الصفحة الرئيسية البحث البريد الالكتروني RSS
فلاشات إخبارية
 
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق طباعة الصفحة

أخبار دولية > خطاب الأمين العام للاتحاد العالمي لنقابات العمال في ندوة معهد العمال الدولي حول السمات الأساسية للطبقة العاملة في عصرنا

٧ ت٢ ٢٠٢٥

أيها الأصدقاء والزملاء والرفاق الأعزاء،

 

أود أن أبدأ كلمتي بتهنئة معهد العمال الدولي على هذه المبادرة المميزة، التي تُضاف إلى سلسلة من الأعمال السابقة التي تبرز دور المعهد وإسهاماته. فهذا الدور لا يقتصر على تنفيذ الندوات التعليمية المهمة فحسب، بل يمتدّ من خلال فعاليات مثل ندوة اليوم إلى استكشاف قضايا تتعلّق بمجالات التحليل النظري والبحث.

 

وعلى وجه الخصوص، فإن موضوع ندوة اليوم، “سمات الطبقة العاملة في عصرنا”، ليس موضوعاً نظرياً تجريدياً، بل له أثر مباشر على الممارسة اليومية وتكتيكات كلٍّ من الحركة النقابية والحركة العمالية الأوسع.

 

كما تعلمون، قبل بضعة أسابيع، في الثالث من أكتوبر في باريس، كان لنا شرف كبير في الاحتفاء بالمسار التاريخي الطويل والغني والمجيد للاتحاد العالمي لنقابات العمال على مدى 80 عاماً. وهو مسار حافل بالنضال والعطاء، ساهم في انتزاع العديد من الحقوق والإنجازات التاريخية للطبقة العاملة العالمية، وجمع تحت رايته ملايين العمال من بقاع الأرض كافة في نضال صعب ولكنه جميل من أجل عالم أفضل.

 

ومن المجالات التي يحق للاتحاد العالمي أن يفخر بإسهامه الاستثنائي فيها، التعليمُ الفكري والسياسي والتدريبُ النقابي. ولا يزال هذا المجال يحتل مكانة عالية في قائمة أولوياتنا اليوم. لذلك، وقبل أن أتابع، أود أن أدعو الجميع إلى مواصلة دعم المعهد وأنشطته. وسيواصل الاتحاد تعميق تعاونه ودعمه للمعهد، مع إعطاء أولوية عالية لتعزيز مهارات النقابيين القدامى والجدد من أجل جعل تحركاتنا ونضالاتنا أكثر فاعلية.

 

تأتي ندوة اليوم في وقت يواجه فيه العمال حول العالم تعميمًا وتعميقًا للأزمة الرأسمالية، يرافقها اعتداءات جديدة على حقوقهم وإنجازاتهم، واتساعٌ درامي للفوارق الاجتماعية، وتدهورٌ بيئي متسارع، واستنزاف متهوّر لموارد كوكبنا الطبيعية.

 

إن الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، والاعتداءات الدموية في الضفة الغربية ولبنان وسوريا واليمن وإيران، بدعم وتشجيع من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفائهما، كشفت مجدداً عن حجم النفاق والوحشية واللا إنسانية في النظام الإمبريالي.

 

وتستمرّ التنافسات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية في تهديد السلام والأمن الدوليين بشكل مباشر، وصولاً إلى خطر الدمار النووي. فالحروب الإمبريالية والتدخلات والعقوبات والحصار مستمرة وتتفاقم.

 

وتعلن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفاؤهما في الناتو عن زيادات ضخمة جديدة في الإنفاق العسكري، وهو ما يشكّل تهديدًا إضافيًا للسلام العالمي، ويعني في الوقت نفسه سياسات تقشف أكثر قسوة واتساعًا للفجوة الاجتماعية.

 

ويؤدي تعمّق الأزمة الرأسمالية إلى هجمات أشد قسوة على الحقوق الاجتماعية والديمقراطية، وعلى الحريات النقابية.

 

كما تتوسع العمالة المؤقتة والهشّة وغير المضمونة، الأمر الذي يقوّض العمل المنظّم بحقوق واضحة واتفاقيات جماعية.

 

وعلى مذبح الربح، تستمرّ “التضحيات البشرية”، حيث يُنظر إلى إجراءات الصحة والسلامة المهنية باعتبارها تكاليف غير مرغوب بها لدى أصحاب العمل لأنها تقلّل من أرباحهم.

 

أما العنصر المشجّع والواعد في المشهد الكئيب لعالم اليوم، فهو أن العمال لا يقبلون بشكل سلبي هذا الهجوم غير الشعبي وغير العمالي. فبقيادة النقابات ذات التوجّه الطبقي، يختار ملايين العمال حول العالم طريق النضال للدفاع عن حقوقهم.

 

ومن خلال تحركات كفاحية في كلّ ركن من أركان العالم، يطالب العمال بالعمل المضمون بالحقوق الذي يضمن تلبية احتياجاتهم العصرية.

 

ومع ازدياد المقاومة واتساع النضالات وتزايد طابعها الكفاحي، تتصاعد أيضاً ظواهر التسلط والقمع والملاحقات الأمنية لقادة النقابات، والاعتداء على الحريات النقابية، وعلى رأسها حق الإضراب.

 

كما تواجه النضالات العمالية المتحدة ليس فقط أرباب العمل والدولة، بل أيضاً النقابات المنخرطة في التعايش الطبقي والاندماج مع النظام؛ وهو الطريق الذي أثبتت قضايا مثل اعتقال الأمين العام السابق للـITUC والـETUC لوكا فيزينتيني أنه ينتج البيروقراطية والفساد والانتهازية داخل الحركة النقابية.

 

أيها الرفاق، الأخوة والأخوات،

 

إن الأسئلة التي نحاول الإجابة عليها اليوم ليست نظرية فقط، بل عملية أيضاً، لأنها تتعلّق بمضمون وأشكال العمل وطرائق تدخل الحركة العمالية والنقابات ضمن ظروف الرأسمالية المعاصرة.

 

هناك أصوات مغرضة تصرّ على الادعاء أن تفسير العالم بالأدوات الطبقية أصبح من الماضي، وأنه لا وجود اليوم لطبقات بالمعنى الذي فهمه مؤسسو الفكر الشيوعي. وبالطبع تغيّر الكثير منذ ذلك الزمن: فالطبقة العاملة كقوة إنتاج تتغيّر كمّاً ونوعاً بفعل التطور المتواصل لقوى الإنتاج.

 

لكن مهما بلغت تعقيدات المجتمع والبنية الاجتماعية اليوم، تستمر الطبقتان الرئيسيتان في الوجود: من جهة الرأسماليون، ومن جهة أخرى البروليتاريا. ومع احتدام التناقضات الرأسمالية تميل فئات المجتمع للانخراط في إحدى هاتين الطبقتين.

 

إن التطور الهائل للإنتاج يخلق وسائل إنتاج متطورة وعمليات إنتاج معقدة تتطلب قوى عاملة متخصصة ومدرّبة. وهذه الحاجة، مضافاً إليها نضالات الشعوب من أجل التعليم، ترفع المستوى العلمي والتقني للطبقة العاملة تدريجياً.

 

لكن المغرضين غالباً ما يساوون بين الطبقة العاملة وبين العامل الصناعي اليدوي في القرون السابقة، وبالتالي “يخترعون” انكماشاً أو حتى اختفاءً للطبقة العاملة في القرن 21، ليعلنوا من جديد، بسذاجة، نهاية التاريخ أو نهاية الصراع الطبقي.

 

إنّ موقع الطبقة العاملة لا يحدده نوع العمل (يدوي أو ذهني)، ولا القطاع الاقتصادي (صناعة أو خدمات)، ولا مكان العمل (ورشة أو مكتب)، بل يحدده موقع الطبقة داخل النظام الاقتصادي، علاقتها بوسائل الإنتاج، ودورها في التنظيم الاجتماعي للإنتاج، وطريقة حصولها على نصيبها من الثروة الاجتماعية.

 

فالطبقة العاملة تواصل التوسع عدداً ونسبةً من السكان. وهي الغالبية الساحقة التي تعمل مقابل أجر بالكاد يغطي احتياجاتها الأساسية. وهي من كانت وما زالت وستظل أكبر المجموعات الاجتماعية، التي تنتج كل شيء، والتي تملك مصلحة موضوعية وقدرة تاريخية على تحرير الإنسانية من الاستغلال.

 

فما الاستنتاج؟ هل يعني هذا أن سلوك النقابات والحركة العمالية يجب أن يبقى ثابتًا؟ بالتأكيد لا. بل يجب تحليل هذه التغيرات وتكييف سياساتنا وأفعالنا مع ظروف كل عصر.

 

إن أعداء الطبقة العاملة يستغلّون تغيرات المجتمع الحديث، حيث العمل المأجور هو الشكل السائد، لطرح وهم “المجتمع بلا طبقات”. ويعملون عبر تضخيم الفوارق بين فئات العمال بأجور مختلفة على تقسيم الطبقة العاملة وتشتيتها وتعطيل تحولها إلى “طبقة لذاتها”.

 

وفي جوهر هذا التشتيت: يسعون لمواجهة العامل ذي الوظيفة مع العاطل عن العمل، والمتقاعد مع العامل، والمهاجر مع المحلي، والقطاع العام مع القطاع الخاص… وذلك لإخفاء التناقض الأساسي بين العمل ورأس المال.

 

إن نضالنا يجب أن يهدف إلى توحيد العمال، وقيادتهم نحو طريق يخدم مصالحهم الطبقية التي هي مصالح المجتمع كله؛ الطريق الذي يقود إلى إلغاء الاستغلال والظلم.

 

ومن الواضح أنه في عصرنا تتوفر كل متطلبات حياة كريمة لكل العمال. فقد أدى التطور العلمي والتكنولوجي إلى قفزة في قدرات الإنتاج البشري. وما نناضل من أجله هو ألا تُستخدم هذه القدرات لزيادة أرباح القلّة القليلة، بل لضمان ظروف كريمة لأولئك الذين يصنعون الثروة بعرق جبينهم.

 

وسلاح الطبقة العاملة في كل مكان هو التضامن والأممية. وسيبقى الاتحاد العالمي لنقابات العمال متمسكًا بهذه المبادئ، مواصلاً مسيرته الممتدة 80 عاماً بنفس الرؤية التي ألهمت تأسيسه: عالم بلا حروب ولا تدخلات إمبريالية، بلا استغلال ولا تمييز، حيث يكون العمل دائماً ومستقراً ومنظماً وآمناً.

 

وبهذه الأفكار، أجددُ تهنئتي لمعهد العمال الدولي على تنظيم هذه الندوة، التي سنستمع إليها باهتمام كبير. وأنا على يقين بأن الخبرات والأفكار والمقترحات التي ستُطرح ستكون أداة قيّمة لنا جميعاً، تُسهم في جعل عملنا اليومي أكثر فعالية، ونضالاتنا أكثر تركيزاً على تلبية الاحتياجات المعاصرة للعمال.

الصفحة الرئيسية
الجمهورية الاسلامية في إيران
تعريف عن الاتحاد
موقف الأسبوع
اتحادات صديقة
متون نقابية
المخيم النقابي المقاوم
معرض الصور
أخبار عربية
أخبار دولية
متفرقات
مجتمع
إنتخابات نقابية
بيانات
قطاعات اقتصادية
منصة إكس
تشريعات
مقالات صحفية مختارة
منصة إرشاد
ارشيف
ثقافة وتربية
أنشطة عمالية وأخبار نقابية
القطاع العام
لبنان بلا دستور
صدى النقابات
الأجندة
دراسات وابحاث
مواقف وآراء
نافذة على العدو
فرص عمل
سجل الزوار معرض الصور
القائمة البريدية البحث
الرئيسة RSS

لتلقي الأخبار العمالية

إضغط على أيقونة الواتساب أدناه

 

 

أدخل على حساب الفيسبوك 

 

لمتابعة حسابنا على منصة إكس 

إنقر على الأيقونة أدناه

 

يمكنكم الدخول إلى قناة اليوتيوب

لاتحاد الوفاء بالضغط على الأيقونة أدناه

     

 
Developed by Hadeel.net