مقالات صحفية مختارة > لتجديد لشركة «فال» 5 سنوات «بيد الحكومة»
محمد وهبة الاخبار 9-1-2013 منذ 9 أيام، انتهى عقد شركة «فال» للمعاينة الميكانيكية. هذا الأمر سيكون على طاولة مجلس الوزراء لدرس الكتاب الذي تلقته الأمانة العامة للمجلس من وزير الداخلية والبلديات مروان شربل، الذي يقترح التجديد للشركة مدّة 5 سنوات وفق شروط جديدة توفّر إيرادات تقدّر بنحو نصف ما كانت تحصل عليه شركة «فال» في السنوات الماضية... لكنه لا يرى في هذا الأمر عقداً بالتراضي كما هو وارد في المادة 147 من قانون المحاسبة العموميّة، بل مصلحة عامة تقتضيها «الظروف الموضوعية» كما نقل عنه مقرّبون. الاستثناء الوحيد في قانون المحاسبة العمومية، في ما خص المناقصات العامة، مذكور في المادة 147 التي تشير إلى أنه يمكن عقد اتفاقات بالتراضي، مهما كانت قيمة الصفقة، إذا كانت تتعلق «باللوازم والأشغال والخدمات التي لا يمكن وضعها في المناقصة، إما لضرورة بقائها سرية، وإما لأن مقتضيات السلامة العامة تحول دون ذلك، شرط أن يقرر ذلك الوزير المختص». وتعدد هذه المادة مجموعة استثناءات للعقود بالتراضي عن أشغال «يعهد بها إلى الملتزم الأساسي لئلا يتأخر تنفيذها»، بالإضافة إلى «الأشياء التي ينحصر حق صنعها في حامل شهادات اختراعها، وتلك التي لا يملكها إلا شخص واحد... والأشغال التي أجريت من أجلها مناقصتان متتاليتان، أو استدراج عروض على مرتين متتاليتين، أو مناقصة تلاها استدراج عروض، وذلك من دون أن تسفر هذه العمليات عن نتيجة إيجابية، ويجب في هذه الحال أن لا يسفر الاتفاق الرضائي عن سعر يتجاوز أنسب الأسعار المعروضة أثناء عمليات التلزيم، إلا في حالات استثنائية تبررها الإدارة في تقرير معلل...». في كل الأحوال، لا يجيز القانون إجراء عقود بالتراضي لتشغيل مرفق عام من دون مبرّر، إلا بقرار من السلطة السياسية، أي مجلس الوزراء، كما ورد في آخر سطر من المادة 147 التي عدّدت 12 استثناءً، علماً بأن التراضي تسبقه خطوات من المناقصة، والمناقصة المحصورة، واستدراج العروض. جرياً على هذا الاستثناء، استساغ الوزراء في لبنان هذا الخيار، فكرّت سبحة العقود بالتراضي، إلى درجة أنها أصبحت القاعدة لا الاستثناء بالنسبة إلى الاستثمار وتشغيل معظم المرافق العامة. لكن شربل لا يرى في اعتماد هذا الخيار بالنسبة إلى المعاينة الميكانيكية وتمديد مهمة «فال» خمس سنوات جديدة بشروط مختلفة عن السابق، أمراً مخجلاً. غير أنه يستبعد خيار التشغيل الذاتي بعيداً عن القطاع الخاص، فبحسب ما ينقل عنه مقربون، هو يرى «أن الإدارة الرسميّة لا يمكنها إدارة هذا المرفق حالياً»، لا بل هو مصرّ على أن «تشغيل هذا المرفق من قبل الإدارة الرسمية، حالياً، ليس أفضل الخيارات، بل دونه عقبات كثيرة تفرض على وزارة الداخلية اللجوء إلى الاستثناء لا إلى القاعدة القانونية المتصلة بقانون المناقصات والمزايدات العامة». أيضاً يلغي شربل خيار إطلاق مزايدة جديدة لتشغيل هذا المرفق، عازياً السبب إلى «عدم وجود شركات أخرى متخصصة في هذا المجال». ويشير أحد المقربين من شربل إلى أن «الخطأ بالنسبة إلى المعاينة الميكانيكية لم يبدأ اليوم، بل بدأ منذ عملية التلزيم الأولى حين كان دفتر الشروط مكتوباً بطريقة سيئة». رغم ذلك، لا يرى شربل مانعاً من أن يلجأ مجلس الوزراء إلى إلزام وزارة الداخلية بالتشغيل الذاتي، «الأمر الذي يستدعي توظيف نحو 450 شخصاً وتدريبهم، وضخّ استثمارات لفتح مراكز جديدة للمعاينة الميكانيكية في المناطق، لكن الأمر يحتاج إلى وقت لا يمكن إلا أن تغطيه الشركة الحالية». ضمن هذه المروحة من الخيارات المتاحة لشربل، قرّر الوزير «العسكري» الذهاب في اتجاه التجديد لشركة «فال» على أساس شروط جديدة مبنية على الأسس الآتية: ــ تنازل «فال» عن كل المطالبات السابقة والحقوق العالقة، بما فيها الدعاوى القضائية خلال السنوات الماضية. ــ حصول الدولة على حصّة «مقطوعة» من العائدات، وفتح مراكز معاينة جديدة، وتحديث التجهيزات في المراكز السابقة. وبحسب الرئيس التنفيذي في الشركة، وليد أبو سليمان، «اتفقنا مع وزير الداخلية على أن تحصل الدولة اللبنانية على هامش يتراوح بين 8 آلاف ليرة و15 ألف ليرة على كل معاينة بحسب فئة الآلية، سواء كانت سياحية أو شاحنة أو دراجة نارية. «وبذلك، فإن الدولة تحصل بموجب هذا العقد على 30% من العائدات الإجمالية التي تصل قيمتها إلى 16 مليون دولار سنوياً». أي أن حصّة الدولة من العقد الجديد تبلغ 4.8 ملايين دولار تقريباً، قياساً على معاينة 750 ألف سيارة سنوياً، من أصل 1.8 مليون سيارة موجودة في لبنان. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الشركة الملتزمة، تعهدت بفتح 6 مراكز جديدة «على أن تؤمن الدولة الأرض، وعلى الشركة أن تدفع الإيجار وتشتري الآلات، علماً بأن كل مركز جديد يحتاج إلى فترة تتراوح بين 6 أشهر و12 شهراً لوضعه في الخدمة» يقول أبو سليمان. ويشير أبو سليمان، إلى أنه ضمن الصفقة، تبرّعت «فال» بنحو 60 آلة لقراءة الرقم التسلسلي الذي سيوضع على كل سيارة أجرت معاينة ميكانيكية لقراءته عن بعد بواسطة دوريات وعناصر قوى الأمن الداخلي. هذا التناغم بين «الداخلية» وشركة «فال» لا يتطرق أبداً إلى أن توسيع عدد المراكز في مناطق: جبيل، الكويخات، طرابلس، النبطية، صور، وبعلبك، سيزيد عدد السيارات التي ستنجز المعاينة الميكانيكية، وبالتالي ستزيد أرباح الشركة مع ارتفاع أعداد السيارات المتاحة. وبالتالي، فإن ربحها الصافي (بعد احتساب كل أكلافها وتنزيلات الاستثمارات وبدل الإيجارات وأجور الموظفين...) البالغ مليوني دولار سنوياً ضمن بنود العقد السابق، سيعوّض ما اقتطع لمصلحة الدولة، ولا سيما أن عدد السيارات التي أجرت معاينة يعادل 41.6% من إجمالي السيارات التي يجب عليها أن تجري معاينة، وهذا يعني أن هناك 58.3% من إجمالي السيارات المسجّلة في لبنان هي سوق فائتة يمكن اختراقها بمجرد التوسّع إلى غير مناطق وتعزيز قدرة المراقبة لدى مفارز السير في المناطق. وفي رأي شربل، إن مثل هذا الخيار سيزيد أصول الدولة بعد 5 سنوات حين سيكون لديها 10 مراكز معاينة ميكانيكية. لكن في رأي وزراء آخرين في الحكومة، إن هذا الخيار هو خصخصة واضحة للخدمة العامة، وإنه في حال الاتفاق على أن هذا النوع من الخصخصة هو الذي سيعتمد، «فلن نقبل أن يمرّ من دون منافسة حقيقية بين أكثر من شركة».