مقالات صحفية مختارة > الحكومة تتحايل دولياً لإبقاء سيطرتها على النقابات محلياً
كتبت الاخبار بتاريخ 14-6-2012
وافق مجلس الوزراء في جلسته أول من أمس على مشروع قانون يرمي إلى إبرام اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 تاريخ 9/7/1948، المتعلقة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم، وقرر إحالة المشروع على مجلس النواب للإجازة للحكومة بإبرامها. إلا أن هذه الموافقة اقترنت بتحفظ مجلس الوزراء على المادة الثانية من الاتفاقية، ما يعني عملياً إلغاء الأهداف التي وُضعت من أجلها، وفي مقدّمها ضمان حق موظّفي الإدارة العامّة والأسلاك التعليمية وغيرها بإنشاء النقابات والانضمام إليها وضمان حرية إنشاء النقابات من دون أي ترخيص مسبق (في الإدارة العامة والقطاع العام والقطاع الخاص والقطاع المختلط). فالمادة الثانية المتحفّظ عليها هي المادّة الوحيدة في الاتفاقية التي تنص بوضوح على حق التنظيم النقابي للجميع من دون استثناء أو تمييز؛ إذ جاء فيها: «للعمال وأصحاب العمل، دون تمييز من أي نوع، الحق في إنشاء ما يختارونه هم أنفسهم من منظمات، ولهم كذلك، دون أن يرتهن ذلك بغير قواعد المنظمة المعنية، الحق في الانضمام إلى تلك المنظمات، وذلك دون ترخيص مسبق». وبحسب مصادر معنية، ينطوي تحفّظ مجلس الوزراء، إذا تبناه المجلس النيابي، على عملية التفاف وتحايل على تحرّكات المعلّمين في التعليم الرسمي وأساتذة الجامعة اللبنانية وموظّفي الإدارات العامّة الضاغطة باتجاه ضمان حقّهم في إنشاء نقابات مستقلة وحرّة تدافع عن مصالحهم. فإبرام هذه الاتفاقية من دون تطبيق مادتها الثانية يهدف إلى إبقاء سيف الترخيص المسبق قائماً. وهذا السيف يتيح استمرار السيطرة على العمل النقابي والتحكّم به، كما هو حاصل اليوم في نقابات القطاع الخاص والمؤسسات العامّة والمصالح المستقلة، إذ أُخضعت التراخيص للمحاصصة المعروفة. ولم يعد هناك إلا نقابات قليلة جدّاً غير خاضعة لهيمنة الحائزين للرخص وإرادتهم السياسية. وأدى ذلك إلى فقدان الثقة بالعمل النقابي برمّته، فبات عدد المنتسبين إلى النقابات لا يمثّل سوى أقل من 3% فقط من الذين يحق لهم الانضمام إليها. وأوضحت مصادر في منظمة العمل الدولية لـ«الأخبار» أن الاتفاقية الـ 87 مصنّفة من الاتفاقيات الأساسية، وبالتالي لا يحق لأي دولة التحفّظ على أي مادّة من موادها بموجب نظام المنظّمة، إذ تنحصر الخيارات أمام الدول الأعضاء بالتصديق على هذه الاتفاقيات أو الامتناع عن تصديقها. وكانت الدولة اللبنانية قد اختارت عدم التصديق على الاتفاقية 87 لكونها تحرر العمل النقابي من إرادة السلطة، وحافظت على خيارها منذ عام 1950 على عكس ما فعلته 155 دولة في العالم صدّقت عليها، إلى أن أقدم وزير العمل السابق شربل نحّاس على رفع مشروع مرسوم إلى مجلس الوزراء يرمي إلى إبرامها من دون أي تحفّظ، بحسب ما جاء في الأسباب الموجبة. فالدولة اللبنانية، بحسب كتاب بعث به نحّاس إلى رئيس الجمهورية في هذا الخصوص، أضحت في مؤخرة الدول التي كرست الحقوق الأساسية للعمّال، في حين أن حق التنظيم النقابي والإضراب أصبح جزءاً لا يتجزأ من حقوق الإنسان. وضمان هذا الحق أصبح من مقومات الحياة الديموقراطية وصون الحريات العامّة المنصوص عليها في الدستور. (الأخبار) سياسة العدد ١٧٣٢ الخميس ١٤ حزيران