٣ تموز ٢٠٢٥ 
في سابقة خطيرة تهدّد الأمن الاقتصادي والمالي للبنانيين، أصدرت هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان بتاريخ 21 أيار 2025، قرارًا بالحجز على عقارات عدد من اللبنانيين الذين سبق أن فرضت عليهم وزارة الخزانة الأميركية عقوبات ماليّة. القرار يتخطّى صلاحيات القـ.ـضاء في لبنان، كون قرار الحجز على العقارات هو من الاختصاصات الحصرية للقضاء اللبناني. ويزايد هذا القرار على الـ.ـعـ.ـدوانيّة الأميركية بخطوات تصعيدية عدائية ضدّ مواطنين لبنانيين، ليست مطلوبة ضمن العقوبات الأميركية. فجميع قرارات العقوبات الأميركية السابقة ضدّ لبنانيين ومؤسسات لبنانية لم تشمل يومًا الحجز على عقاراتهم، بل اقتصرت على تجميد حساباتهم بالعملات الأجنبية. ما تفاصيل قرار هيئة التحقيق؟ - وضع إشارة عدم تصرف على الصحيفة العينية العائدة للعقارات وأقسام العقارات الجارية على ملكية الأسماء المحدّدة. - طلب إفادة الهيئة بلائحة الأملاك (العقارات وأقسامها) التي توضع إشارة عدم تصرّف عليها. الأشخاص والجهات المتضررة - مواطنون لبنانيون سبق أن أعلنت وزارة الخزانة الأميركية في 28 آذار 2025 أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) فرض عقوبات عليهم بزعم تورطهم في شبكة مالية لبنانية تعمل على التهرب من العقوبات وتدعم الفريق المالي لحـ.ـزب الله. - رشيد قاسم بزال، محاسن محمود مرتضى، فاطمة عبد الله أيوب، حوراء عبد الله أيوب، جميل محمد خفاجة، شركة "رافي" SARL، وSECUROL GLASS CURTAINS. ما هي الخطورة؟ يمثل قرار هيئة التحقيق الخاصة، مسًّا بالقـ.ـضاء اللبناني، وصلاحياته، كما يعكس النص المقدّم في التعميم هشاشة في الصياغة، تشير إلى عدم حصول أي تحقيق من الجهة اللبنانية، بل اعتماد كامل على القرار الأميركي، حتّى في نقل الأسماء. ولم تكلّف الهيئة نفسها عناء تعريب الأسماء من نص القرار الأميركي فنسختها كما هي في تعميمها، ليتحول مثلًا المواطن جميل محمد خفاجة، إلى "جميل محمد كفاجة". ويزايد قرار هيئة التحقيق الخاصة على قرار العقوبات الأميركي. ففي حين تقتصر صلاحية التدخل الأميركي - إذا جازت صلاحيته - في الحسابات المصرفية بالعملة الأجنبية (الدولار)، وتستهـ.ـدف عادةً منع الوصول إلى النظام المالي العالمي، فإن الهيئة تجاوزت هذه الحدود إلى وضع اليد على ممتلكات هؤلاء اللبنانيين، دون وجه حق، أو دون محاكمة عادلة، ولا تهم واضحة بارتكاب ما يخالف القوانين اللبنانية. إشارة إلى أن العقوبات الأميركية الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) تفرض حظرًا على الأصول الخاضعة للولاية القضائية الأميركية أو التي يسيطر عليها الأشخاص الأميركيون، ولا تفرض بالضرورة على الحكومات الأجنبية تجميد جميع الأصول خارج ولايتها القضائية، وخاصة العقارات. من هنا، فإن المواطن اللبناني بات أمام خسارة كلّ ما يمتلكه، فتجميد العقارات يعني حرمان الأفراد من التصرف بأملاكهم، سواء بالبيع أو الرهن أو التأجير، لمجرّد قرارات تعسّفية، أو كيدية، ترتئي هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان إصدارها، على خلفية التناغم مع الوصاية الأميركية الجديدة على لبنان، خصوصًا مع تأكيد متابعين، أنه لا يمكن فصل القرار عن الضغوط الأميركية المفروضة حاليًّا على لبنان والتي تتضمن تهديدًا بفرض المزيد من العقوبات. خطورة قرار هيئة التحقيق الخاصة لا تنحصر في الأضرار اللاحقة بالأشخاص المستهـ.ـدفين به، كما أنها لا تقتصر على تجاوز الهيئة لصلاحياتها القانونية، بل إن خطورته تصل إلى حدودها القصوى في مسألتين: - الأولى، التجاوز الفاضح للسيادة اللبنانية. - الثانية، تحوّل هيئة التحقيق الخاصة إلى جهاز يأتمر بأوامر أجهزة الاستخبارات الأميركية وبواسطتها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بهـ.ـدف إلحاق الضرر بأي مواطن لبناني يريد الأميركيون والإسرائيليون استهدافه في أملاكه. فالامتثال بهذا المستوى من الخفة والعدائية لقرارات العقوبات المالية الأميركية وتوسيع "نطاقها" لتشمل الأملاك العقارية، يفسح في المجال أمام الـ.ـعـ.ـدوّ الإسرائيلي ليطلب من الأجهزة الأميركية أن تأمر مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة فيه بالحجز على أي عقار يملكه أي لبناني تعاديه "إسرائيل". وفتح هذا الباب يمكن أن يصل إلى الحجز على عقارات تملكها مؤسسات صحيّة واجتماعية ودينية. المصدر :بيروت_ريفيو |
