مقالات صحفية مختارة > أموال الغاز منذ السنوات الأولى ......إغراء الشركات بمحفزات ضريبيّة سخيّة
مؤتمر جديد، حماسة جديدة. الفرق هذه المرّة أنّ الفاعلين في قطاع النفط يجتمعون في بيروت بعدما شُكّلت هيئة إدارة النفط وبدأ العد العكسي لشفط الثروة من المياه حسن شقراني الاخبار 4-12-2012 هناك فارق أساسي بين «المنتدى الدولي الثاني لاستكشاف النفط والغاز» الذي استضافه لبنان في بدايات صيف 2012، والقمّة الدولية للنفط والغاز التي ينظّمها حالياً. اليوم أضحى القطاع الذهبي المرتقب أن يدرّ الخيرات خلال سنوات قليلة، مرعيّ مباشرة من جانب هيئة خاصّة. لتلك الهيئة مهمات استشارية. على رأسها حالياً رفع المراسيم الخاصة بالقطاع على نحو رسمي، إضافة إلى إطلاق جولة التراخيص الأولى لتحديد الشركات المحظيّة بالتنقيب عن الوقود الأحفوري. لكن هناك تساؤلات كثيرة خاصّة بكيفية عملها إضافة إلى علامات استفهام خاصّة بمستقبل القطاع والخيارات التي يسلكها. طُرحت تلك التساؤلات بصيغ مختلفة في انطلاق القمّة. بداية مع المسائل العاجلة؛ إذ يؤكّد الخبراء أنّ استدراج العروض لمنح التراخيص الخاصة بالتنقيب والاستخراج يحتاج بين 3 أشهر و 6 أشهر. وهذا يعني أنّه بعد انعقاد طاولة هيئة إدارة القطاع مع بداية العام المقبل، يُمكن القول إنّ الخيار سيقع على الكونسورتيوم – المؤهّل وفقاً للقيّمين على العملية النفطية اللبنانية – في الربيع المقبل. وتجدر الإشارة إلى أنّ أعضاء الهيئة النفطية الست يأتون من خلفيات تقنية مختلفة وعملوا مع شركات عالميّة في الاختصاص الذي يتولونه في الهيئة. واللافت أنّ نصفهم عمل مع وزارة الطاقة والمياه منذ أعوام لصياغة المواد القانونية اللازمة لانطلاق المسيرة النفطيّة، ولذا فإن المرحلة المقبلة لا يُفترض أن تشهد تعقيدات كتلك الحسابات الطائفية مثلاً التي حكمت مسار تشكيل الهيئة. وكان لافتاً أن تُشدّد سفيرة الاتحاد الأوروبي، أنجيلينا إيخهورست، خلال افتتاح القمّة على ضرورة أن تكون «هيئة النفط الفاعلة قادرة على اتخاذ القرارات باستقلالية وشفافية وبما يصب في مصحلة جميع اللبنانيين». هذه الملاحظة هي جزء من رؤية أوسع للقطاع اللبنانية شرحتها الدبلوماسية الأوروبية. فبرأيها يُشكّل منح تراخيص التنقيب والحفر والإنتاج النفطي «تحدياً آخر من أجل قيام سوق تنافسية وغير تمييزية وشفافة تحسّن أمن الإمدادات». «مع أخذ هذه الأهداف في الاعتبار، يأمل الاتحاد الأوروبي أن ينتقل لبنان تدريجاً من الشحّ في الطاقة إلى استقلالية الطاقة». غير أنّ الإشارات الدسمة في القمّة كانت تلك التي أطلقها وزير المال، محمّد الصفدي. بداية سعى إلى إخماد نيران القلق المعلن أوروبياً وغربياً عموماً حيال الشفافية. فهو أشار إلى أنّه لضمان حصول الدولة اللبنانية على حصّتها من الثروة الكامنة في البحر – وضمان «توازن في الشراكة القائمة على عقد الاستكشاف والإنتاج مع أصحاب الحقوق البترولية» – جاء النظام المالي والاقتصادي المتعلق بالأنشطة البترولية متّسماً بالشفافية ومرتكِزاً على قاعدة استقرار التشريع، وفق أسلوب مبسّط وسهل التطبيق بالنسبة إلى كل من الإدارة وأصحاب الحقوق. لكن المعطى الأهم في هذا المجال يبقى مفقوداً. فالمعروف أنّ صندوق عائدات الموارد البترولية شكّل نقطة خلاف رئيسية بين أفرقاء الحكم؛ ففي المبدأ كان من المفترض أن يُشرف عليه رئيس الجمهورية، لكن لاعتبارات خاصّة بالحصانة أُجِّل هذا البحث! أما بالنسبة إلى القواعد المالية والمحاسبية المتعلقة بالأنشطة البترولية، تابع الصفدي: «فقد تبنت الوزارة قواعد ترتكز على الشفافية... واعتمدت سياسة ضريبية خاصة بهذا القطاع الضخم تراعي خصوصيته». وأوضح أنّه إضافة إلى تطبيق القواعد الضريبية السارية المفعول على الأنشطة البترولية، أُعدّت اقتراحات للتعديلات الضريبية اللازمة ــ «رفعت إلى مجلس الوزراء لتسلك طريقها القانوني» ــ منها منح بعض الإعفاءات الضريبية والرسوم الجمركية على المعدات والآلات المخصصة للأنشطة البترولية خارج الأراضي والمياه الإقليمية اللبنانية، وإعفاء رخصة البترول من رسم الطابع المالي، وكذلك بعض التعديلات على قوانين ضريبية شتى، ولا سيما قانون ضريبة الدخل، ما يجعل هذه القوانين أكثر ملاءمة للأنشطة البترولية المنوي تنفيذها في المياه البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها. كلام وزير المال يعني أنّ هناك إغراءً إضافياً للشركات عبر الإعفاءات الضريبيّة. ويعني أيضاً أنّ الدولة اللبنانية ستبدأ بتحصيل الأموال على نحو سريع في إطار اتفاق يضمن عدالة التوزيع بينها وبين الشركات. لكن من يضمن عدالة توزيع الإيرادات تنموياً على الشعب؟ الجواب برسم مرحلة ما بعد بدء التنقيب العام المقبل. حتّى ذلك الحين تُفيد إعادة التأمّل والتقدير للثروة المنشودة. بحسب المحلّلين في قسم الأبحاث لدى بنك لبنان والمهجر، إنّ حصّة لبنان من النفط الذي يُرجّح وجوده في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، تكفي البلاد لفترة 12 عاماً من الاستهلاك المحلي بالاعتماد على معدّل استيراد لهذه المادّة الحيوية يبلغ 4.9 ملايين طنّ من الوقود الأحفوري سنوياً. ويقوم التوقّع على أنّ الحوض المذكور يحوي 1.7 مليار برميل من النفط القابل للاستخراج بالأساليبب التقنية السائدة – بحسب تقديرات مركز المسوحات الجيولوجية الأميركي – أي ما يوازي 243 مليون طنّ. وتملك أربعة بلدان حقوقاً في هذا الحوض هي: سوريا، قبرص، إسرائيل إضافة إلى لبنان. لذا، مع قسمة الكميات بالتوازي (وهو حساب افتراضي) تكون حصّة لبنان 60 مليون طن من النفط. وإلى النفط، هناك الغاز الطبيعي الذي يُمكن تصديره عبر أنابيب أو بعد تحويله إلى سائل لنقله عبر السفن (Liquified Natural Gas). فالحوض الشرقي للمتوسط يحوي 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي،