مقالات صحفية مختارة > تباطؤ الحركة الاقتصادية ينعكس على نمو التسليفات والقروض المدعومة
3,5 مليارات الديون التجارية المشكوك بتحصيلها .. وتقليص النشاط في سوريا 60%
عدنان الحاج
تعكس حركة التسليفات المصرفية حتى نهاية تموز 2012، الجمود في النشاط الاقتصادي والتجاري في شكل ملحوظ، حتى أن مصرف لبنان طلب من المصارف، خلال اللقاءات الأخيرة، إمهال بعض المؤسسات المدينة وعدم الضغط عليها، نتيجة تراجع الحركة السياحية وتعطيل الموسم نتيجة التطورات التي شهدتها الساحة اللبنانية، ونتيجة الوضع في سوريا وتراجع المؤشرات الاقتصادية الاساسية. في هذا الوقت بدأ موضوع الديون التجارية المشكوك بتحصيلها، يأخذ حيزاً من الاهتمام الرسمي والمصرفي، على الرغم من قلته، مقارنة مع حجم التسليفات للقطاعات الاقتصادية. فقد بلغ حجم القروض التجارية المشكوك بتحصيلها، على الرغم من محاولا المصارف بتطبيق التسهيلات والتسويات، حوالي 3,3 مليارات دولار، مقابل ضمانات متخذة لهذه الديون تغطي حوالي المليار دولار. وهذه الديون تجري معالجتها منذ سنوات، سواء بالتسويات المباشرة أو بإعادة برمجة هذه الديون المتراكمة، لكن الرقم ما زال مستقراً، مما يؤشر إلى وجود بعض الديون التي تعتبر رديئة بفعل الظروف الاقتصادية للمؤسسات. ويفترض، وحسب نشاط المصارف اللبنانية العاملة في سوريا، وتراجع التسليفات وتقليص الأحجام لهذه المصارف إلى 40 في المئة من نشاطها، أن تزيد الديون المشكوك بتحصيلها، بالنسبة للتسليفات في سوريا، مما دفع المصارف اللبنانية العاملة في سوريا إلى تكوين مؤونات في ميزانياتها المجمعة بحوالي 400 مليون دولار، لتغطية مخاطر التسليفات في سوريا. بالعودة الى النشاط المصرفي في لبنان، وحسب تقرير لجمعية مصارف لبنان، واستناداً إلى إحصاءات مصرف لبنان والجمعية، فقد شهد العام 2011 والأشهر السبعة الأولى من العام 2012، تباطؤ نمو النشاط المصرفي، بالمقارنة مع العام 2010 والسنوات التي سبقت، مع تباطؤ النشاط الاقتصادي عامة، متأثّراً بالأحداث الداخلية والخارجية وخصوصاً في سوريا. وظلّت المصارف اللبنانية تلعب دور الوسيط المصرفي بفعالية، من خلال اجتذاب الودائع وتمويل الاقتصاد بقطاعَيْه العام والخاص، ولو تباطأت وتيرة نموهما. وانعكست عوامل عدّة، منها بروز حالة من عدم الاستقرار السياسي المحلي والاضطراب السياسي والأمني في المنطقة، تباطؤاً في نمو كلّ من الودائع والتسليفات في القطاع، وبالتالي في نمو النشاط المصرفي ككلّ. مما استدعى اتخاذ التدابير الاحترازية والإجراءات النقدية المناسبة، والعمل ضمن الضوابط والسقوف الموضوعة، التي تصبّ في خانة تحصين القطاع المصرفي والنقد الوطني. يكفي التذكير ببعض المؤشرات والاحصاءات التي تنعكس وتعكس تراجع النشاط الاقتصادي عموما والتحديات المقبلة لحركة التسليفات المصرفية: - بالنسبة لحركة الرساميل الوافدة، فقد بلغت حتى نهاية تموز من العام الحالي 8,8 مليارات دولار، بزيادة حوالي 1,3 مليار دولار عن الفترة ذاتها من العام 2011 بما نسبته 15,8 في المئة. - المؤشر الثاني يتعلق بميزان المدفوعات الذي حقق عجزاً تراكمياً قدره 1300 مليار ليرة حتى نهاية تموز، وذلك نتيجة تراجع نمو الودائع المصرفية من جهة وارتفاع العجز التجاري من 8,4 مليارات دولار في العام 2011، إلى حوالي 10,1 مليارات دولار. هذا التزايد في عجز الميزان التجاري والناتج من زيادة الاستيراد وتراجع الصادرات اللبنانية أدى إلى العجز في ميزان المدفوعات للسنة الثانية على التوالي. - الأمر الآخر الذي يعكس دورات حركة التجارة والتحويلات يتعلق بسرعة دوران القطع الذي تراجع أيضاً بنسبة تصل إلى 6 في المئة، مما يعكس الحركة التجارية عموما. - على صعيد النشاط العام للقطاع المصرفي فقد بلغت الودائع في نهاية تموز من العام 2012 ما مجموعه 119,7 مليار دولار، بتراجع عن شهر حزيران من العام نفسه حوالي 130 مليون دولار، مما يؤشر إلى تراجع حركة الودائع وليس تزايدها، وهو أمر حصل خلال شهر آب أيضاً، مما يعني تأثيرا إضافيا على مصادر التمويل لعجز الموازنة واحتياجات الدولة في المرحلة المقبلة. بالعودة إلى التسليفات للقطاعات الاقتصادية وحسب تقرير جمعية مصارف لبنان أيضاً، فقد بلغت التسليفات الممنوحة للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم حوالي ما يوازي 41,4 مليار دولار مقابل 39,5 مليون دولار في نهاية العام 2011 وحوالي 34930 مليون دولار في نهاية العام 2010. وبذلك، تكون هذه التسليفات قد تابعت ارتفاعها بنسبة جيدة بلغت 5,4 في المئة في الأشهر السبعة الأولى من العام 2012 (+9,2% على أساس سنوي) مقابل 9,8 في المئة في الفترة ذاتها من العام 2011. وكانت نسبة زيادة هذه التسليفات قد تباطأت إلى 12,7 في المئة في العام 2011 مقابل 23,1 في المئة في العام 2010. وشكّلت التسليفات للقطاع الخاص غير المقيم، والتي تتعلّق في جزء كبير منها بتمويل مشاريع لرجال الأعمال اللبنانيّين في الخارج، ولا سيّما في الدول العربية والافريقية، 12,8 في المئة من إجمالي التسليفات للقطاع الخاص في نهاية تموز 2012 مقابل 13,1 في المئة في نهاية كلّ من عامَي 2010 و2011. ومن ناحية توزّع هذه التسليفات حسب الشرائح، تبيّن الإحصاءات أنّ التسليفات التي تزيد قيمتها عن مليار ليرة لبنانية، والتي يستفيد منها 1,6 في المئة فقط (عددهم 6311 شخصاً ومؤسسة) من إجمالي المستفيدين (البالغ عددهم 401399)، من أفراد ومؤسسات صغيرة وشركات متوسطة وكبيرة الحجم، شكّلت أكثر من 71,7 في المئة من إجمالي قيمة التسليفات في نهاية العام 2011. عدنان الحاج