مقالات صحفية مختارة > البطالة في الدول العربية من أعلى المعدّلات في العالم
ال والثروات النفطية لم تُفلِح بتوفير فرص عمل تتناسب وحاجات السوق الاربعاء,8 آب 2012 الموافق 20 رمضان 143 كتبت بلقيس عبد الرضا في جريدة اللواء
«إنْ كان لا بد من التغيير فيجب التعبير» مقولة أضحت على لسان كل شاب عربي ذاق الأمرّين بسبب غياب فُرص العمل وانتشار البطالة، ولعل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطن العربي كانت وراء الثورات العربية التي تعصف بالمنطقة، ولعل التعبير والكلام عن الاعداد التي وصلت اليها البطالة في عالمنا العربي يستوجب التغيير نحو اصلاح الانظمة الاقتصادية واعادة بناء هيكلية سياسية تعالج المشاكل الجذرية التي يتخبّط بها الشباب العربي. هذه الحقيقة تتطلب من القادة السياسيين ان يعملوا على معالجة اسباب البطالة من اجل التنمية الاقتصادية المستدامة، فبحسب آخر تقرير صادر عن الإسكوا فإن معدلات البطالة في العالم العربي هي الاعلى في العالم فما هي نتائج انتشار البطالة على السياسة التنموية؟ البطالة الأعلى عربياً بحسب تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا «إسكوا» فإن البطالة في الدول العربية هي من اعلى المعدلات والبطالة هي من اكثر التحديات التي تواجهها خطورة. وحسب الاحصاءات الرسمية، يصل المعدل الاجمالي للبطالة في المنطقة الى 14% تقريبا، وقد يكون هذا المعدل التقديري أدنى من الواقع، أما بطالة الشباب فتصل الى 30% او اكثر في الكثير من البلدان العربية مما يشكل مصدرا كبيرا للقلق. ويضيف التقرير بأنّ الوضع يتفاقم في ظل ارتفاع معدلات النمو السكاني، فقد انخفضت معدلات الخصوبة، لكن الانخفاض ترافق مع انخفاض في معدلات وفيات الرضع وتحسن متوسط العمر المتوقع عند الولادة واستمر النمو السكاني بمعدل سنوي قدره 2 في المئة تقريبا. أما بالنسبة الى فرص العمل المتوافرة في المنطقة فهي اقل بكثير من الاعداد الوافدة الى سوق العمل، لذلك ارتفع معدل بطالة الشباب في البلدان العربية ليناهز ضعف المعدل العالمي. تأثيرات على التنمية وأصبحت مشكلة البطالة عائقا تنمويا كبيرا في الكثير من دول العالم الثالث، كما أصبحت سببا في تهديد استقرار العديد من الأنظمة والحكومات في ظل المعدلات المتزايدة للنمو السكاني في هذه البلدان وزيادة الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك. ووفقا لتعريف منظمة العمل الدولية فإن البطالة هي حالة الفرد القادر على العمل ويرغب في العمل ويبحث عن فرص عمل ولا يجد فرص العمل المطلوبة وليس له مورد رزق. وقد حذّرت الأمم المتحدة من ارتفاع البطالة حول العالم إلى معدلات قياسية بلغت حوالي 186 مليون عاطل. وأشار التقرير الذي أعدّته منظمة العمل الدولية إلى العديد من العوامل التي لعبت دورا مؤثرا في ارتفاع مؤشرات البطالة إلى 6,2 في المائة من إجمالي القوة العاملة في العالم. وشدّد التقرير على أهمية إيجاد حوالى 8 ملايين وظيفة جديدة خلال الـ12 عاما المقبلة في دول جنوب الصحراء الإفريقية حيث تبلغ معدلات البطالة 10,9 في المائة، وإلا فإنّ الأهداف التي وضعتها قمة الألفية عام 2000 بتحقيق نسبة سكان العالم الذين يعيشون عند خط الفقر إلى النصف بحلول عام 2015 لن تتحقّق. الاقتصاد العربي دون الطموحات وتُعدُّ منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق المتأثرة بهذه الظاهرة، حيث ارتفعت نسبة البطالة إلى 12,2 من 11,9 في المائة. وتضمّن التقرير الاقتصادي العربي الموحّد الكثير من المؤشرات الاقتصادية الحيوية ذات الصلة بتوجّهات التنمية والتحديات التي تواجهها مستقبلا. وأشار التقرير إلى أن البطالة تعتبر أحد أهم التحديات التي تواجه الاقتصاديات العربية في هذه المرحلة وخلال السنوات المقبلة نظرا لانعكاساتها العميقة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. ويوضح التقرير أن عدد سكان الوطن العربي بلغ نحو 284 مليون نسمة عام 2001 وارتفع إلى نحو 300 مليون بنهاية العام 2002 وذلك بمعدل زيادة سنوية 25 %، وهو من بين أعلى المعدلات مقارنة بمعدل النمو السكاني في العالم، ولكن مقابل هذا التطور يلاحظ تذبذب الأداء الاقتصادي من خلال أرقام الناتج المحلي الإجمالي للبلدان العربية في السنوات الأخيرة إذ بلغ معدل نمو الناتج 5,5 % عام 1996 ثم تراجع إلى 3,6 % عام 1997 وكان التراجع الكبير في عام 1998 عندما سجل النمو معدلا سالبا وهو ( -2,5 % ) وعلى الرغم من تحسنه خلال العامين الماضيين بفضل تحسن الاقتصاديات النفطية إلا أن التقرير يصف مستوى نمو الاقتصاد العربي بأنّه كان «دون الطموحات». وذكر التقرير أنّه أمام حالة عدم النمو الحقيقي في هذه الاقتصادات فإن المعدل المرتفع لنمو السكان يدل حتى مع عدم وجود بيانات كافية على تردي المستويات المعيشية للسكان وارتفاع عدد ذوي الدخول المنخفضة منهم في الدول العربية بصورة عامة وبالتالي عظم المشكلة التي تواجهها الاقتصادات العربية حاليا وخلال الفترة المقبلة. وإذا كان هذا هو حال الاقتصادات العربية، فكيف ستستطيع هذه الدول مواجهة مشكلة البطالة والقضاء عليها ؟ هذا مع الوضع في الاعتبار أن عدد سكان الوطن العربي يتجاوز حاليا الـ 340 مليون نسمة وسيرتفع إلى 482,8 مليون نسمة عام 2025 وهذا يتطلّب توفير فرص عمل تواكب هذه الزيادة، وأن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحاجة إلى 100 مليون فرصة عمل جديدة بحلول عام 2020 لمواجهة مشكلة البطالة التي تسجل معدلات مرتفعة جدا في دول هذه المنطقة وفقا لما ذكره الدكتور إبراهيم قويدر المدير العام لمنظمة العمل العربية فى بيان سابق للمنظمة. التحديات .. بالأرقام وتقدِّر منظّمة العمل الدولية عدد العاطلين من العمل على مستوى العالم بـ202 مليون في العام الحالي، أي نحو 6 في المئة من عدد العمال في العالم، والذين يشكلون نحو 47 في المئة من سكانه البالغ عددهم حوال 7 بلايين شخص، وتبلغ نسبة البطالة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، 10.2 في المئة. واللافت ان البطالة مرتفعة جداً بين الشباب، فهي تقدر بـ50 في المئة في بلدان جنوب أوروبا حيث يبلغ المستوى العام للبطالة 20 في المئة. وفي البلدان العربية، تبلغ نسبة البطالة بين الشباب نحو 23 في المئة، وهو أمر خطير لأنه يستشرف اضطرابات محتملة لها ابعاد اقتصادية واجتماعية وإنسانية ما لم توضع حلول لتحقيق نمو اقتصادي قوي ومستمر ومتوازن يستفيد الكل منه ليعبروا إلى مستقبل أفضل، والسؤال هو كيف السبيل إلى ذلك؟ يشير صندوق النقد الدولي، في ما يتعلق بالنمو الاقتصادي العالمي للعام الحالي الى انه يبلغ 3.5 في المئة، وإلى ان مصدر معظم النمو العالمي هو البلدان الصاعدة والنامية حيث يقدر النمو الاقتصادي فيها بنحو 6 في المئة وفي البلدان المتقدمة بأقل من 2 في المئة. أما النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيقدره الصندوق بنحو 4 في المئة، وفي دول مجلس التعاون بـ 5 في المئة، أي أن النمو في المنطقة العربية أكبر من المتوسط العالمي، لكن أصغر من متوسط البلدان الصاعدة والنامية. وفي ضوء معدلات البطالة التي ذكرناها، نستنتج أن الاقتصاد العالمي لا يحقق في الوقت الراهن معدلات النمو التي يحتاجها العالم لاستيعاب العاطلين من العمل.