مقالات صحفية مختارة > ثروة الغاز: 41 مليار دولار حتى الآن
الاخبار : 4-10-2012
الشركات تُقبل على شراء المعلومات عن لبنان بانتظار منح التراخيص
بعد مسح 50% من المنطقة الاقتصادية الخالصة تبيّن أنّ مساحة تبلغ 3 آلاف كيلومتر مربّع تحوي 12 تريليون قدم مكعب من الغاز (أ ف ب) أرقام كثيرة يجري تداولها حول قيمة الغاز الموجودة في المياه اللبنانيّة. البيانات التي توفّرت أخيراً نتيجة مسح نصف المنطقة الاقتصاديّة الخالصة توضح أنّ من شبه المؤكد وجود ثروة تُقدّر بأكثر من40 مليار دولار حسن شقراني مع قراءة هذه السطور تُباع المعلومات الخاصة بقطاع النفط والغاز اللبناني إلى الشركات المهتمّة في عاصمة النفط الأميركية ــ وإحدى أهمّ العواصم العالمية في هذا القطاع ــ هيوستن. وهي المدينة الأكبر في ولاية تكساس النفطية. فبحسب مصادر من شركة «Spectrum» التي أنجزت أخيراً مسح نصف المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان، «تتهافت الشركات على طلب البيانات الخاصّة بلبنان بعدما بيّنت المسوحات المتقدّمة أخيراً أنّ الغاز موجود بكثرة». إذ نتيجة المسوحات السيزمية، ثنائية وثلاثية الأبعاد التي أُنجز جزء كبير منها أخيراً «تبدو الأمور رائعة جداً بالنسبة للبنان» يُعلّق المصدر نفسه. «الشركات الآن تنتظر إطلاق جولة التراخيص الأولى لانطلاق العمل وبدء الحفر، ونأمل ألا يتأخّر إطلاق الجولة أكثر بسبب بعض التقيدات الموجودة». ويقصد الخبير النفطي بالتقيدات كيفية توجيه القطاع النفطي اللبناني صوب الازدهار في ظلّ الحسابات الطائفية والفئوية التي أعاقت تشكيل هيئة إدارة قطاع النفط. من صلاحيات تلك الهيئة ــ التي اتُفق أخيراً على أن تكون رئاستها بالمداورة وفقاً لولاية من عام واحد ــ أن تُصدر مراسيم إضافيّة لمنح التراخيص اللازمة لبدء الحفر. وقد انطلق عام 2012 بآمال كبيرة على هذا الصعيد، غير أنّها لم تتبلور حتّى الآن. لكن لنسلّم جدلاً أنّ جولة التراخيص ستبدأ قريباً مع إقرار مجلس النوّاب أسماء أعضاء الهيئة، فماذا يُمكن توقّعه من الثروة النفطية (ومعظمها من الغاز) انطلاقاً من البيانات التي تم التوصل إليها حتّى الآن؟ بعد مسح حوالي 50% من المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تبلغ مساحتها الإجمالية 22700 كيلومتر مربّع ــ أي أكثر من ضعف مساحة لبنان البريّة ــ تبيّن أنّ مساحة تبلغ 3 آلاف كيلو متر مربّع تحوي 12 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي. وقياساً بسعر الغاز الطبيعي السائد حالياً، تكون قيمة تلك الكمية 41 مليار دولار ــ على اعتبار أنّ سعر الألف متر مكعب في السوق العالميّة هو 3.43 دولارات. وبحساب بسيط، مع افتراض أن نصف المساحة الآخر الذي لم يُمسح بعد يحوي الكمية نفسها المكتشفة جنوباً، فإنّ ثروة الغاز اللبنانية تُقدّر بضعف المبلغ المذكور أي 82 مليار دولار. طبعاً، تبقى جميع الحسابات الآن تقريبيّة (حتّى تلك التي تُجرى في أكثر الأروقة احترافية) نظراً لتعقيدات تقدير كميات النفط والغاز قبل الحفر وخصوصاً في البحر. ولكن هذا الرقم يقترب كثيراً من الذي تحدّث عنه أمين سرّ بعثة لبنان إلى مجلس الطاقة العالمية، رودي بارودي أخيراً. فقد أشار إلى أنّ قيمة الثرورة النفطية اللبنانية تُقدّر بـ100 مليار دولار. ومن الحسابات التقديرية الأخرى ما يُفيد بالتالي: إذا اعتمدنا قسمة العدل في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط فإنّ حصّة لبنان تكون ثلث الكميات الإجمالية المقدّرة وهي 122 تريليون قدم مكعب (والباقي موزّع بالتساوي بين إسرائيل وقبرص)، أي ما قيمته 141 مليار دولار تقريباً من إجمالي 424 مليار دولار. لكن ليس كل شيء برداً وسلاماً وآفاقاً مبهرة، فتلك الكميات موجودة على عمق 2150 متراً ما يعني أنّ عملية استخراج الغاز ستكون «صعبة ومعقّدة وتتطلّب بعض الوقت» وفقاً لما أكّده وزير الطاقة والمياه، جبران باسيل، خلال الكشف عن نتائج المسوحات التي أجرتها «Spectrum». وهناك مسألة أخرى. فعلى الرغم من أنّ سباق الغاز في المتوسّط انطلق مع اكتشاف إسرائيل كميات وفيرة في المياه المقابلة للشواطئ الفلسطينية، إلا أنّ الدولة العبريّة مصابة بنوع من خيبة الأمل حتّى الآن. فحقل «ميرا» الذي يقع على بعد 40 كيلومتراً من ساحل مدينة الخضيرة، تبيّن أنّه خالٍ من الغاز الطبيعي. وأخيراً أكّدت شركة «Modiin Energy» المتخصّصة بالتنقيب عن النفط أن حقل «شمشوم» يحوي 550 مليار قدم مكعبة من الغاز، بعدما كانت التقديرات الأكثر تفاؤلاً تُفيد بأنه يحوي 4 أضعاف هذه الكمية تقريباً. وبذكر إسرائيل، فإنّ قضيّة اغتصابها 860 كيلومتراً من المياه الخاصة بلبنان في ترسيم حدود خاطئ تقنياً مع الجانب القبرصي، لا تزال قائمة، وهي تُثار كثيراً في الإعلام على اعتبار أنّها القضية الأولى. ولكن يجب ألا يجلد لبنان نفسه كثيراً على تلك المساحة، فرغم أنّ اتفاقية الأمم المتحدة حول قانون البحار (UNCLOS) قد أُقرّت منذ 30 عاماً إلا أنّ 50% من الحدود البحرية حول العالم تبقى غير محدّدة، فكيف بالأمر إذا كان الأمر يتعلق بإسرائيل التي أظهر التاريخ أنها عادة ما تُسقط بسهولة حسابات الأرض والجغرافيا في حساباتها الاستراتيجية؟ على أيّ حال، يجب على لبنان أن يجلد نفسه لسبب آخر وهو أنّه حتّى الآن لم يشكّل هيئة إدارة قطاع النفط. تبقى إشارة وحيدة، وهي أنّ الكميات التي تم اكتشافها بالمسوحات أخيراً هي في مياه خارج المنطقة المتنازع عليها كلياً مع الدولة العبرية. اقتصاد العدد ١٨٢٦ الجمعة ٥ تشرين الأول