مشروع الموازنة المتقشفة أمام مجلس الوزراء من دون السلسلة بعجز 24,7% «المالية» تواجه صعوبة تمويل استحقاق آذار بالعملات في حال تمنّع المصارف
عدنان الحاج السفير 11-3-2013
تخوض وزارة المال خلال الفترة القليلة المقبلة، معركة على خطين متوازيين؛ معركة تمويل السلسلة، والبحث عن تمويل لعجز الموازنة العامة التي ينتظر أن يبحثها مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الحالي بعد أن أعادها وزير المال معدلة ومخفضة حوالي 2000 مليار ليرة إلى مجلس الوزراء كما أشارت «السفير» في الأسبوع الماضي. فقد رفع وزير المال محمد الصفدي نهاية الأسبوع الماضي، مشروع قانون الموازنة العامّة والموازنات الملحقة للعام 2013 بعد استرداده من قبل وزارة المال، لتعديل أرقامها، وجعلها متقشفة ومختصرة، تمهيداً لبحثها ومناقشتها أواخر الشهر الحالي. إشارة أخرى إلى أن الإنفاق يتم حالياً على أساس القاعدة الاثنتي عشرية بعد دخول الشهر الثالث أو نهاية الفصل الأول من السنة. وبلغ مجموع الموازنة العامة 21229 مليارا و710 ملايين ليرة، بعدما تمّ خفض الإنفاق عن المشروع الأول بأكثر من 2000 مليار ليرة، من دون أن تشمل هذه النفقات كلفة «سلسلة الرتب والرواتب» المقدرة بحوالي 2000 مليار ليرة منها حوالي 750 مليار ليرة كلفة غلاء المعيشة دفعتها وزارة المال من دون أن تغطيها الحكومة بإيرادات جديدة، بما يعني زيادة العجز عن طريق الاستدانة. يقدر عجز الموازنة 5247 مليار ليرة حدّاً أقصى لسقف العجز الذي التزمت فيه وزارة المال. كإشارة إلى الأسواق المالية وإلى المؤسسات الدولية ومؤسسات التصنيف العالمية، أنها ملتزمة معالجة العجز وعدم تخطي معدلات محددة للعجز والتي ستصل هذا العام من دون وجود إيرادات جديدة الى حوالي 24,7% في المئة، وهي نسبة أقل من معدلات العجز المقدرة للعام 2012. وعلمت «السفير» أن مشروع الموازنة الجديد استند إلى حجم إيرادات قدره حوالي 15982 مليار ليرة، بما يعني وجود بعض الإيرادات والرسوم الجدية المعدلة على اعتبار أن إيرادات موازنة العام 2012 قدرت بحوالي 14700 مليار ليرة تقريباً. يعني ذلك أيضاً، أن مشروع موازنة العام 2013 المعاد لا يتضمن كلفة تمويل «سلسلة الرتب والرواتب»، مما يشعب البحث عن الإيرادات الإضافية، ويزيد من صعوبة توافق مصادر الحكومة على الرسوم والضرائب الجديدة. هذا مع العلم أن مشروع الموازنة يعيد طرح مجموعة من الرسوم الجدية وتعديلات ضريبية كانت طرحت سابقاً تمت مناقشتها وكانت موضع اعتراض من العديد من الوزراء ومن الهيئات الاقتصادية عامة. يبدو أن وزير المال محمد الصفدي يسعى من خلال مشروع الموازنة المعدل الى تحديد سقف العجز، وسقف النفقات، على الرغم من أن كلفة عجز الكهرباء تقدر بحوالي 2900 مليار ليرة وهي مخفضة حوالي 300 مليار ليرة عن الكلفة المقدرة سابقاً في إطار حث مؤسسة الكهرباء على تحسين الجباية التي تقدر بحوالي 1300 مليار ليرة في أحسن الظروف.
^^ صعوبات التمويل وامتناع المصارف
أصعب ما تواجهه وزارة المال في هذه المرحلة يكمن في امتناع المصارف عن الاكتتاب بسندات الخزينة بالليرة وبالدولار، مع استمرار مصرف لبنان بالتدخل لتغطية عجز إصدارات سندات الخزينة الأسبوعية بالليرة، ما جعل محفظته تصل إلى حدود 32 أو 33 في المئة من سندات الليرة اللبنانية، بزيادة أكثر من 10 إلى 11 في المئة مقارنة مع العام 2010، حيث تراجعت حصة المصارف بالنسبة ذاتها إلى حوالي 51 في المئة من سندات الليرة. المصارف اللبنانية ملتزمة الاكتتاب بحدود الاستحقاقات. علماً أن حاجة الدولة تزيد حوالي 6000 مليار ليرة لتغطية العجز السنوي في الموازنة العامة. الصعوبة الثانية التي تواجهها وزارة المال هي في تسويق إصدارات «سندات اليوروبوند»، أي سندات الخزينة بالعملات، حيث تحتاج وزارة المال اليوم إلى حوالي 1100 مليون دولار منها حوالي 700 مليون دولار لتغطية استحقاقات شهر آذار بالعملات. إضافة إلى استحقاقات أخرى خلال الفترات المقبلة من العام 2013. وقد طلبت وزارة المال من المصارف تقديم عروضها للمشاركة في تسويق إصدار بقيمة تصل إلى حوالي 1100 مليون دولار، حيث أبلغت المصارف وزير المال عزمها على عدم الاكتتاب في الإصدار الجديد احتجاجاً على موضوع غياب الإصلاحات المالية من جهة، ونتيجة اعتراضها على إقرار «سلسلة الرتب والرواتب» لموظفي القطاع العام التي سترتب انعكاسات اقتصادية ومالية على الدولة، والقطاع الخاص من حيث الأعباء والانعكاسات التضخمية والمالية وخلق تفاوت كبير بين رواتب القطاعين العام والخاص. هذا الموقف من القطاع المصرفي ينذر بصعوبة نجاح تسويق إصدار «سندات اليوروبوند» لتسديد استحقاقات العام 2013، مع العلم أن وزارة المال ستسدد إلى المصارف والمكتتبين «بسندات اليوروبوند» المستحقة في آذار الحالي حوالي 700 مليون دولار، ما يعني أنه يطلب مساهمة المصارف الفعلية بحوالي 400 مليون دولار من مجموع قيمة الصادر الجديد. ويبدو أن مواقف المصارف التي تبلغتها وزارة المال لم تكن توحي بسهولة المشاركة في الاكتتابات، ما قد يفسر بأنه موقف سياسي من أداء الحكومة أكثر منه موقفاً مالياً في ظل الظروف الدائرة والمختلطة فيها الأمور بين الاقتصاد والسياسة وعجز المالية العامة. مع الإشارة إلى أن المساهمات الخارجية في الاكتتابات السابقة لم تكن تشكل سوى 10 إلى 15 في المئة من السندات، وهذا ما يؤكد الدور الأساسي للمصارف في إنجاح أي إصدار داخلي أو خارجي، وبالتالي فإن امتناع المصارف عن الاكتتاب بتمويل المستحقات سيزيد صعوبات الدولة في إيجاد مصادر تمويل حاجات الدولة، لتغطية عجز الموازنة من جهة، وكذلك البحث عن مصادر تمويل جديدة لسلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام من جهة ثانية. في المحصلة الأولى، فإن مهمة وزارة المال ستكون صعبة من دون تعاون القطاع المصرفي في إنجاح إصدار «سندات اليوروبوند» لتسديد استحقاق ما تبقى من العام 2013، لا سيما في ظل الظروف الدولية والإقليمية لجهة إيجاد مصادر التمويل في أزمات تغزو الدول الأوروبية والعديد من الدول في المنطقة. عدنان الحاج