيب الأطباء في بيروت البروفيسور شرف أبو شرف. - نقيب أطباء الشمال الدكتور سليم أبي صالح. - نائب رئيس مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي السيد غازي يحيى. - رئيس نقابة أصحاب المستشفيات الأستاذ سليمان هارون. - نقيب الصيادلة الدكتور غسان الأمين. - رئيس غرفة التجارة والصناعة في الشمال السيد توفيق دبوسي. - نقيب المحامين في الشمال الأستاذ محمد المراد. - نقيب المهندسين في الشمال المهندس بهاء حرب. - رئيس هيئة التنسيق النقابية الأستاذ نزيه جباوي. - نقيب أصحاب الأفران في الشمال السيد طارق المير. - رئيس نقابة أصحاب السوبر ماركت السيد نبيل فهد. - نائب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين جورج نصراوي. - رئيس تجمع تجار الشمال السيد أسعد الحريري. - نقيب أطباء الأسنان في بيروت الدكتور روجيه ربيز. - نقيبة أطباء الأسنان في الشمال الدكتورة رلى ديب. -نقيبة الممرضات والممرضين السيدة ريما قازان. - نقيب المعالجين الفيزيائيين السيد إيلي قويق. - رئيس جمعية الضرائب اللبنانية السيد هشام مكمل. - نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين السيد وليد موسى. - نقيب خبراء المحاسبة السيد سركيس صقر. - وفد من المتقاعدين العسكريين برئاسة عماد عواضة.
شقير وقال رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير في خلال اللقاء: "مرة جديدة، نلتقي هنا في مقر الإتحاد العمالي العام لنعبر عن حالة التضامن الكاملة تجاه ما يمر فيه البلد من مآس، وتداعياتها الكارثية على شركاء الانتاج، أصحاب عمل وعمال. فعلى الرغم من الإختلاف حول بعض الأفكار بيننا وبين الإتحاد العمالي، إلا أننا رسخنا ثقافة التواصل والحوار لحل القضايا العالقة. وهذا ما نفعله في هذه اللحظة المفصلية، تعبيرا عن مسؤولية وطنية خالصة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
نعم، هذا الطريق القويم، كنا نتمنى أن يسبقنا اليه من هم في السلطة لإنقاذ لبنان وحمايته من السقوط. لكن ماذا نرى؟ . بكل تأكيد لا شيء سوى عدم المسؤولية ونقص في الوطنية، والإستمرار في تصفية الحسابات السياسية حتى آخر نفس، التي أوصلتنا الى هذا الحضيض، وعلى سبيل المثال: كنا نتأمل كثيرا بؤتمر سيدر لإنقاذ لبنان، وفجأة حضر تعطيل حكومة الرئيس سعد الحريري واستنزِف البلد. كنا نتأمل بخطة إنقاذ اقتصادية ومالية مع حكومة الرئيس حسان دياب، وفجأة تغير المسار وتم إتخاذ قرار الإمتناع عن دفع سندات اليوروبوند ووقع لبنان في المحظور.. وبعدها إنفجار مرفأ بيروت المأسوي، ثم أكثر من سنة فراغ حكومي وتعطيل.
الآن،المشهد يتكرر مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. تعطيل ومناكفات وتصفية حسابات، أي ضرب وتعطيل أي جهد إنقاذي. ما أريد أن أقوله، وكما هو واضح، أن أهل السلطة آخر همهم تكسير البلد والإقتصاد وتفقير الناس وتجويعهم ووضع جميع اللبنانيين من دون إستثناء في جهنم، المهم لديهم الكرسي.
لذلك، يبقى الرهان على قوى الإنتاج، القوى الحية المدافعة الحقيقية عن وجود لبنان، والقادرة على إنقاذ البلد وأخذه الى شاطئ الأمان. لذلك أقول: إن تكرار هذه الصورة الجامعة لقوى الإنتاج في الإتحاد العمالي العام، هي مدعاة فخر، ويجب ان تكون مثالا يحتذى به لمن هم في السلطة، لتغليب العقل والمنطق والتواصل والحوار في القضايا الوطنية خصوصا في مثل أزماتنا الوجودية.
أضاف شقير :" بكل تأكيد نحن أم الصبي.. فالعمال عمالنا، هم أبناؤنا وماضينا وحاضرنا ومستقبلنا.. فلا مؤسسات من دون عمال، ولا عمال من دون مؤسسات.
حقيقةً إن الهيئات الاقتصادية في كل إجتماعاتها، كانت تواجه هَمَّين أساسيين.. الأول الحفاظ على ما تبقى من مؤسسات بعد إخراج الآلاف منها من السوق بفعل الإقفال والهجرة.. والهم الثاني، تحسين الوضع المعيشي للعمال والموظفين لتمكينهم من تدبير أمورهم الحياتية والمعيشية.
فعلا، إننا نتحرك ونزين الأمور بميزان الذهب، فلا يمكن ترك العمال من دون تحسين أوضاعهم المعيشية، وكذلك لا يمكن أن تكون هذه العطاءات غير مدروسة وشعبوية، لأنها ستؤدي الى إقفال آلاف المؤسسات وتشريد عشرات آلاف العمال. مما لا شك فيه، ان كل ما نقوم به يعتبر تدابير مرحلية لتمرير هذه الفترة الصعبة الى حين الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، الذي من شأنه وضع البلد على سكة التعافي ولجم سعر صرف الدولار وفتح المجال لبناء سياسات إقتصادية وإجتماعية مستدامة.
وتابع شقير:"ما حك جلدك مثل ظفرك، وعلى هذا الأساس، فإن الهيئات الاقتصادية تتواصل منذ أشهر مع قيادة الاتحاد العمالي.. وكما إتخذنا في السابق مبادرات وطنية وإقتصادية وإجتماعية، اليوم كذلك، سنأخذ المبادرة تحسسا بالوضع الإجتماعي المزري والمعاناة المعيشية لشريحة كبيرة من العمال والموظفين نتيجة تآكل القدرة الشرائية لرواتبهم جراء إنهيار العملة الوطنية.
لذلك أغتنم المناسبة اليوم، لأعلن أمام الرأي العام اللبناني أننا إقتربنا كثيرا من الإتفاق على مبادرة لتدعيم القدرة الشرائية للعاملين في القطاع الخاص، عبر زيادة بدل النقل وزيادة المنح التعليمية وإعطاء مساعدات إجتماعية. أيضا نعمل بقوة للحفاظ على قيمة تعويضات نهاية الخدمة للمضمونين عبر تأمين التمويل لسد الفجوة المالية الناتجة عن إنهيار العملة الوطنية، وقد إستجاب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لمطلبنا بوضع هذا الموضوع كبند أساسي في جدول مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، لتكون إحدى المؤسستين ضامنة لهذه التعويضات. يبقى أن أقول للقوى السياسية، إرحموا من في الارض يرحمكم من في السماء".
وختم شقير:"البلد لا يمكن أن يكمل على هذا الشكل. الكيان على شفير السقوط، لبنان مهدد بالتفكك، ما تبقى من مؤسسات لن يصمد.. وما أنجزناه اليوم سيصبح من سابع المستحيلات في الغد القريب. اللهم إني بلغت".
القصيفي وألقى نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي، كلمة قال فيها: "لم يعد هناك ما نقوله في توصيف الحال التي يرسف لبنان في قيودها. لم يعد يجدي الكلام أمام هذا المشهد المتهالك على كل صعيد. حتى أن العقول اجدبت، وباتت غير قادرة على اجتراح الحلول. والخلافات السياسية ذات الأبعاد الطائفية والمذهبية شلت القدرة على القيام بتحرك فاعل وجاد، لكسر هذه الحلقة الجهنمية التي تشد على عنق لبنان". أضاف:"الكل مسؤول وإن تفاوتت درجة المسؤولية، لكن في نهاية المطاف علينا أن نتلقف كرة النار ونتصدى معا للتحديات. قبل أن ندخل في دوامة من الإجراءات المرهمية ألموقتة، المؤدية إلى المزيد من التضخم وانهيار إضافي لعملتنا الوطنية التي أصبحت في حاجة الى إنقاذ سريع من خلال اتخاذ الاجراءات الكفيلة بخفض سعر صرف الدولار، لأن إرتفاعه هو الذي يلهب الاسواق ويرفع منسوب الفقر. علينا أن ننتقل إلى الاقتصاد المنتج وعدم التساهل مطلقا مع الدعوات التي تحث على إلغاء الحماية الاجتماعية للمواطنين".
وتابع: "لقد انتهى زمن الاقتصاد الريعي، ولم يعد القطاع المصرفي زينة لبنان وحليته بعد الذي حل بودائع المواطنين التي هربت او احتجزت، وتتعرض اليوم لعملية " حلق على الناشف" عبر "الهير كات" المقنع، وتدابير مريبة من خلال تعاميم وقرارات تطاول المدخرات، وتقضي على كل أمل باسترجاعها.
حرام والف حرام ان يستعطي لبنان الدول الخارجية، وهو الذي كان الأكثر غنى وبحبوحة، ويعرض اقتصاده ومستقبله لاملاءات مذلة.وذلك في ظل خدر اصاب الشعب المنشغل بخلافات السياسيين وتجاذباتهم".
وقال :"نحن مسؤولون جميعا عن مصير وطننا، لنمنع افراغه من طاقاته الشابة والحية، وتهجيرها إلى ديار الله الواسعة، وندرأ عنه غائلة الجوع الماحق الذي يزحف اليه بخطى حثيثة، ونحول دون افلاسه التام، وإذا فشلنا لا قدر الله، فإننا لن نقع الا على فتات وطن، بعدما أصبح الحزب الاقوى فيه هو " حزب ما تحت خط الفقر". علينا أن نتحرك بحزم، وثبات ووعي، لنضع الأمور في نصابها، من أجل استعادة لبنان إلى ابنائه، وحمل هؤلاء على استعادة الإيمان به ، اذا راح الوطن ما في وطن غيرو، فحذار".
وختم القصيفي: "ما من قطاع الا تصدع، وما من مهنة الا أصيبت في الصميم، وتساوى الجميع بالانهيار، ما يحتم علينا تكثيف الاتصالات وتعميق الحوار، والسعي إلى قيام هيئة طوارئ تجمع الاتحاد العمالي العام، المجلس الاقتصادي - الاجتماعي، نقابات المهن احرة،هيئة التنسيق النقابية ، للاتفاق على تصور إنقاذي موحد، ودفع كل القوى السياسية على تبنيه واقراره ليشكل خارطة طريق لانتشال لبنان من ازماته المالية والاقتصادية والاجتماعية". الأسمر أما رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان الدكتور بشارة الأسمر، فقال: "إن رفع الدعم بدون خطة بديلة هو الكارثة بعينها وأدى الى فقر وجوع وغليان مجتمعي، ومواجهة رفع الدعم يجب أن يكون بتأمين ما يلي: 1- البطاقة التمويلية والبطاقة الاستشفائية. 2- خطة للنقل العام متزاوجة مع خطة السائقين العموميين المنوي تنفيذها. 3- زيادة الأجور وملحقاته، وقد باشرنا حوارا مع المسؤولين في الحكومة ومع الهيئات الاقتصادية أدت الى نتائج مباشرة أعلنت بالأمس بعد انعقاد لجنة المؤشر برئاسة وزير العمل القاضي مصطفى بيرم. 4- تعزيز المدرسة والجامعة الرسمية. 5- دعم الصناديق الضامنة (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة). 6- دعم الدواء وفتح باب الاستيراد للدواء وللمشتقات النفطية والسلع الأساسية ودخول الدولة على قطاع الاستيراد". أضاف: "كما تعهد رئيس الحكومة أمام الجهات المانحة بجدولة وإعادة ديون حاملي سندات اليوروبوند في الخارج، على رئيس الحكومة أن يتعهد أيضا بإعادة أموال المودعين وجنى أعمارهم". ورأى أن "أي زيادات لا تقترن بوجود استقرار نقدي وتحديد سعر صرف الدولار الأميركي والضرب بيد من حديد للمحتركين وأصحاب المنصات والمتلاعبين بأسعار الدولار والوقود والدواء والمواد التمويلية لن يؤدي الى شيء وستزول مع الانهيار الاقتصادي المتواصل". وخلص الى أن "المجتمعين اليوم هم نواة الحوار والتفاهم والتفاعل مع الحكومة لإنتاج حد أدنى من العيش اللائق لحوالي مليون عامل، وأي تلكؤ في المسؤولية يتجه بلبنان الى أن يصبح بلدا كهلا يسكنه كبار السن مع ازدياد موجات الهجرة للجامعيين وأصحاب الكفاءات واليد العاملة الفنية والرساميل". وأكد أن "تحسين الأجور ومكافحة الصرف وتوفير اليد العاملية اللبنانية مكان اليد العاملة الأجنبية والتشبث بلبنان والتضحية من أجله هي ممر أكيد نحو عقد اجتماعي جديد يجب الشروع بتنفيذه مع الهيئات الاقتصادية ونقابات المهن الحرة وهيئة التنسيق النقابية والاتحاد العمالي العام، عقد قائم على مبدأ التضحية والتعاون من أجل قيامة لبنان الجديد". أبو شرف وألقى أبو شرف كلمة قال فيها: "للمرة الأولى في تاريخ لبنان، نقف نحن اللبنانيين عراة أمام المجتمع الدولي، لا نملك شيئا، كما خلقتنا يا رب. انهيار البلد سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا وأخلاقيا، بات واقعا ملموسا في غياب المرجعيات. الدولة على شفير الإفلاس، والناس على حافة المجاعة. من كان بيدهم السلطة بعد الطائف أوصلونا بجهلهم وفسادهم، وربما عن سابق تصور وتصميم، إلى ما نحن عليه اليوم من فقر وذل وهجرة. وقد شاركنا كلنا بطريقة أو بأخرى في هذه المراحل الصعبة التي نعيشها اليوم". أضاف: "علينا الاعتراف أولا أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع، إن نحن لم نتصارح ونقول ما لنا وما علينا، بحرية وصدق، بأمانة وتجرد وإخلاص، فنفهم مشكلتنا، وإن نحن لزمنا اللف والدوران والتزاكي، من دون الغوص في أعماق مشكلتنا وجوهرها، كنا كالمريض الذي يكتم علته عن طبيبه لتقتله، أو كالطبيب الذي يداوي الدمل بالمراهم والمسكنات ساعة المبضع أجدى وأنفع". وتابع: "في لقاء مع منسق المساعدات الدولية للبنان السفير بيير دوكن، أفادنا أنه نبه والبنك الدولي في تقرير سابق منذ ثلاث سنوات، لما هو متوقع وآت، لكن المسؤولين عندنا لم يتخذوا أي خطوات لتدارك الأمر، يوم كان ذلك ممكنا، وأن لا مساعدات قبل الإصلاحات المطلوبة لاستعادة الحد الأدنى من الثقتين الداخلية والخارجية، فلنعترف أيضا أننا فشلنا في الحفاظ على بلدنا سويسرا الشرق مستشفى الشرق". وأردف: "إن القطاع الطبي، التمريضي والاستشفائي فقد الكثير من كفاءاته، حوالى 2500 طبيب هاجر، خصوصا أصحاب الكفاءات. ووضع الممرضات ليس بأفضل حال. إحدى المؤسسات الاجتماعية التي تعنى بالمعوقين، لديها 33 ممرضة وممرضا، فقدت ثلث عديدها، والحبل عالجرار. وكذلك، في القطاع التربوي والهندسة والمهن الحرة، فكلها مهن إنسانية. في هذه الظروف الصعبة الأليمة التي يجتازها لبنان، علينا التعاون والتصدي للقضايا الأساسية، بدءا بالسيادة والاستقلال". وسأل: "كيف نكون مستقلين، ونحن نبيح للغير التدخل في شؤوننا الداخلية والخارجية؟ كيف نكون أسيادا في دولة باتت على وشك فقدان مقومات الحياة؟ كلي إيمان بلبنان، وبأن وضعنا ما زال قابلا للعلاج إن نحن تفاهمنا كقوى سياسية واجتماعية ونقابية فاعلة على الإصلاح السياسي، الاقتصادي والاجتماعي، إصلاح قائم على العدالة الاجتماعية وإعادة بناء مؤسسات سياسية واقتصادية جديدة قوامها الكفاءات والخبرات والأخلاق، توقف التدهور الحاصل، وتحافظ على بقاء الشعب ومصالحه، وتوفر له العيش اللائق الكريم". وقال: "إن المطلوب منا جميعا من أجل وضع الأسس الصحيحة الثابتة السليمة للنهوض بلبنان: إقرار خطط إصلاحية فورية من قبل أصحاب الكفاءة والاختصاص والأخلاق لتعود الثقة بالدولة، إقرار قوانين مكافحة الفساد، اعتماد اللامركزية الإدارية، التمسك بالدولة المدنية، وتطوير أنظمة الحماية الاجتماعية والرعاية الصحية لتشمل كل المواطنين".
وطالب ب"تفعيل القضاء، والعمل الشفاف تحت سقف القانون في جو من الحرية والسيادة والاحترام المتبادل والعدالة الاجتماعية"، وقال: "إن المطلوب أيضا مساهمة ملموسة من أكثر المستفيدين في المرحلة السابقة بتحمل قسط من الخسائر بعدالة وإنصاف". أضاف: "بالعمل سويا نحن قادرون على النهوض ببلدنا واجتراح حلول سريعة وأخرى متوسطة وبعيدة المدى، فلبنان خير موطن في هذا الشرق يتسع للفكر الحر والإنسان المميز، مميز الطابع والشخصية، منفتح على العالم، ناذرا وجوده للحق والحرية، بعيدا عن العنف والقوة، في ظل ديموقراطية صحيحة وعدالة اجتماعية".
وختم: "علينا أن نصون لبنان وأن نكون أمناء على قيمه وتراثه وارضه وتاريخه، وأن نوقف الهجرة، فتعود للبلاد عقولها المبدعة وسواعدها البناءة، عناصر بقائها وازدهارها، وأن نحافظ على دورنا الطليعي، وأن نتبارى في احترام القانون، ونمنع الأيادي العابثة بسلامة وازدهار هذا البلد، فنؤدي الواجب ونتمم الرسالة، ويبقى لبنان العزة والكرامة والبقاء، وما استعصى على قوم منال إذا جعلوا له الإقدام بابا وما نيل المطالب بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا غلابا". |