مقالات صحفية مختارة > ملاحظات على «مشروع رعاية المضمونين الذين توقفوا عن العمل»
لماذا البتر في قانون التقديمات الصحية والاجتماعية للبنانيين؟
جميل ملك السفير 27-2-2013
تعليقاً على «مشروع قانون الرعاية الصحية الخاص بالأشخاص اللبنانيين المضمونين الذين توقفوا عن العمل» الذي وضعه مدير عام «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» الدكتور محمد كركي ورفعه إلى رئيس مجلس إدارة الصندوق بالإحالة رقم 273 تاريخ 22/1/2013 للاطلاع وعرضه على مجلس الادارة لاتخاذ القرار المناسب بشأنه. ومع التنويه بهذا الجهد القيم والثمين الذي يبذله كركي على طريق الإخضاع الإلزامي لفئات جديدة إلى فرع ضمان المرض والأمومة وصولاً إلى استكمال شمول وتغطية جميع فئات الأشخاص اللبنانيين الذين ما زالوا حتى الان خارج التغطية بتقديمات هذا الفرع فإنه يهمنا فيما يلي ابداء الملاحظات الآتية: اولاً: استوقفنا في هذا المشروع ذلك النص على إنشاء قسم خاص لهذه الفئة الجديدة الخاضعة إلزامياً لفرع المرض والأمومة (بمحاسبة مستقلة ينبغي لها أن تحقق التوازن المالي في الواردات والنفقات) إنما بمعزل عن صندوق هذا الفرع الذي يتمتع بالاستقلال المالي، ويتصرف بموارده الخاصة لتغطية تأدياته المتوجبة عليه قانونياً لجميع فئات المضمونين الخاضعين الزامياً لهذا الفرع ـ بما فيه هذه الفئة الجديدة وباقي الفئات التي ستخضع إليه بهذه الصفة تباعاً ـ تطبيقاً لنظرية التكافل أو التضامن الاجتماعي (إن في جباية الواردات «الاشتراكات» وإن في توزيع التقديمات) التي أخذ بها نظام الضمان الاجتماعي اللبناني في فروعه الأربعة، وعلى رأسها فرع ضمان المرض والأمومة. فيكون ما أخذ به هذا المشروع (انشاء قسم خاص بمحاسبة مستقلة لهذه الفئة الجديدة) بمعزل عن صندوق هذا الفرع في غير محله القانوني يقتضي الرجوع عنه.
«ثغرة خطيرة يجب تداركها»
ثانياً: استوقفنا في هذا المشروع ذلك النص على أن الأشخاص اللبنانيين الخاضعين الزامياً لفرع ضمان المرض والأمومة هم الذين توقفوا عن العمل نهائياً بعد بلوغهم سن نهاية الخدمة فقط من دون أن ينصّ إلى جانبهم على أمثالهم الذين تركوا العمل نهائياً إما بسبب العجز وإما بسبب الوفاة. وهذه ثغرة مهمة وخطيرة يجب تداركها في هذا المشروع، وذلك بإخضاع هذه الأطراف الثلاثة معاً. أما فئة الأشخاص المضمونين الذين توقفوا عن العمل مؤقتاً ويبحثون عن عمل جديد، فإننا نستغرب شمولها بالخضوع في هذا المشروع وتغطيتها خلال فترة الانقطاع المؤقت عن العمل شرط أن لا تتجاوز هذه التغطية السنة الواحدة فقط؟! فماذا لو استمر توقف هؤلاء عن العمل لأكثر من سنة؟ وفي تقديرنا أن هذه الفئة المتوقفة عن العمل مؤقتاً، معنية بفرع ضمان البطالة الذي لم يجد طريقه بعد إلى التشريع في قانون الضمان الاجتماعي اللبناني إلى جانب الفروع الأربعة الحالية. ولذلك نرى ضرورة اسقاط خضوع هذه الفئة من هذا المشروع.
«شروط لا موجب لها»
ثالثاً: استوقفنا في هذا المشروع ذلك النص على تلك الشروط الواجب توفرها في المضمون الخاضع الزامياً لهذا النظام: أ ـ بالنسبة للمضمون الذي ترك العمل بسبب بلوغ السن. 1 ـ أن يكون قد خضع بصورة الزامية للفروع الثلاثة النافذة في الصندوق لمدة لا تقل عن عشرين سنة وكان له حق الاستفادة من هذه التقديمات. 2 ـ أو أن يكون قد خضع بصورة الزامية لفرع ضمان المرض والأمومة وكان له الحق بالاستفادة من تقديمات العناية الطبية لمدة لا تقل عن عشرين سنة (على أن يحدد بدء خضوع هذه الفئة بمرسوم لاحق يصدر في مجلس الوزراء)؟! ب ـ بالنسبة للمضمون الذي ترك العمل بصورة مؤقتة 1 ـ أن يكون قد خضع إلى الصندوق بصورة الزامية لمدة مجموعها خمس سنوات على الأقل (لم يقل المشروع عما إذا كان هذا الخضوع إلى الصندوق هو إلى الفروع الثلاثة النافذة أم إلى فرع ضمان المرض والأمومة فقط). اننا نعتقد أن كل هذه الشروط لا ضرورة ولا موجب لها. بل يكفي أن يكون هناك شرط واحد لا غير هو أن يكون مضموناً خاضعاً الزامياً للفروع الثلاثة أو لفرع ضمان المرض والأمومة فقط، وترك العمل نهائياً لأحد الأسباب الثلاثة: ـ اكمال السن القانونية (60 ـ 6) ـ العجز ـ الوفاة.
«اجتزاء متعسف للمادة 14»
رابعاً: استوقفنا في هذا المشروع ذلك النص على هذا الاجتزاء المتعسف لما نصت عليه المادة 14 ضمان المتعلق بأفراد عائلة المضمون المعالين. نعتقد أن هؤلاء جميعاً يجب أن يبقوا على حقهم بالاستفادة من تقديمات فرع ضمان المرض والأمومة مع المضمون طالما أن الشروط المطلوبة لاستفادتهم متوفرة في كل واحد منهم. خامساً: استوقفنا في هذا المشروع حصر تقديمات فرع ضمان المرض والأمومة بهؤلاء الخاضعين الزامياً بتقديمات العناية الطبية فقط من دون تقديمات نفقات الدفن، فلماذا هذا البتر في التقديمات لاسيما أن قانون الضمان الاجتماعي نصّ على اعتبار نفقات الدفن من المخاطر الاجتماعية التي يجب تغطيتها بالتقديمات (المادة 27 ضمان) ولذلك نرى استدراك هذا النقص في هذا المشروع.
«لشطب هذه المخالفة الفادحة»
سادساً: استوقفنا في هذا المشروع ذلك النص الوارد في مادته الخامسة الفقرة 2 منها عندما يفرض فيها على صندوق فرع ضمان المرض والأمومة أن يساهم في تغذية الحساب المستقل لهذا القسم الخاص بهؤلاء المضمونين. فصندوق فرع ضمان المرض والأمومة معني فقط بالمضمونين الخاضعين إليه مباشرة. وفي الحالة التي يكون فيها على درجة من الوفر المالي الذي يزيد عن تأدياته القانونية (التقديمات ـ النفقات الادارية ـ تكوين مال الاحتياط) عليه التوجه إما إلى زيادة نسبة تقديماته أو إلى التوسع إلى تقديمات جديدة أو إلى تخفيض في معدلات الاشتراك لمصلحة أصحاب الأعمال والمضمونين الخاضعين إليه. لذلك نرى شطب هذه المخالفة الفادحة التي ينص عليها هذا المشروع. سابعاً: استوقفنا في هذا المشروع ذلك النص الوارد في الفقرة 1 من المادة السادسة فيه ونصها: «يخضع المضمونون المذكورون في المادة الثانية بصورة الزامية لأحكام هذا القسم، وتتوجب عنهم الاشتراكات اعتباراً من اليوم الذي يلي تاريخ توقفهم عن العمل». إن هذا النص لا يراعي أحكام المادة 16 ـ الفقرة 4 من ضمان التي تحفظ حق المضمون وأفراد عائلته من تقديمات فرع ضمان المرض والأمومة طوال الأشهر الثلاثة اللاحقة لتاريخ ترك العمل. لذلك يقتضي إعادة توضيح هذا النص خاصة بالنسبة للمضمونين الذين يمكن أن يكونوا قد مضى على تركهم العمل النهائي أكثر من ثلاثة أشهر، وقبل صدور هذا النص الجديد القاضي بإخضاعهم من جديد لفرع ضمان المرض والأمومة.
بين القانون والمرسوم
وأخيراً وبعد ما عرضنا أعلاه ما عندنا من ملاحظات على «مشروع قانون الرعاية الصحية الخاص بالأشخاص اللبنانيين المضمونين الذين توقفوا عن العمل»، يهمنا أن نذكر بأنه واعتباراً من تاريخ 11/4/1975 لم يعد هناك من حاجة لإصدار قانون كلما دعت الحاجة إلى اخضاع فئة معينة من الفئات اللبنانية إلى كل أو بعض فروع الضمان الاجتماعي اللبناني، بل صار ذلك ممكناً بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء تبعاً لنص القانون 16/75 تاريخ 11/4/1975 الذي أعاد صياغة المادة التاسعة في قانون الضمان الاجتماعي واشتملت معه على النص التالي: «تحدد بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العمل وانهاء مجلس إدارة الصندوق وبالشروط المحددة فيها فئات سائقي السيارات العمومية والحرفيين وسائر فئات الأشخاص اللبنانيين غير المذكورين في هذه المادة الذين تبين ضرورة اخضاعهم منذ المرحلة الأولى لبعض أو جميع فروع الضمان الاجتماعي».
«لإعادة درس المشروع»
على ضوء كل ذلك نأمل إعادة درس «مشروع قانون الرعاية الصحية الخاص بالأشخاص اللبنانيين المضمونين الذين توقفوا عن العمل» والاستعاضة عنه بوضع مشروع مرسوم يخضع لفرع ضمان المرض والأمومة (العناية الطبية وتعويض نفقات الدفن) سائر الأشخاص اللبنانيين المضمونين الذين توقفوا عن العمل نهائياً لأحد الأسباب الثلاثة (1: بلوغ السن القانونية. 2: العجز. 3: الوفاة). على أن يدفع المضمون اشتراكه على أساس المعدل العادي كاملاً (حالياً 9 في المئة) محسوباً على أساس معدل الراتب الشهري الأخير الذي كان يتقاضاه عند ترك العمل المأجور مع مراعاة الحد الأقصى للكسب الخاضع للحسومات النافذ في الصندوق. على أن يكون هذا المرسوم شاملاً بأحكامه (وبمفعول رجعي) جميع المضمونين الذين سبق لهم وتركوا العمل نهائياً لأحد الأسباب الثلاثة المذكورة أعلاه ـ ولا يزالون على هذه الحال حتى تاريخ صدور هذا المرسوم.
جميل ملك
المدير السابق لضمان المرض والأمومة (الضمان الصحي) في «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي»