مقالات صحفية مختارة > زيادة اشتراكات الضمان لتمويل المستشفيات
سقف الراتب الخاضع للاشتراكات يرتفع من 1.5 مليون ليرة إلى 2.5 مليون
وسط اعتراض 6 وزراء، أقرّ مجلس الوزراء في جلسته أمس زيادة اشتراكات الضمان ليصبح الراتب الخاضع للضريبة 2.5 مليون ليرة بدل من 1.5 مليون ليرة، ما سيتيح للضمان زيادة التعرفات الاستشفائية محمد وهبة الاخبار 5-12-2012 بالتصويت، أقرّ مجلس الوزراء في الجلسة التي عقدها أمس مشروع زيادة سقف الراتب الخاضع للاشتراكات من 1.5 مليون ليرة إلى 2.5 مليون ليرة. الهدف لم يكن «الفنّ للفن» بل كان ينطوي على «إلغاء» مشكلة اجتماعية على وشك أن تندلع في لبنان بعدما هدّدت المستشفيات بالامتناع عن استقبال المضمونين في حال عدم حصولها على زيادة التعرفات الاستشفائية من الضمان، وهي كانت قد نفذت تهديداتها بالفعل في الصيف الماضي، في حين أن زيادة سقف الراتب هي التي ستموّل كلفة رفع التعرفات. وبحسب مصدر وزاري، فإن المشروع طُرح على التصويت بعدما عارضه عدد من الوزراء من انتماءات سياسية مختلفة، لكنهم بغالبيتهم يمثّلون مصالح أصحاب العمل. فقد اعترض على المشروع كل من: وزير السياحة فادي عبود، وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس، وزير الدولة مروان خير الدين، وزير المال محمد الصفدي ونائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل. وأوضح عبود أن اعتراضه يتعلق أساساً بتوقيت إقراره «إذ إن هناك أكثر من 40% من المؤسسات السياحية التي تخيّر عمالها بين الحصول على نصف راتب أو الخروج من العمل نهائياً، بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة. فضلاً عن أن هذا القرار لا يعالج أصل المشكلة، وهي أن أصحاب العمل الذين لا يصرّحون عن عمالهم ولا عن أجورهم الفعلية لا يلحقهم أي ضرر من إقرار هذا المشروع، فيما الضرر الأكبر يلحق بأصحاب العمل الذين يصرّحون عن عمالهم وأجورهم الفعلية، وبالتالي لا يجب المساواة بين هؤلاء جميعاً». وعلّق المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي على الأمر، بالإشارة إلى أن قرار مجلس الضمان يتحدث عن تطبيق التعرفات الجديدة في الشهر الذي يلي إقرار مجلس الوزراء زيادة سقف الراتب إلى 2.5 مليون ليرة. ولفت إلى أنه «بصدور هذا المرسوم الذي أسهم وزير العمل ومجلس الوزراء في إقراره، فإن المستشفيات والأطباء يحصلون على مطلبهم المحق، لكن عليهم في المقابل الالتزام بمواقفهم لجهة احترام التعرفات وجودة الخدمات التي تقدم للمضمونين. فمرحلة ما قبل إقرار التعرفات لن تكون كما بعدها، فالمضمون له حقوق علينا أن نصونها ونحميها». ويشير كركي بذلك الى أن «البراني» الذي كانت المستشفيات تفرضه على المضمونين لم يعد أمراً يمكن غض النظر عنه، كما لم يعد مقبولاً أن يفرض الأطباء على المرضى تعرفات أعلى بكثير من المتفق عليها مع الضمان. المشروع الذي أقرّه مجلس الوزراء أمس، كان قد أقرّه مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في أيار 2012 بضغط من المستشفيات التي هدّدت بالامتناع عن استقبال مرضى الضمان في حال عدم إقرار زيادة التعرفات الاستشفائية وفق قرار مجلس الوزراء، علماً بأن الضمان يعمل وفق قانون إنشائه الذي يفرض عليه تمويل كلفة زيادة التعرفات وفق نص المادة 66 التي تشير إلى ضرورة رفع الاشتراكات. عند هذا الحدّ، أعدّت إدارة الضمان مشروعاً لزيادة الاشتراكات من طريق رفع سقف الراتب الخاضع للاشتراكات من 1.5 مليون ليرة إلى 2.5 مليون ليرة، على أساس الدراسة التي قدّمتها إدارة الصندوق، فدرس مجلس الإدارة المشروع وأقرّه بعد عدد من الجلسات ووسط رفض أصحاب العمل، ثم أحيل إلى سلطة الوصاية التي استمهلت لفترة أسابيع سألت خلالها الضمان عن إمكان تعديل المشروع من 2.5 مليون ليرة إلى مليوني ليرة، لكن مجلس الضمان أصرّ على قراره، فأحالت سلطة الوصاية المشروع إلى مجلس الوزراء. وتشير دراسة الضمان إلى أن رفع سقف الراتب الخاضع للاشتراكات يؤمّن لصندوق ضمان المرض والأمومة إيرادات إضافية بقيمة 102 مليار ليرة، فيما تقدّر كلفة التعرفات الاستشفائية والطبية على هذا الصندوق بنحو 127 مليار ليرة، لكن بما أنه يجب على الدولة سداد 25% من الفاتورة الصحية، فإن إدارة الضمان تتوقع أن يحقق صندوق المرض والأمومة وفراً، بعد رفع السقف إلى 2.5 مليون ليرة، يصل إلى 30 مليار ليرة سيستخدم لسد الديون المستحقة عليه لمصلحة صندوق تعويضات نهاية الخدمة. وبنتيجة هذا القرار، فإن كل الرواتب التي تخضع للاشتراكات، تصبح خاضعة للضريبة على أساس 2.5 مليون ليرة، ما يطال 33% من الأجراء فقط، أي أصحاب الرواتب المرتفعة فقط. والمعروف أن معدّل الاشتراكات لفرض ضمان المرض والأمومة يبلغ 9%، يدفع صاحب العمل منه 7% والأجير 2%، وبالتالي، فإن رفع سقف الراتب يطال صاحب العمل والأجراء. في المقابل، أعلنت نقابة المستشفيات الخاصة تعليق قرارها بالامتناع عن استقبال مرضى الضمان بعدما استعملت المضمون رهينة للضغط على صندوق الضمان والحكومة وأصحاب العمل لإقرار زيادة التعرفات الاستشفائية، وقد نفذت قرارها في أيار الماضي من دون أن يتخذ الصندوق أي إجراء بحق المستشفيات المخالفة، رغم أن مجلس الإدارة كان قد تطرق إلى هذا الامر وأقر «فسخ العقود مع مقدّمي الخدمات الطبيّة الذين خالفوا ويخالفون التعرفات الموضوعة من قبل الصندوق». لكن في الواقع، دفع المضمونون ثمن هذا الصراع بين المستشفيات والضمان والحكومة وأصحاب العمل، فحُرموا من الاستشفاء خلافاً لأبسط الحقوق الإنسانية لمدة تزيد على 10 أيام، وتعرّضوا لابتزاز إضافي مارسته المستشفيات، رغم ممارساتها اليومية البشعة وتدفيع المضمونين مبالغ كبيرة مقابل «شفقة» الاستشفاء. اقتصاد العدد ١٨٧٤ الاربعاء ٥ كانون الثاني