مقالات صحفية مختارة > الطلب على الصادرات الزراعية يزداد عبر البرّ والبحر والجو
كتب سامر الحسيني في جريدة السفير بتاريخ 188-2012
منذ حوالي الشهر بدأ المصدرون الزراعيون بمعايشة أجواء مختلفة عما شهدوه في بداية شهري أيار وحزيران الماضيين، من جمود وخوف، فالجمود انقلب إلى طلب متزايد على الخضار والفاكهة اللبنانية، والخوف تلاشى وحل مكانه استقرار وارتفاع في الأسعار. هذا في الأقل ما تؤكده الأجواء الحالية في السهول الزراعية، وتوثقه أرقام وأعداد شهادات المنشأ الزراعية الصادرة عن «غرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة والبقاع»، التي بلغت حتى أمس أكثر من 1934 شهادة منشأ أصدرتها الغرفة، خلال شهري حزيران وتموز والأيام الحالية من شهر آب، في حين ان عدد الشهادات للفترة نفسها من العام الماضي بلغ 1835، وهذا الفارق يؤشر إلى ارتفاع يسجل لأول مرة خلال العامين الماضي والحالي، مع التأكيد ان ارتفاع عدد شهادات المنشأ إلى تصاعد مطّرد وفق «غرفة زحلة» التي تتحدث عن زيادة الثقة العربية والأجنبية في الإنتاج الزراعي اللبناني. وهذا الأمر يعود إلى التشديد في موضوع السلامة الزراعية الإنتاجية والمراقبة المستمرة على كامل مراحل الإنتاج الزراعي. يلفت المزارعون إلى حركة تصدير يصل حجمها إلى عشرات الأطنان من البطاطا والخضار والفاكهة والحشائش، التي تسلك يوميا طريقها السوي عبر الشحن البري، وهو لا يزال الأكثر استقطاباً لحركة التصدير الزراعي، عدا توجه عدد من المصدرين إلى الشحن البحري بفعل تذليل بعض العقبات الإدارية واللوجستية، وصولا إلى الشحن الجوي مع تدشين خطوط جوية بين لبنان والرياض، التي تستقبل أسبوعياً طائرات شحن جوي محملة بعشرات الأطنان من الخضار والفاكهة. سلة من الإجراءات المتكاملة أدت إلى تذليل العراقيل أمام التصدير الزراعي، وفق ما يقول وزير الزراعة د. حسين الحاج حسن، الذي يسردها بدءاً بالمشروع الأهم وهو دعم الصادرات الزراعية الجديد المسمى «اغري بلاس»، يضاف إليه السماح لكل الشاحنات العربية بالدخول إلى لبنان فارغة لتحميل الإنتاج الزراعي، مع فتح أبواب جديدة للتصدير وفي طليعتها الشحن البحري والجوي الذي ستزداد فعاليته في الأيام المقبلة. الأهم في الموضوع الزراعي عند الحاج حسن، هو عودة الثقة بالمنتج الزراعي اللبناني، الذي بات يضاهي، بجودته ونوعيته وسلامته، أي منتج عربي وأجنبي آخر، وهذا الامر موثق بعشرات الابحاث والاختبارات الزراعية التي يستفيد منها المزارع اللبناني مجانا. يتحدث الحاج حسن عن ارتفاع متصاعد في الطلب على الإنتاج الزراعي اللبناني، لافتاً إلى ان وزارة الزراعة أقامت في السنتين الأخيرتين أكثر من 40 معرضاً للسلع الزراعية اللبنانية. لن تقف وزارة الزراعة عند الأسواق التقليدية العربية، فالجهود منصبة حسبما يقول الحاج حسن على فتح أسواق أوروبية وأجنبية جديدة، ومنها روسيا التي يستعد وفد من رجال أعمالها لزيارة لبنان وعلى رأس جدول أعماله رفع الصادرات الزراعية اللبنانية إلى روسيا. من جهة ثانية، يؤكد رئيس «نقابة مزارعي البطاطا» في البقاع، جورج الصقر، أن سعر البطاطا ارتفع أكثر من 20 في المئة عما كان عليه في الأشهر الماضية. ويشير إلى انسياب طبيعي لشاحنات البطاطا، منوها بالقرارات الرسمية التي اتخذتها وزارة الزراعة، وخصوصا المعنية بجودة وسلامة المنتج الزراعي اللبناني، مؤكداً ان الفحوصات المخبرية اللبنانية تحظى بثقة عالية عند الحدود العربية. يبرز الصقر إجراءات عدة قامت بها وزارة الزراعة أدت إلى رفع حجم التصدير الزراعي، وفي مقدمتها موضوع دخول الشاحنات العربية فارغة، فاستفاد المصدرون وفق الصقر، من جهود الحاج حسن ولقاءاته مع الوزير غازي العريضي التي أثمرت قراراً للأخير قضى بالسماح لكل الشاحنات العربية بالدخول إلى لبنان للمساعدة في تصريف الإنتاج الزراعي، وكان لهذا القرار صداه الاقتصادي الايجابي، ودوره الحاسم في انخفاض كلفة النقل. المخاوف على موسم البطاطا باتت من الماضي، وفق الصقر، الذي يأمل ان تحمل الأيام المقبلة مزيداً من الطلب على التصدير الزراعي، وخصوصاً ان الإنتاج الزراعي اللبناني يحتل المرتبة الأولى في الطلب والاستهلاك عند الأسواق العربية. لم يعد تصدير الإنتاج الزراعي اللبناني محصوراً بالشحن البري أو البحري، بل بات يشمل الشحن الجوي، والكلام للمصدر بشار برو، الذي يتحدث عن خط شحن جوي بين لبنان والرياض، عبر رحلتين أسبوعياً، تنقلان كل ثلاثاء وجمعة عشرات الاطنان من الحشائش والخضار والفاكهة. يجهد برو وعدد من المصدرين، بالتنسيق مع وزارة الزراعة، في تعزيز موضوع الشحن الجوي الذي يحمل الكثير من الايجابيات عند المصدرين الذي يعتبرون هذا النوع من الشحن كفيلا بإحداث نقلة نوعية عند المزارعين. وبرأي برو: «الأيام المقبلة تحمل المزيد من الاعتماد على الشحن الجوي، وخصوصاً في ظل انفتاح وزارة الزراعة على كامل الطروحات، التي من شأنها تعزيز الشحن الجوي، الذي يمتلك الكثير من الايجابيات، أهمها سهولة وصول السلع الزراعية من لبنان إلى الأسواق العربية التي تحتل المرتبة الأولى في الحوافز المشجعة للشحن الجوي، ويسميه برو «القيمة المضافة» للسلع الزراعية التي بات اليوم بالإمكان وصولها إلى الأسواق الاستهلاكية العربية في فترة زمنية لا تتعدى الثلاث ساعات وهي مدة الطيران بين لبنان والرياض، علماً ان الشحن البري يستنزف في بعض الأوقات 9 أيام لوصول القافلة الزراعية إلى السعودية، ناهيك بالمخاوف التي تتملك المصدرين على شاحناتهم الزراعية وقوافلهم التي تسلك الطريق البري الذي لم يعد أمناً».
