عن جدلية النقابى والسياسى فى مسيرة الحركة النقابية المصرية 

 

وكالة أنباء العمال العرب:25-1-2014 

إن مهام النضال النقابي هي تحقيق الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية للطبقة العاملة ومختلف شرائح العمال،والحد من حدة الاستغلال الممارس على الطبقة العاملة والمجتمع ككل، وبالتالي التوازن في العلاقات الاجتماعية. فالأوضاع المعيشيةالمادية والمعنوية للعمال تعكس (النظام

الاجتماعي)الواقع الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية وعلاقات العمل السائدة أي السياسات المتبعة من جهة الدولة واصحاب العمل والمنظومة التشريعية.وبالتالي فالعمل النقابي هو تحقيق أكبر قدر ممكن من مكتسبات مادية ومعنوية للعمال ووتحسين شروط الاستغلال بكل أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.وتعتبر هذه مسألة على درجة كبيرة من الاهمية في العمل النقابي؛ وبالتالي مواجهة نتائج سياسات معينة،باليات محددة أخرى.ولقد قيست أهمية الطبقة العاملة وفق عنصرين:الأول: من خلال مهمتها فى العملية الانتاجية ...الثاني: من خلال حجمهما العددي، فتجد الطبقة العاملة تشكل وبقية من يعمل بأجر الأغلبية الساحقة في المجتمع،في الوقت الذي تنمو فيه الارباح والثروة في يد أقلية...فمصر "الزراعية" لم تعرف العمل النقابي بالمعنى الحديث قبل عهد محمد على باشا ؛ وظهور اول نقابة فى 1899 " نقابة لفافى التبغ"، فالعمل النقابي تاريخيا مرتبط بفترة التصنيع ، و بالتالي فإنّ ظهور العمل النقابي فى مصر خلال هذه الفترة كان يغلب عليه ايضا النضال الوطنى بجانب النضال الاقتصادى وهذا يرجع الى وجود الاستعمار الانجليزى منذ 1882 ووجود الكثير من الشركات والمرافق الاساسية كالكرباء والمياه ووسائل المواصلات يملكها اجانب ،وكان هذا بداية بلورة وعي طبقي اقتصادي وسياسي لدى العمال المصريين،منعكسا عبر بعد تنظيمي نقابى متعدد الملامح والتكوينات ولعبت الاحزاب والسرايا والباشوات دورا فى الهيمنة على التنظيمات النقابية، وفي الوقت الذي كان العمال االمصريون يعانون الاستغلال الطبقي الاجتماعي كانوا في نفس الوقت يعانون من وطأة الاقصاء السياسي .

ومنذ البداية تميز الاستعمار بوجهيه أـ الطبقي: الاستغلال الاقتصادي، بأبعاده التفقير التهميش التجهيل ب ـ والسياسي: الاستعمار للوطن. وفرض هذا الواقع على العمال الربط بين النضال ضد الاستغلال الطبقي والنضال ضد الاستعمار. تجد قيادة الحركة الوطنية القائدة لدفة النضال آنذاك ، في اطار التحالف الوطني يضم كل فئات العمال والقيادات الوطنية – محمد فريد – ونموزج نقابة الصنائع اليدوية ؛ فتجد النضال الاجتماعي الطبقي(النقابي) يصطف طبيعيا في مرتبة النضال الوطنى من أجل الاستقلال من المستعمر الأجنبي،...وانطلاقا من أن العمل النقابي أي الاستغلال الاقتصادي آنذاك واقع تحت هيمنة وسطوة العنصر المستعمر الانجليزى والشركات الاجنبية والراسمالية المصرية ، وهنا النقطة الحساسة الفاصلة بين مفهومي : البعد الطبقي والاقتصادي والاجتماعي و الاستقلال الوطنى . وكان لفكرة بنك مصر وشركاته – طلعت باشا حرب- الاقتصادى الوطنى العظيم خطوة مهمة ؛ ليست من باب انشاء مصانع وشركات عديدة ومتنوعة فحسب وانما ايضا من باب خلق طبقة عاملة صناعية ؛ وعلى سبيل المثال شركات الغزل والنسيج ؛ والتى كانت لهم الريادة فى الحركة العمالية فى اربعينيات القرن العشرين . .لتتحول فعلا لطبقة تعي مصالحها الاقتصادية والفكرية والاجتماعية والسياسية الوطنية أي البعد السياسي. فكان هنا مفصل الترابط الجدلي بين النقابي "الاقتصادي"،والنقابي "السياسي" لدى العمال المصريين.وكان من الطبيعي ان يطالب النقابيين بتوحيد العمال وطاقاتهم ولم شملهم في اطار تنظيم عمالي مصرى بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952والخلاص من الاستعمار الانجليزى والقصر والاحزاب؛ يكون التعبير الطبقي والسياسي عن مصالحهم ببعديها الاقتصادى والاجتماعى. ففي 30يناير1957:كان تأسيس "الإتحاد العام"، الذي يعتبر أول مركزية نقابية مصرية. ومع حركة التصنيع الناصرية والتأميم والتمصير كان لبد من صياغة علاقات عمل جديدة ؛ لكن تجربة الاتحاد العام مرت بمراحل عديدة واحتواء سياسى بل واستخدام لحسم الصراع السياسى فى 1954 وهو ما سمى بأزمة مارس واضراب عمال النقل ....وللحديث بقية..

......بقلم المؤرخ والخبير العمالى المصرى صلاح الانصارى.