١٧ ت٢ ٢٠٢٥ 
على خطى أسلافه، يقدّم حاكم مصرف لبنان كريم سعيد هدايا مجانية إلى المصارف من أبرزها قرار صدر قبل نحو شهر يلغي ما ورد في تعميم سابق فرض عليها أن تضخّ نقداً ضعفي ربح التحسين العقاري في الأموال الخاصة، فأصبح في إمكان المصارف ضخّ 75% من ربح التحسين الناتج من إعادة تقييم ممتلكاتها العقارية المستوفاة مقابل الدين في الأموال الخاصة، من دون ضخّ ضعفي هذه النسبة نقداً. في 5/11/2020 صدر التعميم الوسيط الرقم 575 الذي أدخل إلى القرار الأساسي 6939 المتعلق بـ«الإطار التنظيمي لكفاية رساميل المصارف العاملة في لبنان» مادة تحدّد إجراءات إعادة احتساب الأموال الخاصة للمصارف أو رساميلها المنصوص عنها في المادة 154 من قانون النقد والتسليف، أي من خلال إعادة تخمين الأصول الثابتة المتملكة استيفاء للدين. وبحسب التعميم الوسيط، الصادر في ذلك الوقت، فإن إعادة التخمين لهذه العقارات المتملكة استيفاء للدين، مشروطة بثلاث مسائل أساسية: - أن يتحقق المجلس المركزي لمصرف لبنان على نفقة المصرف المعني من صحّة عملية إعادة التخمين ويوافق عليها. - أن تزاد، في هذه الحالة، الأموال الخاصة في مهلة أقصاها تاريخ 31/12/2021، بصورة متكاملة ومتزامنة كالآتي: إضافة ثلث ربح التحسين، كحدّ أقصى، إلى الأموال الخاصة المساندة، وزيادة الأموال الخاصة من فئة حقوق حملة الأسهم العادية نقداً بمبلغ يوازي على الأقل مثلَي الجزء من قيمة ربح التحسين المشار إليه. - أن تتم عملية إعادة التخمين وزيادة الأموال الخاصة في مهلة أقصاها تاريخ 31/12/2021. لكن وبشكل مفاجئ، صدر في 10/9/2025 تعميم آخر رقمه 741 ويقضي بأن تتم عملية التخمين وفقاً لشرطين أساسيين: أن يتحقق المجلس المركزي لمصرف لبنان على نفقة المصرف المعني من صحة عملية إعادة التخمين ويوافق عليها، وأن تتم عملية إعادة التخمين في مهلة أقصاها 13/12/2026. في الواقع، إن التعميم بصيغته الأساسية واضح، ومعناه أنه يسمح للمصارف بأن تتملك العقارات التي تستوفيها من الزبائن المصنّفين متعثّرين بعدما تخلّفوا عن سداد قروضهم، بتملك «الضمانات العقارية» وضخّ جزء من قيمتها في رأس المال. وقد جاء هذا التعميم إثر الانهيار المصرفي والنقدي في نهاية 2019 ليساعد المصارف على تغطية أي نقص في رساميلها، إذ إن مسألة تملّك الضمانات العقارية منصوص عنها في قانون النقد والتسليف بشكل مختلف لأنها تسمح للمصارف بتملك الضمانات العقارية لمدّة سنتين بشكل مؤقت ثم تصفيتها وبيعها. وقد قرّر مصرف لبنان في مرحلة ما، السماح للمصارف بتملك الضمانات العقارية بشكل مؤقت لمدة 5 سنوات ثم مدّد المهلة إلى 20 سنة، لكن سلامة اكتشف أن ضخّها في رأس المال أمر يفيد المصارف أكثر. بهذا المعنى، كان تعميم سلامة عبارة عن مساعدة لإعانة المصارف على تخطي الإفلاس بمفهومه التقني. أما الآن، فإن ما يقوم به سعيد، هو النفخ في هذه المساعدة لتصبح ركيزة أساسية في زيادة الرساميل المطلوبة من المصارف لتغطية خسائرها. ثمة أمر آخر يتعلق بعملية إعادة التخمين، هو أن قيمة الضمانة العقارية المتملّكة كانت مختلفة يوم منح الزبون القرض، عما هي عليه اليوم، وبالتالي فإن كل ربح تحسين يجب أن يخضع لضريبة، إلا أن الحكومة ومجلس النواب كانا يمنحان كل الشركات الراغبة في إعادة تخمين ممتلكاتها العقارية شبه إعفاء من تسديد الضريبة، وبدلاً من فرض ضرائب كبيرة على هذا الأمر، كانت المصارف وكل من يحمل عقاراً بقيمة دفترية سابقة، يحصل على هدايا مجانية من الحكومة. المصدر: الأخبار ملاحظة: المواد المنشورة في هذا الباب تمثل آراء كاتبيها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ادارة الموقع. |