مقالات صحفية مختارة > ألف تعاونية زراعية تتشارك بخلو سجلاتها من الإنجازات
القطاع ينحرف في سني الفوضى عن أهدافه
> سامر الحسيني
تنتشر في منطقة البقاع، كما غيرها من المناطق، مئات التعاونيات الزراعية التي يفترض أن تعمل على تنمية القطاعات الزراعية والمساعدة في تسويق الانتاج وتصريفه. ويتبين عند تعداد التعاونيات المسجلة داخل «الاتحاد العام للتعاونيات في لبنان» وجود أكثر من ألف تعاونية، تشمل القطاعات كافة، إلا أنها تشترك في ما بينها بخلو سجلاتها من إنجازات أو مشاريع تطويرية أدت غايتها المرجوة التي أنشئت على أساسها. في البقاع تعاونيات تأسست منذ عشرات السنين ولا تزال حاضرة بسجلاتها من دون أي نشاط، مثل «تعاونية تجمع مزارعي البقاع» التي دشنت انطلاقتها باحتفال ضخم وكان الهدف من إنشائها التعاون مع «تعاونية فرت الفرنسية» بهدف التواصل بين مزارعي البحر الابيض المتوسط. واستفادت التعاونية بمبالغ كبيرة من أموال الهبات الأوروبية التي تهدف الى رفع الإنتاجية عند المزارع البقاعي، الذي بقي ولا يزال بعيدا عن هذه التعاونية التي تجري كل سنة انتخابات لمجلس إدارتها من دون ان يسجل لها أي عمل على صعيد مساعدة المزارعين سوى الاستفادة من مساعدات أوروبية والعمل على فتح أبواب الاسواق الاوروبية أمام منتجاتهم وهذا ما لم يتحقق حتى اليوم. يضاف الى هذه التعاونية تعاونيات اخرى أضافت الى أسمائها صفة البيئية التي استفادت من أموال ايضا تقدمها الجهات المانحة الاوروبية والاميركية من دون أن يكون لها أي تأثير مباشر على القطاع الزراعي. الميس: انحراف العمل التعاوني ويوضح الرئيس العام لـ«اتحاد التعاونيات في لبنان» الدكتور رضا الميس لـ«السفير» أن «العمل التعاوني انحرف في سنين الفوضى عن السبب الحقيقي فنشأت مئات التعاونيات التي كان يهدف وجودها سابقاً إلى تطوير العمل الجماعي، وتسهيل أمور مؤسسيها، وفُتحت مجالات للتعاون بين الداخل والخارج لرفع إنتاجية كل تعاونية، مع تقديم حوافز مالية تترجم بإعفاءات ضريبية متعددة ومنها القيمة التأجيرية التي تفرضها البلديات، عدا رسوم ميكانيك وسواها من الضرائب التي لا تطال التعاونيات». وينوّه الميس بالخطوات الأخيرة التي قام بها وزير الزراعة الدكتور حسين الحاج حسن في موضوع شطب عدد كبير من التعاونيات التي لا تعمل وشبه المنحلة، ولا تحمل من وجودها وكيانها سوى اسمها والعلم والخبر المسجلين في الوزارة. ولعل مسألة تكاثر التعاونيات الزراعية، تعود إلى الاجراءات البسيطة للحصول على رخصة، إذ في خلال أقل من شهر، بإمكان مجموعة من الأشخاص يتراوح عددهم ما بين 5 و9 أشخاص، الحصول على رخصة تعاونية التي تنحصر إجراءاتها بتقديم طلب في الدائرة التعاونية المناطقية التي ترفع بدورها الطلب إلى المديرية العامة للتعاونيات لإبداء الرأي، ومن ثم يعطى الترخيص، ويتم تسجيل «العلم والخبر» في «الجريدة الرسمية» بعد أن يتم انتخاب الهيئات المسؤولة عنها.
تكاثر عدد التعاونيات
ويتكاثر مع كل عهد، عديد التعاونيات التي تنحصر أسباب نشأتها بهدف استقطاب بعض المساعدات الدولية والمنح والهبات التي تغدق من دون رقيب وحسيب على بعض التعاونيات في إطار المحسوبيات الحزبية والسياسية والمصالح الانتخابية. ففي السنوات الأخيرة تم الترخيص لمئات التعاونيات التي لم يكتب لها النجاح في أي مشروع تطويري، هذا ان قامت بمشاريع أو دراسة ما، وكأن الأولوية والغاية الأساس من التعاونية باتت تكمن في هدر بعض أموال الهبات والمساعدات الدولية التي تغدق على بعض التعاونيات ومنها لا يملك كيانا إداريا أو حتى بناء ومركزا. ويؤكد الميس أن «وزارة الزراعة اتخذت أخيراً، قرارا بشطب كل التعاونيات غير المنتجة، أو ما يطلق عليه تعاونيات محلولة مع تقديم مساعدات وحوافز للتعاونيات الناشطة في المجال الزراعي والموثقة مشاريعها في أوراق رسمية مع مساعدة التــعاونيات العاملة، ولكنها متعثرة ماليا بهدف إعادة نهوضها».
فروقات في النشاطات
ويلاحظ «وجود فارق كبير في نشاط التعاونيات الإلزامية والتعاونيات الحرة، فالأولى ونظرا لإلزامية الانتساب إليها من قبل المزارعين، تسجل نجاحات لأنها تفرض على المزارعين شروطاً إلزامية للانتساب كي يتمكنوا من الزرع على سبيل المثال تعاونية مزارعي الشمندر السكري، حيث يمنع على أي مزارع زراعة الشمندر ما لم يكن منتسباً إلى التعاونية»، على الرغم من وجود تحفظات على هذه التعاونية، وفق الميس. كثير من التعاونيات نجحت عندما أدارها مهندسون زراعيون متخصصون كانوا قد ألزموا بإنشاء تعاونية بهدف تصدير المنتجات إلى الخارج وتـــسهيله، وبعــد تواصلهم مع مستوردين من الخارج وهم في أغلبهم أصحاب تعاونيات زراعية لا يحبذون إلا العمل التعاوني. ويركز الحاج حسن منذ أكثر من سنتين، على «أهمية العمل التعاوني الذي يجب أن يكون المنطلق الأساس في تطوير القطاع الزراعي، ما يؤدي إلى تطوير حركة الصادرات الزراعية، وفتح أسواق خارجية والتعامل مع تعاونيات خارجية تعنى بالتصدير، والأهم تضافر جهود لتخفيف الكلفة الانتاجية الزراعية».