مقالات صحفية مختارة > توافق غير معلن على إدخـال «السلسلة» في الأدراج وتأخير الموازنة!
لا صوت يعلو فوق صوت المكاسب الانتخابية
عدنان الحاج السفير 30-1-2013
يجمع العديد من المسؤولين والوزراء ان سلسلة الرتب والرواتب لموظفي وأسلاك القطاع العام الإدارية والعسكرية والمدنية، من تعليمية وغيرها دخلت «الدرج» ولن تخرج إلى البحث مجدداً لصعوبة إخراج مصادر التمويل وعدم التوافق عليها. ومع دخول السلسلة إلى درج الثلاجة وليس إلى درج المكاتب في رئاسة مجلس الوزراء أو الإدارات المعنية، يدخل معها إلى التجمد مشروع موازنة العام 2013 الذي سيشهد الكثير من الجدل في الطريق إلى مجلس الوزراء نظراً لتــوجهات وزارة المــالية الجديدة التي لن تجد القدرة على تلبية احتياجات الوزارات في الإنفاق الإضافي. ويأتي كلام وزير المالية محمد الصفدي في هذا التوجه واضحاً بأن الموازنة الجديدة رفعت على أساس تقشفي يستند إلى حجم الإيرادات المحققة في السنة الماضية مضافاً إليها العجز المقدر بحوالي 5250 مليار ليرة مع التمسك بعدم زيادة هذا العجز تنفيذاً لالتزامات لبنان المبدئية بالسعي لتقليص العجز او المحافظة على مستواه من دون زيادة. كيف يتم ذلك في سنة انتخابية؟ الأمر ليس سهلاً لأن العديد من الوزراء طالب بزيادة حصة وزارته الانفاقية وبعضهم بدأ الصرف على أساس انه سيحقق زيادة في النفقات الخدماتية تحت شعار الإرضاءات الانتخابية للمحازبين والمقربين في المناطق. بمعنى آخر ان الأجواء الحكومية تقضي وبقرار ضمني بتجميد إقرار السلسلة وتأخير احالتها إلى المجلس النيابي، بتوافق الأطراف السياسية المختلفة تلافياً للوقوع في حلبة الانتقاد السياسي والمتاجرة بمطالب موظفي القطاع العام والأساتذة في مهرجان البحث الانتخابي.
مصادر التمويل الخلافية!
البحث الأخير الذي تم التوقف عنده ويتمسك به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعارضه بعض الوزراء المعنيين، يقضي بربط إقرار السلسلة بمصدرين للتمويل: 1ـ المصدر الأول وهو زيادة عامل الاستثمار أو بيع أمتار الهواء للأبنية الجديدة المنوي إنشاؤها بما يؤمن حسب التقديرات 750 مليون دولار في السنة الأولى من التنفيذ لا سيما في المناطق التي تشهد نهضة عقارية وهو ما سمي «بطابق السلسلة» من قبل رئيس الحكومة نفسه. وهذا الأمر كان يفترض ان يتم التوافق عليه بين رئيس الحكومة ووزير الأشغال العامة والنقل الذي اعترض على اقتراح يعتبر من صلاحيات مديرية التنظيم المدني. 2ـ العنصر الثاني يتعلق بزيادة تعرفة الكهرباء على شرائح كبار المستهلكين ورفعها إلى حوالي 20 سنتاً مما يؤمن في ظل الوضع الراهن للكهرباء والكميات المنتجة حوالي 276 مليار ليرة وبالتالي يخفف من عجز مؤسسة الكهرباء الذي يقارب 2900 مليار ليرة سنوياً (حوالي الملياري دولار أي ما يوازي 53 في المئة من عجز الموازنة العامة الذي يقارب 5600 مليار ليرة في العام 2012، وتعمل المالية على تقليصه إلى حوالي 5250 مليار ليرة في 2013). النقطة الأهم ان بعض الوزراء الضالعين في الهم الاقتصادي والمالي والمعيشي يعتبرون انه بإمكان الدولة تحمل ما تبقى من كلفة السلسلة على اعتبار ان الحكومة دفعت زيادات غلاء المعيشة التي كلفت الدولة حوالي 750 إلى 800 مليار ليرة وبقي حوالي 1000 مليار ليرة من كلفة السلسلة. يمكن تقسيطها وفقاً لمقترحات رئيس الحكومة.
تعديلات لمشروع المحسومات التقاعدية
هناك أمر ثالث يعاد بحثه حالياً وهو إعادة النظر باقتراح زيادة المحسومات التقاعدية لموظفي القطاع العام من 6 إلى 8 في المئة وبالتالي تخفيض معاشات التقاعد لورثة الموظف بعد وفاته لا سيما على الأولاد. وكان الاقتراح، وفقاً لمشروع القانون الذي طلبته الحكومة من وزارة المالية، يوفر على الخزينة حوالي 270 مليار ليرة، إلا أن اعتراض الموظفين جعل رئيس الحكومة ومجلس الوزراء يطلبان تخفيف الأعباء الواردة في التعديلات وعدم إخضاع معاشات التقاعد للضريبة على الدخل وكما يقضي الاقتراح كونها كانت معفاة من الضريبة بموجب القوانين المالية السارية المفعول. يتجلى التضامن الحكومي حول تأجيل السلسلة بعدم إثارة موضوع إدراجها مع مصادر التمويل على جدول مجلس الوزراء وهو أمر كان يحصل مع كل تحرك لهيئة التنسيق النقابية والعاملين في القطاع العام. إشارة أخرى إلى أن السلفة التي صرفتها وزارة المالية لدفع غلاءات المعيشة لموظفي القطاع العام اعتباراً من 1ـ 2 ـ 2012، لم يتم إيجاد مصادر تمويل لها. كذلك الأمر فإن وزارة المالية تحاول تقليص العجز عن طريق وقف النفقات التي لا توجد لها تغطية ومصادر تمويل لا سيما القرارات الحكومية الأخيرة بتخفيض مبالغ تحت شعار انماء المناطق ومنها حوالي 600 مليار ليرة المخصصة لمناطق الشمال وغيرها.
تجميد السلسلة ولا موازنة
مصدر وزاري مطلع أكد لـ«السفير» ان وزارة المالية ستواجه مطالبات الوزارات بزيادة المخصصات للعام 2013 برفض ما لم ترتبط بمصادر تمويل. وأن أرقام موازنة العام 2013 لن تزيد عن حجم الإيرادات المحققة فعلاً وقدرها حوالي 14800 مليار ليرة والعجز المقدر بحوالي 5250 مليار ليرة بمعنى ان أرقام الموازنة للعام 2013 لن تزيد عن 20,05 مليار ليرة مع الأخذ في الاعتبار ان عجز الكهرباء سيكون بحدود 2900 مليار ليرة اضافة إلى الالتزامات الأخرى المتعلقة بالمشاريع وتمويل حصة الدولة فيها لتأمين الخدمات الملحوظة سابقاً. في المقابل تؤكد مصادر وزارية أخرى ان الدولة وقعت مجدداً في المخالفة والعودة إلى الانفاق على القاعدة الاثني عشرية لا سيما وان البلد دخل في الشهر الثاني من العام 2013 وبالتالي لا يمكن اقرار الموازنة في حال العودة إلى بحثها قبل نهاية الفصل الأول في السنة، وهذا يدخل الحكومة في المخالفة المالية مع غياب اقرار الموازنات السابقة والانفاق الاضافي عن طريق السلفات. كل ذلك يحصل مع مواجهة الدولة استحقاقات كبيرة في سندات الخزينة وشهادات الايداع التي تحملها المصارف ومصرف لبنان والمقدرة بحوالي 19 الف مليار ليرة منها 6 مليارات دولار يحملها مصرف لبنان على الدولة بالعملات الاجنبية. هذه الوقائــع تستـــبعد اخراج الموازنة الــعامة للعام الجــديد، فيمـــا موازنة العام 2012 لم تقــر وكذلـــك السنوات التي سبقتها. في الخلاصة ان سلسلة الرتب والرواتب وضعت في الادراج بانتظار مصادر التمويل. وكذلك الموازنة العامة لن تخرج إلى حيز الاقرار والتنفيذ لغياب مصادر التمويل وتلافياً للوقوع بالنفقات الاضافية والعجز الاضافي، وبالتالي تعيد انماء الدين العام اكثر من النمو الاقتصادي كما حصل خلال العامين 2011 و2012 حيث زاد الدين العام 7 في المئة في حين لم يحقق النمو الاقتصادي اكثر من 2 في المئة. أما النتائج الاولية فهي تصعيد التحرك من قبل القطاع العام مطالبة بالسلسلة وتحرك بعض الوزراء لزيادة حصص وزاراتهم لتحقيق مطالب انتخابية.