اخبار عربية ودولية > تقرير لـ«البنك الدولي» عن «التنمية في العالم 2013»:
الوظائف ذات المردود الإنمائي المرتفع تشجع الازدهار
السفير : 3-10-+2012
يشكل توفير الوظائف وفرص العمل «ركيزة أساسية للتنمية في البلدان النامية، حيث يتجاوز مردودها كثيراً ما تدره من دخل». ويشير «البنك الدولي» في تقرير جديد له، إلى «الأهمية الكبيرة للوظائف في الحد من الفقر، وازدهار المدن، وتوفير بدائل عن أعمال العنف للشباب»، مؤكداً أن «معدلات الفقر تنخفض كلما تمكن الناس، من خلال العمل، من الخروج من براثن الفقر والمعاناة، وكلما مكنت الوظائف النساءَ من زيادة الاستثمار في أطفالهن». ويرى أن «مستوى الكفاءة يزداد كلما صار العمّال أكثر إتقانًا لأعمالهم، وكلما ظهر المزيد من الوظائف المنتجة، واختفت تلك الأقل إنتاجية. وتزدهر المجتمعات كلما تشجع الوظائف التنوع الإثني والثقافي للعمالة، وتوفر بدائل عن الصراع». جاء ذلك في مطبوعة «تقرير عن التنمية في العالم 2013: الوظائف» التي تشدد على دور النمو القوي بقيادة القطاع الخاص في خلق الوظائف، موضحة أن «الوظائف التي تحقق أقصى فائدة للتنمية يمكنها حفز دورة قوية وفاعلة من النمو». وفي معرض حديثه عن التقرير، يقول رئيس «مجموعة البنك الدولي» جيم يونغ كيم: «الوظيفة الجيدة يمكنها تغيير حياة المرء، ويمكن للوظائف المناسبة أن تغير مجتمعات بأسرها. ولا بد أن تضع الحكومات إيجاد الوظائف في بؤرة الاهتمام لتحقيق الرخاء ومكافحة الفقر»، مشددة على «أهمية أن تحافظ الحكومات على علاقة طيبة مع القطاع الخاص الذي يوفر 90 في المئة من جميع الوظائف». ولذلك، «ينبغي لنا أن نعمل على تهيئة أفضل السبل اللازمة لمساعدة الشركات والمزارع الصغيرة على النمو. فالوظائف تبعث الأمل في الحياة، وتنشر السلام في ربوع الأرض، ويمكنها جلب الاستقرار إلى البلدان الهشة». ويؤكد مؤلفو التقرير أن «الوظائف ذات المردود الإنمائي الأكبر، هي تلك التي ترفع من مستويات الدخل، وتساعد المدن على الاضطلاع بوظائفها بشكل أفضل، وتربط الاقتصادات الوطنية بالأسواق العالمية، وتحافظ على سلامة البيئة، وتجعل للناس مصلحة في الحفاظ على سلامة مجتمعاتهم». وتعليقاً على ذلك، يقول رئيس الخبراء الاقتصاديين والنائب الأول لرئيس «البنك الدولي»، كوشيك باسو: «الوظائف هي أفضل ضمانة ضد الفقر والمعاناة. وتلعب الحكومات دوراً حيوياً في تهيئة بيئة الأعمال الملائمة التي تعزز الطلب على العمالة». وكانت الأزمة الاقتصادية العالمية والأحداث الأخيرة، قد دفعت قضايا العمالة في صدارة الحوار الدائر بشأن التنمية. ووفقاً لتقديرات مؤلفي التقرير، الذين استعانوا ببيانات أكثر من 800 تعداد ومسح استقصائي للوصول إلى استنتاجاتهم، «يبلغ حجم الأيدي العاملة على مستوى العالم أكثر من ثلاثة مليارات شخص، يعمل نصفهم تقريباً بالزراعة أو بمشاريع عائلية صغيرة، أو يشتغلون بأعمال يومية مؤقتة أو موسمية. ويعاني هؤلاء من ضعف شبكات الأمان أو غيابها في بعض الأحيان، وغالباً ما تكون أجورهم ضئيلة».
620 مليون شاب عاطلون عن العمل
ويؤكد مدير فريق إعداد مطبوعة «تقرير عن التنمية في العالم» مارتين راما، «ثمة تحديات هائلة أمام الشباب؛ فهناك أكثر من 620 مليون شاب وشابة عاطلون عن العمل أو لا يدرسون. ولكي يتسنى الحفاظ على معدلات العمالة الحالية بين السكان في سن العمل، سيتعين خلق نحو 600 مليون وظيفة جديدة على مستوى العالم على مدى فترة 15 عاماً». لكن في الكثير من البلدان النامية، حيث يسود فيها النشاط الزراعي والعمالة لحساب النفس، وتضعف شبكات الأمان في أفضل الحالات، يمكن أن تنخفض معدلات البطالة. ويعمل معظم الفقراء في هذه الأماكن لساعات طوال، لكنهم ببساطة يعجزون عن تلبية احتياجاتهم، ناهيك عن انتهاك حقوقهم الأساسية. ولذلك، فإن التقرير يشدد على الأهمية البالغة لجودة الوظائف، وليس فقط عددها.
3 مراحل لمساعدة الحكومات
ويرسم التقرير نهجاً من ثلاث مراحل لمساعدة الحكومات في تحقيق هذه الأهداف: أولاً: وضع أساسيات قوية - بما في ذلك تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، وإيجاد بيئة مواتية لأنشطة الأعمال، وبناء رأس المال البشري، وسيادة القانون. ثانياً: يجب ألا تصبح سياسات العمل عقبة أمام خلق الوظائف، ويجب أيضاً أن تتيح الصوت المسموع وتوفر الحماية الاجتماعية للفئات الأشد ضعفاً وحرماناً في المجتمع. ثالثاً: لا بد للحكومات أن تحدد الوظائف التي يمكن أن تعود على التنمية بأقصى فائدة في ظل الأوضاع الخاصة بكل بلد، وإزالة أو موازنة المعوقات التي تمنع القطاع الخاص من خلق المزيد من هذه الوظائف. ويرى مؤلفو التقرير أن «فهم التحدي الخاص بالوظائف في منطقة أو بلد ما يُعتبر أمراً مهماً. فالاختلافات في هيكل العمالة فيما بين المناطق، وفيما بين الجنسين والفئات العمرية لافتة للنظر». وتتباين أولويات السياسات في المجتمعات الزراعية والبلدان التي تشهد نمواً عمرانياً سريعاً. ومن الضروري في الحالة الأولى زيادة إنتاجية زراعة الحيازات الصغيرة، في حين يتطلب الأمر في الحالة الثانية تحسين مرافق البنية التحتية والاتصالات والإسكان وتخطيط المدن. ومن الضروري، كي تتمكن المجتمعات من التصدي لمشكلة البطالة بين الشباب، توفير المهارات الملائمة لاحتياجات سوق العمل، وتحقيق تكافؤ الفرص في إجراءات الدخول إلى الأسواق. لكن ثمة حاجة لرفع سن التقاعد وتوفير مزايا حماية اجتماعية بتكلفة معقولة في المجتمعات التي ترتفع فيها أعداد المسنين. ويمكن أن يساعد التركيز على السمات الأساسية للفئات المختلفة من البلدان في زيادة توضيح أنواع الوظائف التي يمكنها المساهمة بأكبر قدر في التنمية في كل حالة. ويتيح هذا التركيز تحليل المفاضلات الممكنة بين مستويات المعيشة، والإنتاجية، وتماسك النسيج الاجتماعي في أي سياق معين. كما أنه يعطي أيضًا مؤشرات على العراقيل التي تحول دون توفير الوظائف، وفي نهاية المطاف على أولويات واضعي السياسات عندما يحددوا أكثر القيود أهمية أمام خلق الوظائف، وكيفية تذليلها.
بين تحقيق النمو وإيجاد الوظائف
ويجب على واضعي السياسات التصدي لهذه التحديات عن طريق الإجابة عن الأسئلة التالية: هل ينبغي للبلدان أن تجعل إستراتيجياتها الإنمائية تتمحور حول تحقيق النمو أم تركز على إيجاد الوظائف؟ وهل يمكن تشجيع تنظيم مشاريع العمل الحر، ولا سيما فيما بين مشاريع الأعمال الصغرى بالبلدان النامية، أم أن أصحاب مشاريع العمل الحر يولدون بهذه العقلية؟ وهل تمثل زيادة الاستثمار في التعليم والتدريب شرطاً مسبقاً لتعزيز إمكانيات العامل على الحصول على العمل، أم هل يمكن بناء المهارات من خلال العمل نفسه؟ وفي خضم الأزمات والتغيرات الهيكلية، هل ينبغي حماية الوظائف، وليس العاملين فقط؟ وترتبط أجندات الوظائف على مستوى البلدان بهجرة الأفراد والوظائف. لذلك، فمن الممكن أن يمتد التأثير غير المباشر للسياسات الداعمة لإيجاد الوظائف في بلد ما إلى غيره من البلدان، سواء تأثيرها الإيجابي أم السلبي. ويبحث التقرير فيما إذا كان بمقدور آليات التنسيق الدولية، مثل اتفاقيات الهجرة الثنائية تعزيز التأثير الإيجابي وتخفيف التأثير السلبي. ويضيف راما، «كي نتمكن من وضع الوظائف في بؤرة الاهتمام، نحتاج أيضاً إلى بيانات يمكن التعويل عليها على مستوى البلدان تكون مصنفة حــسب معايير محددة، ولا تقـــتصر تغطيتها على الوظائف الموجودة في المدن أو الاقتصاد الرسمي».