٢٣ أيلول ٢٠٢٥ 
في مقارنة بسيطة بين موازنة ما سمي بالحكومة "التغييرية"، والحكومات السابقة، نلاحظ أن التغيير الحاصل قد يكون عودة إلى الوراء، وأن نفقات الموازنة لا تحمل هموم الشعب اللبناني وطموحه نحو عدالة اجتماعية وحياة كريمة. وإقرار حكومة نواف سلام لموازنة عام 2026، يؤكد أن الحكومة "الإصلاحية" ما هي إلا وجه جديد للنظام نفسه. في الجانب الصحي مع دخول الدولة اللبنانية عام 2023، صُنف أكثر من 80% من السكان كمحرومين من أي تأمين صحي. مع ذلك، خصصت موازنة الحكومة الجديدة، حوالي 400 مليون دولار للقطـ.ـاع الصحي، بالمقارنة مع 720 مليون دولار في العام 2018 (العام السابق للانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي)، ما يعني أن النفقات سجلت تراجعًا بنسبة 33%، من دون وجود أي دعم للمستشفيات الحكومية التي تشكل الملاذ الوحيد للطبقة الفقيرة في المجتمع اللبناني. وأكثر من 65% من نفقات الاستشفاء، معظمها يذهب للمستشفيات الخاصة. في الجانب التربوي-التعليمي على الرغم من الـعـ.ـدوان الصهـ.ــيونـ.ـي الكبير الذي تسبب بتدمـ..ـير المؤسسات التعليمية - بحسب اليونيسف أكثر من 100 مدرسة دُمرت كليًا أو جزئيًا - إلا أن مشروع موازنة 2026 رصد 614 مليون دولار للتعليم فقط، مقارنة بموازنة 2018، التي خصصت 1.4 مليار دولار تقريبًا، ما يشكل تراجعًا بنسبة 56%. أكثر من 73% من هذه الأموال تذهب لتغطية الرواتب والأجور للأساتذة والموظفين. في الجانب العسـ.ـكري والأمني خصصت موازنة الحكومة عام 2018، حوالي 2.8 مليار دولار للدفاع العسـ.ـكري والأمن الداخلي، ما يعني تراجعًا بنسبة تفوق 60% بالمقارنة مع موازنة حكومة سلام التي رصدت 1.1 مليار دولار، على الرغم من استمرار الانتـ..ـهاكات الإسـ..ـرائيلية والخطر المحدق بلبنان على الحدود اللبنانية-السورية. والجزء الأكبر من هذه الموازنة مخصص للرواتب والأجور والتقديمات المالية. في الجانب الاقتصادي وإعادة الإعمار بحسب التصنيف الوظيفي في مشروع موازنة 2026، نال القطـ.ـاع الاقتصادي 602 مليون دولار، مقابل 1.4 مليار سجلتها موازنة 2018، أي تراجع بنسبة 57%، مع تغييب تام لنفقات إعادة الإعمار التي قدر البنك الدولي قيمتها بأكثر من 3 مليار دولار في قطـ.ـاع السكن وحده. من الواضح أن التراجع الذي سجلته أرقام النفقات في مختلف القطـ.ـاعات (بعض الارقام الواردة مقتبسة من موقع صفر - مقال فيفيان عقيقي)، يعيق بشكل كبير محاولة تحقيق أي إصلاح، وبالطبع، لا يتقاطع هذا التراجع مع فعل "نريد" الذي أكثر نواف سلام من استخدامه في البيان الوزاري. فاستنساخ موازنة من حكومة سابقة بعد أكبر عــ.ـدوان إسـ..ـرائيلي في التاريخ اللبناني، ربما يُعتبر خطوة إلى الوراء، أو تمريرًا لوقت تراهن فيه الحكومة على المساعدات المشروطة التي أوصلت لبنان إلى ما هو عليه. إن عـ..ــملـيـة الإصلاح لا يمكن أن تكون إلا بتغيير جذري في السياسات المستمرة منذ عقود طويلة، فلا يمكن تغيير الاسم والبقاء على نفس النهج. المصدر: بيروت_ريفيو ملاحظة: المواد المنشورة في هذا الباب تمثل آراء كاتبيها فقط، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ادارة الموقع. |