مقالات صحفية مختارة > برنامج وزارة الزراعة لدعم العلف: خدمة لمربّي الأبقار أم للتجّار؟
كتب أسامة القادري في جريدة الاخبار بتاريخ 28-8-2012 البقاع | أقرّت وزارة الزراعة أخيراً برنامجاً لدعم أعلاف المواشي عبر توزيع بونات «الإعانة» لمربي الأبقار، بمعدل 60 كيلو غراماً من العلف شهرياً عن كل بقرة، أي ما يعني دعم 20 في المئة مما تستهلكه كل بقرة شهرياً. وقد جاء هذا القرار بعد خسائر كبيرة وقع فيها العاملون في هذا القطاع، جراء ارتفاع أسعار الأعلاف، في مقابل تدني سعر الحليب، ومنافسة الإنتاج المستورد والمغشوش. في 11 آب الماضي حل موعد تسلّم بونات الدعم، فبرزت مشكلة حقيقية بين مربي الأبقار الذين من المفترض أن يتلقّوا الدعم، والتجار الذين يصرفون «بونات» الدعم علفاً. والمشكلة خلقها فعلياً البرنامج نفسه «الذي يبدو أنه جاء لدعم التجار لا المربين». فقد فرضت وزارة الزراعة عدداً من التجار على مربي المواشي، بحيث يقدم المربّي الـ«بون» إلى هؤلاء فيحصل على العلف. وقد استغل التجار الحصرية التي منحتهم إيّاها وزارة الزراعة، فإذا بهم يفرضون على مربي المواشي شراء كامل حاجتهم الشهرية من العلف من محالهم في مقابل إعطائهم الدعم. لا بل يأخذ التاجر من مربي الأبقار 50 دولاراً كضريبة! يمتلك خليل شومان السبعيني حوالى 50 رأس بقر. كل بقرة تحتاج يومياً إلى 15 كيلوغراماً من العلف. ينفق شومان يومياً حوالى مليون ليرة لتربية الأبقار، وتتركز أرباحه على «الفلو»، أي الولادات الجديدة، وعلى الإعانة التي أقرّتها وزارة الزراعة لمربي الأبقار، التي من المفترض أن تؤمن القليل من الأرباح. «لكننا نتعرض لعمليات ابتزاز من قبل التاجر أثناء صرف بونات الإعانة»، كما يقول، إذ لدى شومان 39 بقرة مسجلة في الوزارة، ويحق لكل بقرة مساعدة بـ60 كيلو غراماً من العلف شهرياً، أي ما يعادل 20 في المئة فقط من استهلاك كل بقرة من العلف. «لكن التاجر يشترط علينا حتى يصرف الإعانة أن نشتري من عنده كامل استهلال 39 بقرة من العلف، إضافة إلى حسم 50 دولاراً عن كل طن إعانة لصالح التاجر». يستغرب شومان هذا التعاطي: «وكأن المساعدة أتت للتاجر لا للمزارع». أما أبو علي أحمد، فهو صاحب مزرعة لتربية الأبقار في البقاع الأوسط، ويعاني من المشكلة ذاتها. «التاجر يشترط صرف معونة 30 بقرة، بأن أشتري دفعة واحدة علف أبقاري لفترة شهر، كما يحسم عن كل طن 50 دولاراً». ويضيف «فوجئت بأن التاجر الذي اعتمد على شرائي العلف من عنده منذ سنوات طويلة، غير مسجل في برنامج دعم الأعلاف. هناك تجار مخصصون لهذا الموضوع، ما يضطرنا إلى إقفال حسابنا مع التاجر الذي يصبر علينا في الدفعات، في حين أن تاجر البرنامج يطلب أربعة أضعاف المعونة دفعة واحدة». أما أحمد القادري فحاله تختلف، شكواه تبدأ من أنه لم يستطع تأمين كافة المستندات العقارية التي طلبها البرنامج. «غالبية أراضينا في البقاع الغربي عليها مشاكل الورثة»، والبرنامج يطلب منهم عقد ضمان، وأن يكون جميع شركاء العقار موقّعين عند كاتب العدل، «هذا الأمر صعب بالنسبة إلينا لكون 60% من أبناء البقاع الغربي مهاجرين، ما يصعب علينا تأمين مستندات كهذه»، ولهذا السبب حرم أحمد ومعه العشرات من أصحاب مزارع تربية الأبقار في البقاع الغربي من الاستفادة من برنامج دعم الأعلاف. بدوره، أكد أمين سر نقابة مربي المواشي في البقاع، أيمن الأحمر، على احتجاجات أصحاب مزارع الأبقار، خصوصاً بشأن آلية عمل البرنامج بتحديده تجار العلف. ولفت إلى أنه عرض المشكلة على رئيس مصلحة الزراعة في البقاع خليل عقل، الذي أكد أحقيّة أن يطلب التاجر المعتمد في برنامج دعم الأعلاف من المزارع أن يشتري 80% من استهلاك البقرة، لتضاف إليها كمية 20% قيمة الدعم! أما بخصوص الـ50 دولاراً التي يتقاضاها التاجر من المزارع عن كل طن علف مدعوم، فاعتبرها رئيس المصلحة «ضريبة على الضريبة على القيمة المضافة»! اقتصاد العدد ١٧٩٣ الثلاثاء ٢٨ آب