مقالات صحفية مختارة > نحالو البقاع: لا عسل هذا العام
في وقت كان نحالو البقاع يعوّلون فيه على موسم عسل الصيف لتأمين متطلباتهم الخريفية، تراهم اليوم يسعون فقط من أجل الحفاظ والإبقاء على مصدر رزقهم لكثرة المشاكل وعدم وجود إنتاج كتب رامح حمية في جريدة الاخبار بتاريخ 3-8-2012 يصارع نحّالو البقاع من أجل إبقاء حياة قفران النحل وخلاياه على قيد الحياة، بعدما أيقنوا أن لا مواسم عسل لهذا العام. فالعسل البقاعي الذي كان يتميز عن غيره، ستكون إنتاجيته صفراً في هذا الموسم. يعود السبب إلى العديد من المشاكل التي تضافرت، لتضع النحالين ضمن خانة اللاإنتاجية. فمن موجة الحرّ إلى ضآلة نسبة الهطولات المطرية الربيعية، وصولاً إلى المشكلة الأخطر، وهي رشّ المبيدات في البساتين والحقول الزراعية، وما ينتج عن ذلك من فتك بمئات قفران النحل وخلاياه. المرشد الزراعي حسين الحسيني، وأحد مربّي النحل في البقاع، أشار إلى أن المشاكل المتتالية فرضت على المزارعين أعباءً مالية قاسية «لا يمكن التغاضي عنها في ظل عدم وجود إنتاجية لهذا الموسم». وأشار إلى أن نحّالي البقاع كانوا يعوّلون سابقاً، خلال فصل الشتاء والصقيع، على الجنوب وساحله، لكن، مع تفاقم مشكلة رش المبيدات، «تراجع معظم المزارعين عن ترحيل قفرانهم، وباتوا يعتمدون على تحصينها بطرق مختلفة من الصقيع، مثل تغليفها بالنايلون أو سد الفراغات داخل القفران بالتبن، ليلجأوا في الربيع إلى ترحيلها إلى سفوح السلسلتين الغربية والشرقية الغنيتين بأكثر من 3400 نوع نبتة برية، لا تبخل على النحل برحيقها». لكن الحسيني، الذي يملك حوالى 35 قفيراً، أشار إلى أن المشكلة التي واجهت المزارعين كانت في «الانعدام الكلي للأمطار الربيعية»، الأمر الذي أدى إلى «تضاؤل نسبة المساحات النباتية الرعوية للنحل، وانعكس ذلك ضعفاً في الإنتاج من جهة، وعدم التطريد (تفريخ النحل) من جهة ثانية، حيث من المفروض بكل خلية أن تعطي خلية، لكن العام الحالي كل عشر خلايا أعطت خلية واحدة من النحل». وبناءً عليه، وأمام جوع النحل، كان لزاماً على النحّالين اللجوء إلى إطعام الخلايا العاملة السكر، في محاولة منهم لإبقاء حياة تلك القفران. ويشير الحسيني إلى أن هذا الأمر مثّل «عبئاً مالياً كبيراً على المزارعين. فقد بات يترتب عليهم إطعام كل قفير نصف كيلو غرام من السكر كلّ يومين، بمعدل 500 دولار شهرياً، فيما لو كان المزارع يملك 40 قفيراً». ليس هذا فحسب، إذ يوضح أحمد الشلّ، أحد مربي النحل في بعلبك، أن موجة الحر التي ضربت البقاع منذ أسابيع زادت من نسبة المشاكل التي يتعرّضون لها. يلفت إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يمنع النحل من الخروج من الصناديق الخشبية، فيبقى بداخلها، ويمتصّ في ظل غياب الرحيق الخارجي، العسل الموجود على كل قرص، وبالتالي يقضي على ما أنتجه من عسل. في السنوات الماضية كان النحّالون ينتظرون بفارغ الصبر قطاف الموسم الصيفي مع بداية فصل الخريف، لكن يبدو أن تطلعاتهم الخريفية ذهبت أدراج الرياح، فقد أكدّ الشل أن «لا موسم لهذا العام»، فهو سيكون بدون «إنتاجية، علماً أننا نعوّل عليه كثيراً بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية والمعيشية والمتطلبات الخريفية الإلزامية من مونة ومازوت ومدارس». وأمام ضيق الخيارات المتاحة للنحالين، يجمع غالبيتهم على ضرورة تحرك وزارة الزراعة سريعاً للحدّ من الخسائر، وخصوصاً أن مصدر رزقهم الوحيد «يتقهقر أمام أعينهم»، مشددين على أنه بالإمكان العمل على توفير «غذاء خاص للنحل، أو حتى دعمنا بقفران وخلايا نحل، بطريقة شبيهة لتلك المعتمدة في توزيع دواء حشرة «الفرواز». مشكلة المزارع مصطفى دلول، الذي يملك 120 خلية نحل، مختلفة بعض الشيء. خسارته قاربت الـ80 خلية، نتيجة التسمّم من عملية الرش التي قامت بها وزارة الزراعة لحشرة «السونا» في 19 نيسان الفائت في سهل حوش باي. وقد كشفت مصلحة الزراعة في بعلبك عليها، بواسطة المرشد الزراعي، وتبيّن «تسمّمها وخرابها وموت العاملات بعد يومين على عملية الرشّ، وقد قدّرت قيمة الخسارة بـ15 ألف دولار لم يدفع منها ليرة واحدة حتى اليوم» يقول. تجدر الإشارة إلى أن تعويضات حرب تموز 2006 لم يحصل عليها نحالو البقاع، الذين خسروا حوالى 6000 خلية نحل من أصل 11000 خلية. مجتمع العدد ١٧٧٤ الجمعة ٣ آب ٢٠١٢ ________________________________________