مقالات صحفية مختارة > مشروع موازنة 2013 معدلاً إلى مجلس الوزراء نهاية الشهر
اعتماد سياسة التمويل المنفرد بمشاريع قوانين مستقلة للسلسلة والخزينة
عدنان الحاج السفير 16-1-2013
مرة أخرى تجد الحكومة نفسها امام امتحان البحث عن مصادر تمويل احتياجات الموازنة وتغطية العجز للعام 2013 من دون ضرائب جديدة أو رسوم، وفق أرقام مشروع الموازنة التي عدلتها وزارة المالية بعد إلغاء الرسوم والضرائب المقترحة لزيادة العائدات بحدود 300 مليار ليرة كانت ملحوظة في المشروع الأول. كذلك ستجد الحكومة مع انطلاقة العام 2013 وبداية عودة تحرك هيئة التنسيق النقابية نفسها مجدداً امام امتحان جديد للبحث عن مصادر تمويل السلسلة بصــــورة منفصلة، ومقتصرة على عنصرين أساسيين، زيادة عامل الاستثمار وتطبيق ما سمي «طابق السلسلة»، وكذلك زيادة تعرفة الكهرباء على الشطور العليا لكبار المستهلكين. هذا مع الإشارة إلى ان وزير المالية محمد الصفدي أكد لـ«السفير» ان مشروع الموازنة سيعاد إلى مجلس الوزراء لطرحه نهاية الشهر الحالي معدلاً. مع التأكيد على عنصر أساسي في التوجهات المالية تقول إن مشاريع القوانين الضريبية ستحال منفصلة عن مشروع الموازنة لتأمين موارد إضافية في حال طلبت الوزارات والإدارات أية نفقات إضافية عن التي ستعتمدها وزارة المالية، انطلاقاً من حجم العائدات المحققة حالياً والمقدرة بحوالي 14800 مليار ليرة مضافاً إليها العجز أو سقف العجز المحدد من قبل وزارة المالية بحوالي 5250 مليار ليرة. هذا الواقع يقود إلى القول بتعديلات أساسية على أرقام الموازنة، إضافة إلى صعوبات إقرار مصادر تمويل سلسلة الرواتب مع إمكانية البحث عن مصــادر تمويل منفصلة للسلسلة وكذلك الحال بالنسبة للموازنة في سنة انتخابية صعبة سياسياً وستكون صعبة مالياً نتيجة صعوبة تأمين مصادر التمويل في غياب الحد الأدنى من الإصلاحات. أبرز التعديلات التي أدخلت على مشروع موازنة العام 2013 من قبل وزارة المالية بعد استردادها تتعلق بشقين أساسيين: الأول خاص بالنفقات الإضافية، والثاني يتعلق بتقليص مصادر الإيرادات التي كانت مقترحة بموجب مشروع القانون السابق مقارنة بموازنة العام 2012 التي لم تقر أصلاً. 1ـ بداية لا بد من التوقف عند الصيغة والتوجهات الأولية للموازنة التي لن تلحظ نفقات إضافية على الرواتب والأجور، لا سيما كلفة سلسلة الرواتب المتعلقة بالقطاع العام والتي ستفوق كلفتها الألف مليار ليرة من دون ترددات وانعكاسات معاشات التقاعد وتعويضات الصرف. 2ـ تقليص النفقات العامة لبعض الوزارات والمؤسسات بما يعني خفض النفقات الاستثمارية الجديدة، على اعتبار ان أرقام نفقات العام 2013 لن تستطيع تخفيض كلفة الدين العام المقدرة بحوالي 6000 مليار ليرة. ولن تستطيع خفض كلفة الرواتب والأجور التي تقارب بعد زيادة غلاءات المعيشة ومن دون السلسلة حوالي 6500 مليار ليرة. كذلك لن تستطيع التعديلات النيل من كلفة دعم مؤسسة كهرباء لبنان البالغة حوالي 2900 مليار ليرة. هذه الأرقام وحدها، وهي الثانية، تقدر قيمتها الأولية بحوالي 17000 مليار ليرة، يضاف إليها التزامات الدولة بالتقديمات والعطاءات وتنفيذ بعض المشاريع وديون المتعهدين والاستحقاقات، مما يجعل الرقم أكبر من ذلك. وإذا أضيفت كلفة أجزاء السلسلة في المرحلة الأولى فإن كلفة الرواتب والأجور في القطاع العام مع التقديمات الاجتماعية والمصاريف الجارية ستزيد عن 6700 مليار ليرة. 3ـ أما حصة المشاريع الاستثمارية التي كانت مقدرة بحوالي 3300 مليار بالمشروع السابق فقد يطالها التخفيض، من دون كلفة الأضرار وإغاثة النازحين. 4ـ على صعيد الإيرادات فإن التغييرات ستكون أساسية لا سيما أن القسم الأكبر من المقترحات الضرائبية والإصلاحات والزيادات المقترحة للرسوم والضرائب في المشروع السابق للموازنة، ستلغى، مما يعني الإبقاء على حجم الإيرادات المقدرة في مشـــروع موازنـــة العـــام 2012 مـــع إمكانـية زيـــادة بسـيطة. في التفصيل فإن أرقام إيرادات العام 2012 كانت مقدرة بحوالي 14337 مليار ليرة، منها حوالي 10854 مليار ليرة إيرادات ضريبية. في حين ان مشروع موازنة العام 2013 قبل التعديل المطلوب كان يلحظ إيرادات إجمالية بقيمة 18330 مليار ليرة بزيادة حوالي 4000 مليار ليرة ناتجـــة عن الزيادات الضريبية وتعديلات الرسوم من زيادة الضـــريبة على القـــيمة المضافة إلى زيادة الضريبة على فوائد الودائع المصـــرفية من 5 إلى 7 في المئة وكـــذلك تعديلات تتعلـــق بالريوع والمبيعات العـــقارية والرسوم على الأمــــلاك البحرية ورســـم الطابع المالي ورسوم المغـــادرة. وكل هذه الأمور رفـــضت من قبل بعض الوزراء وأعضاء الحكومة. وهذا يعني ان الإيرادات المقدرة ستعود إلى الحجم الذي كان مقدراً للعام 2012 مع تعديلات بسيطة تتعلق بنسب نمو سلع الاستهلاك وحجم الاستيراد إضافة إلى زيادات ضريبة الدخل على الرواتب والأجور ليس إلا. وهذا ما جعل وزير المالية محمد الصفدي يقول إنه سيعتمد على حجم الإيرادات الواقعية المحققة فعلاً في العام 2012 يضاف إليها مبلغ 5250 مليار ليرة وهو العجز المقدر بعد التعديلات ليخرج بموازنة بحدود 20 ألف مليار ليرة تقريباً. 5ـ هــناك عنصر آخر يتعلق ببند احتياطي الموازنة الذي قد يطاله التخفيض أيضاً بعد التعديلات. لقد كان مشروع موازنة العام 2013 المسترد يلحظ بنداً احتياطياً في الموازنة 2580 مليار ليرة وهو رقم سيتعرض للتعديل بالتأكيد إلا في حال لحظ جزء خاص يتعلق بمصير سلسلة الرتب والرواتب التي ما زال تمويلها قيد البحث وتخفيضها قيد المناقشة والخلافات نظراً للتخوف من أعبائها على المالية العامة وعلى الوضع الاقتصادي بشكل عام. ان مشروع موازنة العام 2013 الذي كان يعتمد على مصادر تمويل تغطي النفقات الإضافية التي تفوق 3000 مليار ليرة عن العام 2012، سيأتي خلواً من الضرائب الجديدة ومصادر التمويل وهو لذلك لن يستطيع ان يلحظ تغطية المستحقات الإضافية التي قد تطـــلبها الوزارات الخدماتية وغيرها إلا من خلال استدانة جـــديدة لا سيما أن سياسة وزارة المالية الخاصة هي خفـــض العجز إلى حدود 22 في المـــئة وإعـــطاء إشارة إلى الأســـواق الخارجية والمؤسسات الدولية بأن الدولة جادة في الســعي لخفض العجز أو ضبـــطه في أقصى الحدود. وطبــيعي ان يتضـــمن مشـــروع مـــوازنة العام 2013 اقـــتراحاً بالإجـــازة للحكومة الاســـتدانة، وإصدار سندات باللـــيرة بحـــدود العـــجز وكـــذلك إصدارات بالعملات الأجنـــبية لتغطــية مــا تبــقى من مستـحقــات والتـزامات.