اخبار متفرقة > هل سيتحمل القضاء وزر كونه «شريكاً ومتورّطاً» في ملف الأغذية الفاسدة
الوفاء-20-3-2012
تحت عنوان " قضاة اتُّهموا بالتقصير: ما لنا وما علينا " كتب رضوان مرتضى في صحيفة الأخبار اللبنانية : اتّهم وزير الزراعة حسين الحاج حسن القضاء بالتقصير. فكشف لـ«الأخبار» عن وجود 20 دعوى مقامة خلال عامي 2010 و2011، تتعلق بأدوية زراعية ولحوم وأدوية بيطرية وإفادات مزوّرة ومواد غذائية فاسدة، جرت إحالتها على النيابات العامة، لكن حتى اليوم لم يصدر أي حكم فيها. وبحسب المتابعين، لا ينحصر التقصير في تأخير إصدار الأحكام فقط، بل يتعدّاه إلى انخفاض الغرامات المفروضة من قبل القضاة على المخالفين، الأمر الذي يؤدي إلى انتفاء وظيفة الردع الذي يُفترض أن تمثّله الغرامة الإكراهية. وبذلك، إذا صحّت التهم، فإن القضاء سيتحمل وزر كونه «شريكاً ومتورّطاً» في ملف الأغذية الفاسدة. وسط الحرب التي أُعلنت متأخرة على المواد الغذائية الفاسدة، ينتفض أكثر من قاض لردّ التهم الملقاة. فيذكر أحدهم أنه يُفترض بالقضاء أن يكون الحلقة الأخيرة في مسار المعالجة، لا أن يُحمّل مسؤولية سياسة غضّ الطرف المنتهجة. ويردف آخر قائلاً: «المراقبة قبل أن نبتلع سم الأغذية الفاسدة أولى من العقاب بعده». أما ما يتردد عن وجود 5000 محضر نظمتها مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، لم يُحل منها إلا 34 ملفاً، فرأى هؤلاء أن ذلك لا يلقي عليهم المسؤولية، بل على الجهة المفترض بها إحالة الشكاوى. يتحدث قضاة عن انتقائية في تحرير المحاضر من قبل مديرية حماية المستهلك، فيستغرب أحدهم أن تقتصر جميع الشكاوى المحالة عليه على المحال الصغيرة، غامزاً من قناة الغطاء الموفّر للمؤسسات الكبرى. لا ينفي هؤلاء أن مسؤولية العقوبة المخففة يتحمّلها القاضي منفرداً باعتبار الكلمة الفصل تعود إليه. فهناك قضاة خفضوا مراراً الغرامات في دعاوى تتعلق بصحة المستهلك حتى 500 ألف ليرة لبنانية فقط. أما مسألة تأخير بت الملفات، فتتقاسم مسؤوليتها، إلى جانب مديرية حماية المستهلك، الضابطة العدلية التي تقوم بالتبليغات. يؤكد أحد القضاة أنه غالباً لا يكون هناك ردّ على التبليغات، لافتاً إلى أن تأخير وصول التبليغات يؤدي إلى التأخير في بتّ الدعاوى الذي يتجاوز في بعض الأحيان سنتين. هناك مسألة أخرى يثيرها قضاة متابعون لهذه الملفات يرون فيها مخالفة قانونية واضحة، إذ إن هناك عرفاً بات متّبعاً يقوم على أن محاضر الضبط تُحال على النيابة العامة التي تحيلها بدورها على القضاة المنفردين. وذلك يعدّ مخالفاً للقانون ويتحمل المسؤولية ناظم المحضر، باعتبار أن المادة 39 من قانون أصول المحاكمات الجزائية يجيز لهؤلاء تحرير محاضر منظمة بالمخالفين لإيداعها القاضي المنفرد المختص، علماً بأن محضر الضبط لا يحتاج إلى ادّعاء نيابة عامة. وفي سياق الغرامات المفروضة على المخالفين في مسألة الغذاء الفاسد، علمت «الأخبار» أن هناك عشرات الأحكام تصدر شهرياً عن القاضي المنفرد الجزائي في كل من بيروت وبعبدا. وفي هذا الخصوص، نعرض أحكاماً أصدرها القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا رولان الشرتوني خلال السنتين الماضيتين. فقد برز لافتاً أن أدنى الغرامات المفروضة لم تقل عن 6 ملايين ليرة حررت بحق شركة جوزيف داغر عام 2011 لبيعها أجباناً منتهية الصلاحية. وهناك ثلاثة أحكام متتالية صدرت بحق تعاونية الرمال لمالكها ماهر الرمال خلال عامي 2010 و2011 بلغ مجموع الغرامات فيها 62 مليون ليرة لبنانية. كذلك غُرّمت مؤسسة لو شركوتييه عون 25 مليون ليرة لبنانية لضبط سجق فاسد تبين أن فيه مواد جرثومية نتيجة عدم حفظه جيداً. كذلك الحال في مخابز وودن بايكيري التي يملكها خضر نعمة، فقد جرى الادّعاء بداية على الموظف قبل أن يُدّعى على الشركة ليصدر الحكم بحقها وتغرّم 25 مليوناً، خُفضت إلى 15 مليون، لضبط مواد منتهية الصلاحية لديها. كذلك أصدر القاضي شرتوني حكماً بحق موزّع الأجبان عبد الرؤوف العجوز عام 2011 قضى بحبسه سنة واحدة وتغريمه مبلغ 50 مليون ليرة ومنعه من الاتجار بالمواد الغذائية لمدة 3 سنوات، بعدما ضُبط وهو يوزع مواد فاسدة بالجرم المشهود. وهناك حكم صدر بحق سامي شاكر، صاحب الشركة المالكة لمطعم بيتزا هت، قضى بتغريمه 10 ملايين ليرة. وآخر صدر بحق روجيه خوري غرّمه القيمة نفسها لبيعه مرتديللا منتهية الصلاحية، إضافة إلى تغريم شركة تصنع صلصة الحر الأحمر مبلغ 5 ملايين ليرة لبنانية، ضبطت قبل التوزيع لاحتوائها على مواد يعتقد أنها قد تكون مسرطنة جرى استيرادها من الخارج. وهناك أيضاً أحكام بدت مخففة، لكن تبين أنه لم يعثر لدى المرتكبين على مواد فاسدة. وعلى سبيل المثال، غُرّم مطعم هوا تشيكن مليون ليرة لبنانية لمخالفته قرار وزير الصحة لجهة عدم تغليفه الدجاج بغلاف نايلون في فصل الصيف. تجدر الإشارة إلى أن النائب العام التمييزي سعيد ميرزا دعا القضاة المنفردين الناظرين في دعاوى حماية المستهلك واستئنافاتهم إلى الاجتماع الساعة الواحدة من بعد ظهر الأربعاء. وفي سياق متصل، ينص قانون المستهلك الذي لم تصدر مراسيمه التطبيقية بعد، على أن حكم المتاجرة بمواد فاسدة او غير صالحة هو السجن بين 3 اشهر الى سنة اضافة الى غرامة من 25 الى 50 مليون ليرة. في حال حصول حالة تسمم ترتفع سنوات السجن لتصبح بين سنة الى 3 سنوات مع غرامة بين 50 الى 75 مليون ليرة، اما اذا توفي احد نتيجة المواد الفاسدة أو ادت الأخيرة الى انتشار مرض وبائي فترتفع الغرامة الى ما بين 75 مليون الى 150 مليون ليرة، اضافة الى سجن من 3 الى 10 سنوات.