مقالات صحفية مختارة > لوبي» المصارف يستشرس دفاعاً عن أرباحه
الطلب من سلامة التدخل والتهديد بالاعتراض أمام المجلس الدستوري
كتب محمد وهبة في جريدة الاخبار بتاريخ 29-5-2012
يعمل «لوبي» المصارف على خطين لإسقاط الزيادات الضريبية التي تطاوله في مشروع موازنة 2012؛ فهو يهدّد باللجوء إلى المجلس الدستوري لإسقاط الزيادة الضريبية التي أُدرجت في مشروع موازنة 2012 لتطاول أرباحها بمعدل 20% بدلاً من 15%، كما يطلب من حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، التدخل لدى وزير المال محمد الصفدي لإثارة الموضوع معه، ودفعه إلى التراجع عن هذه الزيادات في المشروع المقترح... لكن «اللوبي» لن يكتفي بالتفرّج على إخضاعه لزيادة ضريبية بمعدّل ثلث ما كان يخضع له سابقاً، رغم أن هذه الضريبة تعدّ هزيلة نسبياً، وكان يمكن تطويرها باتجاه تصاعدي لتطاول الأكثر ربحية. قبل أسبوع على إحالة مشروع قانون موازنة عام 2012 إلى مجلس الوزراء، كان وفد من مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان يناقش مع حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، في اللقاء الشهري بينهما، السبل المناسبة لمنع فرض أي زيادات ضريبية تطاولهم في المشروع. فاعترضوا أمامه على رفع معدّل الضريبة على الفوائد من 5% إلى 7%، ورفع معدّل الضريبة على أرباح المصارف من 15% إلى 20%. ثم «تمنّى» رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه (الصورة)، على سلامة، «العمل مع وزارة المال على تفادي إدراج تعديلات في مشروع موازنة 2012 على الأنظمة الضريبية»، مشيراً إلى دقّة الظروف الحالية «حيث الاستثمارات تتراجع والأوضاع غير مستقرّة». لكن طربيه مرّر في سياق كلمته موقفاً واضحاً من جمعية المصارف تجاه الزيادات الضريبية، ففي رأيه أن حصر الزيادة الضريبية على الدخل بأرباح القطاع المصرفي فقط يعدّ غير دستوريّ «وسيضطرنا كجمعية إلى أخذ هذه القضية إلى المجلس الدستوري، فاللبنانيون قانوناً ودستوراً متساوون أمام التكليف الضريبي». وأعرب طربيه عن عدم تفهم جمعية المصارف «لماذا معاملة القطاع المصرفي دوماً بصورة متفرّدة، فيما المصارف لا تألو جهداً لتوفير التمويل للدولة، وبكلفة متدنية قياساً إلى المخاطر السيادية للبناني ومقارنة مع أي دولة أخرى، بما فيها مؤخراً اقتراض دولة قطر من الأسواق العالمية». جاءت إجابة سلامة على مطالب طربيه واضحة لجهة دعم موقف مجلس إدارة جمعية المصارف، فوعدهم «بإثارة الموضوع قريباً مع وزير المال ليس فقط من منظور التكليف الضريبي والربحية، بل كذلك من جهة الحاجة إلى زيادة رسملة المصارف في سياق تطبيق اتفاقية بازل 3 واستقطاب مساهمين جدد». لكن اللقاء بين الطرفين لم يجر إلا بعدما أحيل مشروع الموازنة إلى مجلس الوزراء وكان يتضمن هذه التعديلات الضريبية. لذلك ستتحرك المصارف بالاتجاه الذي تراه مناسباً لمصالحها. فبحسب الأمين العام لجمعية مصارف لبنان، مكرم صادر، أن ضريبة الأرباح على الشركات هي واحدة في كل دول العالم ولا يمكن التمييز بين فئة من المؤسسات وفئات أخرى، ولا يمكن أن تذهب الجهات الرسمية باتجاه فئة لتكليفها بزيادات ضريبية وحدها. وعلى هذا الأساس، ستقوم الجمعية بتسجيل اعتراضها. غير أن النص المقترح في مشروع الموازنة لا يحصر هذا المعدل الضريبي بالمصارف فقط، فهو يشمل «أرباح المصارف والمؤسسات المالية، ومؤسسات الهاتف الخلوي». في المقابل، يعتقد خبراء اقتصاديون أن فرض زيادة على ضريبة أرباح المصارف من 15% إلى 20% ليس خطوة متواضعة، مبدئياً، في بلد يمكن فيه لقوى الضغط واللوبيات الكبرى مثل جمعية المصارف، أن تقاوم بشراسة، فهذه الزيادة إلى 20% تعادل ثلث المعدل الضريبي السابق، وهي توازي زيادة بقيمة 80 مليون دولار على ضريبة الدخل التي تدفعها المصارف وفقاً لأرقام عام 2011، لتصل قيمة الضريبة الإجمالية على أرباح القطاع المصرفي، بحسب أرقام عام 2011، إلى 300 مليون دولار. اعتراض جمعية المصارف لا يقتصر على زيادة الضريبة على أرباحهم، فالمشروع يقترح زيادة الضريبة على الفوائد من 5% إلى 7%. غير أن هذا التعديل في النسخة الحديثة من مشروع موازنة 2012 أخذ في الاعتبار الضغط الذي مارسته المصارف طوال السنوات الماضية عندما كانت ترفض زيادة هذه الضريبة. ورغم أن الأمر كان مطروحاً منذ سنوات عديدة في مشاريع الموازنات، فقد تمكنت المصارف من خفض الزيادة المقترحة من 8% سابقاً إلى 7% حالياً. وبحسب الإحصاءات المتوافرة لدى بعض المصارف، فإن إيرادات الضريبة على الفوائد بمعدل 7% سترتفع من 652 مليار ليرة في عام 2011 لتتجاوز 900 مليار ليرة، إلا أنها ستصيب أكثر صغار المودعين نظراً إلى تركّز مرتفع للودائع في نسبة صغيرة من الحسابات، وبالتالي كان يمكن أن تكون هذه الضريبة تصاعدية أيضاً لتصيب كبار المودعين لا صغارهم، على ما يقول خبراء اقتصاديون. وكانت المصارف اللبنانية قد حققت أرباحاً في عام 2011 بلغت 1582 مليون دولار، مقارنة مع 1642 مليون دولار في عام 2010، علماً بأنها حققت في الفصل الأول من عام 2012 أرباحاً بلغت 356 مليون دولار، مقارنة مع 372 مليون دولار في الفترة نفسها من عام 2011. اقتصاد العدد ١٧١٨ الثلاثاء ٢٩ أيار