٣٠ ت٢ ٢٠٢٥ 
للمرّة الأولى بعد الانهيار المالي والاقتصادي الكبير الذي أصاب لبنان بعد 2019، يخرج مسؤول برتبة رئيس وزراء ليؤكّد تورّط المصارف اللبنانية بتبييض أموال الاتجار بالمخدرات. هذا الاتهام لا يجوز أن يمرّ مرور الكرام. أثناء مشاركته في مؤتمر "بيروت 1"، في 19 تشرين الثاني 2025، أعلن رئيس الحكومة نواف سلام أنّه "ليس كلّ المودعين سواسية فهناك أصحاب ودائع مشروعة وأصحاب ودائع غير مشروعة، ومن وديعته غير مشروعة وناتجة من الفساد أو تجارة المخدرات فيجب لا فقط أن تُشطب وديعته بل أن يدخل السجن ويُحاسَب". تصريح سلام الذي يأتي بعد إقرار قانون رفع السريّة المصرفية في نيسان 2025، وعلى مقربة من إقرار قانون الفجوة المالية، يؤكّد مسؤولية النظام المصرفي خلال الحقبة الماضية عن إدخال أموال مشبوهة عبر الإيداع أو الغسيل أو التوظيف غير المشروع. فهل يكون ما بعد تصريح رئيس الحكومة كما ما قبله؟ من الناحية القانونية، اتهام رئيس الحكومة للمصارف بتبييض الأموال، وتحديداً أموال المخدرات، ينبغي أن يستتبع بإجراءات قضائية وتحقيقات مالية تفضي إلى تحديد المتورطين بالأسماء، وتحديد كمية أموال المخدرات التي قامت المصارف اللبنانية بتبييضها. والمهم في ذلك هو تحديد المصرفيين المتورطين في تبييض أموال المخدرات، وإحالتهم على المحاكمة لتنظيف القطـ.ـاع المصرفي منهم. ما يميّز التصريح هو الشخصية التي صدر عنها، والمسؤولية التي يتولاها صاحبه في السلطة، فهو ليس محلّلاً سياسيّاً ولا حتى اقتصادياً ولا مسؤولاً دولياً، بل رأس السلطة التنفيذية، ما يستلزم أن يضع مفتاح المساءلة بيد القـ.ـضاء والجهات الرقابية، بما يتيح تحقيقًا قضائيًا مستقلّاً في حسابات المصارف والمُشَخَّصين المتّهمين بغسيل أموال أو فساد أو تهرب ضريبي، مع شفافية بشأن النتائج. تصريح رئيس الحكومة، في حال استتباعه بأجراء قضائي، قد يكون فرصة نادرة لإعادة ضبط النظام المالي اللبناني، وتحميل المصارف مسؤولية ما ارتكبته، بدل الاستمرار في تحييدها عن المسؤوليات، كما في مسؤوليتها عن الانهيار وإعادة توزيع الخسائر. المصدر : بيروت_ريفيو ملاحظة: المواد المنشورة في هذا الباب تمثل آراء كاتبيها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ادارة الموقع. |