السفير 16-2-2013 سقطت الوعود المالية والنفطية والانتخابية دفعة واحدة على المشهد الداخلي في الساعات الاربع والعشرين الماضية، بالتوازي مع دخول الوعد السعودي بفتح باب المملكة أمام النائب وليد جنبلاط حيّز التنفيذ، مساء أمس، فيما بقي الحدث العرسالي في دائرة التفاعل الذي تجلى في تحركات وإشكالات بالقرب من نقاط تمركز وحدات الجيش في محيط البلدة، كما التحرّكات الاحتجاجية في طرابلس وصيدا ومناطق لبنانية أخرى لاعتراض صهاريج المازوت المتجهة الى سوريا. على أن البارز بين الوعود، وعد قطعه أمس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بإحالة سلسلة الرتب والرواتب الى المجلس النيابي الاثنين المقبل بعد إقرارها في مجلس الوزراء مرفقة ببرنامج تمويلها، ووعد نفطي - غازي قطعه وزير الطاقة جبران باسيل بتحوّل لبنان اعتبارا من العام 2016 الى دولة منتجة للنفط والغاز. وأما الوعد الانتخابي المقطوع في اللجنة الفرعية النيابية بالبحث الجدي عن صيغة مشتركة، فلم يدخل حيّز الإيجابية بعد، بل راوح في دائرة طروحات تقطيع الوقت، وآخرها اقتراح «القوات اللبنانية» المرتكز على مشروع فؤاد بطرس ويزاوج بين النظامين الأكثري والنسبي (60 أكثري و68 نسبي) ويؤمن للمسيحيين 56 نائبا، على حد تعبير جورج عدوان. القاسم المشترك بين تلك الوعود أنها مؤجلة الدفع، فتحقيق الوعد النفطي إن صدق، يتطلب انتظار سنتين على الأقل لكي يبصر الذهب الأسود النور، وبلوغ الوعد الانتخابي صيغة مشتركة، يبقى في حكم المستحيل في ظل الانقسام السياسي القائم. وأما الوعد المالي بـ«السلسلة «، فبدا أشبه برمية حكومية بلا مجلس يتلقفها، ما يطرح علامات استفهام حول كيفية تلقفها من قبل رئيس المجلس نبيه بري، وكيفية مقاربتها في المجلس المعطل بفعل قرار «تيار المستقبل» وحلفائه في «14 آذار» القاضي بمقاطعة أي نشاط تشارك فيه حكومة ميقاتي، علما أن هذه المعادلة لا تسري على ملفات أخرى أبرزها المجلس الشرعي، حيث لبى أمس الرئيس فؤاد السنيورة دعوة ميقاتي لمحاولة إيجاد مخرج لهذا الملف المحرج للطرفين في «شارعهما». واللافت للانتباه في موضوع «السلسلة»، هو التوقيت الذي اختاره رئيس الحكومة لإبداء ليونة ملحوظة والإعلان عن جلسة للحكومة بعد ظهر الاثنين المقبل، لإنهاء درس «السلسلة» وإحالتها إلى مجلس النواب عشية الإضراب النقابي المفتوح المقرر بدءًا من الثلاثاء المقبل. وبات محسوما أن التمويل سيتم عبر ما يسمى «طابق الميقاتي»، أي بزيادة عامل الاستثمار وفق دراسة أعدها التنظيم المدني، تحدد حجم الزيادة وتفاصيلها ومردودها. وقد فاجأت مبادرة ميقاتي القطاعات النقابية والاقتصادية، وفيما أدرجها البعض في سياق محاولة احتواء الإضراب النقابي، وجدت «الهيئات الاقتصادية» فيها «خضوعاً لضغط الشارع، وتخلياً عن وعود سابقة قطعها رئيس الحكومة»، وقررت عقد اجتماع استثنائي اليوم لإصدار موقف حازم مما اعتبرته الهيئات «الكمين الذي نُصب لها ووقعت فيه». نقابياً، أثارت مبادرة ميقاتي علامات استفهام كثيرة، وتنادت «هيئة التنسيق النقابية» لدراسة أبعادها ومدى جديتها، وقال عضو الهيئة حنا غريب لـ«السفير» إن الإضراب المفتوح ما زال قائما، ولا شيء يوقفه إلا إحالة السلسلة الى مجلس النواب وفق الاتفاق الذي تم مع الحكومة. وردا على سؤال قال غريب إن مبادرة رئيس الحكومة الى تقريب موعد بحث «السلسلة» في مجلس الوزراء، هي مؤشر إيجابي، «لكن الأساس يبقى في إحالتها بصفة المعجل الى المجلس النيابي، ومن دون أي تقسيط أو تخفيض، أو تقسيط لدرجات للمعلمين، أو تمويل للسلسلة على حساب المتقاعدين، ومع تعديل الدرجات، وإنصاف الأجراء، والمتقاعدين ورفع أجرة السـاعة للمتعاقدين بنفس نسبة من هم داخل الملاك».