ثغرة في القانون تتيح لأي دائن الغاء التسوية برمّتها
كتب محمد وهبة في جريدة الاخبار بتاريخ 28-6-2012 مرّت 11 سنة على اندلاع أزمة «تعاونيات لبنان». طيلة هذه الفترة لم يظهر الحل الذي يرضي نحو 23 ألف مساهم في التعاونيات، حتى إن صياغة الحلّ وإقراره أخذا سنوات عديدة قبل أن يُقَرّ القانون 109 في تموز 2010 ثم تلته مراسيم تنفيذية في 2011 و2012 كان آخرها تعيين 7 أعضاء في اللجنة الموقتة التي ستشرف على عملية التسوية مع أصحاب الحقوق وعلى تخمين عقارات التعاونية وبيعها. لكن ما تبيّن للجنة أخيراً، أن هناك بنداً في القانون 109 يسمح لأي «دائن» بالقضاء على أي أمل بإنجاز التسوية، ويمنحه فرصة لإطاحة كل نضالات المساهمين والمودعين ويعيد الأمور إلى نقطة الصفر. يقول عضو اللجنة الموقتة لإدارة التعاونيات في لبنان عصمت عبد الصمد، إن اللجنة الموقتة طلبت من المسؤولين عن الملف تعديل القانون رقم 109 من أجل «إزالة اللغم الموجود فيه». فالحلّ المقترح بواسطة هذا القانون يشير إلى أنه بإمكان أي دائن أن يعرقل التسوية التي يتحدث عنها القانون 109، لا سيما الفقرة التي تشير إلى أنه في حال «رفض أي دائن توقيع التسوية على ديونه مع تعاونيات لبنان، تسقط التسوية بكاملها» يقول عبد الصمد. ما ورد في القانون لجهة التسوية وعناصرها، كان مستوحى من تقرير اللجنة النيابية الفرعية التي ترأسها النائب محمد قباني وكُلّفت وضع تقرير شامل تمهيداً لإقرار قانون يتيح «إعطاء وزارة المال سلفة مالية لتعويض اصحاب الحقوق». في هذا التقرير، يشير البند السادس إلى «شمولية التسوية وعدم التجزئة بين اصحاب الحقوق على مختلف أنواعهم (أي المساهمين والمودعين والدائنين) بحيث تشكل السلفة التي يمكن أن تعرضها الدولة حافزا لجميع هؤلاء الأطراف للتنازل عن حقوقهم كافة لمصلحة الدولة مقابل تسلمهم قيماً يجري التفاوض عليها، وتحلّ الدولة في آخر المطاف بالكامل محل أصحاب الحقوق في الحقوق والواجبات». إلا أن مصدر المشكلة لا يمكن حصره باللجنة النيابية والالغام المزروعة في القانون 109، فالجميع كان يطالب بإقرار هذا القانون من مساهمين ومودعين ودائنين ولم يلحظ أي منهم هذه الثغرة. لذلك، إن ما يجب العمل عليه اليوم هو «فصل حقوق المساهمين والمودعين عن حقوق باقي الدائنين من مصارف وموردين وسواهم» يقول عبد الصمد. وتشير المعلومات المتوافرة إلى أن اقتراح قانون بهذا المعنى، رُفع إلى مجلس الوزراء الذي لم يقرّه بعد تمهيداً لإحالته إلى مجلس النواب ودرسه وإقراره. على أي حال، إن اللجنة التي تطالها اعتراضات جزء من المساهمين غير الممثلين فيها، تقول إنها تعمل وفق المهمة الموكلة إليها في القانون 109 الذي أقرّ إعطاء سلفة لتعاونيات لبنان بقيمة 75 مليار ليرة تكون مناصفة بين المساهمين والمودعين وبين باقي الدائنين، على أن تسترد الدولة هذه السلفة بعد تصفية وبيع موجودات تعاونيات لبنان، وإذا حققت نتيجة البيع فائضاً في الأموال بعد ردّ قيمة السلفة للدولة، يوزّع الباقي على المساهمين والمودعين. وبحسب القانون نفسه، فإن على اللجنة فتح سجلّ لاستقبال طلبات كل الذين يمكنهم تثبيت حقوقهم خلال مهلة 6 أشهر، «وقد أطلقنا هذا السجلّ في 19 آذار في مركزي صبرا وعاليه» وفق عبد الصمد. وبالتالي، لا تزال مهلة الستة أشهر قائمة حتى 19 أيلول ليُغلق السجّل وتبدأ عملية التحقق من المستندات التي تثبت حقوق المسجّلين. إلا أن المعلومات المتوافرة إلى اليوم عن المسجّلين تؤكد أن عددهم لم يزد على 5 آلاف مساهم ومودع إلى اليوم، ولا يتوقع أن يزيد العدد كثيراً على هذا الرقم نظراً لأن المساهمات الباقية هي صغيرة جداً ولا قيمة مادية كبيرة لها. لكن التدقيق الذي يجري اليوم في سجلّات تعاونيات لبنان ومحاسبتها المالية، يشير إلى إمكان حصول تزوير كبير في بعض المساهمات الكبيرة التي تزيد عن 100 مليون ليرة للحصّة الواحدة، أو على الاقل هذا ما تقوله مصادر اللجنة الموقتة المكلفة بالقيام بعملية الحسابات والتدقيق. المهم أن المساهمين المسجّلين اليوم وقعوا في السجلّ المذكور عقد تسوية يشير إلى الحدّ الأدنى من التغطية التي سيحصلون عليها مقابل تنازلهم عن حصصهم تبلغ 65% مما يستحق لهم من مبلغ السلفة «علماً بأن التقديرات تشير إلى أن المساهمين بكافة فئاتهم (حملة اسهم أو حصص مودعة لدى التعاونيات) سيحصلون على ما نسبته 100%». وبعد تصفية التعاونيات وبيع موجوداتها، إذا كان هناك فائض فسيحصل المساهمون على ما يستحق لهم من المبلغ الإضافي المحقق من عملية البيع. على هذا الأساس تبدو مخاوف وهواجس المساهمين والمودعين مثقلة بهموم السنوات الـ11 الماضية. فالصيغة المذكورة من التسوية أقرّت حين كانت تقديرات اللجنة النيابية لموجودات تعاونيات لبنان تقدّر بنحو 37.7 مليون دولار، فيما تقدّر قيمة موجوداتها اليوم بما يزيد على 100 مليون دولار. وفي ذلك الوقت كان عدد المساهمين قد بلغ 23030 مساهماً برصيد قيمته 30.442 مليون دولار. ويضاف إلى ذلك، 688 مودعاً برصيد إجمالي يقدّر بنحو 8.69 مليون دولار. اما الدائنون فقد كانوا يتوزّعون على النحو الآتي: 7 مصارف برصيد 24 مليون دولار، و716 مورداً برصيد 34 مليون دولار، والضمان الاجتماعي برصيد 5 ملايين دولار، والموظفون وديون مختلفة برصيد 2.5 مليون دولار. لكن من أصل المبالغ المستحقة للدائنين والمقدّرة بنحو 56.5 مليون دولار، لحظت اللجنة أن توقعات الدفع تبلغ 23 مليوناً، فيما توقعات السداد للمودعين تقدّر بنحو 6 ملايين دولار. غير أن اللجنة الموقتة أطلقت مفاوضات مع 11 مصرفاً لها ديون على «تعاونيات لبنان»، فهل يوقع الدائنون التسوية ويسحبون فتيل الأزمة.. أم يعرقلونها؟ اقتصاد العدد ١٧٤٣ الخميس ٢٨ حزيران