مقالات صحفية مختارة > السياسة حاضرة في التعويضات على مزارعي الضنّية
وأخيراً تسلّم مزارعو الضنية تعويضاتهم عن موسم التفاح الذي تضرّر عام 2011. لكن على الرغم من الارتياح الذي عبّر عنه المزارعون، لم يمرّ الأمر من دون اعتراضات نتيجة تباينات سياسية واضحة عبد الكافي الصمد الاخبار 5-11-2012 بعد مرور أكثر من سنة على تعرّض موسم التفاح في الضنية لموجة بَرَدْ (26 أيلول 2011) قضت على معظمه، استردّ المزارعون المتضرّرون بعض خسائرهم إذ قبضوا السبت الفائت تعويضات مالية كانت الحكومة قد أقرّتها لهم منذ مدّة. الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة، العميد إبراهيم بشير، أشرف مباشرة على عملية توزيع التعويضات، بمساعدة فريق عمل من الهيئة وبالتعاون مع اتحاد بلديات الضنية ورؤساء بلديات البلدات الـ11 المتضرّرة (عاصون، سير، بقاعصفرين، بقرصونا، نمرين، القطين، قرصيتا، بيت الفقس، السفيرة، عين التينة وكفربنين). التعويضات توزّعت على قسمين: الأول نقدي جرى تسليمه للمزارعين المتضرّرين الذين تقلّ قيمة ما حصلوا عليه عن 500 ألف ليرة؛ والثاني هو شيكات صادرة عن مصرف لبنان للمزارعين الذين تفوق تعويضاتهم هذا المبلغ. بشير أوضح لـ«الأخبار» أن «قيمة التعويضات التي وُزّعت بلغت ملياراً و600 مليون ليرة تقريباً حصلت عليها 3600 عائلة متضررة في الضنية»، موضحاً أن الضنية «هي الوحيدة التي استفادت حتى الآن من هذه التعويضات». وفيما نوّه ببعض رؤساء البلديات الذين تابعوا الموضوع منذ بدايته، اشتكى من «فوضى سادت عمليات التوزيع في بعض البلدات التي تعود إلى حالة العوز الشديدة لدى عائلاتها المتضررة، وكونهم أول مرة على ما يبدو يقبضون تعويضات من هذا النوع». غير أن هذه التعويضات لن تكون الأخيرة للمنطقة، إذ كشف بشير عن تعويضات «جرى تخصيصها لبلدة بقرصونا لمعالجة زحل الأراضي وتصدّع أكثر من100 بيت فيها سيتمّ دفعها قريباً، بعدما كشفت لجان متخصصة من هيئة الإغاثة ومجلس الإنماء والإعمار على واقع الأضرار في البلدة». لفتة هيئة الإغاثة والحكومة تجاه المزارعين المتضررين في الضنية، كانت محل ترحيب أغلب المعنيين في منطقة تعدّ فقيرة ومهمّشة، نظراً لما يمثله القطاع الزراعي من أهمية بالنسبة لأهالي الضنية في تأمين معيشتهم. إذ يعتاش حوالى 42% من سكان الضنية من هذا القطاع بشكل مباشر أو غير مباشر، وفق إحصاءات صادرة عن وزارة الزراعة عام 2010. رئيس الاتحاد محمد سعدية رأى أن التعويضات «تأتي في عزّ الحاجة إليها»، لافتاً إلى أنها «المرة الأولى التي يتم فيها التعويض على المزارعين في الضنية. فهم تعرّضوا لكوارث وأضرار في السنوات السابقة، لكنهم لم يتلقوا من الحكومات السابقة سوى الوعود». وقد أكّد رئيس بلدية سير أحمد علم أنها «المرة الأولى التي يشعر فيها أهالي الضنية بأن هناك من يهتم فعلاً لأمرهم». مشهد خروج بعض المزارعين المتضرّرين بعد تسلّمهم شيكاتهم والفرحة بادية على وجوههم كان لافتاً، إلى حدّ أن بعضهم اغرورقت عيناه بالدموع بعدما قبض تعويضاً عن بعض خسائره التي تكبدها، بينما كان أغلبية المزارعين من كبار السنّ يبصمون على الجداول بعد تسلّمهم تعويضاتهم، كونهم لا يتقنون القراءة والكتابة. لكن حالة الرضى عن التعويضات لم تكن شاملة بين المزارعين المتضرّرين، إذ عمد بعضهم بغضب إلى ردّ المبلغ المخصص له وهو يقول «ردّوه على جوعكم»، فيما مزق آخر شيك عائد له ورماه أرضاً بعدما وجد أن المبلغ المخصّص له لا يتناسب مع الخسائر التي لحقت به، مردّداً عبارات انتقادية بحق ميقاتي وهيئة الإغاثة والبلديات. هذه الحالات الاعتراضية أثارت استياء بشير ورؤساء البلديات وأغلب المزارعين المتضرّرين، الذين رأوا في تصرفات المعترضين «استعراضاً لأسباب سياسية، فأغلبهم من مناصري تيار المستقبل». وهذا ما دفع أحد رؤساء البلديات إلى القول على مسمع من الحضور: «إذا كان توزيع التعويضات بهذا الشكل لم يعجبهم، فهل يمكن أن يقولوا لنا أين ذهبت التعويضات والمساعدات المخصصة للمنطقة التي كانت بملايين الدولارات أيام حكوماتهم السابقة، والتي لم يصل للضنية أي شيء منها!». وعندما استوضحت «الأخبار» بشير عن التعويضات السابقة، أكد أنه «يوجد في الهيئة ملفات تقول إنه صُرف عام 2003 في بلدة بقرصونا وحدها قرابة 5 ملايين دولار». بشير الذي أوضح أن ميقاتي طلب منه «عدم فتح ملفات هيئة الإغاثة في هذه الظروف»، علّق على الهبات الكبيرة التي وصلت إلى الهيئة بعد العدوان الإسرائيلي عام 2006: «لو كان معنا اليوم 10% من تلك الهبات والمساعدات، لما تركنا منطقة فقيرة ومهملة في لبنان!».
