من سلسلة الرواتب إلى مسلسل الكهرباء: نمو العجز وشح التمويل وتردي الخدمة 5 شركات من 8 تتنافس على بناء معمل في دير عمار والكلفة 600 مليون يورو
عدنان الحاج السفير : 10-9-2012
بين أزمة سلسلة الرواتب للقطاع العام وكلفتها غير المغطاة بموارد جديدة، ومسلسل أزمة تقنين الكهرباء وارتفاع كلفتها وتراجع خدمتها، تتزايد عروض التعقيدات في تأمين مصادر التمويل لحاجات الخزينة، لا سيما أن الجمود الاقتصادي إلى تزايد مع تراجع حركة الاستثمار وفرص النمو الاقتصادي التي ضربت نتيجة التطورات الأمنية والسياسية في الداخل. يضاف إلى ذلك انعكاسات أزمة المنطقة، لا سيما تصاعد التطورات في سوريا، التي بدأت تصيب النشاط الاقتصادي في مختلف مرافقه المنتجة والمستهلكة. أما نشاط القطاع المالي فهو من بين المتضررين، بفعل تراجع نمو الودائع المصرفية من جهة، وبفعل انعدام فرص التوظيف من جهة ثانية، وتراجع معدلات الفوائد وعودة القطاع العام لمنافسة القطاع الخاص على السيولة المتاحة. النقطة الهامة هي دخول القطاع الخاص على خط التحذير من مخاطر انعكاسات سلسلة الرتب والرواتب على الوضع الاقتصادي، إذا فرضت ضرائب جديدة على فوائد الودائع المصرفية، وعلى البيوعات العقارية وزيادة عامل الاستثمار، وبدلات إشغال الأملاك العامة البحرية، وهذه تجارب لم تكن مشجعة طوال السنوات الماضية، على اعتبار أن الأملاك البحرية المشغولة من المؤسسات لم تعط في أحسن السنوات أكثر من 30 إلى 40 مليار ليرة، نتيجة الاكتفاء بالرسوم من دون التسوية ببيع هذه الملاك وتخمينها بإنصاف بين المناطق. في هذا الجو الملبد في الاقتصاد والسياسة والأمن، تتابع الدولة والحكومة مناقشة موضوع سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام، انطلاقاً من البحث عن سبل تمويلها، وهو الأمر الصعب، وهي المعضلة الأساسية، وذلك من خلال بعض الاقتراحات المرفقة بالمشروع، والتي يفترض أن تغطي كلفة النفقات الإضافية المقدرة بحوالي المليار و200 مليون دولار، من دون تحميل القطاعات والمكلفين الأعباء الضريبية الجديدة التي رفضت في الموازنات السابقة بين 2011 و2012. من هنا تواجه الدولة معضلة صعوبة التمويل السريع، لذلك تلجأ إلى مخرج تقسيط السلسلة وزيادة غلاء المعيشة على ثلاث أو أربع دفعات تبدأ من العام الحالي وتنتهي في العام 2014 وهو ما كانت ترفضه هيئة التنسيق النقابية. في هذا الوقت تواجه وزارة المالية والحكومة معضلة إخراج موازنة العام 2013، التي تقدر نفقاتها بحوالي 23 الف مليار ليرة، بزيادة حوالي 2500 مليار ليرة عن العام 2012، وهذا يحتاج إلى إيرادات إضافية حسب تقديرات المالية بحوالي 4000 مليار ليرة، لتغطية عجز جديد وقديم نتيجة السلسة وما قبلها وبعدها وهنا الاستحالة. المخرج المتاح أمام الدولة حالياً، هوالاستدانة الإضافية بقيمة 2000 مليار ليرة لتغطية السلسلة، على اعتبار أن استحقاقات موازنة العام 2013 والعجز المقدر لها بحوالي 6000 مليار ليرة، يمكن تأجيلها للعام المقبل، لا سيما أن هناك شحاً داخلياً وخارجياً في تمويل عجز الموازنة العامة، من دون إصلاحات ونشاط اقتصادي يكبّر حجم الاقتصاد ويزيد العائدات. إشارة هنا إلى أن أرقام السلسلة وضعت على أساس 170 إلى 180 ألف موظف ومتعاقد ومتقاعد، بما يهدد في شل القطاع العام، هذا من دون البحث في المؤسسات العامة الاستثمارية وغيرها. إن مناقشات مجلس الوزراء التي تعترف بحقوق الموظفين ما زالت متوقفة عند مصادر التمويل وصعوباتها في هذه المرحلة، لا سيما ان الاستحقاقات الخارجية للعامين المقبلين تقدر بحوالي 8,6 مليارات دولار بالعملات الأجنبية، وهي تحتاج تجديداً أو تسديداً بفوائد وكلفة أقل مما كانت عليه، وهو أمر يزداد صعوبة في ظل أزمة الديون في أوروبا والعالم.
^^ مناقصة معمل دير عمار: قبول 5 شركات
دخلت مناقصة بناء معمل جديد لإنتاج الكهرباء في دير عمار مرحلة التصفية النهائية، لجهة إعلان نتيجة التلزيم المفترض خلال وقت قريب، بعدما تم تصنيف الشركات المقبولة من قبل ادارة المناقصات واللجنة المعنية بالتعاون مع الاستشاري السويسري. وتقضي العملية موضوع المناقصة واستدراج العروض ببناء معمل بطاقة إنتاجية بحوالي 450 ميغاوات، بواسطة مجموعة أو مجموعات تعمل على الغاز. وهو مشروع يفترض إنجازه خلال سنتين من تاريخ التلزيم. تقدر كلفة المعمل بحوالي 600 مليون يورو، مع الشبكات والتجهيزات التابعة، وهي مبالغ يفترض أن تمول من الخزينة والموازنة العامة، لعدم إشراك القطاع الخاص في المشاريع الاستثمارية. وعلمت «السفير» ان عملية استقبال العروض أقفلت منذ أشهر وان ثماني شركات تقدمت بعروضها لبناء المعمل الجديد، وهذه الشركات هي: - شركة «الغانم» الكويتية مع «زيروك» اللبنانية. - شركة «غما» التركية، بالتعاون مع شركة «سيمنز». - شركة «أبنير» الاسبانية وهي من الشركات الكبرى المتعاملة مع شريك لبناني، ويقال انها تتعاون مع «جنرال الكتريك» الأميركية. - شركة « جي ـ أند ـ بي ـ أفاكس « وهي شركة يونانية. - شركة «مبنا» الايرانية. - شركة «سينو هيدرو» وهي صينية. - شركة «نوريكو» صينية أيضاً. - شركة « سيبكو ـ 3» وهي صينية أيضاً. وعلمت «السفير» ايضاً أن لجنة المناقصات استبعدت ثلاث شركات لأسباب تتعلق بعدم مطابقة الشروط، أو لأسباب فنية، حسب مصادر مطلعة، وأبقت على خمس شركات دخلت مرحلة المنافسة الأخيرة قبل التلزيم. وعلم ايضاً أن بعض الشركات الكبرى، وهي عالمية السمعة والخبرة، أبدت ملاحظات على عدم خبرة الاستشاري الأجنبي، انطلاقاً من طريقة الاسئلة والمعلومات المطلوبة، من دون التعليق على سلامة أداء إدارة المناقصات اللبنانية، التي تدير الملف بدقة جيدة. وتوقعت مصادر متابعة أن تنجز إدارة المناقصات تلزيم المعمل الجديد خلال الفترة القريبة، لا سيما أن عملية تصنيف الشركات، والنظر في العروض، بدأ منذ أشهر، وبالتالي يفترض البت فيها خلال وقت قريب جداً. وعلم أيضاً أن الشركة الإيرانية وشركة صينية من بين الشركات المبعدة، إضافة إلى معلومات عن استبعاد شركة ثالثة هي شركة «الغانم الكويتية» المشاركة مع شركة «زيروك» اللبنانية.
^^ مسلسل تراجع الانتاج وزيادة في التقنين
وتصادف عملية تحضير مناقصة بناء معمل جديد في دير عمار مع تراجع قياسي في معدلات التغذية في المناطق اللبنانية، بحيث يصل التقنين إلى أكثر من 12 إلى 14 ساعة يومياً كمعدل وسطي على مستوى لبنان، مع تزايد القطع لأكثر من 3 ساعات حتى في بيروت. أما أسعار الاشتراكات في المولدات الخاصة فوصلت إلى 220 ألف ليرة للخمسة «أمبير» شهرياً، وهو سعر قياسي يرهق الناس في مناطق المولدات الخاصة، التي تستبق وصول البواخر بمزيد من رفع الأسعار. هذا مع العلم أن البواخر التي يفترض أن تطل في شهر إيلول، قد تتأخر بعض الشيء، عن مواعيدها بسبب التجهيزات وخطوط الربط على الشبكات، هذا في حال وصولها في مواعيدها. ولا بد في هذا الصدد من التذكير بمقارنة الطاقة الإنتاجية لمعامل الكهرباء خلال هذه الفترة، وهي تتغير بسبب الظروف الجوية، والأعطال الطارئة، والتعطيل المصطنع، والتعديات مع كل فوضى سياسية أو أمنية. في المجمل تبقى حاجة الاستهلاك تساوي ضعفي قدرة الإنتاج صيفاً وشتاءً فقط. ويمكن تعداد القدرة الإنتاجية للمعامل خلال الأسبوع الثاني من أيلول الحالي، وهي قد تتحسن جزئياً، اذا ما وصلت باخرة الذوق التركية المنتظرة، وفقاً للصفقة التي تمت مع وزارة الطاقة مؤخراً، وهي لن تحسن التغذية لأكثر من ساعة أو ساعتين مع وصول الباخرة الثانية إلى مرفأ الجية أيضاً. معمل دير عمار: يعمل بكامل طاقته بقدرة حوالي 410 ميغاوات معمل الزهراني: يعمل بكامل طاقته بقدرة حوالي 400 ميغاوات. معمل صور: يعمل بكامل طاقته بقدرة حوالي 60 ميغاوات. معمل بعلبك: يعمل بكامل طاقته بقدرة حوالي 60 ميغاوات. معمل الذوق: يعمل بقدرة حوالي 210 ميغاوات (مجموعتان). معمل الجية: يعمل بقدرة حوالي 104 ميغاوات (ثلاث مجموعات). معمل الحريشة: يعمل بقدرة حوالي 30 ميغاوات. الإنتاج المائي: حوالي 75 ميغاوات. وهكذا يكون مجموع القدرة الإنتاجية الموضوعة على الشبكة حوالي 1300 إلى 1350 ميغاوات، في أحسن الحالات، فيما الطلب على الطاقة يتجاوز حوالي 2700 ميغاوات، علما أن أحد أبرز أسباب الطلب الزائد هي التعديات الكثيفة على الشبكة في مختلف المناطق اللبنانية. أما معدل ساعات التغذية بالتيار الكهربائي فهو حوالي 11,5 ساعة يوميا في لبنان ككل وحوالي 10,5 ساعات في المناطق خارج بيروت الإدارية التي تستفيد من برنامج تغذية خاص (21 ساعة يوميا) بموجب توصية من مجلس الوزراء. تبقى النقط الأهم في تركيز البحث حول ضرورة عدم انعكاس النفقات الجديدة على تزايد عجز الموازنة العامة، الذي سيرتفع حوالي 10 في المئة مع إقرار السلسلة، ليصل إلى أكثر من 30 في المئة، وهو يحمل مخاطر على تصنيف لبنان وديونه الداخلية والخارجية، ويعيد نمو الدين العام بأكثر من النمو الاقتصادي، الأمر الذي يضرب ما تبقى من فرص الاستثمار ويزيد التضخم وكلفة المعيشة في السنة المقبلة.