اخبار عربية ودولية > الأمم المتحدة تطلق «تقرير التجارة والتنمية 2012»: المتوقع استمرار انخفاض النمو العالمي إلى أقل من 2,5%
الوفاء : 13-9-2012
تراجع النمو العالمي من 4,1 في المئة في العام 2010 إلى 2,7 في المئة في العام 2011، ومن المتوقع استمرار الانخفاض في العام 2012 إلى أقل من 2,5 في المئة، وفقاً لـ«تقرير التجارة والتنمية للعام 2012» الذي صدر أمس، عن «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية» (الأونكتاد). ويركز التقرير المعنون «سياسات النمو الشامل والمتوازن»، على عدم المساواة في الدخول، ويشير إلى أن «تقليص الفجوات المتسعة في الثروة والدخل لن تكون له منافع اجتماعية فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى نمو اقتصادي أكبر». ويُتوقع أن «يكون التوسع الاقتصادي في اقتصادات البلدان النامية والبلدان التي تمر بمرحلة انتقالية أقوى خلال العام 2012 بنسبة 5 في المئة في البلدان المجموعة الأولى، و4 في المئة في البلدان المجموعة الثانية، لكنه سيقل عما تحقق في السنوات السابقة. وقد أصبح العالم النامي، بفضل التقدم المحرز في عدد من الاقتصادات الكبرى، أقل اعتماداً من ذي قبل على الاقتصادات المتقدمة، كذلك أصبح لديه طلب محلي أكثر قدرة على التكيف». ويشير التقرير إلى أن «حوالي 74 في المئة من نمو الناتج العالمي الذي شهدته الفترة الممتدة بين العامين 2006 و2012 قد تحقق في البلدان النامية، مقابل نسبة 22 في المئة في البلدان المتقدمة فقط. وعلى العكس من ذلك، كانت البلدان المتقدمة، في الثمانينيات والتسعينيات، تستأثر بنسبة 75 في المئة من النمو العالمي، وهي نسبة انخفضت إلى ما يزيد قليلاً عن 50 في المئة بين العامين 2000 و2006».
الفجوات في توزيع الدخل والثروة
ويشير إلى أن «اتساع الفجوات في توزيع الدخل والثروة في مختلف أنحاء العالم ليس نتيجة ثانوية حتمية من نتائج العولمة والتغير التكنولوجي». ويؤكد أن «تزايد تركيز الدخل في أيدي قليلة يقيد إمكانيات البلدان في المجال الاقتصادي بإضعاف الطلب على السلع والخدمات، والحد من آفاق التعليم والارتقاء الاجتماعي المتاحة لسكانها بوجه أعم، فلا تُستغل مواهبهم وإنجازاتهم الاقتصادية الممكنة استغلالاً كافياً. ويمكن عكس مسار هذه الاتجاهات، بل ينبغي فعل ذلك، عن طريق تدخل الحكومة بسياسات مالية وسياسات لسوق العمل». ويعتبر أن «الاعتقاد السائد منذ الثمانينيات أن على الحكومات في سعيها لزيادة الكفاءة الاقتصادية، أن تتغاضى عن سوء توزيع الدخول، هو اعتقاد خاطئ». ويوصي بخطوات يمكن اتخاذها للحد من أوجه التفاوت في الدخل وتعزيز النمو الاقتصادي في الوقت ذاته. ويفيد أن «السياسات التي تحافظ على حصة العمّال في الدخل القومي وتعيد توزيع الدخل عن طريق الضرائب التصاعدية والإنفاق العام ستحسن المساواة فضلاً عن الكفاءة الاقتصادية والنمو». ويشير إلى أنه «عندما تنمو الإنتاجية الإجمالية من دون زيادة مماثلة في الأجور، سيقل الطلب في نهاية المطاف عن الطاقة الإنتاجية، ما يقلل معدل استخدام القدرة الإنتاجية ويقلل الأرباح والاستثمارات».
الانكماش عمّق مشكلة البطالة
وتعليقاً على التقرير الجديد، رأى كبير الاقتصاديين ومدير «إدارة التنمية الاقتصادية والعولمة في الاسكوا» عبد الله الدردري، أن «انكماش الطلب في الدول المتقدمة عمّق مشكلة البطالة، وأضعف الطلب العالمي على الصادرات في الدول المتقدمة والنامية، مما ساهم في تعميق الأزمة العالمية وعرّض الانتعاش الاقتصادي للخطر». ولفت الانتباه إلى أن «العدالة الاجتماعية لم تعد هدفاً يتعلق بالإنصاف فحسب، بل هي سياسة اقتصادية حصيفة تشكل المخرج من الأزمة العالمية». وأضاف أن «هذه النقاط تؤكد ما تدعو إليه الاسكوا من ضرورة اعتماد مقاربة اقتصادية واجتماعية جديدة في البلدان العربية قائمة على النمو الشامل للجميع، وعلى الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والتنوع الاقتصادي تحت سقف دولة تنموية راعية لأهداف المجتمع تمثله تمثيلا حقيقياً في إطار حوكمة ديموقراطية». أما الخبير الاقليمي لسياسات التشغيل والاقتصاد الكلي في «المكتب الاقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية» زافيريس تزاناتوس فرجّح أن «يؤدي تدهور التوقعات الاقتصادية إلى ارتفاع معدلات البطالة، وفقدان الدخل بالنسبة لمعظم الناس، حتى بالنسبة لأولئك الأشخاص الذين يعيشون عند أو تحت خط الفقر، وعدم المساواة المتزايدة وخاصة من حيث تركيز الثروة». ويظهر تحليل كل من «الأونكتاد» و«منظمة العمل الدولية» أن المجتمعات الأكثر شمولاً وإنصافاً لديها معدلات نمو اقتصادي أعلى وهي أيضاً أكثر استدامة. وتخوّل المجتمعات العادلة الناس استخدام قدراتها كاملة من خلال تحسين فرصهم التعليمية، وتشجيع المواهب، وتطبيق الضرائب العادلة، ودعم الحراك الاجتماعي وتوفير الائتمان للسكان، وفقا لتزاناتوس. من جهتها اعتبرت مديرة «برامج في شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية» كندا محمديه أن توصيات التقرير «هي ذات أهمية كبيرة للدول العربية التي تشهد تغييرات في القيادة السياسية والتي تتطلب عملية تحول ديموقراطي واسع وإعادة وضع السياسات السياسية. وقد ساهم هذا التطور في العالم العربي إلى تعميق الفوارق والتفاوت، وبالتالي، يجب أن تُعالج كجزء من إعادة وضع السياسات الاقتصادية لهذه الدول. ولكن من المدهش كيف أننا لا نزال نرى توصيات المؤسسات المالية تدعو الدول العربية إلى تعزيز حماية مرونة الأجور والوظائف كوسيلة لتجديد الاقتصادات».