تتسع حلقة التحرك المطلبي للعمال والموظفين والمستخدمين في القطاع العام لتشمل الإدارات العامة والمؤسسات الاستثمارية، انطلاقاً من إضراب مياومي الكهرباء والجباة المستمر منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وصولاً إلى قطاعات التعليم والصحة والتفتيش والوزارات بانتظار ان تطرق باب العسكريين. المطالب، موضوع التحرك، مختلفة وإن كان العنوان واحد هو الهم المعيشي وتحسين القدرة الشرائية للرواتب والتقديمات. 1ـ هناك إضراب السلسلة الخاص بموظفي الإدارات والقطاع التعليمي سعياً وراء الدرجات والمساواة، وهو ما أقفل القطاع العام بكامله أمس واليوم، وهي من المرات النادرة. 2ـ هناك سلسلة الإضرابات المتعلقة بالمياومين في مؤسسة كهرباء لبنان المطالبين بالتثبيت عبر مباراة محصورة، حسب الكفاءة المهنية للعمال. وهو مسلسل مستمر منذ ثلاثة أشهر ولا أحد يبحث عن المخرج بعد ارتداء التحرك طابعاً سياسياً وطائفياً وانتخابياً لتحقيق مكاسب على حساب العمال تحت شعار الحفاظ على حقوق الطوائف في الموسم الانتخابي. 3ـ هناك نتائج «إضرابية» جديدة تنتج عن طول مدة إضراب المياومين والجباة في الكهرباء، حيث ارتفعت وتيرة الشكاوى من مديري مؤسسة الكهرباء غير المضربين، من ممارسات المياومين المضربين مما دفع المديرين غير المضربين إلى التهديد بالإضراب والتوقف عن العمل اليوم. لقد اكتملت السلسلة داخل كهرباء لبنان وبقي ان تنتقل إلى المؤسسات والإدارات الأخرى التي تحتضن مئات المياومين وعمال الفاتورة الذين سيجدون أنفسهم لاحقاً أصحاب حقوق لتحسين ظروفهم المعيشية، وعددهم يفوق العشرة آلاف بين الإدارات والمؤسسات وشركات المتعهدين المتعاملين مع الوزارات. 4ـ بالعودة إلى موضوع المياومين في كهرباء لبنان لقد بدأ الحراك المطلبي ينذر بالمواجهة بين موظفي المؤسسة غير المضربين، وبين المياومين المضربين تحت شعار الاعتداءات وتأخر الرواتب ومماطلة الإدارة وتحديات العمال المطالبين بحقوقهم. كذلك الوضع بات ينذر بمشكلة مواجهة جديدة بين العمال المضربين من جهة او بين انصار بعض الجهات السياسية من جهة، تحت شعار الضرر اللاحق بالناس من جراء انقطاع الكهرباء وهو أمر حقيقي. المواجهة الثالثة تتعلق بسلسلة الرتب والرواتب وفصلها عن الموازنة العامة من جهة، وجمعها مع سلاسل الوزارات والادارات والتعليم والسلال العسكرية وسبل تمويلها وتأمين ايراداتها، الأمر الذي سيضع المطالب بمواجهة رفض الناس للضرائب والرسوم التي ستفرض عليهم مما يعيق عملية الحلحلة القريبة لتحرك القطاع العام. 5ـ تبقى المشكلة الكبرى المتعلقة بشركات تقديم الخدمات للكهرباء والتي دخلت مرحلة التجارب والتدريب والتي بدأ عقدها بالنفاذ اعتباراً من شهر آذار الماضي. فهذه الشركات تعتمد على العمال المياومين المضربين وفي حال عدم قيامها بالتزاماتها فإنها تستطيع وببساطة تحميل كهرباء لبنان نتائج التأخر والضرر اللاحق بعدم تنفيذ العقود بفعل الإضراب. بعض هذه الشركات بدأ يلمح للمؤسسة بأنه قد يلجأ إلى استعمال البنود الجزائية وبالتالي تحميل كهرباء لبنان مسؤولية التعطيل والتأخير، علماً ان بعض الشركات يقول إن 40 في المئة من المياومين وقعوا عقودهم معها من اصل حصتها البالغة حوالي 420 متعاقداً أو عاملاً. في المحصلة، الضرر الاجتماعي شامل على المياومين والجباة والموظفين المضربين، والضرر المالي في حال عدم التسوية يقع على مؤسسة الكهرباء وعلى المواطنين والخزينة بتزايد التقنين والعجز، وحده الشعار السياسي والطائفي الذي يحقق ربحاً مباشراً على حساب الانتخابات المقبلة ولو جاء ذلك على حساب تهديد استمرارية الحكومة وأجهزة الدولة وما تبقى من المؤسسات. المخيف في الأمر هو الغياب الكبير للمبادرات العلاجية التي تراعي أوضاع الناس والموظفين والخزينة من الناحية المالية لا السياسية.