مقالات صحفية مختارة > من الكهرباء إلى السلسلة .......صراع بين العجز وقدرة التمويل!
عدنان الحاج السفير 7-12-2012
ينتظر ان تشهد جلسة مجلس الوزراء المقبلة مناقشات جدية، قد تتحول إلى انقسام حول بعض القضايا الاقتصادية والمالية والخدماتية المعيشية، من موضوع سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام، التي ستحال إلى المجلس النيابي، إلى قضية نتائج مناقصات معامل الكهرباء التي قد يتأخر إقرارها نتيجة التباين حول هذه المناقصات، التي يفترض ان تحسم منعاً للضرر المتزايد. 1ـ بالنسبة لموضوع سلسلة الرتب والرواتب فإن الحكومة تواجه إضراب موظفي القطاع العام وهيئة التنسيق في حال لم ترسل إلى المجلس النيابي، ولو بعد تعديلها وتقسيطها. كما انها لن تسلم من إضراب الهيئات الاقتصادية ورؤساء القطاعات الإنتاجية في حال مضت الحكومة بإقرار السلسلة، التي يعتبرها كثيرون انها ستترك أثاراً تضخمية وتؤشر على النشاط الاقتصادي والاستقرار المالي. 2ـ بالنسبة لموضوع مناقصات الكهرباء، لا سيما نتيجة مناقصة إنشاء معمل دير عمار في طرابلس الذي رسى مبدئياً على شركة أو مجموعة «بوتيك ـ ابنير» الاسبانية اللبنانية، فإنه سيتحول مشكلة أخرى ما لم يتم إيجاد الصيغة اللازمة لتلزيم هذه المناقصة مع الفائز الأول أو إعادة المناقصة. المناقصة تقضي بإنشاء معمل في دير عمار بطاقة 500 أو 525 ميغاوات بكلفة تقل على الكلفة الواردة بخطة الكهرباء، بحيث تصل قيمة المناقصة إلى 660 مليون دولار، بينما وزارة الطاقة تقول إن الاعتماد المتبقي لا يكفي لتغطية هذه الكلفة. وقد كلف مجلس الوزراء الوزير المعني، أي وزير الطاقة جبران باسيل، بالتفاوض مع الشركة الفائزة ويعود بالنتيجة إلى مجلس الوزراء، وهو أمر يفترض بته سريعاً على اعتبار ان البعض يقول إن المبالغ متوافرة لدى وزارة الطاقة، وفي حال عدم حسم الموضوع يفترض ان تذهب الحكومة إلى مناقصة جديدة مفتوحة حسب دفتر الشروط وليس إلى مناقصة محدودة بين الشركات المصنفة تلافياً لمخالفة قانونية. بعض الوزراء يجدون كلفة إعادة المناقصة وإعداد دفاتر شروط جديدة سيكلف أكثر من مليار دولار، على اعتبار ان الأمر سيستغرق 9 أشهر وأن كلفة الإنتاج المقدمة من الشركة الفائزة تقل 20 سنتا عن كلفة إنتاج المعامل الحالية، وبما ان المعمل ينتج 525 ميغاوات فإن فارق الكلفة خلال سنة سيصل إلى مليار دولار عدا كلفة التأخير. إضافة إلى أعباء المولدات الخاصة التي كلفت حتى الآن المواطن حوالي 6 مليارات دولار. 3ـ ليست مناقصة إنشاء معمل دير عمار هي وحدها المشكلة، فهناك قضية تلزيم إنشاء مولدات عكسية في الجية والذوق وقد بلغت اكلافها حوالي 340 إلى 360 مليون دولار، وهي ما يسمى مولدات الطاقة العكسية (عبارة عن مولدات كبيرة) بطاقة 80 ميغاوات للجية و180 لمعمل الذوق وقد لزمت لإحدى الشركات ولم تتم المصادقة عليها وهي رست على شركة محسوبة على احد المتعهدين اللبنانيين. والنقاش لم يحسم حولها بعد، ويقول بعض الخبراء انه يمكن تقليص هذه الأشغال لحساب معمل دير عمار الكبير الذي يلبي الحاجات بشكل أكبر. ٤ـ هناك مشكلة ثالثة تتعلق بنتيجة مناقصة تأهيل المجموعات والمعامل القديمة في الجية والذوق، أي تأهيل الموجود وإعادة تجهيزه، غير المولدات الجديدة. هذه المناقصة أجراها مجلس الإنماء والأعمار وقد بقيت المنافسة بين شركتين صينية، كانت تأخرت بتقديم بعض المستندات وأمهلها مجلس الوزراء، وشركة اخرى هي «انسالدو ـ وينكا». قيمة هذه المناقصة حوالي 300 مليون دولار والتمويل يؤمنه مجلس الإنماء والإعمار من خلال مساهمات وقروض لتمويل مشاريع مع حصة للدولة اللبنانية. تقضي خطة التأهيل بالاستغناء عن مجموعتين في معمل الجية (المجموعتين اليابانيتين) لقدمهما وعدم إمكانية إصلاحهما. وعليه تصبح الخطة التي تستغرق 3 سنوات استصلاح وتأهيل 3 مجموعات في معمل الجية وإعادتها كما لو انها جديدة حسب دفتر الشروط. وتأهيل 4 مجموعات في معمل الذوق بما فيها مجموعة الستوم الفرنسية وهي الأحدث في المعمل تقريباً. ٥ـ هناك موضوع البواخر، وهو أمر تأخر عن موعده، حيث يفترض تأمين باخرتين للذوق والجية بطاقة 80 و160 ميغاوات لتقوما مقام المجموعات التي تتوقف للتأهيل. وحددت مدة البواخر بـ3 سنوات مع الشركة التركية، ولم تعرف الأسباب الحقيقية للتأخير ولا حجم العطل والضرر الذي يترتب على الفرقاء. تبقى المقاربة بسيطة بين الكهرباء وخسائرها والسلسلة وكلفتها، وهي أن الكهرباء تكلف الخزينة 3000 مليار ليرة عجزاً سنوياً بينما كلفة السلسلة تقارب 220 ملياراً، المقاربة ممكنة بالكلفة والعجز. في المحصلة ان أهم المشكلات التراكمية المالية والاقتصادية يفترض ان تناقشها الحكومة في الجلسة وكلها ارتبطت بتحركات اعتراضية من تهديد أهالي الشمال بالتحرك في حال حرمانهم من معمل كبير للكهرباء، إلى الموظفين في القطاع العام والدولة المضربين أصلاً لتحقيق السلسلة. والجديد دخول الهيئات الاقتصادية على الإضراب من باب انعكاسات السلسلة. أما الأعباء والضرر المالي وزيادة تردي الخدمات من الكهرباء إلى التعليم والصحة والغلاء والتضخم فواقعة لا محال على المواطن من خلال عجز المالية العامة وانتقام التجار من جمود الحركة الاقتصادية. عدنان الحاج