عبارة «ملء شواغر مديرية التوزيع» كادت تطيح بفك اعتصام العمّال
> كتب كامل صالح في جريدة السفير بتاريخ 4-8-2012
نغّص التغيير المفاجئ، في صيغة البندين الخامس والسادس في «اتفاق قضية المياومين»، فرحة العمال المياومين وجباة الاكراء، باعلان انتصارهم في نيل مطالبهم أمس، لاسيما بعد 94 يوما من الاعتصام المتواصل في «مؤسسة كهرباء لبنان». وفيما يؤكد رئيس «الاتحاد العمالي العام» غسان غصن أن «بنود الاتفاق هي نفسها، ولم تتغير»، توضح أوساط «لجنة المتابعة للعمال المياومين والجباة» لـ«السفير» أن «البند الخامس في جزء منه كان ينص على: إجراء مباراة محصورة لعمّال المتعهد (المياومون) وجباة الاكراء، لملء الشواغر في مديريات مؤسسة كهرباء لبنان كافة، بما فيها مديريتا التوزيع في بيروت وجبل لبنان والمناطق». وهو النص نفسه، الوارد في قانون تثبيت العمّال في ملاك المؤسسة، والذي صوّت عليه مجلس النواب. أما وفق الصيغة الجديدة، التي أعلن عنها أمس، فقد أصبحت صيغة البند «إجراء مباراة محصورة في مجلس الخدمة المدنية، وفق القانون الذي سيصدر، وبحسب ملاك المؤسسة في كل مديرياتها ودوائرها وفق القوانين والأنظمة المرعية الإجراء». أما في البند السادس، فكان النص يشير إلى عبارة «إن وجدت» عند ذكره عمل اللجنة الموكلة بالعمل على اعداد التعديلات اللازمة على القانون. وقد حذفت العبارة، لتصبح الجملة: «تعمل على إعداد التعديلات اللازمة على القانون». أمام هذين التعديلين وغيرهما، اللذين فاجآ المياومين، وكاد أن يطيح بعملية رفع الاعتصام، تؤكد أوساط لجنة المتابعة أن «الاتفاق الذي اطلعت عليه اللجنة، أثناء المفاوضات والنقاشات، ووافقت عليه، يخالف في بعض بنوده للاتفاق الذي قرأه غصن أمس». وترى أن «حصيلة الخسائر التي تكبدها المياومون والجباة من الاتفاق، تفوق ربحهم منه»، وتتمثل الخسائر في ثلاث نقاط، هي: أولا: الخسارة في إلغاء شرط السن، فوفق قانون التثبيت حدد سن 58 عاما، لمن يحق لهم المشاركة في المباراة المحصورة، لكن وفق نظام مؤسسة كهرباء لبنان، فالسن المحدد هو 44 سنة، وترجمة ذلك، يخسر حوالي 850 عاملا حقّهم في خوض المباراة من أصل 2150 عاملا بعد استبعاد حوالي 350 جابيا لمن لا تتوفر فيهم الشروط، كتقاعدهم مثلا من عمل آخر، أو يعملون عملا آخر وغير ذلك. أي في المحصلة يبقى هناك 1300 عامل من يحق لهم خوض المباراة». ثانيا: هناك حوالي 3050 مركزا شاغرا في ملاك المؤسسة مع مديريتي التوزيع في بيروت وجبل لبنان والمناطق، أما وفق صيغة «حاجة المؤسسة»، فيستطيع وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، أن يفسر ذلك، وفق الآتي: التوزيع أصبح في عهدة شركات مقدمي الخدمات، لذا فليس هناك حاجة للتوظيف في هاتين المديريتين». وتذكّر الأوساط أن «صيغة ملء الشواغر في مديريتي التوزيع، كانت دائما محور الخلاف الأساس، أثناء مناقشة لجان الطاقة الإدارة والعدل واللجان المشتركة في مجلس النواب، قانون تثبيت العمال في ملاك المؤسسة». وترى أنه «في حال أبعدت المديريتان، يصبح العدد حوالي 1050 مركزا شاغرا، موزعة على الفئات الرابعة والخامسة والسادسة. وإذا زيد عليهم 100 مركز شاغر للفئة الثالثة، و100 مركز آخر، وإذا اعتبرنا أن المباراة المحصورة ستجرى السنة المقبلة، يصبح العدد الاجمالي 1250 مركزا شاغرا. ما يعني أن المياومين والجباة خسروا خوض المباراة على حوالي 1800 مركز شاغر». ثالثا: ينص قانون التثبيت، على اعطاء تعويض للعامل راتب شهرين عن كل سنة خدمة. لكن في حال تطبيق قانون العمل يصبح التعويض شهرا». وترى الأوساط، بعد تعداد النقاط الثلاث، أن «لجنة المتابعة للعمّال حافظت على جميع حقوق العمّال في الهيئة العامة لمجلس النواب، أما ما أعلن أمس، فقد أعاد العمّال إلى مشروع القانون الذي قدمه باسيل».
المكاسب في المادة 60 ودفع الرواتب
لكن، وعلى الرغم من ذلك، تشير الأوساط إلى ما يمكن تسميته بـ«بعض المكاسب»، ومنها: تعديلات وزير العمل سليم جريصاتي، على عقود العمل مع شركات مقدمي الخدمات، خصوصا في التأكيد على المادة 60 من قانون العمل، التي تلحظ ديمومة عمل المياومين والجباة واستمرارية عملهم، على الرغم من تغيير ربّ العمل. ومن المكاسب أيضا، دفع الرواتب المتأخرة للمياومين عن ثلاثة أشهر». وتقول الأوساط «في الختام، ما قاله باسيل عن المياومين جميل جدا، في مؤتمره الصحافي أمس، أمام مديري المؤسسة»، معتبرة أن «العمال خسروا حقوقهم، وربحوا مجاملات الوزير».
غصن: لا صيغة أخرى..
من جهته، يؤكد غصن لـ«السفير» أنه لم تكن هناك صيغة أخرى للاتفاق الذي أعلن عنه أمس، في مقر الاتحاد، موضحا أن «البند الخامس، هو نفسه، ولم يتغير». ويعتبر أن «ما ورد في الاتفاق، حول ملء الشواغر في ملاك المؤسسة، أعم وأشمل». ويشير إلى أن «مؤسسة كهرباء لبنان شبه فارغة، وخصوصا في ملاك التوزيع والجباية، إذ لم يتم التوظيف فيها منذ سنوات». وإذ يلفت الانتباه إلى أن «النص العام يشمل النص الخاص»، يؤكد أنه «الاتفاق يلحظ اجراء مباراة محصورة لملء الشواغر في كامل ملاكات المؤسسة، وذلك كي لا ندخل في التحديد، ويسبب اشكالا لدى عمال يعملون في المديريات الأخرى، أو في المناطق». ويقول غصن: «أفهم هواجس المياومين والجباة وقلقهم، لكن ليطمئنوا في هذه الناحية، إذ لا يوجد تعديل في ملاك مؤسسة كهرباء لبنان، وشركات مقدمي الخدمات تكمل عملها، وإلا لكان هناك نص يقول: ألغينا مديريتي التوزيع من ملاك المؤسسة، وهذا لم يحدث». ويصف الاتفاق الذي حصل، بأنه «شامل وكامل، وسلة واحدة»، لكن «ما سبب الالتباس أن المياومين ظنوا أن اللجنة ستثبت الجميع من دون مباراة، وهذا غير دقيق، لأن هناك مباراة محصورة لملء الشواغر». ويطمئن غصن أن اللجنة ستعمل على تنفيذ بنود الاتفاق، وستقدم المزيد من الايضاحات حول ما يتعلق بقانون التثبيت والتطبيق»، متوقعا أن «تبدأ اللجنة اجتماعاتها برئاسة وزير العمل مطلع الأسبوع المقبل». أما من سيدفع الرواتب المتأخرة للعمال؟ فيوضح أن «الرواتب كانت جزءا من الاشكالية التي أجلت فك الاعتصام أمس الأول، وبناء على الاتفاق، ستدفع الرواتب الاثنين المقبل بواسطة مؤسسة كهرباء لبنان».
ورود ومفرقعات..
ظهرا، وصل المياومون، يرافقهم غصن والنائبان نوار الساحلي وغازي زعتير، إلى مبنى المؤسسة المركزي في كورنيش النهر، بعدما أعلنوا عن نص الاتفاق في مقر الاتحاد، ففتحوا البوابة الرئيسية للمؤسسة التي كانت مقفلة بسلاسل معدنية، معلنين فك الاعتصام وسط اطلاق المفرقعات، وتوزيع الورود الحمراء على أعضاء اللجنة. لكن العاملين في مديريتي التوزيع، رفضوا فتح باب صالة الزبائن، معتبرين أنهم «غير معنيين بفك الاعتصام»، وأن «أي اتفاق لا يتضمن مديريتي التوزيع، لن نقبل به، وعلى الاتفاق أن يشملهم كما جاء في قانون التثبيت في مجلس النواب». ولوحوا بأنه «يمكن في أي لحظة، العودة إلى الاعتصام»، مطالبين بـ«إضافة تثبيت مديريتي التوزيع في الاتفاق». وأشاروا إلى أن «لجنة المتابعة لم تكن على علم بالمفاوضات السياسية، ونحن لسنا ضدها، لكن يجب معالجة الموضوع». وطمأن زعيتر المياومين، مؤكدا أن «الجميع سيشاركون في المباراة المحصورة». أضاف «لن يبيع أحد حقوق العمال، لقد وصلنا إلى نتيجة ترضي الجميع وتحقق مصلحة العمال أولا، وحقوقهم مضمونة، ونحن مسؤولون عنها»، معتبرا أن «الموضوع ليس تسوية أو بوس ذقون». وأكد أن «الصياغة الجديدة ستحقق العدالة». وقد لاقى التوضيح أثرا ايجابيا، وفتحت أبواب المؤسسة، وخرج المياومون المعتصمون منها. وتوجه رئيس «اتحاد النقل البري» بسام طليس إلى المياومين، بعد حصول البلبلة في صفوفهم، قائلا: «لا مبرر تجاه الرأي العام أو تجاه الاعلام، أن نقول لا نريد الاتفاق بعد فتح أبواب المؤسسة، واطلاق المفرقعات التي لم نكن نرضى بها». ويلفت طليس إلى أن «هذا الاتفاق يلغي كل ما سبقه». ويرى أن «كل الهواجس والملاحظات ستبحث خلال لجنة متابعة المياومين مع وزير العمل». ويذكّر بأن «الاتفاق نال موافقة أعلى القيادات في البلد»، ويستدرك قائلا: «لكن مع أي اخلال في بنود الاتفاق، ندعو العمال إلى العودة إلى الاعتصام داخل المؤسسة». ويؤكد الساحلي أن «المياومين موجودون في المفاوضات مع وزير العمل والأحزاب السياسية كحزب الله وحركة أمل والمردة»، داعيا العمّال إلى «التحلي بالصبر والهدوء». وتعليقا على قول بعض المياومين أن وزير الطاقة والمياه جبران باسيل «هو من انتصر»، يقول الساحلي: «نحن عملنا على أن يكون الحل على قاعدة لا غالب ولا مغلوب».
«اتفاق الانتصار للبنان وعمّاله ومؤسساته»
وكان غصن أعلن من مقر الاتحاد صباحاً، في حضور الساحلي وزعيتر وأعضاء من «لجنة المتابعة للعمال المياومين وجباة الاكراء»، التزام الاتحاد واللجنة «البدء فوراً بتنفيذ بنود الاتفاق، والعمل فوراً على رفع الاعتصام نهائيا في المؤسسة، والدعوة إلى ممارسة العمل في المؤسسة طبيعيا، اعتباراً من هذه اللحظة». واستهل غصن كلامه في المؤتمر الصحافي، قائلا: «باسم الاتحاد ولجنة المتابعة، وبعد مخاضٍ طويل من الأيام والشهور بلغت 94 يوما، تخلّلتها إضرابات واعتصامات وتظاهرات وحوارات ومفاوضات، أفضت إلى إنجاز اتفاق يمكننا تسميته اتفاق الانتصار للبنان وعمّاله ومؤسساته، ويساهم في تعزيز التوافق بين اللبنانيين ومكونّاتهم السياسية والاجتماعية». وقبل أن يقرأ بنود الاتفاق الستة، وصف الاتفاق بـ«الانجاز»، و«يؤسّس إلى ضمان حقّ العامل في لبنان، ويعزّز الاستقرار الوطني، ويوفّر التوافق بين كلّ اللبنانيين»، معتبرا أن الاتفاق «تمّ إنجازه خلال المفاوضات المضنية التي دارت خلال الأيام الأخيرة»، و«يحفظ حقوق العمال ودور المؤسسات». من جهته، شكر رئيس «لجنة المتابعة» لبنان مخول عبر بيان «القوى السياسية والأمنية والاعلامية والاتحاد، ومن ساهم وساعد للوصول إلى الاتفاق». وأعلن باسم اللجنة «وقف كل أشكال التحرك من اعتصام واضراب وغيرهما»، مؤكدا في الوقت نفسه أن «لجنة المتابعة ستبقي اجتماعاتها مفتوحة لمواكبة تنفيذ الاتفاق». وذكّر مخول أن قانون التثبيت الذي صوّت عليه مجلس النواب «يذكر ملء الشواغر في المؤسسة، بما فيها مديريتا التوزيع في بيروت وجبل لبنان والمناطق».
اجتماع لإدارة المؤسسة اليوم
وفي موازاة فك المياومين اعتصامهم في المؤسسة وفتح الأبواب، وإزالة الخيمة التي نصبوها في صالة الزبائن، تنفيذا للاتفاق، دعا رئيس مجلس الإدارة المدير العام للمؤسسة كمال الحايك «مجلس الإدارة وجميع المدراء إلى اجتماع يعقد صباح اليوم في المركز المؤقت للإدارة في معمل الذوق الحراري، وذلك للبحث في آخر المستجدات بشأن ما يحصل في المؤسسة، وبالتالي اتخاذ القرارات المناسبة ومنها العودة إلى المبنى المركزي، وما يستلزمه ذلك من آليات وإجراءات نظامية». ودعت المؤسسة «جميع مستخدميها العاملين في المبنى المركزي، وفي الدوائر المقفلة إلى متابعة الالتحاق بأقرب مركز تابع لها، بانتظار صدور تعليمات جديدة عن الإدارة».
الاتفــاق فــي صيغتــه النهائيــة تضمن نص الاتفاق مع العمّال المياومين وجباة الاكراء في «مؤسسة كهرباء لبنان»، في صيغته النهائية، ستة بنود. وقد أعلن عنه رئيس «الاتحاد العمّالي العام» غسان غصن رسميا أمس. والبنود هي: «أولاً: دفع الرواتب المتأخرة عن الأشهر السابقة حتى نهاية شهر تموز 2012. (وأعلن غصن أنه «بعد موافقة الجهات المختصة، عن بدء دفـع الرواتــب المتأخرة اعتباراً من صباح يوم الاثنين المقبل الواقع فيه 6/8/2012»). ثانياً: حفظ تعويضات الجميع عن سنوات خدمتهم في القانون. ثالثاً: حفظ حقّ جميع المياومين في المشاركة في مباراة التثبيت. رابعاً: تأمين العمل والراتب لمن يرغب في التعاقد مع الشركات للمرحلة المقبلة، وفق شروط تتوافق مع قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي. خامساً: إجراء مباراة محصورة في مجلس الخدمة المدنية، وفق القانون الذي سيصدر، وبحسب ملاك المؤسسة في كل مديرياتها ودوائرها وفق القوانين والأنظمة المرعية الإجراء. سادساً: تؤلف لجنة من وزير العمل والاتحاد العمالي العام وممثلين عن القوى السياسية، حركة أمل وحزب الله والمردة، تعمل على إعداد التعديلات اللازمة على القانون إضافةً إلى متابعة تنفيذ بنود الاتفاق».