الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

مقالات صحفية مختارة > القطاع الزراعي في بعلبك الهرمل معاناة تتجدّد.. كلفة مرتفعة وأزمة جفاف | مساحات قاحلة وتقليص حجم المزروعات وغياب آلية المعالجة الجدية

٢٧ ت١ ٢٠٢٥

تحقيق ـ عبير حمدان

 

معاناة المزارعين في منطقة بعلبك الهرمل تتجدّد على امتداد المواسم لجهة ارتفاع الكلفة للعناية بالمزروعات وتوفير الأدوية والأسمدة الجيدة والتي تكون مستوردة بمعظمها، أضف إلى ذلك تحكم التجار بآلية التسعير التي تظلم جزءاً كبيراً من صغار المزارعين، بحيث قد تتعرّض منتوجاتهم للتلف إن لم يقبلوا بأقلّ سعر ممكن. والمفارقة أن هذه المنتوجات تصل إلى المستهلك بأسعار خيالية معظم الأحيان.

المشاكل المتكررة وما يرافقها من خسائر زاد في تفاقمها جفاف الآبار جراء شحّ الأمطار في العام الماضي لتتفاقم الأزمة بعدم توفر مياه الري مما ترك مساحات كبيرة قاحلة وجافة على امتداد سهل البقاع الأوسط وقرى غربي وشرقي بعلبك وصولاً إلى البقاع الشمالي حتى مدينة الهرمل، ومن تمكن من الحفاظ على جزء من موسمه قام بتقليص حجم مزروعاته بنسبة تخطت النصف.

أزمة الجفاف ليست مستجدّة، لكنها متفاوتة. ويقول المزارعون في المنطقة أن الحل ممكن إذا ما توفرت النية من قبل الجهات المعنية بدءاً بخطة فعلية لحفظ مياه الأمطار وتنظيم حفر الآبار وإنشاء بُرك اصطناعية وخزانات في القرى، وهذا يتطلب التنسيق بين وزارة الأشغال والزراعة والبلديات أي أنه مجهود دولة للحفاظ على القطاع الزراعي.

 

مجدلون… بانتظار حلول السماء

 

 

أكد حسن خير الدين (مجدلون) أن شحّ المياه الناتج عن عدم هطول الأمطار أثر سلبياً على الموسم الزراعي بنسبة 70 في المئة، حيث جفت معظم الآبار وقال في هذا الإطار: “هذا العام لا يوجد ذُخِر في الأرض جراء الجفاف، وقد عمد الكثيرون إلى حفر المزيد من الآبار بشكل عشوائي مما فاقم المشكلة، والجهات المعنية تعطينا الإرشادات فقط لكنها لا تقدم الدعم المادي لنعوض الخسائر”.

واشار خير الدين إلى أن الجفاف أثر على المزروعات كافة، حيث إن القمح والشعير والكمون والعدس لم ينمُ وكثير من المزارعين اقتلع الزرع أو أطعمه للأغنام.

أما في ما يتصل باليد العاملة فقال: “هناك نقص في اليد العاملة، حيث إن العامل الذي لا تتعدّى يوميته ما يعادل خمس دولارات ويفضل البحث عن مجال آخر لكسب قوت يومه”.

ولفت خير الدين إلى أن المزارع مضطر أن يحمل منتوجاته إلى السوق، حيث هناك من يتحكم بسياسة العرض والطلب، وبالتالي قد يبيع محصوله بأسعار زهيدة في ظل غياب التنظيم العادل لعملية البيع والشراء.

من جهته، قال علي مصطفى إن كل الآبار في أرضه جفت والحلول غائبة إن لم يكن الشتاء المقبل محملاً بالمطر والثلوج، وتحدّث عن كافة المزروعات بالتفصيل “المزارع تحديداً في البقاع الأوسط يعاني جراء الجفاف، فمن منطقة رياق وصولاً إلى الهرمل نحن ذاهبون إلى قحط ودمار للقطاع الزراعي، وأعطيك مثالاً بسيطاً حيث كنت في المواسم السابقة أزرع 70 دونماً من البطاطا أما هذا العام فزرعت 20 دونماً فقط، وهذا انسحب على كل المزروعات من العدس إلى القمح والكمون والبصل، باختصار وصلنا إلى مرحلة ننتظر فيها حلول السماء بعد أن غابت كل الحلول على الأرض، وإن لم نرَ الثلوج متراكمة على الجبال لن يكون هناك مواسم زراعيّة في منطقة بعلبك ـ الهرمل مستقبلاً”.

 

الجفاف بين الطبيعة والسياسة

 

 

لا يلقي رئيس نقابة الأشجار المثمرة في البقاع ياسر خير الدين اللوم على الجفاف لكونه حسب تعبيره عاملاً يضاف إلى العديد من العوامل الأخرى، لافتاً إلى أن السياسة تكمن في التفاصيل، قائلاً: “المشكلة الأساسية هي في طغيان الكارتل السياسي الذي صنع الكارتل التجاري لصالحه، بحيث حوّل المزارع إلى خادم عنده ينتج ويتعب في أرضه ليأتي من يتحكّم به لجهة تسعير المنتوجات الزراعية وإن لم يقبل فيحاربه بالمنتج المستورد أو المهرّب، وتأتي الطبيعة كعامل إضافي لجهة قلة المتساقطات، والعامل الثالث تمثل بالحرب الأخيرة التي أدت إلى تلوث بيئي ومناخي أثر سلباً على الأراضي الزراعية”.

وعن الحلول المقترحة لمعالجة الأزمة، قال: “لمواجهة الطغيان التجاري على وزارة الاقتصاد أن تضع التسعيرة المناسبة للمنتج لتكون موحّدة وليس “الحسبة” بمعنى أن هذه الوزارة مهمتها تقدير الكلفة التأسيسية والتشغيلية للمنتج وبالتالي هامش ربح المزارع وليس تجار الجملة، للأسف هذا التدبير ليس قائماً هنا. أما في ما يتصل بدور وزارة الزراعة واتحاد البلديات والإرشاد الزراعي على الأرض فيجب أن يعملوا مجتمعين للاستفادة من مياه الأمطار بإنشاء البرك الاصطناعيّة بدل أن تذهب هدراً إلى مجرى الليطاني فتتلوث، كما يمكن أن يتم اعتماد زراعات بديلة لا تحتاج إلى الكثير من المياه للري بتوجيه من وزارة الزراعة، مثل اللوز والعنب البعل والزيتون شرط أن لا يكون الجفاف كما نشهده هذا العام، في المحصلة على الدولة العمل بجدية لتفادي انهيار القطاع الزراعيّ بالكامل، ولكن للأسف لا نرى أي تحرّك فعليّ بالإضافة إلى التعاطي الاستنسابي في التعويض على المزارعين سواء كان الضرر مباشراً أو غير مباشر”.

وختم بضرورة أن يبدأ المزارع بمعالجة مشاكله بترشيد استهلاك المياه والبحث عن الحلول الناجعة بجهد شخصيّ للتعويض عن غياب الخطط البديلة من قبل الجهات المعنية.

يطرح نضال الأعرج سلسلة من الحلول التي يمكن من خلالها تفادي الجفاف، فيقول: “يمكن للبلديات بالتنسيق مع وزارتي الزراعة والأشغال إنشاء “البُرك” الاصطناعية في الجرد الشرقي، حيث يمكن الاستفادة من الثلوج ولو لمرة واحدة بالإضافة إلى الآبار، بمعنى أنه حين يتم حفظ المياه طوال الشتاء حيث لا حاجة لها للري لتكون متوفرة في الصيف، ويمكن أيضاً العمل على إنشاء خزانات كبيرة في القرى لهذا الغرض أيضاً، ونحن كمزارعين طلبنا من الدولة عن طريق وزارة الزراعة تنفيذ هذه الخطط بهدف الحفاظ على القطاع الزراعي”.

وختم الأعرج: “باختصار فإن الحفاظ على القطاع الزراعي يتطلب مجهود دولة وليس عملاً فردياً لمزارعين جفت آبارهم ويحاولون الحفاظ على مواسمهم رغم الكلفة المرتفعة لتوفير الأسمدة المستوردة وتأمين المياه”.

أما نبيل نصر فوصف واقع المزارع بالميؤوس منه كلياً بعد أن قضى شح المياه على المواسم الزراعية بشكل كبير، إضافة إلى أن ما يدفعه التجار ثمناً للمحصول في أرضه لا يكفي لسد كلفته، وبالتالي الخسارة كبيرة، “بعنا كيلو البطاطا بأقل من عشرين ألفاً” يقول نصر، رغم أنه يصل بسعر أغلى إلى المستهلك.

وأكد نصر أن “الجفاف” هو مثل شخصيّة “راجح” في فيلم “بياع الخواتم” ذلك لأن المشكلة متجذرة بسبب غياب التنظيم والحماية للقطاع من قبل الوزارات المعنية في مواجهة التهريب والاستيراد وتحكم التجار بسياسة البيع والشراء.

ويختم نصر بالتأكيد أن الخسارة مستمرّة والقطاع الزراعي منهك ومتهالك وإن لم يكن هناك اهتمام فعلي وجهد لمعالجة المشاكل فهذا القطاع إلى زوال على الأقل في منطقة بعلبك ـ الهرمل.

 

غربي بعلبك.. مواسم احترقت عطشاً

 

 

احترق موسم البندورة جراء عدم تمكن أبو علي (شمسطار) من الري كما يجب ويحاول التعويض من خلال باقي المزروعات، ولكن تبقى الأزمة قائمة وفق تعبيره “بين شح مياه البئر الذي استعمله للري وانتظار توفر الكهرباء لتشغيل المضخة تفسد المزروعات وما يمكن إنقاذه منها لا يكفي لتأمين كلفة الأسمدة”.

ولفت أبو علي إلى أن الأزمة متكررة سواء بسبب الجفاف أو السيول ففي كلتا الحالتين تقع الخسارة ويبقى المزارع الحلقة الأضعف ضمن سلسلة طويلة طالما لا توجد منهجية واضحة لدعم القطاع الزراعي.

 

بريتال.. المياه لا تصل إلى البيوت ولا زراعة

 

 

يختصر عبدالله مراد الواقع بالقول: “المياه لا تصل إلى البيوت للاستخدام فماذا عن المواسم الزراعية، هذا العام لم نزرع شيئاً لعدم توفر مياه الري، والأزمة الحالية ليست مفاجئة وذلك لأن العمل على تفاديها من قبل الجهات المعنية ليس جدياً، مما يعني أنه لو قامت هذه الجهات بتنظيم توزيع المياه ومنع العشوائية في حفر الآبار ومكافحة هدرها على الطرقات لما وصلنا إلى هذه المرحلة رغم الجفاف، في السابق كنت أزرع ما يعادل عشرة دونمات أما هذا الموسم فزرعت دونماً واحداً، وطبعاً لا يوجد أمل بالتعويض، وهناك من لم يزرع إطلاقاً”.

وأضاف: “لا يمكن تقدير الخسارة هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة لكوننا اساساً لم نزرع كما اعتدنا، ولو حاولنا البحث عن زراعات بديلة لا تحتاج الكثير من الري تبقى المشكلة قائمة لأن أي شجرة يجب أن تأخذ حقها من المياه حتى تمتد جذورها جيداً في الأرض”.

وقال مراد إن المنتوجات المستوردة تضرب الإنتاج المحلي في ظل غياب التنسيق وسيطرة التجار على سوق العرض والطلب.

ولا يأمل مراد بحلول ناجعة لواقع القطاع الزراعي طالما بقي التعاطي ضمن إطار التنظير فقط، ويبقى الأمل الوحيد بشتاء يحمل الأمطار والثلوج لإعادة الذخِر إلى الأرض.

 

الهرمل.. جهود فردية لمواجهة الأزمة

 

 

لا يختلف المشهد الزراعي في مدينة الهرمل حيث اليباس طال عدداً كبيراً من البساتين والأشجار المثمرة، ويخبرنا محمد مرتضى عن الواقع المأزوم فيقول: “منسوب مياه العاصي يخفّ منذ اعوام ربما بشكل متفاوت لكن هذا العام انخفض مستوى التدفق في المياه من النبع بشكل كبير، أضف إلى ذلك سوء إدارة المياه لتصل مدينة الهرمل إلى مرحلة نقص كبير في مياه الشرب وليس فقط في ري المحاصيل الزراعية مما أدى إلى يباس الأشجار المثمرة وتلف الكثير منها حتى تلك التي لا تحتاج كمية كبيرة من المياه لم تتمكن من مقاومة الجفاف، وذلك كله أثر على المحاصيل والمواسم بشكل سلبيّ”.

وأضاف مرتضى: “في ظل الواقع القائم لجأ عدد كبير من المزراعين إلى اعتماد الزراعات البعلية في محاولة لإنقاذ موسمهم، حيث إن الجهات المعنية غائبة بالكامل إن لجهة التعويض أو إيجاد الحلول، ويبقى القطاع الزراعي منهكاً منتظراً عطاء السماء والطبيعة وبعض الاهتمام من الوزارات المعنية بشكل فعلي وجاد”.

وفق المزارع أيمن سلهب “فإن شحّ المياه هذا العام أثر بشكل كبير على المزارعين والإنتاج الزراعي والأشجار المثمرة مما دفع العديد من المزارعين إلى اللجوء إلى الحد من المساحات المزروعة واعتماد أنماط ري بالتنقيط بتكلفة أعلى من الري بالمرشات والطرق الأخرى”.

وأشار سلهب إلى غياب تام للجهات المعنية، كما أن الأزمة تفاقمت مع الجفاف مما انعكس سلباً على نوعية وكمية الإنتاج، وبالتالي فقد كانت الخسائر المادية كبيرة على المزارعين وبالطبع لا يوجد أي توجه للدعم والتعويض عليهم من قبل الوزارات المعنية”.

وأشار أحمد الأسعد إلى مدى تأثير الجفاف وشح المياه على الموسم الزراعي في مدينة الهرمل، في منطقة الهرمل، حيث تراجعت إنتاجية المحاصيل بشكل ملحوظ، لافتاً إلى أن معالجة الأزمة كانت من خلال جهود فردية “لقد اعتمدنا على تقنين استخدام المياه، وزرعنا محاصيل أقل استهلاكًا للمياه، كما لجأ بعضنا إلى حفر آبار إضافيّة رغم التكلفة العالية، للأسف الجهات المعنية لم تقدّم أي دعم يُذكر، ولم تُطرح خطط واضحة لمعالجة الأزمة، ما تركنا نواجه التحديات وحدنا وسط ظروف بيئيّة واقتصاديّة صعبة”.

 

المصدر: البناء

ملاحظة: المواد المنشورة في هذا الباب تمثل آراء كاتبيها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ادارة الموقع.

 

الصفحة الرئيسية
الجمهورية الاسلامية في إيران
تعريف عن الاتحاد
موقف الأسبوع
اتحادات صديقة
متون نقابية
المخيم النقابي المقاوم
معرض الصور
أخبار عربية
أخبار دولية
متفرقات
مجتمع
إنتخابات نقابية
بيانات
قطاعات اقتصادية
منصة إكس
تشريعات
مقالات صحفية مختارة
منصة إرشاد
ارشيف
ثقافة وتربية
أنشطة عمالية وأخبار نقابية
القطاع العام
لبنان بلا دستور
صدى النقابات
الأجندة
دراسات وابحاث
مواقف وآراء
نافذة على العدو
فرص عمل
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS

لتلقي الأخبار العمالية

إضغط على أيقونة الواتساب أدناه

 

 

أدخل على حساب الفيسبوك 

 

لمتابعة حسابنا على منصة إكس 

إنقر على الأيقونة أدناه

 

يمكنكم الدخول إلى قناة اليوتيوب

لاتحاد الوفاء بالضغط على الأيقونة أدناه

     

 
Developed by Hadeel.net