مقالات صحفية مختارة > كيف تحدّد نسبة زيادة بدلات الإيجارات تطبيقاً لمرسوم تعيين الحد الأدنى للأجور؟
كتب منير مغنية في جريدة السفير بتاريخ 12-6-2012
أثارت أقلام قانونية عدة الإشكال القائم حول نسبة الزيادة الواجبة التطبيق على بدلات الإيجارات الخاضعة لقانون 160/92 المعدل بالقانون 336/94، إنـــفاذاً للمــرسوم /7426/ تاريخ 25/1/2012 المعيّن للحـــد الأدنى الرسمي لأجور المستخدمين والعمال الخاضعـــين لقانون العمل، ولنسبة غلاء المعيشة، ولكيفية تطبيقها، وذلك بعد ولادة عسيرة اختلط فيها الطبيـــعي بالقيصري، وتمت بنكوص حضــاري للأطـــر التشريـــعية لا يبشر بالخير. وانتهى النقاش إلى تبـــني رأيين يذهب الأول منهما إلى أن النســـبة هي (50%) من منطلق أن نسبة الزيادة المقـــررة بالمرسوم /7426/ على الشـــطر الأول من الأجر تبلــغ، بنص النبـــذة الأولى من الفقرة /2/ من المادة /3/ منه (100%)، بينما يذهب الرأي الثـــاني إلى أن النســـبة هي (17,5%) من منطلق أنه في تحــديد هذه النســبة لا بد من الأخذ بعين الاعتــبار التنزيل على الأجـــر الذي قضى المرسوم بأن يُجرى لدى احتسابه، وهـــو ما كان المشرع أضافه إليه بالمرسوم /500/ تاريخ 14/10/2008 بحــيث تصبح الزيـــادة على الأجر في رأيهـــم (35%) وليـــس (100%) والـزيادة على الإيجــارات بالتــالي تبلغ (17,5%). أما وزارة المالية، فإنها، في القرار رقم 375/1 تاريخ 2/3/2012 قد اعتبرت أن هذه الزيادة تبلغ 12,8% وذلك فقط من أجل احتساب القيم التأجيرية ابتداء من 31/1/2012 معتبرة أن الزيادة على بدلات الايجار ابتداء من 1/12/2012 توازي الفرق ما بين الزيادة الواجب تطبيقها وفقاً لمرسوم غلاء المعيشة الحالي رقم /7426/ وبدل الزيادة التي طبقت وفقاً للمرسوم رقم /500/ تاريخ 14/10/2008 الذي ألغيت أحكامه أي ما يعادل (12,8%) وقد وافق مجلس الشورى وزارة المالية على منحاها في تفسير المرسوم /7426/ وذلـك في الرأي الذي أصـدره بتاريخ 12/3/2012. ونحن نذهب إلى ما ذهب إليه الرأي الأول القائل إن الزيادة تساوي (50%) لوضوح النص مبنى ومعنى، ونعتبر أن تعليل ما ذهب إليه الرأي الثاني وما ذهبت إليه وزارة المالية ينطوي على جنوح على القواعد الملزمة التي تحكم تطبيق النصوص وتفســـيرها، كما نصت عليها أصول المحاكمات المدنية لا سيما المادة /4/ منهـــا، وكما استقر عليها الفقه والاجتهاد، والتي تقضي بأن النــصوص توضع كي تطبق وبأنه لا تفسير في معرض النص الصريح، وأنه ينـــبغي أولا ً وقبلاً ودائماً استخلاص المعـــنى المقصود من النـــص عن طريق صيغته وعباراته المكونة من مفرداته وجمله. وأن النصوص الاستثنائية والخاصة، كحالتنا هذه، تفسر تفسيراً ضيقاً ولا يتوسع في ذلك، لأنها توضع لأسباب وأهداف اجتماعية معينة وفي ظروف استثنائية. وقانون الايجارات 160/92 المعدل في الفقرة /2/ من المادة /6/ منـــه وفي البند «خامساً» من المادة /13/ منه صريح واضح في تقريره أنه: «.. ترتبط وتزاد تباعاً بدلات الايجار بنسبة تعادل نصف نسبة الزيادة الطارئة في كل مرة على الجزء الاول من الراتب المحددة في المراسيم المتعلقة بزيادة غلاء المعيشة وتحديد أجور المستخدمين من العمال». وبالــتالي فالأمر في نطـــاق تطبـــيق المرســـوم /7426/ على بدلات الايجارات الخاضعة لقانون 160/92 المعدل ينحصر فقط في تحديد: ما هي «نسبة الزيادة الطارئة على الجزء الأول من الراتب» التي حددها المشرّع في تعيينه الحد الأدنى للأجور. مع التنويه إلى أن عبارتي: «الشطر الأول» و«الجزء الأول» مسميان لمعنى واحد، وأن «الراتب» هو عينه «الأجر» وأن المشرع هو الذي يحدد «الشطر الأول من الراتب». وقد حدد المرســوم /7426/ الشطر الأول من الراتب كما حدد نســبة الزيادة عليه وذلك في النبذة /2/ من الفقرة /2/ من المادة /3/ منه حيث قال: «2 ـ تطبق على الرصيد زيادة غلاء معيشة قدرها (100%) على الشطر الأول منه حتى مبلغ /400/ ألف ليرة على أن لا تقل الزيادة عن /375/ ألف ليرة. وهذا نـــص واضـــح صـــريح لا غموض فيه ولا بد من إعماله وتطبيقه كما ورد، ولا يعنينا في معرض تطبيقه على قانون الايجـــارات الاستثنائي العوامل التي حــدت بالمشرّع إلى تحديد قيمة الشطر الأول من الراتب التي تطالها زيـــادة أولى. ولا نســـبة هذه الزيادة التي اختارها ولا طريقة احتســـاب الأجر التي وضعها، ولا محصلة الزيادة في مجموعــها، وهل هي عادلة أم غير عادلة. كما أن ما أورده المشرّع في النبذة /2/ من الفقرة /2/ وفي الفقرة /3/ من المادة /3/ من المرسوم /7426/ يتعلق فقط بالشطر الثاني من الأجر ويخرج كلياً بداهة عن إطار تحديد نسبة الزيادة على الشطر الأول من الأجر. وليس من حقنا، كما فعلت وزارة المالية مع وضوح النص، تأويل ما أراده المشرّع ولا إيجاد منهجية للتوصل إليها لم يتبنها ولا أخذ بها، ولا البحث عن الحكمة من ورائه، ولا عن دواعيه تحت أي ستار، إذ أن ذلك يصبح تشريعاً. إن استدراك الشطط أو الخطأ أو النسيان في التشريع وما قد يؤدي إليه من ظلم لا يتم عند تطبيق النصوص وإنما عند صياغتها أو بعد ذلك إذ ينبغي أن يتم التشريع بتناسق وتناغم فيما بين النصوص المترابطة المؤثر الواحد منها على الآخر. ولا يُقبل في الأزمنة الحديثة تكرار الخطأ الذي سبق للمشــرّع اللبـــناني وإن وقع فيه عندما شرّع القانون رقم /63/ تاريخ 31/12/2008 حين «نسيَ» (كذا) فيه الأبنية المعـــدة لغير السكن؟؟ ويذكّرنا هذا، والشيء بالشـــيء يذكر، أنه في اليمن السعيد، على عهد الإمام يحيــى حميد الدين كانت صحيفة واحدة تصدر صباحاً ثم يـصدر لها ملحق بتصحيح الأخطاء الطباعية عصراً. إذا كان تطبيق المرسوم /7426/ إذا ما التزمَ فيه القانون والأصول يُلحق ضرراً بالمستأجر لم يرده المشرع، ولم يرم إليه فلا بد من أن يتدخل هذا المشرّع عبر المنهج التشريعي لرد الأمور إلى نصابها وأخطر ما يمكن ان يصيب المجتمعات الحديثة أن تتداخل صلاحيات السلطات دونما قاعدة ولا تلتزم حدودها الدستورية مهما تكن الذريعة.