مشاريع الكهرباء تدخل مرحلة التلزيم.. ونتائج 3 مناقصات أمام مجلس الوزراء أسعار إنتاج المجموعات الجديدة تقلّ 36% إلى 55% عن البواخر والمعامل الحالية
عدنان الحاج السفير 29-10-2012
بمعزل عن أزمة البلاد السياسية والأمنية التي تعيشها البلاد، يبقى موضوع تحسين قطاع الكهرباء من أولويات الدولة لرفع الأعباء الإضافية على كل المجتمع اللبناني، لا سيما أن المرحلة الأولى من خطة الكهرباء التي وضعتها الحكومة دخلت مرحلة التنفيذ من حيث إنجاز المناقصات وفضّ العروض لإيجاد المصادر الجديدة للطاقة من خلال إنشاء معامل جديدة، إضافة إلى مناقصة أخرى تتعلق بتأهيل وتطوير المجموعات في معملي الذوق والجية التي أجراها مجلس الإنماء والإعمار وهي قيد الانجاز ولم يتم فضّ عروضها بصورة نهائية أمس. استعجال إنجاز تنفيذ المرحلة الأولى من دون تأخير جديد بات أمراً ملحاً، لاعتبارات عدة كون موضوع الكهرباء أصبح يرهق الخزينة والمواطن والقطاعات الانتاجية في آن معاً، وبالتالي بات الأمر ملحاً للحدّ من نمو هذا العجز عن طريق خفض كلفة الإنتاج أولاً بعد الانتهاء من عملية تلزيم تقديم الخدمات لشركات القطاع الخاص التي يفترض أن تعالج الهدر والحدّ من السرقات والتعليق على الشبكات، ما يخفض العجز ويحسن الإيرادات لكهرباء لبنان التي تعاني من عجز يقارب الملياري دولار سنوياً، وهو أمر يحتاج البدء بمحاصرته، ولم يعد يحتمل المزيد من التأجيل. إذاً لا بد من تسريع عملية البت في المناقصات التي أجرتها إدارة المناقصات بالتعاون مع وزارة الطاقة وبعض الاستشاريين الأجانب، خصوصاً أن نتائج العروض الأفضل التي تقدمت بها الشركات المختارة مبدئياً من حيث كلفة الإنتاج أقل بمعدلات كبيرة تصل إلى حوالي 50 في المئة من كلفة المعامل الحالية في لبنان، كما تقل بنسبة تصل إلى حوالي 30 في المئة عن البواخر المستأجرة. هذا استناداً إلى مقارنة كلفة إنتاج الكليوات ساعة بين الحاصل حالياً وعروض المناقصات الثلاث التي أجرتها إدارة المناقصات بالتعاون مع وزارة الطاقة بالنسبة لإنشاء معمل جديد في دير عمار بطاقة تصل إلى حوالي 500 ميغاوات تنتج على الغاز أو الفيول أويل أو المازوت، وعروض مناقصة تأمين مجموعات ارتدادية لمعملي الجية والذوق وهي عبارة عن مجموعات أو مولدات كبيرة بطاقة 194 ميغاوات للذوق وحوالي 80 ميغاوات للجية. أولاً- في التفصيل يحدد أفضل العروض بالنسبة لمعمل دير عمار كلفة إنتاج الكليوات ساعة 13,62 سنتاً (حوالي 204 ليرات)، مقابل حوالي 21,3 سنتاً (حوالي 320 ليرة)، لكلفة إنتاج الكيلوات من البواخر المستأجرة، والتي تُقدر كلفة استئجارها بحوالي 392 مليون دولار لمدة 3 سنوات، ومقابل حوالي 29 إلى 30 سنتاً (حوالي 430 ليرة) لكلفة إنتاج الكليوات في المعامل الحالية العاملة في لبنان. بمعنى آخر ان إنشاء المعمل الجديد في دير عمار يوفر أكثر من 60 في المئة من كلفة الإنتاج الحالي. وفي حال استعمال الغاز في دير عمار تنخفض الكلفة إلى 9,2 سنتات (حوالي 138 ليرة)، ما يعني أقل من ثلث الكلفة الحالية للإنتاج. ثانياً- بالنسبة إلى المجموعات الارتدادية أو المولدات الجديدة في الذوق والجية، فإن كلفة إنتاج الكيلوات بين 14,7 سنتاً (حوالي 220 ليرة في الذوق) وحوالي 15,08 سنتاً في الجية (حوالي 226 ليرة). من هنا تسريع تلزيم المعامل الجديدة حسب العروض الأفضل من خلال نتائج المناقصات التي فضت عروضها. المخصصات المحددة والمقدرة بحوالي 850 مليون دولار لإنشاء 700 ميغاوات لم تعد كافية لتغطية نتائج المناقصات لحوالي 836 ميغاوات، ما يستوجب على مجلس الوزراء وفي ضوء تقرير وزير الطاقة تأمين اعتماد إضافي بحوالي 180 مليون دولار وهو لتغطية الطاقة الإضافية أو الاستغناء عن مشروع الجية أو الذوق. علماً أن تسريع إنجاز التلزيمات هو أفضل من إلغاء أو إعادة المناقصات على اعتبار أن كل تأخير يحمّل الخزينة عجزاً أكبر من جراء فارق الكلفة على اعتبار أن إعادة أي مناقصة تحتاج عدة أشهر لدفاتر الشروط والتنفيذ، وأن العبء الشهري للتأخير يقارب 25 إلى 29 مليون دولار.
^^ في خطة قطاع الكهرباء والإنتاج
نصّت الخطة الموضوعة في العام 2010 بالنسبة لتوليد الكهرباء ورفع الإنتاج على الآتي: - أولاً: استئجار العبّارات البحرية (البواخر) لقدرة تتراوح ما بين 110 و280 ميغاوات بكلفة استئجار تساوي 5,2 سنتات للكيلوات (لا تشمل هذه الكلفة سعر المحروقات المسلم من الدولة مباشرة). - ثانياً: إنشاء معامل جديدة لتوليد الكهرباء بقدرة 600 إلى 700 ميغاوات وبكلفة 750 إلى 875 مليون دولار، أي بكلفة وسطية للميغاوات بحدود 1250 دولارا. على أن تشمل خطة التوسع معامل دائرة مختلطة مصممة كمعامل إنتاجية تؤمن الاستدامة لفترة طويلة والمردود الأعلى بالرغم من كلفة التجهيز العالية ومعامل تستعمل المحركات الارتدادية التي تعتمد عادة نظراً لسرعة التنفيذ بالرغم من الكلف العالية لصيانتها وتجديد المحركات. * بالنسبة لاستئجار العبارات، فقد تمت الصفقة لاستئجار عبارتين بقدرة 270 ميغاوات وبكلفة 5,95 سنتات لاستئجار الكيلوات بدلاً من كلفة 5,2 سنتات المقدرة في الخطة أي بزيادة 15 في المئة عن التقديرات المعتمدة في الخطة. * بالنسبة لمعامل التوليد الممولة من الدولة اللبنانية وبعد صدور القانون الرقم 181 الذي خصص مبلغ 1772 مليار ليرة لبنانية لإنتاج 700 ميغاوات ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية، وقد خصصت الخطة مبلغ 850 مليون دولار لمعامل الإنتاج ومبلغ 250 مليون دولار لإنشاءات نقل الطاقة من المعامل. بعد إعداد دفاتر الشروط من قبل شركة استشارية سويسرية الموافق عليها من البنك الدولي ومجلس الوزراء أطلقت وزارة الطاقة مناقصة لإنشاء معمل دائرة مختلطة في موقع جديد في دير عمار بقدرة 500 ميغاوات وبحدود 5 في المئة زيادة أو نقصان، بالإضافة إلى مناقصتين لمنشأتين داخل معملي الذوق والجية لإنتاج الكهرباء بواسطة المحركات الارتدادية والفيول الثقيل. وكنتيجة للمناقصات التي جرت من خلال المديرية العامة للمناقصات التابعة لرئاسة الوزراء تم الإرساء بالشكل التالي:
^^ ملاحظة: حول المعامل الجديدة وعملها
حسب الشروط الموضوعة والعروض المقدمة، يمكن نظرياً استعمال الغاز لتشغيل المحركات الارتدادية في مشروعي الذوق والجية، لكن ذلك متعذر لعدم توافر خطوط وتجهيزات غاز في لبنان باستثناء دير عمار التي تم تجهيزها من الشبكة السورية قبل أحداث 2005. أما مدة التنفيذ من تاريخ موافقة مجلس الوزراء على نتائج المناقصة وتوقيع وزير الطاقة، فهي بالنسبة لدير عمار 18 شهراً لإنتاج 354 ميغاوات في المرحلة الأولى و27 شهراً، أي تسعة أشهر إضافية لإتمام المشروع، بينما مدة التنفيذ بالنسبة للمحركات الارتدادية لا تتجاوز 16 شهراً. خلافاً لمشروع استئجار العبارات (البواخر) التي تجاوزت كلفتها بنسبة 15 في المئة تقديرات وزير الطاقة فقد جاءت نتيجة كل من مناقصتي دير عمار والذوق ضمن هامش أقل من واحد في المئة من المبلغ المقرر وهو 1250 دولارا للكيلوات، بينما تجاوز سعر الكيلوات في معمل الجية التقديرات بنسبة 18 في المئة. المبلغ المخصص حالياً للمشاريع الثلاثة وهو 850 مليون دولار لإنتاج 700 ميغاوات غير كاف لتغطية كلفة المشاريع الثلاثة التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 836 ميغاوات وكلفتها الإجمالية 1010 ملايين دولار. وبالرغم من ان متوسط كلفة الكيلوات في المرحلة النهائية للإنتاج البالغة 1208 دولارات (بما في ذلك كلفة البنى التحتية في دير عمار) تبقى دون المبالغ المقدرة فسيكون لدى مجلس الوزراء ثلاثة حلول: 1ـ إما تأمين تمويل إضافي خارج القانون 181 بحدود 160 مليون دولار لتنفيذ كل المشاريع موضوع المناقصات. 2 ـ إما نقل 160 مليون دولار من المبالغ المخصصة للتوزيع في الخطة، خصوصاً أن محطات التحويل هذه جزء من المناقصة. وهذا أمر يمكن تحقيقه بقرار من الحكومة. 3 ـ إما إلغاء أحد المشاريع، وفي هذه الحال يبدو من المنطقي التخلي عن مشروع الجية الأكثر كلفة والأقل جدوى اقتصادية في إطار تحسين زيادة الإنتاج في شكل ملحوظ والمباشرة بتخفيف الأعباء. علماً أن إعادة المناقصة بالنسبة للمعمل الكبير، ستستغرق مدة حدها الأدنى تسعة أشهر لإعادة دفتر الشروط وإعادة المناقصة. وهكذا تكون أزمة الكهرباء قد مددت لفترة كبيرة أخرى من حيث تزايد العبء المالي من جهة، وتزايد التقنين وعجز الخزينة ومؤسسة الكهرباء من جهة ثانية. في الخلاصة يرتدي موضوع تحديث معامل الكهرباء الأهمية الأولى لزيادة القدرة الإنتاجية وتغطية الحاجة، وصولاً إلى إعادة النظر في التعريفة المطبقة حالياً بحيث لا تأتي الزيادة كبيرة على المليون و250 ألف مشترك بعجز مؤسسة كهرباء، ومن ثم وقف النزف في الخزينة من خلال عجز الكهرباء الذي يأكل حوالي 52 في المئة من عجز الموازنة المقدر بحوالي 5800 مليار ليرة سنوياً وهو إلى تزايد، وكل تأخير إضافي يضرّ الانتاج والاستهلاك والخزينة.