العمّال يصعّدون من بكفيا.. وهيئات اجتماعية تتبرع لإفطارهم
كتب كامل صالح في جريدة السفير بتاريخ 25-7-2012
يكرر وزير العمل سليم جريصاتي عبارة "أنا متفائل" ثلاث مرات، بما يتعلق بحل ملف المياومين وجباة الاكراء في "مؤسسة كهرباء لبنان"، الذين يواصلون اعتصامهم منذ 84 يوما، مع تصعيد بالتحركات، كان آخرها أمس، أمام دائرة بكفيا، وذلك احتجاجا على عدم تثبيتهم في ملاك المؤسسة بداية، ثم لعدم قبضهم رواتبهم منذ أشهر، وللضغوطات التي يتعرضون لها من قبل "شركات مقدمي الخدمات" (sp) للتوقيع على عقود عمل معها، يرون فيها بنودا غير منصفة، ولا تحافظ على ديمومة عملهم. وإذ يتكتم جريصاتي بحرص شديد على ما لديه من معطيات ايجابية، استقاها من خلال متابعته للملف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أخيراً، يؤكد لـ"السفير" أنه "لم يذهب في مهمة وساطة سياسية بين بري ورئيس تكتل الاصلاح والتغيير ميشال عون ووزير الطاقة جبران باسيل، إنما بصفته وزيرا للعمل معنيا بصورة طبيعية في هذا الموضوع من دون تجاوز حيثية وزارة الطاقة". ويلمح إلى وجود ايجابية عالية في موقف بري، وقد ترجمها عبر عدم المصادقة الإدارية على قانون تثبيت المياومين ولم يدفع في هذا الاتجاه، لاحالته على رئيس الجمهورية ميشال سليمان. ويشير إلى "فرضية التوفيق بين مشروع القانون المتعلق بتثبيت المياومين المقدم من مجلس الوزراء واقتراح القانون المقدم من النواب، قائمة بذاتها ومرجحة". وفيما يبدو أن "الوساطات السياسية" لرأب الصدع بين الجهات المعنية، لم يخرج "دخانها الأبيض" حتى الآن، يوضح جريصاتي أنه وقف على احاطة بري لموضوع المياومين، و"تبادلنا الآراء فيما يختص بالحلول التي تندرج ضمن سياق القوانين، وانعكاسات الملف على سائر المياومين في الدولة"، وذلك بهدف فك أسر المؤسسة والمياومين والمواطنين، مضيفا "وجدت لدى بري ايجابية، ترجمتها بعرض واقع الحال، ومن ثم امكانية الخروج من الأزمة، وقد نقلت هذه الصورة". ويستدرك قائلا "لكن وزير العمل ليس من مهامه التدخل كلما اختلف وزير مع جهة في وزارته أو تابعة لصلاحياتها، وانما تدخلت في ملف المياومين بعدما اتسعت مساحة الأزمة والاشكاليات". ويشير إلى أنه بالتزامن مع المساعي التي يبذلها في هذا الإطار، "تتزامن وساطات سياسية رفيعة المستوى، إنما من نوع آخر، بين بري وعون، وقد أعلن عنها". وأصبح جريصاتي في "واقع انتظار خروج الحل السياسي"، ليتمكن من أن يكون مساهما في الحل، عبر استثمار الاتفاق في حل القضية، ووضع الأسس بناء على اجتماع مع ممثلين عن الوزارة والمياومين والجهات المعنية، وصولا إلى حلّ يندرج في الاطار القانوني، والمقبول من الجميع. اعتصام رمزي.. والأب خضرا وصعّد أمس، المياومون من تحركهم احتجاجا على عدم دفع رواتبهم، عبر اعتصام رمزي دعت إليه "لجنة المتابعة للعمّال المياومين وجباة الاكراء" أمام دائرة بكفيا، شارك فيه حوالي 60 عاملة وعاملا من دوائر بكفيا وجونيه وعشقوت وبعبدات، ومندوبون من دوائر جزين وحاصبيا والبترون. وبعدما قطع المعتصمون الطريق عند ساحة بكفيا بالاتجاهين لبضع دقائق، ملوحين بمزيد من التصعيد، توجه وفد منهم للقاء رئيس مؤسسة "لابورا" الأب طوني خضرا، إذ استمع منهم إلى طبيعة عمل عامل المتعهد في "مؤسسة كهرباء لبنان"، ومن هي "شركات مقدمي الخدمات"، والظلم الذي يتعرضون له، مؤكدا وقوفه إلى جانب قضيتهم، ووعد ببحث ملفهم مع الجهات المعنية. وتفيد مصادر لجنة المتابعة ("السفير") أن "الاعتصام مستمر، أما عن الخطوات التصعيدية المقبلة، فهي ستحدد بعد التأكد من موضوع دفع الرواتب، فإذا استمرت المماطلة، سنصعد مجددا، وبشكل مؤلم". على صعيد آخر، وتحسسا مع الوضع المعيشي المتفاقم للمياومين، تحضر أكثر من هيئة اجتماعية، افطارات للصائمين في المؤسسة، خصوصا أن الكثير منهم باتوا في حال يرثى لها. الحوار والتواصل عبر لجنة المتابعة في موازاة اعتصام المياومين في بكفيا، أعلن باسيل عن لقائه أمس، "وفدا من عمّال غب الطلب وجباة الإكراء، في حضور المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك، واستمع إلى هواجسهم، وأعطى أجوبة على استفساراتهم، وسُجل تجاوب عدد كبير منهم على الرغم من الضغوط التي يتعرضون لها". من جهتها، أكدت مصادر لجنة المتابعة لـ"السفير" أن "المعتصمين لا علاقة لهم بالوفد الذي التقى باسيل"، مضيفة "يجوز أن يكون هؤلاء ليسوا من المياومين المعتصمين"، مشددة على أن "أي حوار أو تواصل مع الوزارة يجب أن يتم عبر الممثل الشرعي للمياومين وجباة الاكراء، وهي لجنة المتابعة، وعدا ذلك، لسنا معنيين بالأمر". وأمام ملامح تشي بـ"اقتراب الحل" حسب أجواء المعتصمين في المؤسسة، تؤكد مصادر لجنة المتابعة مجددا أن "المعتصمين لا علاقة لهم بزيادة ساعات التقنين الكهربائي، وليس الموضوع من مسؤوليتهم، بل هو يتعلق بالانتاج". مناطقيا، أفاد مراسل "السفير" شوقي الحاج في البقاع الغربي، أن "المياومين والجباة في دائرة جب جنين وراشيا، أعلنوا الاعتصام العام، وهددوا بخطوات تصعيدية حتى تحقيق مطالبهم المشروعة لاسيما تثبيتهم في الملاك، ودفع رواتبهم المتراكمة، مستغربين سياسة التسويف والمماطلة والاجحاف بحق شريحة أساسية من شرائح المجتمع اللبناني، آملين من الكتل النيابية ومن المجلس النيابي انصافهم لأنهم أصحاب حق، ودفعوا فواتير كبيرة، ومن الغبن أن يكافأوا بهذا الأسلوب الاستفزازي والانتهازي من قبل بعض المسؤولين، لاسيما في وزارة الطاقة". وأصدر أمس، "اتحاد النقابات العمالية للطباعة والاعلام في لبنان" بيانا تضامنيا مع "عمّال الكهرباء وهيئة التنسيق النقابية وعمال سبينيس"، مشيرا إلى أن "مطالب المياومين المحقة في ديمومة العمل والتثبيت وشمولهم بالقوانين اللبنانية، تحولت إلى الاستخدام والأخذ والرد والاستغلال من قبل القوى السياسية داخل الحكومة وخارجها". وأضاف الاتحاد أن "هؤلاء العمال الذين مضى وقت على استخدامهم في المؤسسة، وان كان بذريعة ما يسمى العمل لدى المتعهد، وحرموا خلال هذه الفترة من حقهم في التثبيت، والتسجيل في الضمان، ينصّ قانون العمل والضمان والموجبات والعقود صراحة، حول التبعية وهي متوفرة بشكل كامل، لأن جباية الفواتير ومن ثم تسليم الأموال يتمان تحت إشراف مؤسسة كهرباء لبنان، وجميع التصليحات والأعمال اليومية تتم بناء على توجهات المؤسسة، فمن هذا المنظار ان عنصر التبعية في العمل متوفر، وان المتعهد لا يعدو كونه ناقلا للأموال ويتقاضى عمولة، أما الإشراف والمراقبة فيعودان الى المؤسسة". وأوضح أن "قانون العمل يحدد بشكل صريح العقد المكتوب بسنة واحدة، وإذا جدد يصبح دائما، فاستنادا إلى ذلك، ان مؤسسة كهرباء لبنان والحكومة مطالبتان باحترام القوانين وتثبيت العمال". واستنكر الاتحاد "موقف وزير العمل المعادي للمعلمين، وللموظفين بتذكيره لهم بنص المادة 15 من قانون الموظفين"، معتبرا أنه "بدلا من أن يقوم وزير العمل بتأدية مهامه في فرض تطبيق القوانين وإعطاء العمّال والموظفين حقوقهم المشروعة، يسترسل في مواقفه المعادية لمصالح العمال والموظفين، ويلجأ إلى تهديد المضربين، مخالفا بذلك كل الاتفاقيات الدولية، وشرعة حقوق الإنسان التي وقع عليها لبنان، والتي تكفل حق التعبير والإضراب". كامل صالح
