اخبار متفرقة > قضية تثبيت المياومين والجباة على نار حامية بعد 91 يوماً من الاعتصام:
المفاوضات تتركز حول سلة كاملة تشمل الرواتب والمستحقات وعدد المثبتين
كتب كامل صالح في جريدة السفير بتاريخ 1-8-2012
نشطت الاتصالات السياسية والنقابية أمس، على أكثر من صعيد، لفتح ثغرة في جدار قضية المياومين. وتوضح مصادر مواكبة للملف لـ«السفير» أنه «لا يمكن القول إن الحل أنجز، لكن هناك اتصالات ومشاورات وحوارت جانبية مكثفة على هذا الصعيد»، مؤكدة أن «هناك أكثر من عقدة تتعلق بالشروط، لكن العقدة الأبرز لا تزال في عدد المياومين الذين يحق لهم التثبيت في ملاك مؤسسة كهرباء لبنان». وتستدرك المصادر: «لكن يمكن القول إن الباب فتح على مصراعيه تجاه التفكير الجدي على قاعدة قانون التثبيت». وفي سياق متصل، علمت «السفير» من مصادر مطّلعة على مجريات المفاوضات، أن «وزير الطاقة والمياه جبران باسيل كان مهموماً طيلة جولات التفاوض العديدة بوضع شركات مقدمي الخدمات (sp) والضمانات المطلوبة لموظفيها بعدم التعرض لهم من أجل مباشرتها عملها من دون أي عراقيل»، فضلاً عن «ضرورة التعجيل بعملية استلامها لمهماتها في مؤسسة كهرباء لبنان». وتصف المصادر باسيل بأنه «كان يناقش كمسؤول عن الشركات لا كوزير للطاقة والمياه»، وبأنه ذهب حدّ القول بـ«ضرورة عدم انكسار الشركات أمام عمّال المتعهد وجباة الاكراء بصرف النظر عن الأثمان». ولم يكد حوالي 2500 عامل مياوم وجاب، يتنفسون الصعداء صباحا، بعد الذي سمعوه من وزير الداخلية مروان شربل من قصر بعبدا أن «قضية المياومين في المؤسسة قد حلت نهائيا»، حتى عاد المنسوب إلى طبيعته، بعدما قال وزير الصحة العامة علي حسن خليل قبل دخوله إلى جلسة مجلس الوزراء إن «اتصالات جادة تقترب من الحل في موضوع المياومين»، موضحا أنّ «هناك تقدما كبيرا في ملف المياومين من دون الوصول الى حل شامل». وأمام هذه المستجدات التي طرأت، وفي إطار جولات المفاوضات التي تسارعت وتيرتها أمس، يؤكد وزير الصحة العامة لـ«السفير» أن «المفاوضات الجارية جدية، وثمّة محاولة لبلورة اتفاق كامل حول كل القضايا، أي عبر سلة متكاملة، ومن ضمنها طبعاً قضية الرواتب والمستحقات وعدد من يحق لهم التثبيت». وبرأي خليل «لا حاجة للتسرع في القول إن الاتفاق أنجز. هناك نقاط خلافية لا يزال النقاش يدور حولها، لكننا نقترب من الحل، وثمة صيغ متقدمة عمّا سبق». الحايك: لا نعرف متى التعتيم الشامل ولا يزال رئيس مجلس إدارة «مؤسسة كهرباء لبنان» ومديرها العام كمال الحايك، يلوح بـ«التعتيم الشامل»، بعدما فقدت الإدارة السيطرة، كما يقول، على غرفة التحكم في المقر الرئيس للمؤسسة، مؤكدا أمس، في مؤتمر صحافي عقده في «معمل الذوق الحراري»، «نعم، من الممكن أن يحصل التعتيم.. لكن لا نعرف متى». ويعتبر أن «ما حصل أمس الأول، سابقة خطرة في المؤسسة وفي الإدارة اللبنانية في حد ذاتها»، مضيفاً «اضطررنا قسرا إلى إخلاء المؤسسة، بسبب عدم التمكن من دخولها»، مشيرا إلى أن «هذا لم يحصل في الحرب الأهلية، وفي الاجتياح الإسرائيلي ولا في عدوان تموز 2006». وعرض لمراحل الاعتصام في المؤسسة، معتبرا أنه «عندما تخطى حدوده السلمية، أصبح الوضع مختلف كليا»، وقال: «كنّا السباقين لطرح حلول لموضوع تثبيت عمّال غب الطلب. واليوم أصبح في مجلس النواب وليس في المؤسسة، مشيرا إلى أن «الضغط لا يضرّ القوى السياسية، إنما يضرّ بالمواطن في الدرجة الأولى، ويضر بالمؤسسة تحديدا». وعن مطالب المعتصمين، أكد مجددا أن «إخراج فواتير الجباية من المؤسسة، حصل بناء على قرار صادر عن ديوان المحاسبة، وتم ذلك من قبل قوى الأمن الداخلي وحسب التوقيت المحدد من قبلها، وقد تمت وفقا للأصول والأنظمة المرعية الاجراء. وقد تم تسليمها إلى شركات متعهدي الخدمات». وعن دفع الأجور وانزال الجداول، قال: «إذا استمر الاعتصام 3 سنوات أو 3 أشهر أو ثلاثة أيام، فإن ذلك غير ممكن قانونا، لان العقود انتهت مع متعهدي غب الطلب»، متمنيا إيجاد حل عملي وقانوني للتمكن من إعطائهم حقوقهم ضمن القوانين، مؤكدا أن مجلس الادارة سيطبق أي قانون يصدر عن مجلس النواب في خصوص المياومين. وبعدما ذكّر بما حدث في «غرفة التحكم» التي بلغت كلفة تجهيزها حوالي 40 مليون دولار، في المؤسسة، رأى أن «الأمن القومي يرتبط بها»، مشيرا إلى أن «المؤسسة تعمل حاليا بصورة بدائية عبر غرفة التحكم المؤقتة في الذوق»، وقال: «حدوث مشكلة تقنية مرتفع جدا، وسنبذل جهدا لنحافظ على الاستقرار الكهربائي، على الرغم من الخطورة التي نعمل فيها». ووجه رسائل إلى المياومين والقوى الأمنية والسياسيين والمستخدمين، مناشدا «إبعاد المؤسسة عن التجاذبات السياسية». وتوجه إلى العمّال قائلا: «وقفنا معكم، ونحن اليوم مهجرون في معمل الذوق»، آملا أن «يكون ما هو حاصل مرحلة عابرة، فالمؤسسة حضنتكم ولها مستقبل معكم، وأنتم تشكلون جزءا من مستقبلها». وفيما لوّح باحتمال أخذ قرار بإخلاء المؤسسة من موظفيها بعد 48 ساعة، دعا «القوى الأمنية إلى الانتباه والحفاظ على موجودات المؤسسة، إذا كان الكلام عن طابور خامس صحيحا». واعتذر عن عدم التمكن من إصلاح الأعطال الحاصلة في بعض المناطق، بسبب منع سيارات التصليح من الخروج من المؤسسة. وأشار إلى أن مجلس الإدارة «اعتبر بالإجماع أن أي جزء محتل من المؤسسة أو لا يوجد سيطرة من الادارة عليه، أن المؤسسة كلها محتلة»، مؤكدا أنهم «لا يستطيعون العودة إلى العمل قبل عودة الوضع الأمني إلى طبيعته». «لماذا لم ينتقل العمل إلى الحرج؟» ويواصل العمّال اعتصامهم في مقر المؤسسة منذ 91 يوما، وتستغرب مصادر «لجنة المتابعة للعمّال المياومين وجباة الاكراء» انتقال العمل إلى «غرفة التحكم البدائية في الذوق، بدلا من العمل من غرفة التحكم الحديثة والمجهزة بمعدات بلغت قيمتها ملايين الدولارات في منطقة الحرج في بيروت». وتوضح لـ«السفير» أن «المؤسسة عندما بدأت بتجهيز غرفة الحرج، التي أصبحت جاهزة للعمل منذ أكثر من شهرين، كان بهدف الانتقال إليها في حال حدوث أي طارئ، وهي مماثلة لغرفة التحكم في المقر الرئيس، من حيث التجهيز والبرامج المتطورة»، سائلة «حتى في هذا الأمر، أصبح الأمر طائفياً؟». وفي هذا السياق، تؤكد المصادر أن «عددا كبيرا من الموظفين، التحقوا بمقر المؤسسة في منطقة الحرج». وتسأل «لماذا فرق الصيانة في هذه الدائرة لم تخرج إلى العمل، إذ لا علاقة للمعتصمين بها؟»، مضيفة «كما أن المياومين في النقل والإنتاج لم يشاركوا في الاعتصام منذ البداية، نظرا لحساسية وضع التيار الرديء، فكيف يتهمون بمنع العمل في غرفة التحكم؟». ويعتبر معتصمون أن «المدير العام أصدر قراراً بإقفال غرفة التحكم، وهي لا تتضمن أي عامل مياوم». وكان لافتاً أمس ما أقدم عليه «الاتحاد العمالي العام» عبر تزويد المعتصمين ببطانيات ووسائد ومياه للشرب ومكبّر للصوت على نفقته الخاصة، بهدف دعم «صمود المياومين». «إصرار على تجاهل معاناة ألفي عائلة» وردّاً على ما ورد في مؤتمر الحايك، رأت «لجنة المتابعة للعمال الميامين وجباة الاكراء» عبر مؤتمر صحافي عقدته في صالة الزبائن في «مؤسسة كهرباء لبنان»، أن «هناك إصرارا على تجاهل معاناة أكثر من ألفي عائلة، مخيّرة بين الرمي في الشارع، أو التوقيع على عقود مذلة مع شركات مقدمي الخدمات»، معلنة مجددا أن «مطالب العمّال محقة، ولا بد من الوصول إليها». وسألت: «من أين أتت الأموال إلى الصناديق، وأعمال الجباية والأعمال في المؤسسة والدوائر متوقفة منذ ثلاثة أشهر؟». وأكد عضو اللجنة أحمد شعيب في المؤتمر، أن «رواتب العمّال هي لدى الشركات، وقد تقاضيناها سابقا عبر المؤسسة»، سائلا «إذاً المؤسسة لا تستطيع إلزام الشركات دفع الرواتب، فكيف ستلزمها استيعاب توظيف العمال كافة؟». وأوضح أن «العمّال لم يلجأوا إلى التصعيد، إلا بعدما سدت كل الأبواب في وجههم». ووصف الطريقة التي أخذت بها فواتير الجباية من المؤسسة يوم الخميس الماضي، بـ«الخديعة». ولفت الانتباه إلى «أنهم وقعوا على عقود الجباية مكرهين إذ لا يُزاد الحد الأدنى عليها»، وذكر أنهم «أعلنوا أكثر من مرة، استعدادهم لاستقبال موظفي غرفة المناوبة وحمايتهم». واعتذر مجددا من الموظفين الثابتين، قائلا: «نحن واثقون بأنهم يقدرون لنا الخطوة التي اتخذناها، خصوصا أننا تعلمنا منهم كيفية النضال في مسيرة تحقيق أهدافهم المشروعة عندما كانوا مثلنا مياومين». وأعلن «استمرار المياومين في اعتصامهم السلمي والحضاري حتى تحقيق إقرار مشروع تثبيتنا في ملاك الوزارة»، مناشدا الرأي العام والنقابات والهيئات، الوقوف إلى «جانبنا ودعم قضيتنا المحقة، لحين انتهاء الأزمة». وأضاف: «نحن الطرف الأضعف في هذه المعادلة، فكيف لنا أن نقطع الكهرباء، خصوصا أن وزير الطاقة قد بشر بهذه الأزمة منذ سنة ونصف؟». سائلا: «هل الوزير يريد تنفيذ خطته المبرمجة منذ سنة ونصف وإقحامنا بها؟». وأكد رئيس لجنة المتابعة لبنان مخول أن «المؤسسة لو كانت تطبق القوانين لكنا الآن مثبتين منذ سنوات»، مبرزا الإنذارين الموجهين للمؤسسة من قبل «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» في هذا الخصوص. في المقابل، قال رئيس «الاتحاد العمالي العام» غسان غصن بعد اجتماع مع المعتصمين: «إن الاتحاد لن يغيب أبدا عن قضيتكم المحقة، ونحن مستمرون في واجبنا، ولن نزايد ونرفع شعارات، بل نسعى لحل المشاكل وإعطاء حقوق العمال. وأردنا أن يكون هذا الملف في يد العمال بعيدا عن الاشتباك السياسي في البلد». وأضاف: «تحركنا حضاري واعتصامنا يكفله الدستور، ولم نعتد على أحد في المؤسسة، لأننا سنستمر سوية في العمل». وتوجه إلى المياومين: «نريد أن نردع أي عمل تخريبي، لأن هناك دسا كثيرا، ونحن معتدى على حقوقنا، ولن نعتدي على أحد. لقد أقرّ القانون في مجلس النواب ضمن الشروط الوظيفية، لذلك عندما أقر القانون، اعتمد هذه الشروط في الوظيفة العامة في ملء الشواغر في مختلف فئاته». وأضاف: «نحن نخاف على استهداف المؤسسة، لأن هناك مشروعا لإسقاط مؤسسات الدولة والذهاب إلى الخصخصة. هم لا يريدون مؤسسات بل يريدون أن يسلموا هذه المؤسسة للشركات»، مشيرا إلى «وجود صفقات». وتابع: «أنتم لم تعترضوا أي فريق عمل، وباسمكم أقول لتتفضل فرق الانتاج وخصوصا في غرفة التحكم وتؤدي عملها». مناطقيا، أقفل المياومون والجباة في النبطية («السفير») أبواب الدائرة بالسلاسل الحديدية، مانعين الموظفين والمواطنين من الدخول إلى المبنى. كما أقفلوا الطريق بالإطارات المشتعلة، وتوجهوا إلى مركز الصيانة في المؤسسة مانعين سيارات الصيانة من الخروج عبر إشعال الإطارات على مدخل المركز. وطالب حسن نعمة باسم المعتصمين بـ«دفع رواتبنا وإلا فسنواصل اعتصامنا حتى إشعار آخر». كما لوح المياوم عباس زهور بـ«التصعيد الشامل والكامل».